في قصة الأطفال "قلعة اللصوص" لإيمان سند: جدلية الخير والشر في سردية مشوقة

تمتلك الكاتبة إيمان سند مدونة كمية وكيفية جابت

بسردياتها العديد من الاشكاليات التي ارتبطت جوهريا بعالم الطفولة والتاشئة وها هي تؤلف قصة "قلعة اللصوص" لتراكم أدب الطفل وقصصه بنص طريف فكرة واحداثا .

عادة ما ترتبط القلاع بالممالك المحاربة والممالك التي تمتلك ثروات متراكمة تخاف من اللصوص وقطاع الطرق والممالك المجاربة لكن هنا مثلت القلعة موقع ومكان يحتمي فيه وبه اللصوص وزعيمهم " أصفران" ورجاله الأربعون في تقاطع مع قصة " علي بابا والأربعون حرامي" مما سيشد الطفل – القارئ هل سيجد علي بابا وهل هناك صخرة سمسم لكن هذه القلعة محصنة وعلى جبل عال يصعب الوصول إليها واقتحامها إلا عن طريق جيش ومدرعات وفيلة كما كتب في عدة قصص تحكي اقتحام القلاع والحصون المحصنة بالحجارة والأبواب الخشبية المطلية بالزيوت الخاصة تفاديا للنار التي تحرق الخشب .
والطفل –القارئ يتعرف عبر هذه القصة طريق القوافل قديما وتقدم الكاتبة عدة مفاتيح لفهم المكان والزمان كالجمال والنخل ليكون طريق القافلة صحراوي وما تعانيه القوافل في طريقها بين البلد الذي غادروه والسوق المقصودة لبيع بضاعتهم فيها ووجود اللصوص وقطاع الطرق وعادة من يقتلون في الصحراء قبل الوصول إلى مبتغاهم لكن في هذه القصة وأمام جهلهم بالطريق الذي تخشاه كل القوافل لقربه من قلعة أصفران وهنا تهاجمهم اللصوص وتمكنوا منهم لم يقتلوهم لحسن حظهم بل قيدوهم وغنموا كل البضاعة وحملوها معهم إلى القلعة وهذا خطأ جسيم كيف لقافلة أن تتحرك من موطنها بلا حرس وجنود يحمونها وهذا ما استغربه الأمير حمزة وعمر بعد أن فك كل التجار وعند دعوتهم للقتال لاسترداد أموالهم وثرواتهم وجدهم لا معرفة لهم بالقتال أو الكر والفر لكنهم تشجعوا للقتال خلف الأمير ودارت معركة شرسة وانهزم اللصوص .
ومن الدروس الاخلاقية والحياتية التي اشتغلت عليها الكاتبة في هذه القصة أن الشر لا ينتصر في أغلب الأحيان رغم تفوقه في زمن ما ولفترات محددة وأن الشر قشرة تغطي الحقيقة التي تقول ان الانسان كائن خير لا شرير وقد أثبتت القصة أن الناجين من الموت وزعيمهم تنكروا لأفعالهم الشريرة واستعدادهم أن يكونوا حراسا للطرق وأن يكونوا رجال الأمير الذين يحاربون معه الظلم في كل مكان.
ثانيها أن يوفر التاجر كل الوسائل المتاحة لنجاح رحلته وقافلته بمعرفة الطريق التي تقيه هجوم اللصوص وقطاع الطرق وان تكون محمية بعدد هام من الحرس والجند. ثالثها رفض الأمير اقتراح المكافأة من التجار معتبرا ذلك فرضا وواجبا بل قال لهم " مكافأتي هي ألا تسمحوا لأحد أن يظلمكم أو يسرقكم مرة أخرى" .
وهذا درس استوعبه التجار واعدين اياه بذلك كما رفضوا معاقبة اصفران رغم ما اقترفته أيادي لصوصه وهذه أخلاق المسامح الكريم وها هي أخلاق الأمير المنقذ الذي وجد تجارا مقيدون بل وحارب من أجلهم ومن أجل استرجاع أموالهم وهذه من شيم العرب وختمت الكاتبة قصتها قائلة " وتنتهي بذلك حكاية عصابة "أصفران" والأربعين لصا وكأنها جلسة خاصة لجدة تحكي لأحفادها قصة اللص ولصوصه في ليلة خريفية باردة".
"قلعة اللصوص" نص جميل تقاطع مع القصة المعروفة لكن سافرت بخيال الطفل لأحداث أخرى ومواقف أخرى ودروس هامة أخلاقية وحياتية يحتاجها الطفل وهو يبني شخصيته المستقلة .

بقلم: طارق العمراوي 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115