يمرّ اليوم 7 ديسمبر 2023 ، شهران على إندلاع الحرب في غزة منذ 7 أكتوبر المنقضي ، وتتواصل حرب الإبادة الصهيونية التي أسفرت عن ارتقاء أكثر من 15 ألف شهيد معظمهم نساء وأطفال، وأصيب أكثر من 40 ألف آخرين، فيما أبلغ عن 3 آلاف مفقود على الأقل يعتقد أنهم تحت الأنقاض. وبلغت حصيلة الحرب في قطاع غزة مرحلة كارثية بين شهداء وجرحى وخسائر طالت البنية التحتية الهشة في القطاع المحتل وأثّرت بشكل مُرعب على ظروف معيشة الفلسطينيين في غياب أبرز مقومات العيش نتيجة تضييقات الاحتلال ومنع وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف . شهران والاحتلال الصهيوني يمارس أبشع أنواع وأشكال الجرائم ضد الإنسانية دون ان يشبع من إراقة المزيد من الدماء وذبح الأطفال وتحويلهم الى أشلاء . فالطفولة والإنسانية تباد في غزة المحاصرة أمام آعين العالم . والى الآن لم يتمكن المجتمع الدولي من انهاء المجزرة التي تحاول عبرها حكومة الاحتلال ان تصدّر فشلها وأزماتها الداخلية عبر البحث عن انتقام او نصر وهمي من خلال المزيد من الإبادة والترهيب وسفك الدماء دون هوادة.
وقتل من الجانب الإسرائيلي أكثر من 1400 شخص، وما زال 150 شخصا رهائن لدى حماس. وما زالت الحرب مستمرة في ظلّ رفض إسرائيلي لوقف دائم إطلاق النار أو الاتفاق على هدنة إنسانية جديدة .
ووفق ما جاء في المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم وزارة الصحة في اليوم 59 للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، قال أشرف القدرة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجازر مروعة وكبيرة راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى خلال الساعات الدموية الماضية ، مشيرا إلى وصول 349 شهيد و 750 جريح فقط للمستشفيات خلال الساعات الماضية ولازال العدد الأكبر من الضحايا تحت الأنقاض .
كما أكد القدرة أنّ حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 15.899 شهيداً وإصابة 42 ألف مواطن منذ السابع من أكتوبر الماضي ،70% من ضحايا العدوان الإسرائيلي من الأطفال والنساء . وتابع ''الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قتل وإرهاب الطواقم الطبية والجرحى والنازحين في مستشفيات غزة والشمال لإجبارهم على الإخلاء القسري ، فالانتهاكات الإسرائيلية ضد المنظومة الصحية أدت إلى استشهاد 283 من الكوادر الصحية وتدمير 56 سيارة إسعاف كما دمر دمّر 56 مؤسسة صحية بالكامل واخرج 20 مستشفى 46 مركز للرعاية الأولية''.
وأضاف القدرة "الاحتلال الإسرائيلي لازال يعتقل 35 كادرا صحيا من قطاع غزة على رأسهم مدير عام مجمع الشفاء الطبي د. محمد أبو سلمية في ظروف قاسية من التعذيب والجوع '' وشدد على أن "استمرار العدوان الإسرائيلي بكل وحشية يصيب المنظومة الصحية بالعجز التام في مواجهة الأعداد الكبيرة من الجرحى يوميا ، فالطواقم الطبية غير قادرة على التعامل مع الأعداد الكبيرة من الجرحى بتشوهات وحروق شديدة وبتر وإذابة في الأطراف نتيجة القصف الوحشي بقذائف مدمرة وحارقة ''. وأضاف أن أكثر من 1.5 مليون نازح في مراكز الإيواء وخاصة النساء الحوامل والأطفال والمرضى المزمنين والجرحى يتعرضون للموت البطيء.
وطالبت وزارة الصحة في غزة جامعة الدول العربية ومنظمة العالم الإسلامي ودول العالم الحر بالتحرك الفوري لوقف العدوان والإبادة الجماعية عن قطاع غزة ، كما دعت الأمم المتحدة بتفعيل إحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة لحماية المستشفيات والطواقم الصحية والإنسانية وتجريم استهدافها. كما طالبت كافة الأطراف بتوفير ممر إنساني امن يضمن دخول الإمدادات الطبية والوقود وخروج مئات الجرحى.
أرقام وتقارير مفزعة
واستأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة يوم الجمعة الماضي بعد أسبوع من الهدنة، واستشهد أكثر من 16 ألف فلسطيني منذ بداية الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي علاوة على آلاف الجرحى .
وفي تقرير مفزع قالت الأمم المتحدة ، أمس الأربعاء، إن نحو 85% من سكان قطاع غزة أصبحوا نازحين بفعل هجمات إسرائيل المتواصلة للشهر الثالث.وذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن ما يقرب من 1.9 مليون شخص في غزة من أصل2.3 مليون نسمة، أصبحوا نازحين داخلياً.
وتم تسجيل ما يقرب من 2ر1 مليون من هؤلاء النازحين في 156 منشأة تابعة للأونروا في جميع أنحاء قطاع غزة، منهم حوالي مليون مسجلون في 99 ملجأ للأونروا في وسط وجنوب قطاع غزة.
ويقدر أن 191 ألف نازح آخر يقيمون في 124 مدرسة عامة ومستشفى، وكذلك في أماكن أخرى مثل قاعات الزفاف والمكاتب والمراكز المجتمعية، وتستضيف العائلات الباقين أو يعيشون في العراء بالقرب من الملاجئ. وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن "استئناف الأعمال العدائية في غزة لن يؤدي إلا إلى تفاقم أزمة الجوع الكارثية التي تهدد بالفعل بإرهاق السكان المدنيين".وأشار البرنامج العالمي إلى أن "تجدد القتال يجعل توزيع المساعدات شبه مستحيل ويعرض حياة العاملين في المجال الإنساني للخطر".
خسائر إسرائيلية غير مسبوقة نتيجة الحرب
بعد شهرين من الحرب على قطاع غزة، خلفت مايقارب 1500 قتيل و140 محتجز لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس من بينهم ضباط برتب عالية ، ووفق تقرير نشرته ''الأناضول'' شهد العديد من القطاعات هناك، انتكاسة وخسائر غير مسبوقة رغم محاولات حكومية لإنعاشها .
ومع اندلاع عملية "طوفان الأقصى" ثم الحرب الإسرائيلية على غزة، تراجعت غالبية القطاعات الاقتصادية في إسرائيل، وسط حالة طوارئ دخلت فيها الحكومة والقطاع الخاص، لتدارك الخسائر.
ووفق تقرير نشرته ''الجزيرة'' وآخر تلك التقديرات تصريح لكبير الاقتصاديين في وزارة مالية الإحتلال الإسرائيلي شموئيل إبرامسون، الذي رجح اتساع حجم الضرر والخسائر، معتبرا أن اقتصاد إسرائيل يتأوه تحت وطأة العدوان على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، ويخشى من تفاقم خسائره في حال اندلاع حرب شاملة على الجبهة الشمالية مع حزب الله.
وبحسب تقديرات إبرامسون -التي أوردتها صحيفة "دي ماركر" الاقتصادية في تقرير لها، - فإن الضبابية وعدم اليقين بشأن سير الحرب على غزة والتصعيد المتواصل على جبهة لبنان، أمور قد تؤثر على النشاط الاقتصادي وتسبب أضرارا متعددة الأبعاد على الاقتصاد الإسرائيلي.ووفقا لإبرامسون، فإن كل شهر من الحرب قد يؤدي إلى خسارة في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى ما بين 8 و9 مليارات شيكل (2.1 و2.4 مليار دولار)، وكذلك خسائر مستقبلية للاقتصاد وسوق العمل.
''حرب وحشية بعد هدنة الـ7 أيام ''
من جهتها قالت رتيبة النتشة الناشطة والحقوقية الفلسطينية في حوار لـ''المغرب" أن تجدد العدوان على قطاع غزة بعد هدنة 7 أيام أتاح للفلسطينيين دفن أحباءهم واكتشاف حجم الأضرار التي لحقت بمنازلهم ونوعا ما التزود بالقليل بما يقويهم للصمود لفترات أخرى من هذه الحرب ، وتابعت أن الحرب بعد الهدنة كانت أشد وأكثر وحشية وشمولية في قطاع غزة من شمالها إلى جنوبها مع محاولة جديدة لتهجير الفلسطينيين هذه المرة ليس من الشمال إلى الجنوب بل من الجنوب إلى أقصى الجنوب .
وأضافت النتشة أن هذه المحاولات المحمومة من الإسرائيليين لطرد الفلسطينيين وتهجيرهم من قطاع غزة ونكبتهم نكبة ثانية كبيرة كما حدث في 1948 ،كل هذه السياسات سواء التهجير أو القتل المُمنهج والإبادة الجماعيّة واستخدام القوة المفرطة كانت في البداية تلاقي من الناس غريزة البقاء والصمود والمعرفة التامة والإيقان للفلسطيني بأن لا بلد له سوى فلسطين حتى لو بدأ من الصفر مرارا وتكرارا .
وتابعت "لأن لا شيء يساوي أرض الوطن ولا يوجد شيء إسمه هجرة مؤقتة أو حتى خروج مؤقت من أرض فلسطين ، حاولنا منذ 75 عاما العودة إلى أراضينا والمطالبة بحق العودة ولم نستطع ، غالبية أهل غزة 75 بالمائة من أهالي قطاع غزة هم لاجئين، أجدادهم وآباءهم عاشوا تجربة اللجوء والخروج من منازلهم في حرب 1948 في النكبة الفلسطينية الكبرى وبالتالي لن يتخلوا بسهولة ولن يعيدوا مسلسل الهجرة واللجوء مجددا ''.
وأضافت الناشط الحقوقية أن حركة حماس كانت تبعث رسائل مهمة جدا خلال الهدنة مفادها أنه رغم كل استعمال مفرط للقوة من الجانب الإسرائيلي ومحاولة تدمير البنى التحتية القتل الممنهج والقضاء على الحجر والشجر ، إلاّ أن المقاومة لازالت هي المسيطرة وتسليم الرهائن من داخل قطاع غزة كان إثباتا لسيطرة المقاومة ووجودها في أفضل حال واستعراض للقوة أمام إسرائيل التي ادعت أمام العالم أنها سيطرت على قطاع غزة إلا أنها فعليا لم تسيطر ولم تستطع تحقيق أهداف عسكرية في قطاع غزة .
وأكدت أن المقاومة الفلسطينية بشكل عام أرت العالم بأننا شعب يطالب حقه ولسنا شعبا همجيا لديه الرغبة بالانتقام والقتل بالتالي تعامل الأسرى حسب القانون الدولي وحسب أخلاق الإسلام ولم يكن هنالك تعذيب للمحتجزين أو تنكيل بهم بل على العكس كان وجودهم أحد أوراق الضغط من أجل تحقيق أهداف سياسية فقط وهو تبييض السجون الإسرائيلية التي يقبع فيها أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني تمت إضافة 3 آلاف آخرين إليهم خلال هده الحرب معظمهم موقوفين ولا يوجد عليهم أحكام أو تهم حقيقية .
وتابعت ''بالتالي إذا أردنا أن نرى رسائل فالرسائل هي الفرق الكبير بين معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى حسب الاتفاقيات الدولية وحسب الأخلاق الإسلامية بينما الأسرى الفلسطينيين الذين خرجوا من سجون الاحتلال من أطفال ونساء تعرضوا للضرب المبرح قبل نقلهم من السجن إلى مركز التوقيف الذي سيتم إطلاق سراحهم منه ، وتمت مهاجمة بيوتهم ومصادرة كل ما يمكن أنّ يبعث الفرحة بخروجهم من السجن ، كما تمّ إبعاد أهلهم من المنازل لم يسمح لأحد باستقبالهم وأيضا اعتقال فرد آخر من عائلاتهم وقبل الإفراج عنهم وتوقيعهم على نوع من المخالفة إذا نقض أحد الشروط والمتعلقة بالإحتفال بالأسرى وعدم التحدث مع الإعلام سواء من الأسير أو من أهله ، كل هذه الإجراءات هدفها محو صورة الإنتصار ومحو صورة البطل من الوجدان الفلسطيني '' وفق تعبيرها .
أعداد كبيرة من الجرحى وذوي الإعاقة
وأشارت '' للأسف خلفت هذه الحرب كما الحروب السابقة وكما نضالنا الطويل مع الإحتلال عددا كبير جدا من الإصابات كانت معظمها تتعلق ببتر الأطراف أو فقدان الحواس ، نحن نتحدث في قطاع غزة عن أعداد مهولة من المصابين وطبعا هذا سينعكس على المجتمع بأعداد كبيرة جدا من ذوي الإعاقة الذين بترت أطرافهم أو فقدوا بصرهم أو سمعهم نتيجة هذا العدوان . سيضاف عشرات الآلاف إلى مئات الآلاف الآخرين من الإعاقات التي خلفها الإحتلال . اليوم نحن نعاني مرة أخرى من حرب جديدة فيها ضحايا وجرحى وخسائر ، نحن نعلم أنه لايوجد بنى تحتية كافية للأصحاء فما بالك بذوي الإعاقة الذين تزايدت أعدادهم الذين بحاجة للدعم ومزيد من الرعاية للإستمرار في الحياة وحتى الدعم النفسي ومراكز لإعادة تأهيلهم ، كل هذه الإحتياجات يفتقرها قطاع غزة وفلسطين بشكل كبير وستكون عبء كبير جدا على الحكومة وعلى العائلات التي ستتعامل مع هذه الوضعيات ''.
وبالنسبة لوضع النساء ونحن نتحدث عن أكثر من 1.5 مليون نازح من بيوتهم إلى مراكز الإيواء بالإضافة إلى تواجد الأهالي في البيوت الخاصة بأعداد كبيرة جدا يعني البيت الواحد قد يكون فيه 4 أو 5 عائلات مجتمعة ، قالت النتشة أن ''الوضع في مراكز الإيواء صعب جدا فقدان تام للخصوصية ولوسائل النظافة الشخصية ، الحمامات غير متاحة هناك حمام واحد لكل 150 شخص ، إمكانية النظافة الشخصية واستخدام الحمام معدومة جدا . هذا انعكس على وضع النساء بشكل كبير نحن نتحدث عن أكثر من 50 ألف حالة حمل تم رفضها في بداية هذه الحرب بمعدل 66 بالمائة ولادة غير آمنة في أيام الحرب'' ، مشيرة إلى أن ''عددا كبير جدا من الإجهاضات نتيجة التوتر الكبير والظروف التي تعيش فيها النساء والأمراض المترتبة عن ذلك ، هنالك تفاقم للأمراض التنفسية والجلدية نتيجة الاكتظاظ الكبير في مراكز الإيواء . ، بالإضافة لأعباء الحرب على النساء هناك أعباء أخرى نتيجة غياب الأساسيات منها الغاز للطهي وعدم وجود وسائل مريحة لتحضير الطعام ، بالتالي اضطرار النساء والرجال لبذل مجهودات إضافية لتوفير الحطب والنار لإعداد الخبز إن توفر '' على حدّ تعبيرها .