بإمكانية استمرار الرئيس الحالي بشار الأسد على رأس النظام في سوريا سواء من خلال ضغوطات حلفائه أو من خلال إمساك الأسد بخيوط المشهد الداخلي في بلاده .
في بداية الأزمة السورية عام 2011 ربط المجتمع الدولي حل الأزمة في سوريا برحيل الرئيس بشار الأسد ،إلا أن تمسكه بمنصبه ودعم روسيا وإيران لنظامه كانا من أهم أسباب استمرار حكمه إلى حد الساعة . وتمثل روسيا وإيران أحد أعمدة النظام السوري منذ عقود طويلة من خلال الدعم السياسي والإقتصادي واللوجستي في الحرب ضد التنظيمات المتطرفة . وفي الآونة الأخيرة طفت إلى السطح سيناريوهات وفرضيات جديدة تتحدث عن مشهد سوري وحل سياسي مع جديدين وجود الرئيس الحالي بشار الأسد بعد سنوات من المطالبة برحيله.
سيناريو الانسحاب الأفغاني
ويرجع مراقبون هذه المتغيرات إلى التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم على حد سواء والمتعلقة بالحرب ضد التنظيمات الإرهابية في المنطفة كذلك وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن للحكم وإتباع إدارة البيت الأبيض لسياسة جديدة تجاه ملفات ساخنة في العالم على غرار إكمال بايدن لخطة سلفه دونالد ترامب المتعلقة بسحب قوات بلاده من أفغانستان في أكبر هزيمة للولايات المتحدة الأمريكية وماعقب ذلك من اختلال التوازن الأمني والسياسي في كابول بعد وصول حركة طالبان المتشددة للحكم وذلك تطور خطير اعتبره العالم دليلا على فشل 20 عاما من الوجود العسكري والسياسي لواشنطن في أفغانستان. وقد أثار السيناريو الأفغاني قراءات متعددة تعلقت بملفات حيوية أخرى منها الملف السوري.
وبعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان طفت على السطح تساؤلات حول ما إذا كانت سوريا -التي يوجد فيها مئات الجنود الأمريكيين- ستكون البلد التالي الذي يشهد انسحاب الجيش الأمريكي منها.
وفي سياق تغير رؤية المجتمع الدولي لأولويات وشروط حل الأزمة السورية ،قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا جير بيدرسن أمس الأول الأحد إن اللجنة السورية المشتركة للدستور التي تضم الحكومة والمعارضة وافقت على البدء في عملية صياغة لمسودة إصلاحات دستورية في البلاد.
وأضاف بعد لقاء مع الأطراف المشاركة في رئاسة اللجنة قبل محادثات تستمر أسبوعا أنهم وافقوا على «الاستعداد للبدء في صياغة مسودة لإصلاحات دستورية».وستكون محادثات الجولة السادسة في عامين كما ستكون الأولى منذ شهر جانفي من العام الجاري.
ويربط متابعون للشأن السوري المتغيرات المرتقبة في سوريا بإعادة بعض الدول العربية لعلاقاتها مع النظام السوري كذلك بعض الدول الأخرى دون وجود فيتو أخضر أمريكي يمنع ذلك ،وهو ما اعتبره مراقبون تغيرا في استراتيجية واشنطن المتمسكة برحيل الأسد كشرط لحل الأزمة سلميا في سوريا، والتي من أبرز ملامحها قانون قيصر . ويرى شق أن هذا الحراك الدبلوماسي العربي والدولي من شأنه إعادة دمشق إلى المشهد العربي والدولي وإخراجها من عزلتها الاقتصادية والسياسية المفروضة عليها منذ سنوات .
ويؤكد شق آخر أن تراجع اهتمام واشنطن بفرض عزلة على سوريا عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا شجع بعض الدول العربية على استئناف التواصل مع النظام السوري لإخراج البلد من عزلته الدبلوماسية.
وتشهد المعادلة السورية في هذه الآونة تطورات متلاحقة بدأت بفتح سفارات عدة دول في دمشق بعد سنوات من قطع العلاقات بين سوريا وجيرانها العرب واغلب دول العالم مع وجود انباء عن وجود مساع حثيثة لإعادة سوريا الى احضان الجامعة العربية. أذ أعلنت الإمارات أوّلا ثم البحرين عودة عمل سفاراتيها في دمشق بعد سنوات من انقطاع العلاقات بين الدول الخليجية والعربية ايضا من جهة وسوريا من جهة اخرى بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2011. ولئن ربط مراقبون هذه المتغيرات بدخول المعادلة السورية مرحلة مابعد الحرب ، يرى مراقبون ان هذه المتغيرات قد تشهد تطورات اكثر في قادم الايام باعتبار ان عودة الامارات والبحرين الى الساحة السورية يعني بما لا يدعو مجالا للشك ان البيت الخليجي عامة بما فيه المملكة العربية السعودية غيّر مواقفه المتشددة ازاء بقاء الرئيس السوري بشار الاسد على سدة الحكم في سوريا. ولئن فرضت المتغيرات والتراكمات الاخيرة منها المتعلقة بتغير التحالفات الاقليمية والدولية ، وانسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الميدان السوري و دخول اللاعب التركي بكل ثقله الى المعركة بعد تفاهمات سرية تارة ساهم دون شك في حلحلة الازمة السورية والمرور بها من مرحلة الحرب الى مرحلة مابعد الحرب.