الفن سلاح للحقيقة ضد همجية الموت وجبروت الحرب ووحشيتها والمسرح مساحة للحرية والانتصار للانسان وإيصال صوته هكذا يصرخ "التائهان" كلما عبرا الشوارع فهما صدى للوجع الانساني وصورة عن معاناة الفلسطينيين وكل انسان انهكته الحرب على ارض البسيطة.
مسرح الشارع فعل فني نقدي يعمل على ايصال الفن الى المواطن اينما وجد والخروج من دائرة العرض التقليدية الى مساحات مفتوحة، مسرح الشارع اصبح في تونس مرتبطا بالنقد وتسليط الضوء على القضايا الكبرى وأصبح هذا الفن حاضرا بقوة في الشوارع التونسية منذ الثورة التونسية.
فن يلازم حقوق الانسان يدافع عنها ويقرّب المنظومة الفرجوية الى المواطن في كل شبر من هذا البلد وفي هذا السياق تتنزل مسرحية "التائهان" للثنائي وليد الخضراوي ونزار الكشو وهي من انتاج المركز الدولي للفنون المعاصرة بالقصرين، والعمل سيمثل توةنس في المهرجان الدولي لمسرح الشارع بكركوك دولة العراق بداية من2الى 4نوفمبر 2024.
عرض "التائهان" صرخة ضد كل الوان الحرب والخوف، للعنوان اكثر من دلالة: الاولى تحيل التائه -هان في اشارة الى هوان الانسان اليوم خاصة في الدول التي تعيش حروبا، وتحديدا غزة، فالانسان هناك تاه وهان بسبب حرب قاسية متواصلة منذ عام، تاه الانسان باحثا عن ملاذ آمن، تاهت الطفولة ومعها احلامهم المجهضة، هذا التوهان حوّله الممثلين الى وجع مسرحي يتشاركانه مع الجمهور والمواطنين كلما عرضوا في الشوارع.
المعنى الثاني للعمل "التائهان" تحيل الى الفنانين فكلاهما تائه في رحلة بحثه عن مشروعه الفني والانساني، يعبران عن توهان المبدع في تونس وضياعه امام العديد من المشاكل التي يواجهها فنه وافكاره، فالتائهان عرض مسرحي ينطلق من وجع ذاتي لينقد وجع الانسان.
"التائهان" تنقل قصة جد وحفيده يقيمان في الشارع لا مكان يؤويهما ولا ارض تحميهما، يصطحبان مذياع ليكون الصوت وسيلتهما للتواصل مع العالم الخارجي ومعرفة اخباره، والعرض تفاعلي اساسا مع الجمهور وتختلف طريقة التلقي حسب مكان العرض ونوعية المتلقين، وقدم في مساحات مختلفة داخل تونس وخارجها و"العرض اينما قدم كان التفاعل معه مميز ومختلف و كل عرض له نفس خاص به، العرض يتماشى مع ذاك الوقت والشارع، انطلق العرض قبل انتفاضة 7اكتوبر وهو نوع من انواع مسرح المقاومة، يمس الناس ويحاكي الوضع في علاقة باخواننا الفلسطيين" حسب تعبير الممثل وليد الخضراوي.
تحضر القضية الفلسطينية في العمل من خلال الترميز، فالتائهان يجمعان اشلاء القوارير البيضاء لملطخة باللون الأحمر، اشلاء تتماهى مع اشلاء اجساد اطفال يعيشون على قع الغارات منذ العام الفارط، اطفال سرقت احلامهم وتفتت اجسادهم وفقدوا حياتهم سيتحضرون المهم في العمل المسرحي، واكد الخضراوي ان انجاز عمل مسرحي شارعي الهدف منه ايصال رسائلهم الى الجمهور والذهاب اليه في ظل عزوفه عن فضاءات العرض التقليدية، مشيرا الى اهمية التفاعل الذي يولّد طاقة نقد وتشاركية مميزة تجمع الممثل والمتلقي لان عروض الشارع تولد في الشارع وتنتهي فيه لكنها تترك الاثر العميق لدى الانسان.
عروض مسرح الشارع تقدم مادة فرجوية ونقدية للجمهور، تحمل اليه عملا مسرحيا متكاملا من حيث الاداء والموسيقى وأداء الممثل وتجبره ليكون شريكا في العملية الابداعية، فالتفاعل مع الجمهور من الاهداف الاساسية لمسرح الشارع.
الفنان سفير للإبداع وللقضايا الانسانية والفنان صدى للشارع ولهواجس المواطن وافكاره يلتقط الحكايات ويحولها الى فعل ابداعي متحرر ضمن هذا الاطار يعمل الثنائي وليد الخضراوي ونزار الكشو في "التائهان" .
يمثل العمل تونس الى جانب 20عمل من دول مختلفة على غرار الجزائر والعراق واقليم كردستان وسوريا وايران وبلجيكيا واليابان.