وقد يزداد إغراء أسرارها باكتشاف مفاتيح آثارها الضاربة بجذورها في عمق الحضارة وقدم التاريخ. وفي الأيام الأخيرة، شهد موقع كستيليا الأثري بدقاش عن عراقة توزر وتفرد معالمها..
على مشارف شطّ الجريد يطل موقع كستيليا الأثري بدقاش على بعد 6 كيلومتر عن مدينة توزر محدثا العابرين والزائرين عن أرض سكنها الرومان منذ سالف العصر والأوان.
شواهد عن الحقبة الرومانية المتأخرة
في سلسلة حفريات جديدة، قام المعهد الوطني للتراث خلال شهر أكتوبر بتنفيذ حفرية أثرية بالموقع الأثري بكستيليا والذي يقع على مقربة من الطريق الجهوية الرابطة بين مدينتي توزر ودڨاش. وقد شملت هذه الحفرية الناحية الشمالية والجنوبية للموقع، وكان من أبرز نتائجها الكشف عن عدّة جدران بُنيت بمواد محلية تعود لمبان مجاورة للكنيسة.
وفي سنة 2023، كشفت حفريات موقع كستيليا الأثري بدقاش التي تمت تحت إشراف خبراء المعهد الوطني للتّراث عن وجود كنيسة مسيحية تعود إلى الفترة الرومانية المتأخّرة أي حوالي القرن الخامس ميلادي، إلى جانب مباني مخصّصة لرجال الدين حيث تم اكتشاف وجود مجموعة من الجرار والأواني والعديد من النقود وقناديل وأواني خزفية متنوّعة. وتعتبر الكنيسة المسيحية بكستيليا من أهم المعالم الأثرية المسيحية بالجنوب التونسي والتي حافظت على الموروث الحضاري والتاريخي الروماني بهذه الجهة.
ووفقا لبلاغ المعهد الوطني للتراث فإنّ موقع كستيليا الأثري بدقاش يمسح قرابة الهكتار. وقد صدر في شأنه قرار حماية بتاريخ 21 جانفي من سنة 2021 من قبل اللّجنة الوطنية للتراث ويجري حاليا تخصيصه لفائدة المعهد الوطني للتراث.
وقد انطلقت الحفريات الأثرية بهذا الموقع منذ سنة 2017، وكان من أهم نتائجها اكتشاف كنيسة مسيحية تعود إلى الحقبة الرومانية المتأخرة المتراوحة ما بين نهاية القرن الرابع والسابع ميلادي، تبلغ مساحتها 140 مترا مربعا وعلى ارتفاع ثلاثة أمتار ونصف تقريبا. ومنذ سنة 2019، تواصلت الحفريات الأثرية بهذا الموقع لتشمل عدّة مبان سكنية اكتُشفت بجوار الكنيسة من الجهة الشمالية ومن الجهة الجنوبية الغربية، واحتوت إحداها على مخزن لحفظ المواد الغذائية ومكان مخصّص للطبخ.
ومن المنتظر أن يبوح موقع كستيليا الأثري بدقاش مع تقدم الحفريات بأسرار مدينة أثرية فريدة من نوعها تعزز مكانة مدينة توزر التاريخ والآثار والجمال.