وفي رقادة أسس إبراهيم الأغلبي مكتبة "بيت الحكمة". وقد جاء مهرجان "ليالي رقادة بالقيروان" الذي اختتم دورته السادسة قبل يومين تحت شعار "وللطالب نصيب". هي القيروان "أم أمصار وعاصمة أقطار" كما وصفها الإدريسي في "نزهة المشتاق"، التي تعيش على إيقاع حيوية ثقافية وديناميكية فكرية ملحوظة.
تحت عنوان التمكين الثقافي للفئات "الهشة" بحكم الموقع الجغرافي أو الحالة الاجتماعية، وفي إطار توجهات وزارة الشؤون الثقافية للوزارة، أعلنت المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية تنفيذ مشروعين ثقافيين ، الأول بعنوان"جسور للثقافة" والثاني "مرافئ ثقافية"، وذلك بالشراكة مع المكتبة الجهوية ابن رشيق والمركب الثقافي أسد بن الفرات والمندوبية الجهوية للشؤون الاجتماعية الفرات والمندوبية الجهوية للتربية وجمعية أطفال وشباب للتنشيط والمواطنة الفاعلة والثقافة الرقمية.
"مرافئ ثقافية" في مدارس المناطق النائية
لا ترسو "مرافئ ثقافية" فقط في الحواضر والمدن، بل يمكن لهذه المرافئ الإبداعية والفنية أن تكون في مناطق الأرياف والقرى الصغيرة والأحياء الشعبية. في تقديم مشروع "مرافئ ثقافية"، يقول المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بالقيروان عماد المديوني: "هذه المناطق التي قست عليها الجغرافيا والتاريخ، فلا نزيدها نحن أهل الثقافة قساوة أخرى، بل لزم علينا إيلائها المكانة التي تستحق. لذلك فإننا من موقع المسؤولية الثقافية والأخلاقية ولاعتبارية الحق الدستوري في الثقافة، فإن هذا المشروع يتوجه إلى المدراس الريفية والمناطق البعيدة والهامشية من أجل النهوض بها، وكي تكون الثقافة وسيط ممتع لإيقاظ التلاميذ ودفعهم إلى الوعي وتغيير واقعهم عن طريق كل الأعمال الإبداعية، أو من خلال الورشات أو العروض الفنية أو الكتاب والمطالعة ..."
بعد إن انطلقت في شهر فيفري الفارط لتنتهي في شهر ماي2025، تحطّ تظاهرة "مرافئ ثقافية" رحالها في 7 مدارس ابتدائية في مناطق نائية حيث تم برمجة 22 ورشة فنية في المطالعة والقصة الرقمية وفي الرسم وفي الجداريات ... إلى جانب 7 معارض للمواقع والمعالم الأثرية القيروانية . كما سيتم تقديم 9 عروض فنية بين تنشيطية للأطفال ومسرحية ولوحات راقصة.
جسور للثقافة: إدماج اجتماعي للفئات الهشة
بعيدا عن التنظير والسطحية في الطرح، يتنزل مشروع "جسور للثقافة" في إطار دور المرفق الثقافي في الإدماج الاجتماعي للفئات الهشة . وقد وقع تشريك 5 مؤسسات للإدماج الاجتماعي للفئات الهشة. وسيتم عقد ندوة فكرية حول "التمكين الثقافي للفئات الهشة"، ودورة تدريبية للمؤطرين في المراكز المختصة. و40 ورشة فنية في المسرح والموسيقى والمطالعة والرسم والتلوين والألعاب الفكرية والفنون التشكيلية. وفي كتابة الشعارات والملصقات حول ظاهرة التنمر، وورشات في رسم الجدراريات ، بالإضافة إلى 4 عروض تنشيطية وأفلام قصيرة وعرض حكواتي. ويختتم هذا المشروع بمعرض الفنون التشكيلية للمواهب وعرض لقصص نجاح مع مراوحات موسيقية، ونتائج أعمال مختلف الرورشات مع توزيع جوائز تشجيعية.
انطلاقا من شهر أفريل وإلى غاية شهر جوان 2025، يتواصل مشروع "جسور للثقافة"، الذي قال عنه المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بالقيروان عماد المديوني :" نسعى إلى تنفيذ هذا المشروع الثقافي لكي نتوجه إلى القاصرين عن الحركة العضوية وذوي الاحتياجات الخصوصية وأصحاب الهمم. لا من أجل المساعدة على النهوض والإدماج الاجتماعي فقط، بل أيضا من أجل الكشف عن مواطن القوة والإبداع الكامنة فيهم ، حتى نثمن إنتاجاتهم وإبداعاتهم في شتى المجالات، وبالتالي المساهمة في إدماجهم في المجتمع لا باعتبارهم فئة "هشة" أو "ضعيفة" تستحق الشفقة، بل باعتبارهم فنانين ومبدعين ، نتعلّم منهم ولا نعلّمهم.."