جزء منها يحتل جزء كبيرا من النقاشات والمنابر الاعلامية بين رافض قاطع للفكرة من اساسها على اعتبار اهمية هذه المؤسسات في المحافظة على الثروة الوطنية وبين مؤيد للفكرة بدافع بتر العضو المريض كحل موجع للتخلص من الدّاء وبعث دماء جديدة في بقية النسيج الاقتصادي الذي فتكت به الكوفيد 19 وبدت ارقامه سالبة، منذ انتشار الوباء مما اثار تخوفات الخبراء والحكومة.مشكلة المؤسسات العمومية وما تعانيه من ازمات وصعوبات مالية خانقة لا تقتصر على تونس فحسب بل هي مشكلة تعاني منها كبرى اقتصاديات العالم بما في ذلك امريكا وروسيا والصين وغيرها من الدول التي تتحكم وتدير ثروات العالم و تتولى فيها المؤسسات المملوكة للدولة انجاز 55% من مجموع الاستثمارات في البنية التحتية ، وفي هذا الشأن اصدر خبراء صندوق الدولي فيتور غاسبار، وباولو ميداس، وجون راليه تقريرا حول المؤسسات المملوكة للدولة أثناء جائحة كوفيد-19 والحلول المقترحة لتحسين ادائها.
القطاع العام
كلما طرح موضوع القطاع العام والمؤسسات المملوكة للدولة وكثر الحديث عن كتلة اجور تفوق 14 % من الناتج الداخلي الإجمالي مع نفقات ثقيلة، عائدات اقل بكثير من الواردات وتراجع في الاداء ،اشكاليات يزيد في تعقيدها ضغط صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المالية المانحة المطالبة بتخفيف من الاعباء وانجاز الاصلاحات وتقابله ملفات فساد ثقيلة وارث موجع وحديث يوحي بان التلاعب فتك بها بين اسرار تدار خلف ابواب غرف مغلقة باحكام في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تداعيات فيروس فتك بكل مصادر النمو وفاتورة ديون ثقيلة تنتظر اذنا بالخلاص.
يلاحظ المتابع لتطورات الوضع الاقتصادي في تونس منذ سنوات ما بعد الثوة أن الاصلاحات متعثرة وبطيئة تواجهها تعقيدات بالجملة في مسار القطاع باكمله بعضها يتطلب قرارات وتدخلات حاسمة وبعضها الاخر ينتظر تطبيق قوانين قيد المراجعة، ويلاحظ ايضا ان الضغط المسلط على القطاع الخاص والقوانين المعقدة، خلقا بين القطاعين نوعا من التباعد خاصة في ما يتعلق بالجباية والاداءات فكلما زاد ضعف اداء المؤسسات الوطنية اشتدت حلقات أزمتها اضيقا واختناقا كلما بحثت الدولة لانقاذها عن مصادر تمويل جديدة تدور بالاساس حول فرض ضرائب جديدة.
توصيات أساسية
قال خبراء النقد الدولي في تحليلهم لواقع المؤسسات المملوكة من الدولة في العالم انه «ومن خلال عينة تتألف من نحو مليون شركة في 109 بلدا، نخلص إلى أن المؤسسات المملوكة للدولة أقل إنتاجية من الشركات الخاصة بمقدار الثُلث في المتوسط. ويرجع هذا الأداء الضعيف جزئيا إلى ضعف الحوكمة فإنتاجية هذه المؤسسات في البلدان التي تتسم بمستوى أقل من الفساد المتصوَر تبلغ أكثر من ثلاثة أضعاف الإنتاجية في مثيلاتها لدى البلدان التي يُنظَر فيها إلى الفساد باعتباره شديدا».
وفي هذا السياق، قدم الخبراء أربع توصيات أساسية تسترشد بها البلدان في كيفية تحسين أداء هذه المؤسسات وهي اولا ضرورة اجراء مراجعات منتظمة لتحديد ما إذا كانت المؤسسة ضرورية وما إذا كانت تقدم قيمة كافية مقابل أموال دافعي الضرائب ، ثانيا ينبغي أن تقدم البلدان الحوافز الصحيحة للمديرين لكي يحققوا أداء كفؤا وللهيئات الحكومية لكي تشرف بالشكل الملائم على كل مؤسسة. وتكتسب الشفافية الكاملة في أنشطة هذه المؤسسات أهمية بالغة في تحسين المساءلة والحد من الفساد. ويمكن خلق حوافز أكبر للانضباط المالي أيضا بإدراج المؤسسات المملوكة للدولة ضمن أهداف الميزانية والدين.
وثالثا ينبغي للحكومات أيضا أن تتأكد من كفاية التمويل الذي تحصل عليه المؤسسات المملوكة للدولة حتى تحقق التكليفات الاقتصادية والاجتماعية المنوطة بها، . ويشكل هذا أهمية بالغة في التصدي للأزمات حتى تتوافر للبنوك والمرافق العامة الموارد الكافية لتقديم القروض المدعمة، والمياه، والكهرباء أثناء هذه الجائحة – وفي تعزيز أهداف التنمية. واخيرا يمكن تحقيق نتائج إيجابية بإرساء ظروف تحقق المنافسة العادلة لكل من المؤسسات المملوكة للدولة والشركات الخاصة، وذلك من خلال تشجيع زيادة الإنتاجية وتجنب الحمائية. وعلى مستوى العالم، يمكن في الفترة المقبلة أن يتم الاتفاق على مبادئ تسترشد بها المؤسسات المملوكة للدولة في سلوكها الدولي.