شبه تامّ، مع تواصل الإضراب العام الذي تنفّذه البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين لليوم الثاني على التوالي للمطالبة بتحسين الأجور والظروف المهنية، وحسب تقديرات الجامعة فقد تجاوزت نسبة نجاح الإضراب في يوميه الأول والثاني 90 % وسط تصاعد التوتر الاجتماعي وغياب أي بوادر للجلوس على طاولة الحوار بين الأطراف المعنية للتفاوض ، كما لم تستبعد الجامعة العامة للبنوك اتخاذ خطوات تصعيدية ومواصلة المسار النضالي إلى حين الاستجابة إلى مطالبهم مع التلويح بتنفيذ إضراب ثان في شهر ديسمبر المقبل في ظلّ تواصل صمت الأطراف المعنية، خطوات تصعيدية سيحددها المجلس قطاعي بعد لتقييم نتائج الإضراب العام القطاعي.
وفق تصريح الكاتب العام للجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية والتأمينات أحمد الجزيري في تصريح لـ"المغرب" فإن الإضراب كان ناجحا في كل الجهات بنسبة تجاوزت 90%، ووصلت نسبة المشاركة في بعض الجهات 100 %، مشددا على أن لهدف ليس الافتخار بنسبة النجاح بقدر ما هو الدعوة إلى حوار جدي ومسؤول، قائلا " تمنينا لو كانت نسبة النجاح صفر بالمائة لكن تمت الاستجابة ودعينا إلى طاولة التفاوض". وتابع قوله "هناك صمت مريب من الأطراف المعنية وهو ما دفعنا إلى تنفيذ الإضراب، علما وأن النقاشات والمفاوضات التي تمت لم تكن حول سنوات 2026 و2027 و2028 بل تعلقت بالأموال المرصودة لسنة 2025 والجامعة ليست لها أية مشكلة لا مع السلطة ولا مع السياسة بل مشكلتنا مع رأس المال وهناك تقاليد في القطاع البنكي والمالي وشركات التأمين تقضي بمراجعة الأجور كل 3 سنوات وحصل اختلاف سنة 2021 وتمّ تنفيذ إضراب بيومين في تلك الفترة".
المفاوضات كانت حول سنة 2025
انتقد كاتب عام جامعة البنوك كل الحملات التي تستهدف القطاع البنكي وشدد على أن هذه الحملات تدفع بالرأسمال الأجنبي إلى تحويل الأموال إلى الخارج أو مزيد إثراء العائلات التونسية الكبرى، قائلا "الأموال مرصودة والمفاوضات كانت حول سنة 2025 ولا علاقة لها بمشروع قانون المالية لسنة 2026 ولكل حادث حديث، وبالنسبة للجامعة فإن قرار الإضراب صدر من القواعد ولا علاقة له بأية خلفيات سياسية وقبل تنفيذه ناشدنا السلطة للتدخل كحكم ولكن لا من مجيب ومن يريد الحديث عن إضراب البنوك عليه ألا يسيس المسألة،...سبق لمحافظ البنك المركزي أن أصدر منشور في 23 جانفي 2025 يلزم البنوك بتطبيق القانون عدد 41 للفصل 412 غير أن بنكا وحيدا فقط استجاب في حين لم تلتزم به بقية البنوك ومن يريد الحديث عن مفاوضات حول سنوات 2026 و2027 و2028 فذلك مجانب للصحة والهدف من الإضراب ليس تعطيل الاقتصاد ومصالح المواطنين ".
العودة إلى القواعد لتقييم الإضراب العام
الجامعة كانت قد ناشدت جميع السلطات قبل اتخاذ قرار الإضراب، من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض بخصوص المطالب لكن التفاعل كان غائبًا تماماً ولا حياة لمن تنادي، وفق كاتب عام جامعة البنوك الذي أفاد أن المجلس البنكي كان تعهد بإرسال كتلة الأجور بعنوان سنوات 2025 و2026 و2027 إلى الجامعة يوم 17 سبتمبر الفارط ولكن يتم ذلك إلى اليوم، مشيرا إلى أنه بعد تنفيذ الإضراب العام ستعود الجامعة إلى قواعدها لتقييم الإضراب واتخاذ الخطوات التصعيدية القادمة للدفاع عن حقوق 25 ألف عامل في القطاع البنكي والمالي وشركات التأمين.
القانون عدد 41 وتطبيق الفصل 412
إضراب البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين يأتي على خلفية تواصل الخلافات بين الهياكل النقابية وسلطة الإشراف بشأن عدد من الملفات المهنية والاجتماعية واستمرار الانسداد في الحوار الاجتماعي وعدم احترام الحقوق النقابية، وخصوصًا فيما يتعلق بـ تعديل المقدرة الشرائية للعاملين في ظل انعكاسات قانون المالية لسنة 2025، فضلاً عن عدم تطبيق الفصل 412 الفقرة الثالثة من القانون عدد 2024/41 من المجلة التجارية التونسية على أعوان وموظفي البنوك، وفق ما أكدته جامعة البنوك.
الحرص على تفعيل الزيادة
وكان المجلس البنكي والمالي قد اعتبر في بلاغ له الدعوة إلى الإضراب في القطاع البنكي غير مبررة وغير مقبولة، مشددا على التزامه بالزيادة في الأجور في إطار أحكام قانون المالية لسنة 2026. وعبر المجلس البنكي والمالي عن حرصه على تفعيل الزيادة في الأجور التي سيقع إقرارها في أحكام قانون المالية لسنة 2026 خاصة الفصل 15 منه والأمر الذي سيليه إبان المصادقة عليه وصدوره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. وذكّر المجلس بحرصه "على إعطاء الأولوية القصوى لتحسين ظروف عمل كافة موظفي القطاع البنكي ودعم قدرتهم الشرائية سواء من خلال الزيادات في الأجور أو الامتيازات الأخرى، باعتبار أن رأس المال البشري يمثل الضمانة الأساسية لديمومة ومستقبل هذه المؤسسات وتطورها" وفق نص البيان.
احترام أحكام القانون
وتابع المجلس البنكي في بيانه "يعتبر القطاع البنكي والمالي قطاعا حيويا، من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني وعليه يعتبر المجلس أن الدعوة لهذا الإضراب ليس لها أي مبرر اجتماعي أو اقتصادي، بل من شأنها إلحاق الضرر البالغ بمصالح الأفراد والشركات والمؤسسات المالية المعنية في وقت تقتضي فيه المصلحة العامة المزيد من العمل ومضاعفة الجهود والتحلي بروح التضامن والتآزر". وشدّد المجلس على احترام أحكام القانون والتراتيب الجاري بها العمل في حالة الإضراب.
- كاتب عام جامعة البنوك لـ"المغرب": "من يريد الحديث عن إضراب البنوك عليه ألا يسيس المسألة.. ومشكلتنا ليست مع السلطة بل مع رأس المال"