يتفنن في اختيار صوره الشعرية لتلامس قصائده قلب القارئ، الشاعر التونسي البشير موسى الحبّ عالمه يغريه بالكتابة والشعر هاجسه ليبدع وينقل افكاره ومشاعره يتشاركها مع قارئه، ويحتفي البشير موسيقى بصدور ديوانه الشعري الجديد "رسمت حبك لغة" عن دار نقوش عربية وهو عملٌ يندرج ضمن المسار الوجداني والعاطفي للشاعر، حيث يعكس تجربة شاعرية تنبض بالإحساس والتأمل الفلسفي في مفهوم الحب والعشق وموسى يكتب للمرأة ويكتب الانثى قصيدة متحررة من كل القيود والاجناس الكلاسيكية.
"رسمت حبك لغة"جاء في 171 صفحة، ويضم ثمانٍ وخمسين قصيدة متفاوتة الطول، توزعت بين البوح الصريح والتلميح العميق، في مزيج يجمع بين التجربة الذاتية والنزعة الصوفية التي تجعل من الحب فضاءً وجوديًا يعكس رؤية الشاعر للكون والإنسان وقد جاء هذا العمل امتدادًا لموضوعات سبق أن تناولها الشاعر في ديوانه الأول اللوح الممسوح الصادر سنة 2011، لكنه في رسمت حبّك لغة يعزز حضور العاطفة بأسلوب أكثر مباشرة، تاركًا للمتلقي فرصة التفاعل مع النصوص من خلال لغة رقيقة تنبع من عمق الشعور فيقول:
كلّما صغت بالدمع والتنهّدات معنى
تبسّم وعد
وعادت الروح
لجسم شقيّ
اثقلته الوعود
هو حبّها
يبذر في الشعر مفردات الوجود
فتحلو الكتابة
ومن بين أبرز القصائد التي تضمنها الديوان: "لو تعلمين"، "رسالة إلى أمي"، "رسمت حبّك لغة"، "بنظرة لا غير"، "في الخروج ينفتح المدى"، وغيرها. وتكشف هذه العناوين عن تنوع الموضوعات التي يعالجها الشاعر، حيث يمتزج الحنين بالعشق، والوجد بالفلسفة، ليشكل نصوصًا تتجاوز الحيز العاطفي إلى أبعاد فكرية وميتافيزيقية، فالشعر فلسفة وفكر وليس مجرد نثر للكلمات، وبلموسى اسلوبه الفريد في التعامل مع روعة اللغة وجمالياتها، شاعر صنع لنفسه اسلوب مختلف، زاده الحب ليحبّ ويكتب وينثر اجمل قصائد الحب في قصائده..
ويتميز أسلوب البشير موسى في هذا الديوان بالوضوح الوجداني الذي يجنح أحيانًا نحو الصوفية، حيث يصبح الحب طريقًا لاكتشاف الذات والوجود. هذا البعد يجعل من رسمت حبّك لغة تجربة شعرية متفردة، تعكس تطور رؤية الشاعر للحب كشكل من أشكال الإدراك الفلسفي والجمالي.
البشير موسى شاعر من مواليد 1981 يكتب في الحب وللحب، شاعر وناثر للكلمات انتمى الى جيل انهارت فيه المدارس الكلاسيكية والحدود الفاصلة بين الاجناس الادبية والفنون، فطوّع اللغة العربية وهو خريج الانقليزية لينحت نصوصه وقصائده التي يصفها البعض انها قصائد غنائية، تتميز اعماله بالتدفّق اللغوي وجمالية الصور، يكتب موسى لقارئ مثقف مهتمّ مثله بفن الشعر، ينصت الى وجع الانسانية ويحولها شعرا، امامه تتشظى الحدود ويشرّع ابواب ومناخات فنية وادبية متداخلة امام قارئ قصائده، موسى شاعر متمكن من اللغة وعارف باسراها وجماليات العربية، و بديوان "رسمت حبك لغة" يؤكد البشير موسى حضوره كشاعر قادر على استنطاق العاطفة بلغة تجمع بين البساطة والعمق، مما يجعل ديوانه الجديد إضافة قيّمة للمشهد الشعري التونسي والعربي الحديث.