لتكون مختلفة ومقنعة ففنّ التمثيل هو فن للحياة ولممارسة الحرية والتمرد على السائد دوما ومن قدسية الخشبة تعلمن الالتزام والتجديد لنحت ذواتهنّ الابداعية المميزة.
الممثلات في المسرح التونسي عنوان للاختلاف، لكل ممثلة طريقتها لاحياء شخصياتها وبعثها من رماد الورق وفي مهرجان المسرح العربي في دورة 2024 تحمل ثلاث تونسيات جماليات المسرح التونسي، لكل منهنّ زادها لتنجح رغم اختلاف الدولة التي ستمثلها على الخشبة وهنّ مريم بن حسن تمثل تونس بمسرحية البخارة واماني بلعج تمثل الامارات بكيف نسامحنا وهادية عبيد تمثل سلطنة عمان بموشكا.
مريم بن حسن بطلة "البخارة": مبدعة وتلقائية على الخشبة
حالمة دائما، مقنعة ومميزة، تنتقل بين شخصياتها وادوارها بشغف الاطفال وحرفية الكبار، ممثلة اختارت المسرح هاجسا للابداع وللتميز، لها قدرة رهيبة على الركح، هادئة خارج الخشبة وعاصفة مدمرة فوقها، مريم بن حسن المتلونة والعاشقة لفنها، جريئة لها قدرة على تقمص اصعب الشخصيات، ممثلة حصلت على جائزة افضل ممثلة لأكثر من مرة وربما اجملها حصولها على جائزة افضل ممثلة في الدورة الاخيرة لايام قرطاج المسرحية ديسمبر 2024، مريم بن حسن تسافر الى سلطنة عمّان محمّلة بمسؤولية النجاح اذ تمثل تونس في مسابقة المسار الاول ضمن مهرجان المسرح العربي عبر مسرحية "البخارة" اخراج الصادق الطرابلسي، العمل الفائز بالجائزة الكبرى في ايام قرطاج المسرحية.
مريم بن حسن تلعب في العمل الى جانب رمزي عزيز وعلي بن سعيد، الانثى الوحيدة على الخشبة والحاملة لافكار العمل وممثلة السلطة النسائية الحكيمة في خرافة المسرحية " المسؤولية اكبر لاني اردت ايصال المراة التونسية والعربية، المراة المفردة في العمل تحمل نساء كثيرات، وحاولت ان اقدم لدلال الشخصية الكثير من روح مريم الانسانة، فهما تشتركان في الحب والقوة" كما صرحت بن حسن على حضورها في "البخارة" .
مريم ممثلة متمكنة من ادواتها الدرامية تسكنها روح فينوس كلما صعدت على الخشبة، مبدعة تلعب بتلقائية، احبها جمهور المسرح في "شوق" اخراج حاتم دربال، وعرفها الجمهور الاكبر في مشاركاتها التلفزية مع المخرج الاسعد الوسلاتي بدورين جد مختلفين، اوّل يمثل المنظومة الرسمية تحديدا شخصية السجانة في مسلسل المايسترو والثاني عكسها شخصية المهاجرة غير القانونية في مسلسل "الحرقة" وبين الشخصيات المختلفة ابدعت مريم بن حسن وافتكت لنفسها مكانة في المشهد التمثيلي والابداعي، ممثلة ابنة المسرح ثم الصحافة استطاعت المزج بينهما لتنحت معالم شخصياتها الفريدة.
تمثل مريم بن حسن تونس بدورها في مسرحية "البخارة" ضمن المسابقة الرسمية وتعرض المسرحية يوم 12جانفي 2025 في الخامسة مساء بتوقيت عمان (السابعة بتوقيت تونس) على ركح مسرح قصر البستان، الشخصية النسائية الوحيدة في العمل، والحاملة على عاتقها حكايات النساء مع الحب والدمار، والمسرحية تونسية بروح عالمية، تطرح موضوع التلوث انطلاقا من "قابس" وصولا الى كل مكان على البسيطة يعاني شعبه من خطر التلوّث المهدد لصحة الانسان والمحيط.
اماني بلعج بطلة "كيف نسامحنا": كما المنيرفا تبعث من حريقها
احلمي، اصنعي نجاحاتك وامنحي لروحك حقها في النجاح، كوني شمسا منيرة تضيء كل الدروب المظلمة، كوني قبسا للابداع لانك تستحقين، فانت انثى والانثى متوهجة وقادرة على نحت مسارات النجاح في اكثر المساحات وعورة هكذا هو شعارها في العمل منذ بداياتها عام 2011، الممثلة التونسية والمميزة اماني بلعج الحربية في ادوارها والباحثة عن الشخصيات المختلفة بروح متجددة، اماني بلعج التي سماها محبيها بخليفة المميزة جليلة بكّار، ممثلة استثنائية وبطريقة غير مباشرة تطرح الممثلة اسئلة فلسفية ووجودية عن العلاقة مع الآخر ومكانة المرء داخل مجتمعه و انتشار الافكار الهدامة في المجتمعات والمؤسسات جميعها اسئلة تطرحها بتقاسيم وجهها وبحيرة في العينين وبحركات مضطربة تعبر عن واقع تعيشه وقدرة هذه الممثلة على تجسيد اصعب الأدوار جعلها مختلفة.
اماني بلعج تشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي ببطولة مطلقة، تحمل في جنبات القلب روح تونس ولكنها تمثل دولة الامارات العربية المتحدة بمسرحية "كيف نسامحنا" اخراج محمد العامري والمسرحية سبق وان فازت بجائزة افضل عمل في مهرجان المسرح الخليجي، اماني بلعج تحمل على عاتقها نجاح العمل، فهي الشخصية النسائية الوحيدة وحاملة معاني المسرحية، حولها تدور الاحداث، تجسد المراة والأرض في صمودها، هي الانثى والأرض والوطن، محلّ التنازع والأطماع، سيدة الفعل والحقيقة، شخصية تحمل الكثير من المتناقضات النفسية ابدعت بلعج في تقمّصها على الخشبة، وللممثلة تجربة سابقة مع العامري بمسرحية "رحل النهار" الفائزة بجائزة السلطان القاسمي في دورة مهرجان المسرح العربي عام 2023، ولكنها المرة الاولى التي تخوض البطولة المطلقة في مسرح غير تونسي، بعد نجاحاتها المتعددة في وطنها تصنع بلعج معالم نجاحها في المسرح الاماراتي ويكون العرض مساء 13جانفي في التاسعة مساء بتوقيت عمان على خشبة مسرح العرفان.
اماني بلعج ممثلة تمتع المتفرج وتقنعه بقدرتها على تجسيد اصعب الشخصيات، سبق وان نجحت في اعمال "انفلات" و"التفاف" و"الماكينة" و"ثورة دونكيشوت" و"شياطين اخرى" مع المخرج وليد الدغسني، وخاضت تجربة المونودرام عام 2018 وقدمت ملحمة "سمها ما شئت" التي طرحت فيها قصص مقاومة النساء لكل وجع حتى تواصل الثورة والحياة، بعدها انطلقت تجربتها في المسرح الاماراتي تاركة خلفها في وطنها اعمال ناجحة وشخصيات تنبض بأفكار التمرد، تمرّد تلبسه الممثلة كلما صعدت على الخشبة فهي تنبعث من جديد في كل عمل كما المينيرفا.
هادية عبيد بطلة "موشكا": شامخة كنخيل هذا الوطن
تحدت العادات والتقاليد، تحدت القبيلة واتبعت قلبها وعشقها واختارت مسارها المختلف، لامست العشق الى ابعد حدوده ونجحت رغم كل العثرات، من شموخ النخلة الى قدسية شجرة اللبانن بينهما تلاعب هادية عبيد ثنائيتي الشغف والنجاح، هادية عبيد ابنة مدينة دوز من ولاية قبلي في صحرائها الممتدة تعلمت ابجديات المسرح والتمثيل وتحدث المجتمع ودرست هذا الفن لتكمل نحت شخصيتها الفنية وتبدع في اعمالها التي قدمتها رغم صغر سنها.
هادية عبيد ممثلة من طراز مختلف، تمثل تونس في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرحي العربي ، فهي تحمل لهجتها وخصوصياتها كلما لعبت على الخشبة، وتنافس عبيد ضمن فريق غير تونسي فهي تلعب باسم سلطنة عمان في مسرحية "موشكا: شجرة اللبان" الماخوذة عن رواية "موشكا" لمحمد الشحري اخراج يوسف البلوشي، وتقدم الممثلة الشخصية النسائية الوحيدة ودور البطولة في العمل وحولها تدور القصة وهي صانعة الحدث.
مسرحية موشكا شاركت في مهرجان بغداد الدولي دورة 2023 وفاز العمل بجائزة العمل المتكامل في مهرجان صلالة ظفار في عمار 2024 وتوجت عبيد بجائزة افضل ممثلة عن دورها في العمل، المسرحية تنقل قصة من الموروث العماني لمنظقة ظفار اذ تقول الاسطورة إن شجرة اللُبان ما هي إلا الجنية “موشكا” من عالم الجن؛ عشقت إنسياً نزل هو وأهله بوادٍ تسكنه قبيلة “موشكا”، ولأن هذا الحب يتحدى القبيلة، ويحطم سلاسل العادات، فقد عاقبوا “موشكا” بأن حولوها لشجرة اللُبان؛ التي حُكِم عليها بالتجريح طوال الدهرن وفي العمل تبدع الممثلة التونسية في نحت معالم هذا الوجع على الشخص والشخصية.
هادية عبيد ممثلة مبدعة لها مساحتها للعب وللنجاح، انطلقت من الفرقة البلدية لمدينة دوز قبل الاحتراف، في رصيدها العديد من الاعمال على غرار "صابرة" و"الصعاليك" و"قتلت" و"محراب" و"رحل" مع ثريا البوغانمي و"مقاطع" مع فتحي العكاري، ممثلة تونسية استطاعت النجاح في اول تجاربها الابداعية في المسرح العماني.