وكان انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الإتفاق الغربي مع طهران ضربة كبرى لمسار تفاوضي استمر سنوات طويلة بين طهران والدول الغربية الستّ بعد أن نجحت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما في وضع حدا لملف شائك أثار جدلا دوليا كبيرا حوله.
ومنذ الإعلان عن فوز الرئيس الحالي جو بايدن بالرئاسة بعد انتخابات 3 نوفمبر المنقضي، اتسمت تصريحات الجانبين الإيراني والغربي على حدّ سواء بالتفاؤل حول السياسة التي من المنتظر أن يتبعها ساكن البيت الأبيض الجديد للحدّ من سياسة صداميّة استمرت لسنوات ووصلت إلى حدّ التلويح بخيار عسكري بين الجانبين الأمريكي والإيراني بشكل غير مباشر بين وكلاء وحلفاء وأذرع الطرفين في منطقة الشرق الأوسط .
ومنذ حملته الإنتخابية تعهد الرئيس الديمقراطي بإعادة النظر في الملف النووي الإيراني الذي انسحبت منه بلاده دون الإستماع للدعوات الغربية بالتراجع عن الخطوة شرط أن ‘’تعود طهران للتقيّد التام بالقيود المفروضة على برنامجها النووي.››
قرارات مرتقبة
وفي سياق انتظار طهران لسياسة أقل مرونة في عهد بايدن دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمس الأول الإثنين الاتحاد الأوروبي إلى التوسّط بين بلاده والولايات المتحدة لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم بين الدول الكبرى والجمهورية الإسلامية والذي انسحبت منه واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.وجاء في تصريحات ظريف وفق شبكة «سي.ان.ان» الإخبارية الأمريكية أنه «يمكن أن تكون هناك آلية» إما لعودة «متزامنة» للبلدين إلى الاتفاق النووي، وإما «تنسيق ما يمكن القيام به».
واقترح ظريف أن يحدّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل «التدابير التي يجب أن تتخذها الولايات المتحدة وتلك التي يجب أن تتخذها إيران».ويرمي الاتفاق الذي أبرم في فيينا بين طهران والدول الكبرى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة) وبوساطة من الاتحاد الأوروبي إلى منع الجمهورية الإسلامية من حيازة قنبلة ذرية، ويفرض قيودا صارمة على برنامجها النووي ويحصر طابعه في المدني والسلمي.من جانبه قال متحدّث باسم المفوّضية الأوروبية إنّ «الاتحاد الأوروبي يحاول إيجاد السبل الكفيلة بعودة الولايات المتّحدة إلى الاتفاق وبعودة إيران إلى احترام التزاماتها بالكامل».
ولئن يرى البعض أنّ سياسة العقوبات التي شددتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، لن يكون التخلي عنها سهلا خاصة في ظل الضغوطات التي سيستمرّ الجمهوريون في فرضها على الرئيس المنتخب، يرى البعض الآخر أنّ توقيع الولايات المتحدة مجددا على اتفاق نووي مع القوى العالمية سيكون ضمن أولويات إيران والدول الغربية المعنية بذلك وستقابله تحديات جديدة قد تفشل عودته أو قد تفرض شروطا أخرى للعودة إليه. يشار إلى أنّ طهران تخلت عن جميع القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم بعد أشهر من انسحاب ترامب من الاتفاق، في حين حاول شركاء دوليون آخرون كالصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة وألمانيا، إنقاذه دون جدوى.
وشهد الشرق الأوسط توترا وانفجارا غير مسبوقين خلال العهدة الرئاسية لدونالد ترامب، أبرزها الصدام بين طهران وأذرعها من جهة وواشنطن وحلفاءها في المنطقة العربية من جهة أخرى وقد وصل الأمر إلى حد طرح الخيار العسكري على الطاولة.
ويرى مراقبون أن سياسة الرئيس الأمريكي تجاه طهران زادت من حدّة الخلاف بين الطرفين خاصة وأن ساكن البيت الأبيض حشد خلال فترة حكمه حلفاءه من الخليجيين ضد طهران في سعي منه لعزل طهران عبر العقوبات الإقتصادية المشددة ضدها.ويطرح وصول بايدن إلى البيت الأبيض الكثير من التساؤلات حول مآلات الأزمة مع إيران وعن مدى ما
تشهده العلاقات بين البلدين من متغيرات ملموسة.