مفاتيح لفهم الأزمة السورية... ما هي الفصائل المسلحة التي تحكم اليوم المشهد السوري ؟

تخيم الضبابية على المشهد في سوريا التي تدخل في مرحلة انتقالية بقيادة الفصائل المسلحة

التي أطاحت بالنظام وأعلنت عن تعيين محمد البشير كرئيس للحكومة الانتقالية في سوريا . ولئن كان المستقبل غير واضح بالنظر لتعقد التدخلات الخارجية والأطماع الصهيونية إلاّ أنّ قراءة المشهد الراهن بتفاعلاته وعناصره قد يسهم في إيجاد مفاتيح لفهم الأزمة السورية . فمن هي الفصائل المسلحة التي ساهمت في الإطاحة بنظام الأسد وكيف تتحرك اليوم في سوريا وما هي أهدافها. لعلّ في مقدمة هذه الفصائل والتي تتكرر اليوم وتطغى على المشهد السوري هي هيئة تحرير الشام بقيادة احمد الشرع الملقب بالجولاني والذي كان حتى الأمس القريب مصنفا من الجماعات الإرهابية . ثاني الفصائل هي قوات سوريا الديمقراطية التي نصنفها تركيا إرهابية باعتبار أنّ الكرد هي قضية أمن قومي لأنقرة ، أما الجيش الحر فهو يضم عناصر سبق أن انشقت عن الجيش السوري النظامي .

منذ اندلاع الحرب السورية في عام 2011، تحولت سوريا إلى ساحة معقدة للصراعات العسكرية والسياسية، حيث تنوّعت الفصائل المسلحة التي ظهرت على الساحة. وتتباين هذه الحركات بشكل كبير من حيث أنواعها وأهدافها وقوتها، فضلا عن مصادر تمويلها وتسليحها، مما جعلها تلعب أدوارا متناقضة في مسار الحرب الطويلة.تتنوع هذه الفصائل بين مجموعات جهادية إيديولوجية، وكتائب عسكرية ، وفصائل انفصالية، وكذلك ميليشيات مناطقية. البعض منها يدين بالولاء لقوى إقليمية أو دولية مثل تركيا وإيران وروسيا، بينما تتوزع مصالح أخرى بين دول غربية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية. ويرى مراقبون أن هذه الفصائل شهدت تغيرات دراماتيكية في قوتها ونفوذها على مدار سنوات الحرب، حيث وصلت بعض منها إلى ذروة نفوذها ثم شهدت عملية اندماج أو انشقاق، فيما اختفى بعضها الآخر أو ذاب في تحالفات جديدة.وتختلف مصادر تمويل هذه الفصائل بشكل كبير. أما من حيث التسليح، تتنوع المصادر بين السلاح المحلي المستورد من مخازن الجيش السوري أو من الأسلحة المتوافرة في السوق السوداء، إضافة إلى الأسلحة التي تم تزويد الفصائل بها من قبل حلفائها في الإقليم.
لكن مع مرور الوقت، ونتيجة لعوامل عدة منها الوضع الميداني، وتغير التوازنات الإقليمية والدولية، بدأنا نشهد تغييرات ملحوظة في دورة حياة العديد من هذه الفصائل. فبعضها وصل إلى ذروة قوته ونفوذه، ثم بدأ يتعرض لانحلال داخلي أو تحلل من خلال انشقاقات بين قياداته أو حتى ذوبانها في جماعات أخرى. بعض الفصائل نجحت في إعادة تنظيم نفسها عبر عمليات دمج أو تغيير استراتيجيات، بينما أخرى انقرضت تماما أو فقدت قدرتها على التأثير في المعركة. وفي هذا السياق هذه ابرز الفصائل المسلحة في سوريا.
هيئة تحرير الشام
هيئة تحرير الشام هي ائتلاف فصائل جهادية سورية تأسس في مطلع عام 2017 بعد اندماج عدة جماعات مسلحة، أبرزها "جبهة فتح الشام" (التي كانت تعرف سابقًا بـ "جبهة النصرة")، مع فصائل أخرى مثل "جبهة أنصار الدين"، "جيش السنة"، "لواء الحق"، وحركة "نور الدين الزنكي". تُعتبر الهيئة اليوم واحدة من أبرز الفصائل الجهادية في سوريا، وهي مصنفة على قوائم الإرهاب الدولية من قبل العديد من الدول والمنظمات، بما في ذلك الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية.
الهيئة نشأت كفرع لتنظيم "القاعدة" في سوريا تحت اسم "جبهة النصرة"، قبل أن تتغير تسميتها وتطوير هويتها السياسية والعسكرية عبر السنوات. رغم اندماج الفصائل المختلفة، حافظت "جبهة النصرة" على الهيمنة على القيادة العسكرية والتنظيمية للهيئة، مما ساهم في الحفاظ على طابعها الجهادي السلفي المتشدد.
على مدار السنوات، لعبت "هيئة تحرير الشام" دورا كبيرا في الحرب السورية، حيث توسعت رقعة سيطرتها بشكل كبير في الشمال الغربي للبلاد، لا سيما في محافظة إدلب التي تعد معقلا رئيسيا للهيئة. توسعت سيطرتها لتشمل أجزاء من محافظات حلب وحماة، وفي مراحل معينة وصلت إلى مناطق في حمص ودمشق. كان هذا التوسع جزءا من الصراع المستمر ضد نظام بشار الأسد، مما جعل الهيئة أحد أبرز الأطراف المسلحة في النزاع.
فيما يتعلق بالتسليح، تمتلك "هيئة تحرير الشام" ترسانة واسعة من الأسلحة الثقيلة، بحسب تقارير مختلفة، من بينها مدافع ثقيلة، قذائف مضادة للطائرات، دبابات، ومدرعات، بالإضافة إلى مركبات قتالية للمشاة وفق أحدث تقرير نشرته 'نيويورك تايمز''. لكن أكثر ما يلفت الانتباه هو تطور قدرات الهيئة في مجال الطائرات المسيرة، حيث أنشأت وحدة "شاهين" للطائرات المسيرة التي تُستخدم لأغراض عسكرية واستهداف قوات النظام، وتُتهم الهيئة بتطوير هذه القوة بالتعاون مع استخبارات دول في أوروبا.
تظل "هيئة تحرير الشام" فصيلا رئيسيا في الصراع السوري، حيث تحتفظ بنفوذ قوي في المناطق التي تسيطر عليها، رغم التحديات والضغوط العسكرية والسياسية التي تواجهها. ومع تطور قدراتها العسكرية وتوسعها في بعض المناطق، تظل الهيئة من أبرز القوى التي يجب أن يؤخذ حسابها في أي تسوية سياسية أو عسكرية في سوريا خصوصا بعد مساهمتها في إسقاط نظام بشار الأسد حيث عدة دول كبرى في إعادة تقييم تصنيفها للجبهة .

الجيش الوطني السوري أو الجيش السوري الحر

بالإضافة إلى هيئة تحرير الشام، هناك العديد من الفصائل السورية الأخرى التي تقاتل وفق أجنداتها وولاءاتها الخاصة، فإن أحد أبرز الفصائل المشاركة في الهجوم على حلب هو الجيش الوطني السوري، وهو تحالف تم تأسيسه في عام 2017 ويجمع عشرات الفصائل ذات الأيديولوجيات المختلفة تحت مظلة واحدة.
الجيش الوطني السوري ، المعروف سابقا باسم الجيش السوري الحر والمعروف أيضا باسم الجيش السوري الحر ، هو تحالف من جماعات المعارضة السورية المسلحة التي شاركت في الحرب الأهلية السورية.

 

على عكس هيئة تحرير الشام المركزية والمنظمة، يُعد الجيش الوطني السوري (SNA) تحالفا متشرذما يضم مجموعات مسلحة متباينة. العديد من هذه المجموعات كانت تعمل سابقًا تحت لواء الجيش السوري الحر، وقد اصطدمت فيما بينها مرارا.رغم الانقسامات الداخلية، فإن العديد من فصائل الجيش الوطني السوري تحتفظ بعلاقات قوية مع تركيا. بعض هذه الفصائل، مثل لواء السلطان سليمان شاه، فرقة الحمزة، ولواء السلطان مراد، مرتبطة بشكل وثيق بأنقرة، وهو ما يظهر من خلال أسمائها التي تكرم شخصيات عثمانية بارزة وفق تقرير نشرته ''دوتشيه فيله''.
ومع ذلك، لا تتماشى جميع فصائل الجيش الوطني السوري بالكامل مع المصالح التركية. بعض الجماعات، رغم تعاونها مع أنقرة، تحاول موازنة أولوياتها الخاصة. على سبيل المثال، يضم التحالف فصائل متمردة مؤثرة مثل أحرار الشام، التي تهدف إلى "إسقاط نظام الأسد" و"إقامة دولة إسلامية تحكمها الشريعة الإسلامية".في الأيام الأخيرة، اشتبكت قوات الجيش الوطني السوري مع القوات الكردية في المحافظات الشمالية واستولت على العديد من البلدات والقرى الاستراتيجية. هذا التحرك يتماشى مع أحد الأهداف الرئيسية لتركيا في سوريا: منع وجود قوة كردية عسكرية قوية ومنظمات على طول الحدود التركية-السورية.

فيلق الشام
كان "فيلق الشام" يُعرف سابقا باسم "فيلق حمص"، وهو جماعة إسلامية مسلّحة تشكلت من اتحاد 19 مجموعة مسلحة مختلفة. في بداياته، كان جزء من عناصر الفيلق يتبع حركة "الإخوان المسلمين" في سوريا. يتضمّن الفيلق عددا من الفصائل البارزة مثل "لواء الفاتحين"، "لواء الشمال"، "لواء الإيمان"، و"لواء سهام الحق"، ويُقدّر عدد مقاتليه بالآلاف.
في الأوساط الميدانية، ينظر إلى فيلق الشام على أنه أحد الفصائل المقربة من تركيا، حيث يُطلق عليه في بعض الأحيان "الفصيل المفضل لأردوغان" في الشمال السوري. وقد شارك الفيلق في العديد من المعارك إلى جانب القوات المدعومة من تركيا، وكان له دور بارز في الصراع الليبي حيث دعم حكومة الوفاق الوطني. تقارير متابعة الجماعات المسلحة تشير إلى أن عدد مقاتلي الفيلق يتجاوز 10 آلاف مقاتل.
من حيث التسليح، يعتمد الفيلق على محورين رئيسيين: الأول هو التسليح المباشر من أطراف إقليمية، الذي يضمن له إمدادات من الأسلحة الحديثة، أما الثاني فيتمثل في الغنائم العسكرية التي حصل عليها الفيلق من معاركه مع الجيش السوري، والتي تشمل أسلحة خفيفة، ثقيلة ومتوسطة.
حركة أحرار الشام
حركة أحرار الشام هي إحدى أبرز الحركات المسلحة في سوريا، التي ظهرت مع اندلاع الثورة السورية في أواخر عام 2011. وصلت الحركة إلى ذروة قوتها في عام 2014، حيث بلغ عدد مقاتليها حوالي 25 ألف مقاتل. تصف الحركة نفسها، من خلال موقعها الرسمي، بأنها "حركة إسلامية إصلاحية تجديدية شاملة" وواحدة من الفصائل المنضوية ضمن "الجبهة الإسلامية"، وهي ائتلاف يهدف إلى إسقاط النظام السوري بالكامل، وبناء دولة إسلامية يكون فيها شرع الله هو المصدر الوحيد للتشريع والحكم.
خلال سنوات النزاع، قامت الحركة بنشاطات عسكرية على مختلف الجبهات، لكنها ركزت بشكل خاص على مناطق في إدلب وحلب مثل تفتناز، جبل الزاوية، سراقب، أريحا وبنش، وغيرها من القرى الواقعة في شمال غرب سوريا.
من حيث التمويل، تعتمد حركة أحرار الشام على ثلاثة مصادر رئيسية: التمويل الذاتي، التمويل من شبكات متطرفة عربية ودولية، والتمويل الإقليمي. إستراتيجيتها العسكرية تعتمد بشكل كبير على مهاجمة المواقع العسكرية الغنية واغتنام الأسلحة، بالإضافة إلى استخدامها المكثف للمتفجرات المحلية التي يتم إنتاجها بشكل غير مكلف.
كما استثمرت الحركة الموارد والمرافق الحكومية في المناطق التي تسيطر عليها. على سبيل المثال، في إطار مشاركتها في عملية تحرير الرقة، سيطرت الحركة على مقر البنك المركزي في المدينة، الذي كان يحتوي على ما يقدر بين 4 إلى 6 مليارات ليرة سورية في وقت التحرير.
قوات سوريا الديمقراطية (قسد)
قوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي تحالف متعدد الانتماءات يهيمن عليها الأكراد، رغم أن أحد مكوناتها الأساسية يتكون من العشائر العربية. تتألف قسد في معظمها من "وحدات حماية الشعب" ، وهي ميليشيات كردية تشكل العمود الفقري للتنظيم، وتحظى بدعم قوي ومباشر من الولايات المتحدة الأمريكية.
تم تأسيس قسد في عام 2014 كالجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وبرزت بشكل ملحوظ في الحرب السورية، حيث تمكنت من تحقيق تقدم كبير على الأرض. ويقدر عدد مقاتليها بنحو 50 ألف مقاتل، يتميزون بقدرات قتالية متنوعة، وبعضهم مزود بأسلحة ثقيلة وآليات مدرعة تم الحصول عليها عبر ثلاث مصادر رئيسية: المعارك مع الجيش السوري، القتال ضد الفصائل المسلحة، وأخيرا التسليح الأمريكي المستمر.
عند تأسيسها، قدمت ''قسد'' نفسها كتحالف عسكري وطني يضم الأكراد والعرب والتركمان والسريان، مع التأكيد على هدفها الأساسي وهو دحر تنظيم داعش واستعادة الأراضي التي سيطر عليها هذا التنظيم المتطرف في شمال وشرق سوريا. وقد حصلت قسد على دعم مالي وعسكري كبير من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، خصوصا في سياق المعركة ضد داعش.
لكن، مع تقدم قسد وتوسيع نفوذها في شمال شرق سوريا، وخاصة المناطق القريبة من الحدود التركية، أثار هذا التوسع قلق تركيا وحكومة أنقرة، بسبب المخاوف من الروابط الكردية ووجود الفصائل المسلحة التابعة لحزب العمال الكردستاني (PKK) في صفوفها. كما أصبحت قسد تواجه خصوما متعددين، أبرزهم تنظيم داعش سابقًا، جماعات مرتبطة بالقاعدة، والفصائل السلفية الجهادية، بالإضافة إلى الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وتركيا نفسها، التي تعتبر هذه القوات تهديدًا أمنيًا على حدودها الجنوبية.
قسد، رغم الدعم الدولي الذي تتلقاه، تبقى في مواجهة تحديات معقدة من خصوم محليين ودوليين، وتستمر في لعب دور محوري في الصراع السوري، بينما تسعى لتحقيق أهدافها الأمنية والسياسية في المنطقة.
جيش العزة
كان "جيش العزة" يعرف سابقا باسم "تجمع العزة"، وهو فصيل ثوري سوري تابع للجيش السوري الحر.
تنشط الجماعة بشكل رئيسي في شمال غرب سوريا، لا سيما في منطقة سهل الغاب شمال حماة والمناطق المجاورة لها. حصل الفصيل على دعم تسليحي ملحوظ، حيث تم تزويده وفق تقارير بصواريخ مضادة للدبابات من قبل الولايات المتحدة، بما في ذلك صواريخ "9 كا111 فاغوت" و"بي جي إم-71 تاو".
الجبهة الشامية
الجبهة الشامية هي تحالف من أبرز الفصائل المسلحة في شمال سوريا، تحديدا في محافظة حلب، ويضم فصائل كبيرة مثل "جيش المجاهدين"، "الجبهة الإسلامية"، "تجمع فاستقم كما أمرت"، "جبهة الأصالة والتنمية"، "أحرار الشام"، "صقور الشام"، "حركة حزم"، بالإضافة إلى مئات الجماعات المسلحة الأخرى.
خاضت الجبهة العديد من المعارك العنيفة ضد قوات الجيش السوري. وتستمد الجبهة شحناتها التسليحية من فصائل معارضة أخرى، فضلاً عن الأسلحة التي استولت عليها من القطع العسكرية التابعة للنظام السوري، بما في ذلك الآليات الثقيلة والمدافع والرشاشات، بعد السيطرة على مواقع عسكرية إستراتيجية

الجولاني .. من هو ؟

في ظل تصاعد الأحداث العسكرية في سوريا، لا سيما مع سقوط بشار الأسد وسيطرة قوات المعارضة التي تقدمت نحو العاصمة دمشق، عاد الحديث عن شخصية مثيرة للجدل، وهو "أبو محمد الجولاني"، زعيم هيئة تحرير الشام. هذا الرجل، الذي قاد الهجوم الذي انطلق من محافظة إدلب في الأسبوع الأول من ديسمبر، وحقق تقدما باتجاه دمشق في 8 ديسمبر.
أحمد الشرع، المعروف بلقب "أبو محمد الجولاني"، يتزعم هيئة تحرير الشام منذ تشكيلها، وهي جماعة جهادية صُنفت على أنها منظمة إرهابية من قبل العديد من الدول الغربية والإسلامية، فضلا عن تصنيفها من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وعلى الرغم من تصنيف الهيئة كمنظمة إرهابية، يظل الجولاني شخصية محورية في المعادلة العسكرية والسياسية السورية الراهنة. وفي ظل تصاعد وتيرة الصراع في سوريا، يظلّ الدور الذي يلعبه الجولاني محط أنظار الجميع، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
وفي ظل السيطرة التي حققتها "هيئة تحرير الشام" وفصائل مسلحة أخرى على أجزاء واسعة من سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، أكد غير بيدرسون، المبعوث الأممي إلى سوريا، أن "هيئة تحرير الشام" ليست الفصيل المسلح الوحيد في دمشق، موضحًا أن المجتمع الدولي قد يعيد النظر في تصنيفها كـ"منظمة إرهابية".
وخلال مؤتمر صحافي ، أشار بيدرسون إلى أن "هيئة تحرير الشام" بعثت برسائل إيجابية للشعب السوري، مُعتبرًا أنها تصرفت بشكل مغاير في مناطق مثل حلب وحماة. وأضاف أن الوضع في سوريا لا يزال في مرحلة حرجة، حيث أن الأوضاع لم تستقر بعد بشكل كامل.
وأوضح بيدرسون أن الأمم المتحدة ستبذل قصارى جهدها في دعم جهود بناء سوريا جديدة، مع التأكيد على ضرورة وضع ترتيبات انتقالية موثوقة تشمل جميع الأطراف السورية. وفيما يخص الوضع الأمني في العاصمة دمشق، أفاد بيدرسون بأنه تم رصد عمليات سرقة ونهب، لكنها توقفت في الوقت الحالي.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أنها لا تراجع حاليا تصنيف "هيئة تحرير الشام" كـ"منظمة إرهابية أجنبية". ومع ذلك، أوضحت الوزارة أن مثل هذه التصنيفات تخضع دائما للمراجعة المستمرة، وأن التصنيف لا يمنع المسؤولين الأمريكيين من التحدث مع أعضاء أو قادة الهيئة، حتى في ظل بقاء هذا التصنيف ساريا.
وبعد سقوط نظام الأسد ،يرى مراقبون أنّ دور "أبو محمد الجولاني" زعيم هيئة تحرير الشام سيظل محط اهتمام وتقييم من مختلف القوى الدولية، خاصة في سياق التوازنات الجيوسياسية الإقليمية والدولية. إذ تباينت المواقف الدولية من الجولاني بشكل كبير بناء على تغيرات الوضع في سوريا وتحولات مسار الصراع. وفي هذا السياق، يمكن تقسيم المواقف الدولية إلى عدة اتجاهات رئيسية أولها موقف الولايات المتحدة التي كانت دائما من أشد المعارضين للجماعات الجهادية في سوريا، بما في ذلك هيئة تحرير الشام. واشنطن تعتبر الجولاني وزعامته جزءا من الشبكات الإرهابية التي تهدد الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي. وبعد سقوط نظام الأسد، صرحت عدة دول ومنظمات دولية على غرار بريطانيا وألمانيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أنها ستعيد النظر في وضع هيئة تحرير الشام التي يترأسها الجولاني.
دور القوى الإقليمية والدولية
على غرار القوى الإقليمية الأخرى، لعبت تركيا دورا بارزا في الصراع السوري عبر دعم مجموعة من الفصائل المسلحة، مثل هيئة تحرير الشام والجيش الحر. ومنذ بداية الحرب الأهلية، نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية عبر الحدود ضد القوات الكردية السورية، كان آخرها في أكتوبر 2019. هدف أنقرة كان إبعاد المقاتلين الأكراد على مسافة لا تقل عن 30 كيلومترا من حدودها، بالإضافة إلى إنشاء ما يعرف بـ"المنطقة الآمنة"، وهي منطقة تخطط تركيا لإعادة توطين اللاجئين السوريين فيها. منذ ذلك الوقت، تمكنت تركيا من فرض سيطرتها الفعلية على مناطق في شمال سوريا، ما سمح لها بالتنسيق مع مجموعات المعارضة المسلحة المناهضة للنظام السوري.
وتُعد روسيا الحليف الأوثق لنظام بشار الأسد، إذ قدمت له الدعم العسكري واللوجستي على مدار سنوات الحرب. كانت الضربات الجوية الروسية والمشاركة العسكرية للقوات الروسية أحد العوامل الرئيسية التي ساعدت الأسد في البقاء في السلطة. ومع ذلك، تراجعت قدرة روسيا على التدخل في الصراع السوري بعد أن حولت جزءا كبيرا من مواردها العسكرية إلى الحرب في أوكرانيا، مما أثر على قدرتها على تقديم الدعم المستمر للنظام وأسهم في سرعة سقوط نظام الأسد.
وتعتبر إيران سوريا نقطة إستراتيجية هامة في محور المقاومة، منذ بداية النزاع، دعمت إيران النظام السوري عبر نشر قوات إيرانية وقوات حزب الله اللبناني في الأراضي السورية، بالإضافة إلى تسهيل مرور الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان. ومع ذلك، أشارت تقارير أخيرة إلى أن إيران سحبت بعض قواتها من سوريا، ما يعكس التحديات التي تواجهها في الحفاظ على نفوذها في ظل تغير موازين القوى مع سقوط نظام الأسد.حزب الله اللبناني، الذي تدعمه إيران، نفذ عمليات عسكرية إلى جانب القوات السورية ضد الفصائل المعارضة.
في البداية، دعمت الولايات المتحدة مجموعات المعارضة السورية خلال المراحل الأولى من النزاع عام 2011، لكنها قالت أنها حولت تركيزها في وقت لاحق إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). حاليا، يوجد حوالي 900 جندي أمريكي في سوريا، يتمركزون أساسا في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية والمناطق الغنية بالنفط في الشمال الشرقي. كما يوجد لهم نقطة عسكرية عند الحدود بين سوريا والعراق والأردن. ورغم وجود الدعم الأمريكي للأكراد في الشمال، تظل السياسة الأمريكية تجاه النظام السوري معقدة وسط التنافس الإقليمي والدولي.
على مدار السنوات الماضية، استهدفت إسرائيل بشكل متكرر المواقع الإيرانية وقوات حزب الله في سوريا عبر غارات جوية، بهدف تعطيل نقل الأسلحة إلى حزب الله وتقليص التهديدات على حدودها. في الآونة الأخيرة، تحركت القوات الإسرائيلية إلى مدينة القنيطرة القريبة من مرتفعات الجولان بعد أن سيطرت مجموعات مسلحة على المناطق المحيطة بها.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115