بقدر التواجد وإظهار قدر من التجاوب مع الضغط ( الناعم) الذي تمارسه واشنطن علي حكومة نتنياهو واليمين المتطرف. ولا توجد صعوبة في التوصل لتلك التقديرات ويسهل إستنباطها من تصريحات وإجتماعات حكومة سلطة الإحتلال التي تراوحت بين نصيحة قدمها وزير الدفاع لنتنياهو بضرورة التعاطي بشكل إيجابي مع اجتماعات القاهرة، وبين تصريحات وزير الأمن القومي 'بن غفير' عقب اجتماعه مع رئيس الحكومة وما تحمله من تهديد صريح من بن غفير لنتنياهو بضرورة استعادة المختطفين دون استسلام لطلبات حماس ومواصلة خطط إقتحام رفح للحفاظ على الإئتلاف الحكومي، ومن ثم استمرار نتنياهو في منصبه المحبب والضامن لعدم بدء طوفان من مطالبات تقديمه للمحاكمة. وعلى الرغم أن هيئة البث الإسرائيلية أشارت مساء الأحد أن المجلس الوزاري وافق على الخطوط العريضة للمبادرة المصرية، مع بقاء شرطها بعدم تقديم ضمانات بوقف الحرب بعد الإفراج عن الأسرى، الإ أن الأمور تبدلت في الصباح وأحاديث عن إقتحام وشيك لرفح، الأمر الذي يؤكد أن الضغوط التي تمارسها الدول الغربية ' رخوة' ولا تخرج عن كونها تصريحات استجدائية لسد الخانات أمام الرأي العام الداخلي ( الإليزية : الرئيس ماكرون يطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بإستكمال المفاوضات مع حماس) .
كما لخص موقع "أكسيوس" الموقف الخاص مفاوضات الهدنة، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي الذي أوضح أن الوسطاء في محادثات الهدنة في غزة سعوا إلى التوصل لصيغة توافقية بين "حماس" وإسرائيل ولكن دون إحراز تقدم، وأن نقطة الخلاف الرئيسية في مفاوضات الهدنة مع حماس هي مسألة إنهاء الحرب على قطاع غزة والتي تتمسك تل أبيب بمواصلتها رغم تحذيرات واشنطن وعدة حلفاء.
ونتيجة لعدم تواتر مؤشرات طيبة عن نتائج اجتماعات القاهرة - علي الرغم انها شهدت علي مدار الأسبوع الماضي خطوات مختلفة عن الاجتماعات السابقة - نشرت صحيفة "معاريف" في افتتاحيتها خبرا يفيد ببدء جيش الاحتلال الإسرائيلي نقل السكان الفلسطينيين من الأحياء الشرقية في رفح إلى منطقة إنسانية موسعة، ونوهت إذاعة الجيش الإسرائيلي بالإتصال الذي أجراه ' غالانت' وزير الدفاع مع وزير الخارجية الأمريكي بشأن بدء إخلاء رفح، فضلا عن تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن الجيش سيواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب، ومنها تفكيك حماس، وإعادة جميع المختطفين.
علي جانب أخر، تعبر التصريحات التي تنسب لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي عن واقع التفاعلات السياسية والحزبية في تل أبيب، والتي أشار خلالها إلي أن هناك فضيحة قد تحدث في المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، وأن ما يحدث بالجامعات الأمريكية يذكره بما جرى في الجامعات الألمانية عشية المحرقة ثلاثينيات القرن الماضي، وأعرب عن تصميم سلطات الإحتلال على إعادة المختطفين في "غزة"، وستفعل كل ما في وسعها لتجنب المدنيين والسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة لتفادي وقوع أزمة إنسانية.
تلك التصريحات تعكس الحسابات السياسية لدى نتنياهو والتي تحول دون تماشيه مع جهود الهدنة سواء من القاهرة أو الدوحة ، وتعكس تصريحاته حول المحكمة الجنائية حجم الخوف والعزلة الخارجية التي تحيط بحكومة الإحتلال والتي اختارت لنفسها نهج التصعيد والصدام والرهان على سيناريوهات تاريخية أجادت توظيفها في السابق، وإن كانت قيادة الضمير العالمي في الوقت الحالي في حوزة فئات شبابية مستنيرة، بداخل الملعب الغربي نفسه، وصعب إخضاعها لعمليات تزييف الحقائق من جانب وسائل الإعلام الغربية.