زلزال قادم في الانتخابات التشريعية البريطانية الحزب العمالي يعد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية و «حزب الإصلاح"الشعبوييأتي في المرتبة الثانية و يتفوق على حزب المحافظين

استفاق الشارع البريطاني في حالة صدمة ودهشة عند نشر مؤسسة "يوغوف" لسبر الآراء

نتائجها للسباق في الحملة الانتخابية للتشريعية السابقة لأوانها المبرمجة ليوم 4 جويلية القادم والذي أكد تقدم الحزب العمالي بأكثر من 20 نقطة على منافسه الثاني... "حزب الإصلاح" الشعبوي الذي يقوده نايجل فرج على حساب حزب المحافظين الحاكم.

وكانت كل عمليات سبر الآراء منذ ستة أشهر تشير إلى تقهقر حزب المحافظين تحت قيادة ريشي سوناك الذي أقدم على اعلان تنظيم انتخابات سابقة لأوانها بعد ان انخفضت نسبة التضخم مراهنا على اقناع الناخب البريطاني بتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل القريب. وكانت نفس التوقعات تضع الحزب العمالي في المرتبة الأولى بنسبة 40% وحزب المحافظين في المرتبة الثانية. لكن مع قرار نايجل فرج العودة إلى الحلبة السياسية والمشاركة في الحملة الانتخابية تغيرت المعطيات وأفرزت النتائج تقدما ملموسا لحزبه أدى إلى حصولههذا الأسبوع على المرتبة الثانيةبنسبة 19% مقابل 18% للمحافظين، وذلك ثلاثة أسابيع قبل موعد الانتخابات.
سوف تحدث هذه التوقعات، إن تحققت يوم 4 جويلية، زلزالا سياسيا بأتم معنى الكلمة. إذ يشكل حزب المحافظين أهم ركائز المملكة المتحدة وأحد الأحزاب العريقة التي كونت النظام الديمقراطي البريطاني. وأشارت عملية سبر آراء أخرى، نشرت يوم 16 جوان، قامت بها مؤسسة "سافنتا" لجريدة "سانداي تيليغراف" تخص توزيع المقاعد حسب النتائج المرتقبة أن حزب ريشي سوناك لن يحصد أكثر من 72 مقعدا، في حين يتمتع الآن بالأغلبية المطلقة، مقابل 456 مقعدا للعماليين و56 لليبراليين الديمقراطيين و 7 مقاعد فقط لحزب الإصلاح بالرغم من تقدمه.
نصر آخر للقضية الفلسطينية
وقد خصص الحزب العمالي في برنامجه الانتخابي فقرة حول القضية الفلسطينية تقول:" قيام دولة فلسطينية هو حق الشعب الفلسطيني لا تصرف فيه. نحن نلتزم بالاعتراف بدولة فلسطينية كمساهمة في عملية سلام متجددة التي تفضي إلى حل الدولتين، مع دولة إسرائيلية آمنة ودولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للعيش." وهي أول مرة تدخل فيها القضية الفلسطينية في برنامج انتخابي للحزب. والمعروف عن زعيم الحزب الحالي كير ستارمر أنه مناصر لإسرائيل وأن موقفه الشخصي لم يتغير منذ 7 أكتوبر الماضي. لكن استعمال كلمة "نحن" في الميثاق الانتخابي للحزب تدل على تغيير جماعي للحزب تدخل فيه اعتبارات سياسية داخلية تراعي الشق اليساري للحزب واعتبارات انتخابية تأخذ بعين الاعتبار التغيير الحاصل في الرأي العام البريطاني الذي نظم أضخم مظاهرات ضد الحرب على غزة في دول العالم.
التحاق بريطانيا المفترض بإسبانيا والنرويج وآيرلندا في الاعتراف بالدولة الفلسطينية سوف يكون له وقع خاص في العلاقات الدولية. فالمملكة المتحدة هي التي كانت في البداية المدافع الأساسي عن قضية اليهود عبر وعد بلفور، وزير خارجية المملكة عام 1917، الذي مكن يهود المهجر من "إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين" حسب ما جاء في الوعد، والذي أدى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1947 إلى تقسيم فلسطين. أن تقدم المملكة المتحدة، وهي عضو في مجلس الأمن الدولي وفي مجموعة السبعة وفي منظمة الحلف الأطلسي، على الاعتراف بالدولة الفلسطينية سوف يجر آخرين إلى نفس الموقف، وفي مقدمتهم فرنسا. وهو ما يغير المعطيات الدولية لصالح فلسطين ويدفع إلى التوصل إلى حل نهائي للصراع في الشرق الوسط.
عودة العماليين مؤكدة
التوقعات المعلنة عبر عمليات يبر الآراء تؤكد عودة الحزب العمالي للسلطة بعد 14 سنة في المعارضة. ونجح زعيمه الحالي كير ستارمر، الذي يعتبر "معتدلا" في تصريحاته السياسية ومواقفه في إدارة الحزب، في اثبات صورة لحزب جاهز للحكم، بعيدا عما كانت عليه صورة الحزب في عهد جريمي كوربن اليساري الذي شهدت هزة بسبب مواقفه الراديكالية. التفاف الناخبين حول الزعامة العمالية الجديدة تكون تدريجيا عبر فوز الحزب في الانتخابات المحلية الأخيرة التي نظمت في شهر ماي 2024.
تحول الراي العام البريطاني من مساند لحزب المحافظين إلى داعم لمواقف الحزب العمالي شارك فيه الوضع الدولي بصورة مباشرة. فطوال تسعة أشهر من الحرب على غزة تظاهر البريطانيون، الذين يعيشون في مجتمع متعدد الجنسيات والثقافات، ضد مبدئ المكيالين وقد ساندوا موقف الحكومة المحافظة في دعمها لأوكرانيا، ولكن لم يفهموا موقف ريشي سوناك الداعم للحرب على غزة. زد على ذلك الأوضاع المعيشية المتردية بسبب غلو المعيشة وتدهور مستوى العلاج وتفاقم نسب التضخم، فإن الرأي العام الانتخابي أصبح يؤمن أكثر من قبل بضرورة التناوب على السلطة.
لكن إمكانية دخول اليمين الشعبوي إلى البرلمان بعدد كبير من النواب، وهو الذي كان أول من أعلن ونظم وساند فكرة "البركسيت" التي أدت إلى خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، سوف تغير موازين القوى الداخلية وتحدث ارتباكا في "السيتي" مقر الأموال والأعمال التي تحدد للسوق البريطانية وزنها في العالم. وسوف يدخل المشهد السياسي البريطاني في حالة غليان من أجل إعادة ترميمه.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115