أبعاد زيارة كوشنر إلى الأراضي المحتلة واشنطن تتحرك لتسريع تنفيذ خطتها لإنهاء حرب غزة

مع تواصل الغارات الصهيونية على غزة وخرق الاحتلال

لاتفاق وقف اطلاق النار ، وصل المستشار الأمريكي جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب، إلى الأراضي المحتلة الأحد، في زيارة غير معلنة مسبقا تهدف إلى بحث آليات تنفيذ الخطة الأمريكية لإنهاء حرب غزة المستمرة منذ عامين، وفق ما نقلته تقارير إعلامية غربية. وبحسب التقارير يلتقي كوشنر ، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اجتماع يُنتظر أن يحدد الخطوط العريضة للمرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار.

ووفق مراقبين تأتي الزيارة في توقيت لافت، إذ تتزامن مع مرور شهر كامل على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي، بموجب الخطة الأمريكية ذات النقاط العشرين التي أعلنها ترامب في سبتمبر 2025 لإنهاء حرب الإبادة في القطاع.
وتشمل الخطة مراحل متعددة تبدأ بوقف شامل للأعمال القتالية، يتبعه تبادل الرهائن وإدخال المساعدات الإنسانية، ثم إنشاء قوة متعددة الجنسيات تتسلم تدريجياً مهام الأمن في غزة بدلا من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى مراقبون أن زيارة كوشنر ، الذي لعب سابقا دورا محوريا في اتفاقات التطبيع الإقليمي، تحمل مؤشرات إلى سعي إدارة ترامب لاستعادة زمام المبادرة في الملف الفلسطيني–الإسرائيلي. ويرى مراقبون أن واشنطن تحاول عبر هذه التحركات تعزيز دورها كوسيط رئيسي، في وقت بدأت فيه قوى دولية وإقليمية أخرى—مثل الاتحاد الأوروبي وتركيا ومصر—تتحرك لطرح رؤى بديلة لإدارة مرحلة ما بعد الحرب.
وتأتي زيارة كوشنر في لحظة مفصلية، حيث تتقاطع الجهود الدبلوماسية مع التحولات الميدانية والسياسية في غزة والمنطقة. وبينما تسعى واشنطن لتثبيت اتفاقها بوصفه خارطة طريق نحو "نهاية الحرب"، يبدو أن التحديات الميدانية، والانقسامات الإقليمية، قد تجعل من الخطة الأمريكية اختبارا صعبا لمدى واقعية السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وخاصة حيادية الإدارة البيضاوية تجاه حرب الإبادة في غزة.
تحفّظات فلسطينية وعربية
من جانبه أكد عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، جهاد الحرازين، في حديثه وفق قناة سكاي نيوز عربية، أن مشروع القرار الأمريكي المتعلق بنشر قوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة يثير تحفظات فلسطينية وعربية وإسلامية واسعة، موضحا أن هذه الأطراف تعمل على تعديل بنود المشروع بما يضمن دورا واضحا للسلطة الوطنية الفلسطينية في إدارة القطاع وعدم استبعادها من المشهد السياسي والأمني.
وأشار الحرازين إلى أن المشاورات جارية بين دول عربية مؤثرة، مع الإدارة الأمريكية من أجل إزالة الغموض الذي يكتنف المشروع، خصوصا ما يتعلق بمهام القوة الدولية المقترحة وصلاحياتها التنفيذية. وانتقد في هذا السياق ما وصفه بمحاولة تغييب الدور الفلسطيني ومنح القوة الدولية سلطة القرار في غزة، معتبرا أن ذلك يشكل تهديدا لوحدة الأراضي الفلسطينية ويكرّس فصل القطاع عن الضفة الغربية.

كما كشف عن اتصالات عربية مكثفة، من بينها محادثة بين وزيري الخارجية المصري والقطري، شددت على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة غزة عبر حكومة تكنوقراط أو لجنة إدارية، حفاظا على وحدة القرار الفلسطيني والمشروع السياسي القائم على حل الدولتين.وبخصوص موقف حركة حماس، أوضح الحرازين أن السلطة قدمت مبادرة لتسليم سلاح الحركة إلى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، منعا لتدخل أي قوة دولية في هذا الملف، إلا أن حماس رفضت ذلك .
ورغم نجاح المرحلة الأولى في وقف القتال، فإن تنفيذ المراحل اللاحقة يواجه عقبات سياسية وأمنية معقدة

 

.فمنذ بدء سريان الهدنة، أفرجت حركة المقاومة الإسلامية حماس عن 20 رهينة على قيد الحياة، إضافة إلى جثث 24 آخرين، بينما لاتزال جثث أربعة رهائن في غزة، بحسب تقارير رسمية.
وتُعد هذه المسألة أحد أكثر الملفات حساسية في المحادثات الجارية، خاصة في ظل ضغوط إسرائيلية داخلية على حكومة نتنياهو لتحقيق مزيد من التقدم في ملف الرهائن، مقابل ضغوط دولية تدعو إلى الالتزام بوقف النار وتخفيف الحصار عن القطاع .
مواقف متباينة من القوة الدولية
في موازاة ذلك، أثارت فكرة نشر قوة دولية للاستقرار في غزة نقاشا إقليميا واسعا. فقد تداولت تقارير إعلامية وجود تردد عربي في الانخراط ضمن ترتيبات أمنية ما بعد الحرب قبل اتضاح طبيعة الإدارة الجديدة للقطاع.
ميدانيا، يعيش آلاف الفلسطينيين الذين دُمرت منازلهم جراء القصف الإسرائيلي أوضاعاً مأساوية في خيام مؤقتة أقيمت فوق الأنقاض في منطقة المغراقة وسط غزة. ورغم مرور أسابيع على الهدنة، لا تزال الأوضاع الإنسانية متدهورة، وسط نقص حاد في الإمدادات الغذائية والطبية، ما يطرح تساؤلات حول جدية الأطراف في تحويل وقف النار إلى وقف دائم لحرب الإبادة.
في الأثناء قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان،أمس الاثنين، إنّ "إسرائيل" تواصل الإبادة الجماعية في قطاع غزة رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحركة حماس، حيث تقتل ما معدله 8 فلسطينيين يوميا.
وأضاف المرصد الحقوقي (مقره جنيف)، في بيان، أنّ ''إسرائيل'' "تستمر في فرض ظروف معيشية مهلكة على مليوني فلسطيني، مع حرمانهم من التعافي من آثار الكارثة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من 25 شهرا، في ظل صمت وعجز دولي عن حمايتهم وإنصافهم".
وأفاد المرصد بأنه وثق منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، "استمرار جرائم القتل العمد التي ينفّذها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين".وأوضح أن جيش الإسرائيلي الاحتلال يقتل ما معدله 8 فلسطينيين يوميا ويصيب أكثر من 20 آخرين، في ظل استمرار الحصار الشامل المفروض على القطاع.
ووفق أحدث معطيات وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن ''إسرائيل'' قتلت منذ سريان الاتفاق 241 فلسطينيا وأصابت 619 آخرين، في خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبيّن المرصد الحقوقي أن ذلك يترافق مع "سياسة تجويع متعمّد وحرمان للسكان من سبل البقاء، ومنع إعادة الإعمار، وتقييد لحرية التنقّل، وحرمان للجرحى والمرضى من العلاج، وتعطيل متعمّد لدخول المساعدات الإنسانية".ونقل المرصد الحقوقي عن برنامج الأغذية العالمي (WFP) قوله في تقرير ، إن "الجوع في غزة وصل إلى مستويات مدمّرة"، مع ارتفاع حالات سوء التغذية بين الأطفال بنسبة 20 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن "متوسط شاحنات المساعدات التي تدخل يوميا لا يتعدى 24 بالمائة بواقع 145 شاحنة، من عدد الشاحنات التي نص الاتفاق على دخولها بشكل يومي وتبلغ 600 شاحنة".وأكد الأورومتوسطي أن تلك الإجراءات الإسرائيلية "امتداد لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة ضد سكان قطاع غزة".وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يرتكب "خروقات يومية للاتفاق من خلال القصف الجوي والمدفعي وإطلاق النار، واستمرار تدمير المنازل والمباني خاصة شرق مدينتي خان يونس وغزة".وشدد على أنّ تلك الأفعال تعكس "نهجا منظّما لتدمير مقوّمات الحياة في القطاع، وحرمان سكانه من أبسط حقوقهم، في انتهاك جسيم لأحكام القانون الدولي".
المرصد لفت إلى أن إسرائيل أخرجت "المناطق التي تسيطر عليها، وتزيد مساحتها عن 50 بالمائة من مساحة القطاع، من معادلة وقف الأعمال الحربية حيث تواصل تنفيذ عمليات النسف والتدمير دون وجود أعمال قتالية".
مناورات عسكرية في الضفة والأغوار
هذا وأطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي،امس الاثنين، مناورات عسكرية في الضفة الغربية المحتلة ومنطقة الأغوار، يحاكي صد هجوم مشابه لما حدث في 7 أكتوبر 2023.
وأوضح في بيان، أن المناورات التي بدأت في ساعات الصباح المبكرة بالضفة والأغوار (شرقي الضفة وتمتد بمحاذاة نهر الأردن)، من المقرر أن تستمر لمدة ثلاثة أيام. وأضاف: "خلال التمرين ستشهد المنطقة حركة نشطة لقوات الأمن والمركبات. لا توجد خشية من وقوع حادث أمني"، دون المزيد من التفاصيل حول التدريبات.
إلا أن هيئة البث الإسرائيلية قالت، الخميس، إن التمرين يحاكي صد هجوم مشابه لما حدث في 7 أكتوبر 2023.
وصعّدت ''إسرائيل'' عدوانها العسكري على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بموازاة حرب إبادة جماعية شنتها بدعم أمريكي على قطاع غزة لمدة سنتين منذ 8 أكتوبر 2023.وأسفر التصعيد في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، عن استشهاد ما لا يقل عن 1069 فلسطينيا وإصابة نحو 10 آلاف، إضافة إلى اعتقال أكثر من 20 ألف بينهم 1600 طفل.أما في غزة فيسود منذ 10 أكتوبر الماضي وقف لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل، تخرقه الأخيرة يوميا، ما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى.

الرئيس الفرنسي يستقبل محمود عباس

في الأثناء يستقبل إيمانويل ماكرون الرئيس الفلسطيني محمود عباس في باريس اليوم الثلاثاء لبحث الخطوات اللاحقة ضمن الاتفاق الذي أفضى إلى وقف إطلاق النار بين ''إسرائيل'' وحماس في قطاع غزة، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية أمس الاثنين.
وأفاد الاليزيه في بيان بأن ماكرون سيستضيف عباس "رئيس دولة فلسطين" التي اعترفت بها فرنسا رسميا في سبتمبر على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.وأوردت الرئاسة "يأتي هذا اللقاء في إطار استمرار اعتراف فرنسا بدولة فلسطين والعمل الجاري لتنفيذ خطة سلام وأمن للجميع في الشرق الأوسط".
وأشارت في بيان إلى أن البحث سيتطرق الى "الخطوات المقبلة لخطة السلام، لا سيما في مجالات الأمن والحكم وإعادة الإعمار، بالتعاون مع الشركاء العرب والدوليين، للتحضير لليوم التالي"، أي مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية في القطاع.
وأكد ترامب أن قوة دولية تلحظها هذه الخطة، سيتم نشرها "قريبا جدا" في غزة، وذلك عقب إعلان واشنطن تقديم مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لدعم خطة الرئيس بشأن القطاع.ويعتزم ماكرون خلال لقائه مع عباس تأكيد ضرورة "الوصول المستمر للمساعدات الإنسانية إلى غزة".
وسيطرح معه أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية، بحسب الاليزيه الذي أكد أن ذلك "هو شرط أساسي لتحقيق استقرار دائم وظهور دولة فلسطينية قابلة للحياة وديمقراطية وذات سيادة، تعيش بسلام وأمان ".

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115