يأسس لمشاريع ثقافية مختلفة تدافع عن الانسان وتفك العزلة الثقافية عن المناطق الصحراوية المهمشة، الفنان والمسرحي حافظ خليفة يواصل الرهان ببعث المهرجان الدولي للسينما في الصحراء "السينما والصحراء، لقاء بين الحلم والسراب، حيث يمتزج خيال العدسة بهدوء الرمال" حد تعبيره.
المهرجان الدولي للسينما في الصحراء تجربة نضالية وثقافية جديدة تونع املا وفنا في اقصى ربوع الجنوب التونسي وانطلقت من اعماق عروس الصحراء قصر غيلان، عن لتظاهرة تحدث باعثها حافظ خليفة للمغرب:
ما هو رهان المهرجان الدولي للسينما في الصحراء؟
نراهن على ثقافة الحياة، للمهرجان رهانين الاول جعل الصحراء وجهة سينمائية، لان الصحراء كانت في الثمانينات والتسعينات وجهة سينمائية بامتياز، للأسف الاحداث التي عاشته تونس في العشرية الاخيرة جعلت المنتجين يغيرون الوجهة، بالاضافة الى القوانين المجحفة وصعوبة التراخيص ومن المهرجان نقول ان على المسؤول ان يعرف ان السينما قادرة على ادخال العملة الصعبة الى تونس، فتصوير فيلم يبقى لاشهر ما ينجر عنه حركة اقتصادية كبيرة بداية من المطار وصولا الى العامل، الجميع يشتغل الحداد النجار التارزي صاحب الابل صاحب الفندق وتصبح هناك حركية سياحية ومالية.
اما الرهان الثاني فهو الجنوب التونسي اي اننا نسعى لتقديم الصورة الحقيقية عن الجنوب التونسي بتاسيس اول مهرجان سينمائي مختص وخرجنا من منطق التظاهرات المتشابهة فللصحراء خصوصيتها لذلك وضفنا الكثبان مثلا لتكون شاشة للعرض ومن هنا نعمل على الدفاع عن خصوصية الصحراء جغرافيا وثقافيا.
هل تدافعون عن لامركزية الثقافة؟
نحن ندافع عمّا هو أعمق، نعمل على فك العزلة الثقافية عن المناطق الصحراوية، نقرب الفرجة والعروض والورشات الى الناس، هنا في الصحراء يتمتع ابن المكان بحقه في ممارسة فن السينما والحصول على تكوين دون الحاجة للذهاب الى المركز اي العاصمة او قابس او توزر بل تأتي الفنون الى ولاية قبلي من خلال المشروع الثقافي الذي قمنا بصياغته "اعمار الصحراء ثقافيا" اولا من خلال المهرجان الدولي للسينما في الصحراء، اربع دورات استضفنا 24دولة تنقلنا بين معتمديات والولاية وحققنا نسب جمهور تجاوزت 8الاف متفرج صنعنا حركية قوية، من هناك انطلقت الرغبة لانجاز مهرجان سينما.
هل نجاح المهرجان الدولي للمسرح في السينما كان القادح لولادة مهرجان السينما؟
بالفعل هو ما شجعنا، كسبنا المصداقية لاننا نريد ان نظهر الصورة الحقيقية لصحرائنا، فالصحراء ليست "عقد" و"لحفة" و"خيمة"، او "سلوقي وارنب" وهي الصورة النمطية المتكررة التي نريد تحطيمها.
الصورة النمطية روجت لها السياحة ورسختها مهرجانات جنوبية الهوى، لكن صياغة المشروع والرغبة في التغيير كانت المحرار الاول، نلنا ثقة مؤسسات الدولة بفضل اجتهادنا على غرار المركز الوطني للسينما والصورة وإدارة العمل الثقافي ومندوبية الشباب والرياضة لان سبق وانحزنا مخيم شبابي في الصحراء وهو ما شجعنا لنعيد التجربة.
شركائنا اصبحوا يبادرون بالاتصال بنا لأنهم لامسوا الفعل الثقافي والمستوى العالي للتظاهرة، نحن نصنع مشروعا وليس مهرجانا، هناك ثقة جعلت شركائنا من السينمائيين يبادرون للمساهمة في تأثيث فعاليات لدورة الاولى للمهرجان الدولي للسينما في الصحراء بعد نجاح مهرجان المسرح.
.تدافع عن الصورة وتشتغل على تاثيرها كيف كانت بدايات حافظ خليفة مع هذا الفن؟
البدايات كانت كما فيلم "شبابيك مغلقة" لنادي سينما تطاوين في قرية جمنة كانت سيارة تدور محملة بالأفلام ونشاهد الفيلم يعرض على حائط دار الشعب، كانت صورة غريبة تولدّ الدهشة، ثم نادي الاطفال فضاء تكويني الاول، فدار الشباب الى ان اخترت دراسة المسرح، ثم انطلقت التجربة الى ايطاليا.
معروف في المسرح انني من عشاق الصورة خلافا على قوة الطرح، انا عاشق للسينما عن طريق المسرح، من 1998 سافرت الى ايطاليا ومنها انطلقت في عالم السينما، كل تجاربي في السينما كممثل كانت في السينما الايطالية اذكر فيلم "آلام المسيح" ثم التلفزيون الايطالي وتجارب لسلسلات مهمة، تجاربي السينمائية المهمة في ايطاليا، في تونس انغمست اكثر في المسرح.
يقول ابراهيم الكوني انّ ابن الصحراء اينما ارتحل يحمل صحرائه معه؟ هل حافظ خليفة يعمل بهذه المقولة؟
بل تصبح راسخة اكثر عند الرحيل، الانتماء يتعمق بمجرد عبور البحر، هناك يصبح الحنين والانتماء الى الوطن وتصبح النظرة للعالم اشمل، وابناء اصحراء انتمائهم قوي جدا بالارض والهوية وان كان غاضبين تبقى علاقتنا بالأرض والصحراء عميقة جدا لأنها ثقافة كاملة نحافظ عنها وندافع عن وجودها.
انا في علاقتي بالصحراء ابحث عن الخصوصية، مثلا ارفض انجاز فضاء ثقافي في العاصمة وحين تحين الفرصة سيكون في الصحراء، المسالة مسالة وعي، ابحث عن تفردي واحافظ على اختلافي، لكل مشروع خصوصيته، مهرجان المسرح في الصحراء لا يشبه اية تظاهرة اخرى، يشبه نفسه فقط.
كيف انطلقت فكرة المخيم السينمائي الشبابي؟
المخيم فكرة تراودني منذ الدورة الثانية لمهرجان المسرح، فكرة تلقائية، يخيمون ويشاهدون العروض المسرحية، الدورة الاولى قدم 5 شباب ثم 20 ثم 40 والدورة الرابعة انجزنا مخيمين بمشاركة 300شاب وشابة، وتلقائيتهم ساهمت في ابراز صورة جميلة عن المهرجان، ومنه انطلقت صورة المخيم السينمائي الشبابي بمبادرة من مندوبية الشباب بقبلي لشباب وجد فرصة للتكوين والمشاهدة
هل كان اختيار المكان قصر غيلان مقصودا؟
طبعا فالمهرجان الدولي للسينما في الصحراء، لم يكن مغامرة ثقافية،سنمائية،سياحية فحسب ،بل هو بداية لمشروع "اعادة إعمار الصحراء" لبلدة هجرها سكانها ،اثر التراجع السياحي ببلادنا خلال العشرية الاخيرة المتأزمة سياسيا و امنيا،اضافة إلى اثر جائحة كوفيد، اصبح المكان بلدة اشباح،مدرسة مغلقة ،مستوصف مهجور،بنية تحتية مهترئة،شبكة كهربائية منعدمة،خزان مياه محطم،عامل بلدي واحد على جرار صديء يتيم للنظافة و لجمع الفضلات و شبكة اتصالات شبه منعدمة.
و كما رفعنا شعار :فك العزلة الثقافية عن المناطق الصحراوية المهمشة من خلال مشروعنا بالمهرجان الدولي للمسرح في الصحراء منذ 2021..نحن الآن بصدد بداية مشروع انساني و حضاري و عمل اكثر تعقيدا و يحتاج صبرا كبيرا.
اني اراهم قادمون بعد عام او عامين من العمل افواجا..افواجا لمعانقة جمال السينما و الالتحاف بسحرها ،بعرض الافلام بين دروب قريتهم و على حيوط ديارهم المهجورة..
من خلال هذا المولود الجديد (المهرجان الدولي للسينما في الصحراء )سنعيد إعمار الصحراء،من اجل مستقبل أطفالنا و اهالينا ،من اجل الحياة لمن استطاع إليها سبيلا بعروس الصحراء قصر غيلان.