حوالي 6 ملايين زائر سنويا بسبب ثرائها وتنوع طبيعتها الخلابة التي تجمع بين الجبال الساحرة والشواطئ الخلابة . وهي واحدة من 17 الف جزيرة تكوّن الأرخبيل الذي يشكل اندونيسيا ...هذا البلد الذي تمكن من أن يصبح من أهم الاقتصاديات في العالم وكتب اسمه من ذهب في سجل الدول الصاعدة .
يقول سفير اندونيسيا بتونس زهيري مصراوي بأن بالي تتميز بشعبها المضياف وروحه المحبة للحياة والعمل وهذا سر نجاحها وتقدمها . وتحدث عن الدور الذي لعبه والي بالي Wayan Koster في جعل الجزيرة واحدة من اهم أقطاب السياحة في اندونيسيا والعالم.
وبالنسبة لنا كوفد صحفي تونسي فان بالي هي حكاية الحلم الذي يُرى بالقلب ويلمس بالروح. وهي حكاية الصيف اللازوردي الذي لا ينتهي وعاصمة العشق والحب والجمال . ليس صدفة أن يطلق على بالي اسم جزيرة الآلهة فهي تسحر القلوب والوجدان بمعابدها التي تملآ الأمكنة والشوارع ورائحة البخور التي تتسلل الى خبايا الروح فتترك بصمتها وتكتب قصائدها على مهل عميقا في الوجدان.
معبد البحر
البداية كانت مع معبد Tanah Lot تاناه لوت وهو رمز سياحي وثقافي شهير يقصده سكان الجزيرة للحج والزائرون للسياحة والتمتع بالمناظر الخلابة الساحرة . ويقع المعبد على صخرة بحرية كبيرة، ولا يمكن الوصول إليها إلا سيرًا على الأقدام عند انحسار المد. ويعد أحد المعابد البحرية السبعة الرئيسية في بالي. ويعني اسمه "الأرض في البحر" باللغة البالية. وبحسب المعتقدات المحلية فإن الإله الرئيسي للمعبد هو ديوا بارونا، أو بهاتارا سيجارا، إله البحر، أو قوة البحر.
يعد تاناه لوت من أكثر الأماكن زيارةً في إندونيسيا، حيث يزوره 500 الف سائح سنويًا. وقبل الوصول الى المعبد يمر الزوار بشارع رئيسي يضم مجموعة من المتاجر التي تعرض الهدايا التذكارية على جانبي الطريق . يلوح المعبد كلوحة قادمة من خبايا التاريخ ليحكي قصة العشق الأول وحكاية البحر الذي شكّل تاريخ الجزيرة وطبع خصوصيتها . وعندما تلتقي بالمعبد عند ضفة البحر ويتبلل وجهك بماء البحر المقدس، حينها فقط تتحول الى طائر من الطيور المحلقة فوق معبد البحار .
كما تشتهر بالي بمعابدها الهندوسية التاريخية، مثل معبد بورا أولون دانو براتان، التي تعد مراكز ثقافية ودينية هامة. وتشتهر الجزيرة بحرفها اليدوية الدقيقة وفنونها الفريدة وبرقصاتها التقليدية الجميلة وعروضها الفنية التي تمزج بين الحركات المتناغمة والموسيقى التقليدية. كما تشتهر بمنتجعاتها الفخمة الهادئة ومن بينها منتجع sanur beach الفاخر والذي يشكل متحفا حيا وحافظ في معماره الهندسي على خصوصية الجزيرة وروحها .
قصر المياه
للمياه قدسية خاصة في جزيرة بالي وفي اندونيسيا ككل ، لذلك لم يكن مستغربا ان يخصص سكان الجزيرة معابد خاصة للمياه وحدائق خلابة تقع في اعلى الجبال من بينها تيرتا جانجا وهو قصر ملكي قديم في شرق بالي. يسمى أيضا قصر المياه الذي يجذب الزائر بتماثيله الفخمة ومنحوتاته الراقية ونافوراته وبرك المياه التي تحتوي على أنواع شتى من الأسماك الملونة والمتعددة الأحجام والتي تنتظر الزائرين بلهفة وشوق.
باب الجنة وصمت التجلي
أما باب الجنة أو معبد بورا ليمبويانج لوهور Pura Lempuyang Luhur فهو أحد المعابد القديمة في بالي . يقع على ارتفاع 1175 مترًا على مستوى البحر، على قمة جبل ليمبويانغ. ويعتبر احدى الأماكن الستة المقدسة في العالم كما يعد المعبد الأكثر شعبية بين الزوار ويتميز ببوابته الضخمة التي تطل على جبل اجونج والبركان الأعلى في بالي . على إيقاع الموسيقى الهندسية التقليدية يدخل الزائر باب الجنة لتحلق الروح فوق الجبال العالية. وفي عمق هذا المشهد الخرافي يستفيق القلب رويدا رويدا وتسكن الروح لعذوبة المكان وتستسلم لقدسية الصمت بعد عناء الترحال . في هذا المكان يوجد سر غريب يشد الزائر ربما هي أنشودة قديمة رتلها راهب المعبد قبل أن يمضي في طريق صلاته ليلتقي بالشمس بعد خريف التيه وبدايات التجلي . فالروح تسكن هناك وتصعد من باب الجنة الى أقاصي النور لتلتقي بحراس الغابات والبحار . من يزور باب الجنة سيترك حتما جزءا من قلبه هناك .
القرية التراثية والمجتمع المتماسك
تعد زيارة قرية بينجليبوران Penglipuran من أهم التجارب الإنسانية والتراثية والسياحية . فهي إحدى القرى التقليدية الواقعة في مقاطعة بانجلي . تشتهر القرية كوجهة سياحية في بالي لأن سكانها لا يزالوا محافظين على ثقافتهم التقليدية في حياتهم اليومية. لا تزال هندسة المباني وتجهيز الأراضي تتبع مفهوم "تري هيتا كارانا"، أي فلسفة المجتمع البالي المتعلقة بتوازن العلاقات بين الله والبشر وبيئتهم. نجحت بينجليبوران في بناء سياحة استفاد منها جميع أفراد المجتمع دون أن تفقد ثقافتها وتقاليدها. وفي عام 1995 حصلت بينجليبوران أيضًا على جائزة كالباتارو من الحكومة الإندونيسية لجهودها في حماية غابة الخيزران في نظامها البيئي المحلي.
يختار معظم سكان بينجليبوران الزراعة مهنةً لهم، ثم العمل في القطاع الخاص. ويتوزع الباقي بين موظفي الخدمة المدنية/الجمعيات الخيرية، والتجار، والمربين، والحرفيين.
تعرف بالي كذلك بشلالاتها الضخمة من بينها شلال "غوا راجا" Goa Raja Waterfall ...هذا الشلال الذي يختبئ في كهف " الملك" يعد من الجواهر الخفية في بالي ...يقف الزمان هنا في لحظة التجلي أمام ابداع الخلق وسحر الطبيعة وقوتها . فالوقوف أمام هذا الشلال بعد رحلة طويلة بين غابات الخيزران كفيل بأن يمتص كل التعب ليستسلم الزائر لنغم الشلال المنساب بقوة مع تغريد الطيور ...هنا للجنة باب آخر وللوجود حكاية لا يرويها الا شلال غوا راجا لزائريه وعشاقه ومحبيه .
الرافتينع واختبار الصمود
ويقصد السياح جزيرة بالي لممارسة رياضة الغوص او ركوب الأمواج بالإضافة الى رياضة "الرافتينغ أوبود" التي تجمع بين متعة التجذيف والتحدي والتمتع بالمناظر الخلابة . وللوصول الى النهر ، يجب على الزائر نزول السلالم الحجرية المحفورة في وسط الجبال والتي يقارب طولها حوالي 16 طابقا .
ان تجربة رياضة التجذيف لا تضاهيها أي متعة أخرى في بالي ، فهنا يمضي المركب المطاطي ليجتاز نهر أيونغ الشهير وسط الطبيعة الخلابة من غابات وشلالات . وتمثل هذه التجربة اختبارا وتدريبا على تجاوز المخاطر، فنهر أيونغ هو نهر الحياة بكل تحدياته وصعوباته . اذ تعلم هذه الرياضة القدرة على تجاوز المخاوف بالحنكة وسرعة التصرف لتجاوز المنحدرات. وفي نهاية الرحلة النهرية يستقبلك شلال الأحلام بزهوه طاردا كل الخوف . يقول سفير اندونيسيا بتونس زهيري مصراوي بان سكان بالي تعلموا منذ صغرهم السباحة والغوص في البحار وركوب الأمواج واجتياز الأنهار وهذا منحهم قدرة رهيبة تتأتى من الايمان بالقضاء وبمسيرة الحياة وتقبل الصعوبات ومحاولة تجاوزها مهما بلغت المخاطر . وتستغرق الرحلة في هذا النهر ساعتين على مدى عشرين كيلومترا كأنها صلاة طويلة لا تنتهي في طقوس خاصة تخرج منها منتشيا بنعمة النجاة.