السلطة وملف الفسفاط: الإرادة السياسية وحدها قد لا تكفي

خصص الرئيس قيس سعيّد الاجتماع الاخير لمجلس الامن القومي لقطاع الفسفاط الذي يراهن على ان عودته الى معدلات

انتاج 2010 هي الحل الامثل لمعالجة ازمة المالية العمومية والخيار البديل عن الاقتراض الخارجي.

تصور كشفه الرئيس في كلمته وفق ما نقله بلاغ الرئاسة حول مضمون اجتماع مجلس الامن القومي - الذي سبقه في 11 افريل مجلس وزاري اشرفت عليه رئيسة الحكومة نجلاء بودن خصص بدوره لملف الفسفاط- والذي يقوم بالاساس على فكرة مركزية مفادها ان عودة الانتاج الى مستوياته في 2010 يمكن ان توفر عائدات مالية هامة للدولة التونسية.

عائدات قال الرئيس أنه «يمكن لها أن تشكل جزءا كبيرا من ميزانية الدولة» ليلمح الى ان ذلك سيجنبها التوجه الى الاقتراض الخارجي كما انه سيكون دافعا لتعافي الاقتصاد التونسي. لهذا يعتبر الرئيس أن تراجع الانتاج في هذا القطاع الاستخراجي «غير مقبول» وعلى الحكومة والدولة التونسية ان تعالج الاشكال بسرعة وذلك بمعالجة اسبابه التي المح الى ان ابرزها الفساد الذي من ضمنه صفقة شراء عربات نقل الفسفاط غير المطابقة لمنظومة السكك الحديدية التونسية.

وقد حصر الامر في الفساد المالي والاداري ولمّح الى ان المنظومات السياسية السابقة تقف وراءه دون اشارة الى المطلبية الاجتماعية او الى الاعباء المالية الاضافية التي تحملتها شركة فسفاط قفصة والتي أدت بها الى ازمات مالية حادة نتجت عن توقف الانتاج وارتفاع فاتورة الاجور، بعد ان تضاعف عدد العاملين في قطاع الفسفاط استخراجا ومعالجتا بثلاث مرات.

أسباب لم يتطرق اليها الرئيس في شرحه للازمة واكتفى بالاشارة الى الفساد الذي يجب مكافحته حتى تعود الية الانتاج إلى سابق عهدها وهو ما تبرزه مطالبة الرئيس برفع الانتاج الى عشرة ملايين طن سنويا. وهو رقم يمثل تقريبا ضعف التقديرات التي وضعتها الشركة لحجم انتاجها لسنة 2023 والتي تقدر بـ5,6 مليون طن.

هذا ما طرحه الرئيس من توجه عام و من سياسيات كبرى في ملف الفسفاط يمكن اختزالها في ضرورة اشتغال آلة الدولة لدفع محركات الانتاج والعودة بها الي سابق عهدها بما يمثل خطوة ايجابية فالسلطة التنفيذية تنزل بثقلها وتراهن على انجاح خيارها كبديل محتمل للاقتراض مما يجعلها اكثر حرصا على تحقيق تصورها الذي عبر عنه الرئيس في 6 افريل الجاري «التعويل على الذات» ورفض الاملاءات الخارجية.

هنا نحن امام نصف الكأس الملأن، وهو توفر ارادة سياسية لدى السلطة لمعالجة ملف ظل عالقا لـ11 سنة كانت كفيلة بأن تراكم ازمات القطاع والشركتين الرئيسيتين فيه، «فسفاط قفصة» و«المجمع الكميائي». واللتين تراكمت خسائرهما المالية وأدت الى توقف استثماراتهما في بنيتيهما التحتية وتحديث أدوات انتاجيهما. لينتهي الامر اليوم الى اهتراء هذه الآلات وعجزها عن الاشتغال بكامل طاقتها الانتاجية وبالتالي فإن الارادة السياسية بمفردها لن تكون كفيلة باستعادة نسق الانتاج ما لم يقع تحديث الاليات، وهنا يكمن الاشكال ذلك أن تطوير الآليات وادوات الانتاج يتطلب استثمارات هامة أي المال وهو ما ينقص الشركة والحكومة.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115