أنقرة تسعى لكسب نقاط قوة في هذا الملف: جهود أوروبية حثيثة لإقناع تركيا بالموافقة على انضمام السويد لحلف "الناتو"

تستمر الجهود الدولية المبذولة لإقناع تركيا بالموافقة على انضمام السويد لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو"،

وتعطل أنقرة منذ أكثر من عام السويد الى الحلف شمال الأطلسي متهمة اياها بالتساهل مع ناشطين أكراد تستضيفهم على أراضيها.ويأتي هذا الموقف التركي المتعنت قبيل قمة للحلف ستنعقد في جويلية المقبل، مايجعل جهود محاولات اقناع انقرة حثيثة هذه الفترة.


من جهته أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ امس الاول ةلأحد إثر لقاء استمر ساعتين مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اسطنبول أن "السويد أوفت بالتزاماتها" حيال أنقرة تمهيدا للانضمام للحلف.

وأشار ستولتنبرغ إلى أن "الوقت حان ليحدث ذلك (الانضمام) قبل قمة فيلنيوس" المقررة في 11 و12 جويلية، عندما يجتمع رؤساء دول الناتو الـ 31.
وأعلن ستولتنبرغ إنشاء "آلية دائمة" بين حلف شمال الأطلسي وتركيا وعقد اجتماع مقبل "في 12 جوان" من دون تحديد مكان انعقاده.
وحضر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي حفل تنصيب إردوغان في أنقرة بعد إعادة انتخابه في 28 ماي لخمس سنوات إضافية على رأس البلاد، و"شكر تركيا" لنشرها تعزيزات في كوسوفو التي تشهد اضطرابات عنيفة.
أبعاد وتأثيرات
و أصرت تركيا في البداية على منع كل من فلنلدا والسويد بشكل جدي من الانضمام لحلف الناتو نتيجة
عدة أسباب، أهمها محاولة الإستفادة وتحصيل نقاط قوة تساعدها على حسم ملفات عالقة بين أنقرة وأوروبا ، منها المتعلق بتجميد مفاوضات إنضمامها إلى الإتحاد الأوروبي . لكنها في وقت لاحق وافقت على انضمام فنلندا لكنها تمسكت برفض انضمام السويد رغم الترحيب الغربي.

ووفق آراء مراقبين تتعدد الأسباب التي تجعل تركيا عنصرا معرقلا لمثل هذه المطالب من السويد لعلّ أهمها التحالف بين روسيا الرافضة بطبعها لهذا الإنضمام وأنقرة التي تسعى من خلال هذا التقارب الضغط على الجانب الأوروبي لتحقيق مكاسب في عدة ملفات .ويعتبر التوتر سيد الموقف بين السويد وتركيا وبسبب ماتعتبره حكومة أردوغان دعما سويديا للأكراد متمثلا في مشاركة وزير دفاع السويد، بيتر هولتكفيست، في مؤتمر مع «قوات سوريا الديمقراطية» وأيضا إثر زيارة وفد كردي من سوريا للسويد، وهو ما قابله انتقادات وجدل تركي حاد باعتبار أن هذه القوات تصنفها أنقرة «جماعات لإرهابية».
وفي علاقة بالتقارب الروسي التركي أكدت تقارير إعلامية منها تقرير نشر على «سكاي نيوز’’ أنّ هذا الموقف الرافض من أنقرة هو ضريبة التحالف مع النظام في موسكو خاصة وأن هذا التحالف ‘’يفرض خيارات محدودة على أنقرة منها رفض توسع «الناتو» على الحدود القريبة من موسكو’’. وبما أنّ انضمام دولتين مثل فنلندا والسويد يعدّ توسعا لحلف شمال الأطلسي رغم تحذيرات موسكو ، يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة ستحمل تأثيرات على كافة الأطراف من بينها تركيا خاصة في ظل الوضع الدولي المتدهور نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية .
أما الأسباب الخاصة بتركيا والتي كانت من بين أسباب موقفها الرافض فهي العلاقات المتوتّرة مع السويد منذ عقود حيث تعتبرها أنقرة ‘’عنصر إرباك’’ لمصالحها في المنطقة . إذ تنتقد السويد خاصة سياسة تركيا في الشأن الحقوقي وكان آخرها أزمة أكتوبر 2021 وما تلاها من طرد السفراء العشرة بعد إدانة حبس الناشط التركي عثمان كافالا. فقد أثار البيان الموقع من عشر دول للمطالبة بالإفراج عنه غضب الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان الذي أمر بطرد سفراء هذه الدول من بلاده. يذكر أن الدول التي وقعت البيان هي كندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد والولايات المتحدة.
وحلف شمال الأطلسي (الناتو) هو تحالف عسكري دفاعي شكلته 12 دولة عام 1949، من بينها: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، لمواجهة تهديد التوسع السوفياتي في أوروبا بعد الحرب، وعلى مر العقود منذ ذاك الحين، نما الحلف ليشمل إجمالي 30 عضوا.
العلاقات الأوروبية التركية
وتشهد علاقة تركيا بالدول الأوروبية في الآونة الأخيرة خلافات عميقة أولا بسبب أزمة اللاجئين والفشل في التوصل إلى حل يرضي كافة الأطراف ، وثانيا بعد احتدام الخلاف بين أنقرة والغرب نتيجة تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي وهو ما قابله تهديد تركي صريح بفتح الأبواب أمام اللاجئين لدخول القارة العجوز .

ويثير ابتعاد أنقرة عن أوروبا خشية غربية من التقارب الروسي التركي الذي من شأنه تغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة علما وانّ حكومة اردوغان لطالما هددت بوجود بدائل لها عن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وهو ما بدأت في تنفيذه عبر التوجه نحو الحلف الروسي ثم التحالف مع الصين.
وتفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على تركيا، بسبب نشر أنقرة لنظام دفاع صاروخي روسي الصنع، حصلت عليه في العام الماضي ،علما وأن صفقة الأسلحة المتعلقة بصواريخ «اس 400» كانت منذ البداية محور جدل كبير بين الجانبين بعد أن اعتبرته واشنطن ودول حلف الناتو تهديدا صريحا لها. وتأتي العقوبات الأوروبية بعد تهديدات سابقة شنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تركيا على خلفية أنظمة ‘’إس 400’’ لصواريخ الأرض-جو الروسية والتي قالت أنها لا تتوافق مع التكنولوجيا الخاصة بحلف شمال الأطلسي الذي يضم كلا من واشنطن وأنقرة وعددا من الدول الأوروبية الأخرى.
وتخشى الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف ‘’الناتو’’ من حصول تركيا على مثل هذه المنظومة المتطورة من الأسلحة وما سينتج عن ذلك من تزايد في موازين قواها مقارنة بدول الشرق الأوسط .
ويرى متابعون للشأن الدولي أنّ إصرار أنقرة على الحصول على صواريخ متطورة للدفاع الجوي يأتي لما تتميز به هذه النوعية من كفاءة عالية جدا تتفوق على صواريخ باتريوت الأمريكية من الجانب التقني. كما تحاول تركيا استغلال هذا الملف كورقة ضغط على واشنطن واستثمارها للحصول على أكثر ما يمكن من التنازلات والامتيازات، وذلك في ما يتعلق بملفات المنطقة الحساسة على غرار المعركة في سوريا والدعم الأمريكي للأكراد وملف تسليم الداعية التركي المتهم بتنفيذ الانقلاب فتح الله غولن وملف دخولها للإتحاد الأوروبي.
ولئن يسعى الناتو لاقناع اردوغان الفائز مؤخرا بعهدة رئاسية جديدة تستمر لخمس سنوات، يرى متابعون أنه سيتمسك بالرفض بهدف الحصول على أوراق رابحة تعزز حضوره في المنطقة وعلى الصعيد الدولي

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115