وكان المحافظ الوحيد لبنك مركزي عربي تمت دعوته لأن يدق جرس افتتاح بورصة نيويورك تكريما له.ويتجاوز تكريم محافظ البنك المركزي اللبناني والاحتفاء به شخصه ليشمل لبنان وقدرتها على الصمود بالرغم من الحروب والانقسام السياسي والاعتداءات الأجنبية على سيادتها.فبالرغم من هذه الأزمات تمكن الاقتصاد اللبناني من الصمود وتحقيق نسب نمو عالية ليصبح محل إعجاب ومتابعة حقيقة من قبل الخبراء والاقتصاديين لفهم أسرار هذا النظام الاقتصادي .إلا أن صلابة وقدرة النظام الاقتصادي اللبناني توقفت يوم 7 مارس 2020 عندما أعلن الوزير الأول الأسبق حسان ذياب عدم قدرة لبنان على خلاص دين بـ1.2 مليار دولار لعديد المؤسسات المالية العالمية.
وقد أثارت الأزمة المالية اللبنانية وعجز الدولة على الإيفاء بالتزاماتها الكثير من التخوفات على المستويين الداخلي والخارجي لتصبح مصدر قلق وخوف على مصير لبنان وسلامته الاقتصادية والأمنية.
وفي رأيي فإن أهمية الحالة اللبنانية والى جانب مخاوفنا من انعكاساتها على أشقائنا اللبنانيين وعلى مستوى عيشهم وأمنهم الاقتصادي فإنها ستشكل سيناريو تطور مستقبلي لعديد البلدان العربية ومن ضمنها تونس .وهذا السيناريو يلتقي فيه جانبان مهمان وهما أزمة مؤسسات الحكم وعدم الاستقرار السياسي وتدهور الوضع الاقتصادي والتوازنات الكبرى للدولة ويؤدي هذان العاملان إلى أزمة خانقة للمالية العمومية تصل إلى عجز الدولة عن الإيفاء بالتزاماتها وإعلان إفلاسها .ويكون هذا الوضع الاقتصادي نقطة انطلاق للتدخل الاجنبي ونهاية السيادة الوطنية على القرار الاقتصادي والسياسي .
وفي متابعتي للوضع الاقتصادي العربي أريد الإشارة إلى أن عديد البلدان العربية بدأت تأخذ هذا المنحى ومن ضمنها بلادنا والعراق والأردن.ودراسة الحالة اللبنانية يمكننا من فهم تسلسل الأحداث الذي أدّى إلى هذه الأزمات وتصاعدها .
وستكون الأزمة السياسية وعدم الاستقرار الذي عرفته لبنان لمدة طويلة نقطة الانطلاق لهذه الأزمات.
• الأزمة السياسية وعدم الاستقرار: نقطة انطلاق الخطر الداهم
كانت الأزمة السياسية وعدم الاستقرار السياسي الذي عاشه لبنان نقطة انطلاق الصعوبات والأزمات الاقتصادية.فقد عرف لبنان الحرب الأهلية المدمرة في السبعينات وحتى نهاية الثلاثينات والتي كانت فترة عصيبة على المجتمع اللبناني وعلى مؤسسات الدولة .وقد عرفت هذه الفترة الكثير من عدم الاستقرار والأزمات والهزات السياسية .
إلا أن اتفاق الطائف بين مختلف الأحزاب والفصائل اللبنانية كان نقطة انطلاق لإعادة بناء سيطرة الدولة وبداية لفترة طويلة من الاستقرار السياسي .إلا أن هذه الفترة لن تدوم طويلا ليدخل لبنان مرحلة جديدة من عدم الاستقرار والأزمات السياسية منذ سنة 2011.فخلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020 عرف لبنان ما لا يقل عن 5 رؤساء حكومة.وهؤلاء الرؤساء هم السادة : نجيب الميقاتي (13 جوان 2011-15 فيفري 2014) تمام سلام (15 فيفري 2014-18 ديسمبر 2016) ،سعد الحريري (18 ديسمبر 2016-21 جانفي 2020) ،حسان ذياب من 21 جانفي 2020 والذي استقال في 10 أوت 2020 اثر انفجار ميناء بيروت .ثم تم تعيين السيد سعد الحريري في أكتوبر 2020 لتشكيل حكومة جديدة .إلا أن هذا المسار لم يتقدم كثيرا في ظل خلافات كبيرة مع السيد ميشال عون رئيس الجمهورية .
وكانت لهذه الأزمات السياسية وعدم الاستقرار السياسي انعكاسات كبيرة على الوضع الاقتصادي وشكلت نقطة انطلاق للازمات الاقتصادية وتعفن الوضع المالي.
فالحكومات المتعاقبة ونظرا لقصر المدة لم تكن قادرة على المضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية الضرورية من اجل الإنقاذ الاقتصادي .
• في تسلسل الأحداث والانحرافات الاقتصادية
إن قراءة سير وتسلسل الأحداث الاقتصادية في لبنان هام لفهم ديناميكية الأزمة الاقتصادية وترابط عناصرها وتشابك أحداثها .
ودراسة هذه التطورات مكنتنا من ضبط وتحديد ثلاثة مراحل مهمة في نمو الأحداث الاقتصادية وارتقائها إلى أزمة خانقة .وهذه المراحل هي :
• مرحلة تراكم الانحرافات
هذه المرحلة هي الأولى في الأزمات الاقتصادية وقد تراكمت فيها الصعوبات الاقتصادية والانحرافات من انخرام التوازنات للمالية العمومية وتزايد المديونية .وهذا التراكم نتيجة مباشرة للازمات السياسية وعدم الاستقرار السياسي وبالتالي عدم قدرة مختلف الحكومات على القيام بالإصلاحات الضرورية من أجل إيقاف النزيف .
وخلال هذه المرحلة الأولى عجزت مختلف الحكومات على إيقاف النزيف وتوجهت إلى حلول ترقيعية من أجل مواصلة هذه الديناميكية والهروب إلى الأمام والمديونية تبقى الحل الذي ستلجأ إليه الحكومات .
• النقطة الصفر:
وهي مرحلة وصول الانحرافات إلى مداها الأقصى لتتحول إلى أزمة مفتوحة.وغالبا ما ترتبط هذه الشرارة بقرار قد يبدو محدودا وغير ذي قيمة كبرى إلا انه يعبر في فترة معينة عن وصول هذه الصعوبات إلى مداها .
وغالبا ما ترتبط النقطة الصفر بتحركات شعبية وجماهيرية كبرى تعبر عن رفض الناس لقرارات معينة.
أما من الناحية الاقتصادية فإن النقطة الصفر تكون نقطة النهاية للسياسات الترقيعية التي تم اتخذاها في السابق .
والانعكاس المباشر لهذه الوضعية هو عدم قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها أو ما يمكن أن يعبّر عنه له بعض المتابعين للوضع الاقتصادي بإفلاس الدولة.
• مرحلة الثقب الأسود
وهذه المرحلة تأتي بعد نقطة الصفر تشهد تدهورا كبيرا وترديا لا مثيل لع للوضع الاقتصادي .وفي هذه المرحلة تكون الحكومات في مرحلة ضعف ووهن كبيرين وغير قادرة بالتالي على اخذ قرارات جذرية لمجابهة الوضع الاقتصادي المتردي.
وفي نفس الوقت يصعب على الدول تعبئة الدعم والتعاون الدولي الضروري الذي يتطلب تدخل صندوق النقد الدولي والذي غالبا ما تكون تدخلاته جذرية وراديكالية من أجل إيقاف نزيف المالية العمومية .
هذا التقديم يشير إلى الارتباط الكبير بين الأزمات
• رسم 1 : تسلسل الأحداث والمراحل في الأزمات الاقتصادية السياسية والاقتصادية .فشبح عدم الاستقرار السياسي يخيم بكل ثقله وكاهله على الأوضاع الاقتصادية وعلى قدرة الحكومات على القيام بالإصلاحات الضرورية لإنقاذ الاقتصاد وتفادي بالتالي الثقب الأسود الاقتصادي .
وستمر لبنان بهذه المراحل الثلاث وهذا ما أطلقنا عليه تسمية السيناريو اللبناني .
• السيناريو اللبناني وتسلسل الأحداث الاقتصادية والسياسية
سيعرف لبنان المراحل الثلاث للازمات الاقتصادية التي اشرنا إليها .
• مرحلة تراكم الانحرافات
سيبدأ تراكم الانحرافات الاقتصادية في لبنان مع تراجع النمو.وقد عرفت لبنان نسب نمو مرتفعة من بداية الألفية كانت قريبة من نسب النمو التي عرفتها البلدان الصاعدة.وكانت نسبة النمو بمعدل %9 في الفترة الفاصلة بين 2007 و2010.
إلا انه بداية من 2011 تدخل لبنان مرحلة النمو الهش .وشهدت الفترة الممتدة من 2011 إلى 2017 هبوطا قياسيا في معدلات النمو في لبنان حيث ينزل المعدل السنوي إلى %1.7- وكان الهبوط أكثر حدة في فترات تغيير الحكومات مما يشير إلى العلاقة الوثيقة بين الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي.لذا كانت نسبة النمو بـ%0.9 في 2011 و%0.2 في 2014 و%0.9 في 2017.(انظر الرسم البياني رقم 2).
المصدر : صندوق النقد الدولي
وكان لضعف النمو وهشاشته انعكاسات كبيرة على المالية العمومية والتي عرفت تدهورا كبيرا في ظل غياب إصلاحات حقيقية .
وفي هذه الفترة عرفت مداخيل الدولة استقرار حول %21 من الناتج القومي الخام .إلا أن المصاريف عرفت نمو كبيرا نتيجة بعض الزيادات في الأجور لتصل إلى %32.3 من الناتج القومي الخام .
هذا التباين والتباعد بين المصاريف والمداخيل سيكون وراء عجز كبير للمالية العمومية والذي وصل الى مستوى غير مسبوق يقدر بـ%8 (انظر رسم 3).
المصدر : صندوق النقد الدولي
وقد عالجت مختلف الحكومات اللبنانية المتعاقبة هذا الانخرام في المالية العمومية باللجوء الى التداين .ولم تتوجه هذه الحكومات للمؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي لتغطية عجز المالية العمومية باعتبار مطالبتها بإصلاحات اقتصادية عميقة لم تكن قادرة على القيام بها .فتم التوجه بالأساس للبنوك المحلية التي اقرضت الدولة بنسب فائدة مرتفعة جدا.
وقد كان هذا التسلسل للأحداث الاقتصادية وراء تطور كبير لعبء المديونية خاصة خدمة الدين .فقد وصلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الخام حوالي %155 في سنة 2018 والتي كانت السنة المفصلية في هذا التسلسل للأحداث (انظر رسم 4).وفي نفس الوقت عرفت خدمة الدين تطورا كبيرا لتصل إلى %9.6 من الناتج الخام سنة 2018.
وقد تزامن عدم الاستقرار السياسي والأزمة السياسية مع تراجع النمو وانخرام المالية العمومية والتطور الكبير للمديونية مما ادى الى حالة كبيرة من الهشاشة الاقتصادية وجعل الاقتصاد اللبناني تحت رحمة أي قشة يمكن أن تقسم ظهر البعير .
• النقطة الصفر :
وستأتي اللحظة الصفر للاقتصاد اللبناني سنة 2018 عندما كان تراجع النمو استثنائيا ليص الى وضعية انكماش بمعدل %1.9 – واصبح من الصعب على الحكومة المواصلة في نفس الحلول التقليدية واللجوء للتداين .
ولمحاولة معالجة العجز المتزايد للمالية العمومية قامت حكومة السيد سعد الحريري بإقرار جملة من الإجراءات الجبائية والإتاوات الجديدة والإعلان عليها يوم 17 أكتوبر 2019.ومن ضمن هذه الإجراءات الجديدة يمكن أن نذكر الضريبة على الشبكة التلفونية واتسات(watsApp) والتي سيتكون وراء ثورة وحراك شعبي وسخط جماهيري نظرا للاستعمال الكبير لهذه الشبكة من قبل اللبنانيين باعتبار العدد الكبير للمهاجرين وساهم هذا «الحراك» الشعبي والرفض لقرارات الحكومة في زيادة حدة الأزمة السياسية وتعفن الأوضاع الاقتصادية والمالية .
وستدفع هذه الأزمة السياسية حكومة السيد سعد الحريري للاستقالة وتكوين حكومة تكنوقراط جديدة بقيادة السيد حسان ذياب يوم 21 جانفي 2020. إلا أن الأزمة المالية بلغت مستوى متقدما من التعفن والحدة لم تجد معها الحكومة حلا لتعلن في مارس 2020 عن عجزها عن الإيفاء بالتزاماتها لأول مرة في تاريخ لبنان منذ الاستقلال .
وما يجب لنا أن نلاحظه في هذه المرحلة ارتباط الجانب السياسي بالجانب المالي والاقتصادي.وعندما تتجاوز الأزمة المالية حدودا معينة يصبح التغيير السياسي يصبح غير ذي جدوى كما أشارت إلى ذلك تجربة حكومة السيد ذياب .
والملاحظة الثانية التي يجب الإشارة إليها وهي انه إذا بلغت الأزمة مداها فإن أي قرار مالي أو اقتصادي مهما كان بسيطا يمكن أن يقود إلى النقطة الصفر وإلى إفلاس الدولة والى أزمة عامة.ففي لبنان مثلا كان قرار إصدار ضريبة على المشغل التلفوني واتساب وراء انطلاق اللحظة الصفر ودخول الاقتصاد والسياسة في دوامة غير مسبوقة .
وكانت – للأسف - لحظة الصفر وراء دخول لبنان في المرحلة الثالثة التي أشرت اليها وهي مرحلة الثقب الأسود .
• تداعيات مرحلة الثقب الأسود
كان للإعلان عن عدم قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها ووصول لبنان للحظة الفاصلة انعكاسات كبيرة على التوازنات الاقتصادية والمالية .
وأولى هذه التداعيات خروج وهروب كبير للأموال الأجنبية في الأيام الأولى اثر الإعلان .ويعتقد الملاحظون أن هذه الأموال بلغت 15 مليار دولار مما كان له تأثير كبير على التوازنات المالية الخارجية للدولة .
التداعي الثاني يهم التراجع في النمو وقد بلغ هذا التراجع أرقاما قياسية قدرها صندوق النقد الدولي بـ%6.9 – في 2019 و%25 – سنة 2020. وقد نتج عن تراجع النمو تطور كبير للبطالة التي بلغت نسبتها %40 سنة 2020.كما نتج عن هذا الوضع نمو كبير لعجز الميزانية بلغ %50 من الناتج القومي الخام .
كما كانت لهذه الأوضاع تداعيات نقدية خطيرة .فقد عرفت السوق السوداء للعملة الأجنبية وبصفة خاصة للدولار تطورا كبيرا حيث انتقل سعر الدولار من 1530 ليرة في أوت 2019 إلى 10.000 ليرة في مارس 2021.كما نشير إلى الارتفاع الكبير للأسعار وللتضخم والذي بلغ %89 سنة 2020.وهذا الارتفاع سيكون اكبر بكثير فيما يخص المواد الغذائية والتي تمس بصورة مباشرة القدرة الشرائية للمواطن حيث بلغت نسبة التضخم %400 سنة 2020.وقد نتج عن هذه التطورات نمو كبير في نسبة الفقر .
وفي رأيي فإن الأخطر هو التراجع الكبير للناتج الوطني الخام بالدولار إذ سيمر هذا الناتج من 43 مليار دولار سنة 2018 إلى 5.6 مليار دولار سنة 2020.إذا احتسبنا الدولار بـ8000 ليرة ليصبح لبنان من أفقر دول العالم .
هكذا ساهمت الأزمات السياسية والمالية في نسف ما عملت أجيال كثيرة على بنائه منذ استقلال لبنان .
ونتمنى لأشقائنا اللبنانيين توحيد صفوفهم والعمل على الخروج من هذه الأزمة وإعادة الأمل إلى اللبنانيين .
• أين تونس من السيناريو اللبناني ؟
حول الوضع التونسي ومقارنة مع الوضع اللبناني نلاحظ الكثير من التشابه على المستويين السياسي والاقتصادي والمالي.
على المستوى السياسي فإن بلادنا تعيش نفس الأزمات وعدم الاستقرار منذ سنوات.ولعل من مظاهر هذه الأزمات الاختلافات التي تهز علاقة السلط الثلاث ببعضها.وكانت هذه الأوضاع وراء العجز الذي تعيشه الحكومات وعدم قدرتها بالتالي على تطبيق الإصلاحات الضرورية من اجل إيقاف النزيف الاقتصادي .
أما على المستوى الاقتصادي والمالي فإن يوجد كثير من التشابه وإن كانت هناك بعض الاختلافات على مستوى حجم التطورات .
فعلى مستوى النمو نلاحظ نفس الهشاشة على مستوى الديناميكية والتي بدأت في بلادنا منذ سنة 2018. وهذه الهشاشة تواصلت في سنة 2019 ثم شهدت تراجعا كبيرا وانكماشا غير مسبوق سنة 2020 تحت تأثير الجائحة (رسم 4).
المصدر : صندوق النقد الدولي
ونجد كذلك نفس التشابه في تطور عجز المالية العمومية فقد عرفت بلادنا - كذلك - تطورا كبيرا لمصاريف الدولة لم يقابلها نفس مستوى التطور للمداخيل .وكما اشرنا فإن حجم العجز في بلادنا اقل مما وصلته أرقام المالية العمومية في بلادنا (رسم رقم 5).
المصدر : صندوق النقد الدولي
وكانت لهذه التطورات انعكاسات على مستوى التداين .ففي بلادنا كما كان الشأن في لبنان التجأت الحكومات إلى المديونية من اجل سد حاجيات المالية العمومية .لكن تبقى هذه الحاجيات اقل بكثير في بلادنا مما وصلت إليه في لبنان (انظر رسم 6).
المصدر : صندوق النقد الدولي
هذه القراءة لا تخفي خصوصيات الاقتصاد اللبناني مقارنة بالاقتصاد التونسي وهي كبيرة .إلا أن المقارنة بين البلدين في السنوات الأخيرة تشير إلى الكثير من التشابه وأوجه القرب.
وهذه المقارنة تشير إلى دخول بلادنا في المرحلة الأولى من السيناريو اللبناني وهي تراكم الانحرافات على المستوى الاقتصادي والمالي .فقد عرف النمو تراجعا كبيرا زادته حدة الانعكاسات الاقتصادية لجائحة الكوفيد .
وقد نتج عن هشاشة الوضع الاقتصادي ارتفاع في عجز المالية العمومية والالتجاء المفرط للتداين العمومي .
وقد تزامنت هذه التطورات الاقتصادية مع الأزمة السياسية وعدم الاستقرار الذي نعيشه والذي جعل القيام بإصلاحات اقتصادية من اجل الإنقاذ صعبة إن لم نقل مستحيلة.
إن بلادنا مع تسلسل الأحداث والتقاء وضعية عدم الاستقرار السياسي والتدهور الكبير للوضع الاقتصادي والمالي تأخذ منعرجا حرجا في هذه المرحلة .
وفي هذا الإطار فإن هذه المقارنة تشير إلى أن السيناريو اللبناني ليس مسالة نظرية.بل أصبح اليوم إمكانية واقعية ليصبح الوصول إلى اللحظة الصفر احتمالا ممكنا .
• كيف نتفادى اللحظة الصفر ؟
السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا اليوم هو كيف يمكن أن نتفادى اللحظة الصفر وبالتالي عدم قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها .
وفي رأيي فإن الخروج من تداعيات هذا السيناريو وإن كانت صعبة فهي ليست مستحيلة .وعملية الإنقاذ يجب أن ترتكز على تحقيق مهمتين أساسيتين ومتكاملتين وهما الخروج من الأزمة السياسية وضبط برنامج متوسط المدى لحماية المالية العمومية من الانهيار .
وفي رأيي فإن الحوار الاقتصادي والاجتماعي يعطي الإطار والفرصة لبدء عملية الإنقاذ وإعادة الأمل للتونسيين.