وهو ما يطلق عليه بالركود التضخمي وهناك اجماع على أن كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية قد دخلتا في مرحلة الركود التضخمي لتعطيا الأولية إلى محاربة التضخم على حساب النمو الاقتصادي وهو ما ستكون له تكلفة باهظة على النمو الاقتصادي.
للتضخم المصحوب بنمو هش تكلفة باهظة تهدد استقرار البلدان فالأسر لن تكون قادرة على مسايرة ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بمختلف استعمالاتها فالتضخم الذي يؤدي إلى اختلال بين الدخل الحقيقي وأسعار السلع يخلق عدم توازن بين المداخيل الأسرية وتكاليف معيشتها الأمر الذي يؤدي أما إلى التداين المكلف في مثل هذه الظروف باعتبار ارتفاع تكلفة القروض المتأثرة بالتّرفيع في نسب الفائدة وهو ما ينهك الأسر بمزيد النفقات وتضطر العائلات إلى بيع ممتلكاتها حين تعجز عن مسايرة التكلفة مما يخلق إعادة توزيع للثروة وإعادة تشكيل طبقات المجتمع.
وتتأثر أسعار المنتوجات التونسية المعدة للتصدير من ارتفاع تكاليف إنتاجها الأمر الذي يفقدها ميزتها التنافسية المتمثلة في انخفاض سعرها في الأسواق العالمية الأمر الذي سينعكس على الموجودات الصافية من العملة الصعبة وميزان المدفوعات.
للتضخم سلبيات عديدة خاصة في حالات الركود الاقتصادي مثلما تعيشه بريطانيا اليوم حيث تشهد موجة ركود اقتصادي يصاحبها تضخم مرتفع وبدرجة اقل في تونس حيث النمو بطيء مما يقلل من حدة تأثير التضخم وهو أمر قد لا يستمر إذا ما استمرت العوامل المؤثرة في التضخم الخارجة عن إرادة السلطات في تونس اي التضخم المستمر الذي لا يمكن محاربته بالترفيع في نسب الفائدة فقط. وللتضخم بعض الايجابيات مثلما يتم استعراضها فهي تقلل الاستهلاك والإنفاق مما يخلق نوايا استثمار في المستقبل على بناءا على نوايا انخفاض الأسعار كما أن ارتفاع التضخم يؤدي إلى تعديل الأسعار في اتجاه سعرها الحقيقي.
وتعيش تونس كسائر بلدان العالم على وقع ارتفاع التضخم المتسارع والتي ينتج عنها دائما اضطرابات اجتماعية ففي بريطانيا توجد أزمة حادة حيث الركود الاقتصادي والتضخم المرتفع واضطراب اجتماعي يضح صانعو سياسياتها في مأزق كيفية الخروج من هذا الفخ. ففي تونس مازالت نسب النمو متدنية وغير قادرة على خلق الثروة وتحسين المعيشة فكل التوقعات أصبحت غير ثابتة وسط ظرف متحول ومتغير من يوم إلى آخر.
ومازالت كل الظروف ملائمة لمزيد الارتفاع في الأسعار وسط مخاوف من مزيد الانكماش الاقتصادي في باقي السنة والعام المقبل ليصبح الوضع الاجتماعي على صفيح ساخن حذرت منه عديد المؤسسات.
ان المؤسسات الدولية والبنوك المركزية واقعة الآن في فخ محاربة التضخم المرتفع بالتّرفيع في نسب الفائدة والتضحية بالنمو الاقتصادي المتأثر بالأزمة الصحية سينجر عنه ارتفاع في البطالة نظرا لتأثر المستثمرين بتكلفة الاقتراض الأمر الذي سيدفعهم إلى تخفيض اليد العاملة وتعليق كل الانتدابات الجديدة لتكون نتيجة محتملة وقوية في الآن نفسه ارتفاع في البطالة وفي نسب الفقر.
التوليفة التي يخشاها الاقتصاديون تقريبا كل ملامحها منكشفة في تونس حيث النمو الضعيف المصحوب بتضخم مرتفع وبطالة مرتفعة ونسب فقر أيضا مرتفعة. فأي طريقة ستتوخاها السلطات التونسية لمواجهة هذا الخطر؟