وزير خارجية سوريا يزور واشنطن بحث رفع العقوبات الأمريكية وإعادة تموضع سوريا إقليميا ودوليا

بدأ وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أمس زيارة رسمية

إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تُعد الأولى من نوعها لمسؤول سوري بهذا المستوى منذ أكثر من ربع قرن، وسط سلسلة من التحركات الدبلوماسية المكثفة التي توحي بأن العلاقات الأمريكية السورية تقف على أعتاب منعطف استراتيجي حاسم.

وتأتي زيارة الشيباني إلى واشنطن في وقت تشتد فيه تعقيدات الملفات الإقليمية، من المسألة الكردية شمال شرق سوريا، إلى أنباء عن مفاوضات غير مسبوقة بين دمشق و""تل أبيب"، مرورا والتغيرات المتسارعة في المشهد الإقليمي وحرب الإبادة المستمرة في غزة .
ووفق مراقبين تضع زيارة الشيباني حدا لحقبة طويلة من القطيعة الدبلوماسية بين سوريا والولايات المتحدة، التي بدأت فعليا مع العقوبات التي فُرضت على دمشق منذ عقود، وتعمقت بشكل جذري مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، حيث تبنت واشنطن موقفا معاديا صريحا للنظام، دعما لمعارضيه، وتوجته آنذاك بـ''قانون قيصر" الذي شلّ الاقتصاد السوري.
لكن اليوم، وبعد أكثر من عقد على تلك الأزمة، يبدو أن الواقعية السياسية بدأت تفرض إيقاعها على سياسات الطرفين. وبحسب مصدر في وزارة الخارجية السورية، فإن الهدف المركزي من الزيارة هو بحث رفع العقوبات الأمريكية المتبقية، وهي مسألة يصفها دبلوماسيون غربيون بأنها "مفتاح إعادة تموضع سوريا إقليميا ودوليا".

وقد نقل موقع "أكسيوس" عن **السيناتور لينزي غراهام تأكيده أن الشيباني سيلتقي بعدد من المشرعين الأمريكيين في العاصمة واشنطن، لبحث إمكانية رفع هذه العقوبات أو تخفيفها على الأقل، في إطار ما يعتقد أنه مقايضة سياسية أوسع تشمل ملفات إقليمية شديدة الحساسية.
ويرى خبراء أن التحول اللافت الآخر في المشهد، وربما الأكثر إثارة، هو ما كشفه مصدر دبلوماسي في دمشق وفق وكالة الأنباء الفرنسية، وهو أن سوريا و''إسرائيل'' بصدد إبرام "اتفاقيات متتالية" قبل نهاية هذا العام، وأنها ستكون في جوهرها اتفاقات أمنية وعسكرية.
هذا الإعلان، الذي تزامن مع زيارة الشيباني إلى واشنطن، يثير تساؤلات حول مدى الترابط بين المسارين السوري-الأمريكي والسوري-"الإسرائيلي". فالمفاوضات-وفق تقارير إعلامية- والتي يُشرف عليها بشكل مباشر الرئيس السوري أحمد الشرع، تتقدم بسرعة غير معهودة، بحسب تصريحات الأخير، الذي أبدى الأربعاء تفاؤله بالتوصل إلى صيغة تُعيد إحياء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، ولكن هذه المرة بضمانات دولية أوسع، وربما برعاية أمريكية مباشرة.
يبدو أن الإدارة الأمريكية تسعى، من خلال هذا الحراك، إلى إعادة تشكيل خارطة التحالفات في الشرق الأوسط في وقت تشهد فيه حليفتها المدللة ''إسرائيل'' عزلة دولية تتزايد يوما بعد يوم بسبب حرب الإبادة التي يشنها الإحتلال منذ عامين في قطاع غزة.
المسألة الكردية
هذا ويرى مراقبون أن من أبرز الملفات التي يُتوقع أن تُطرح في لقاءات الشيباني مع المسؤولين الأمريكيين، هي ملف الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، والتي تحظى بدعم عسكري وسياسي من واشنطن منذ سنوات، وتشكل معضلة جيوسياسية لكل من دمشق وأنقرة.

كما أشارت تقارير أن واشنطن تدفع باتجاه تسوية تدمج الأكراد ضمن الدولة السورية، على أن يُمنحوا شكلا من الحكم المحلي أو اللامركزية الإدارية، مع ضمانات أمريكية ودولية بعدم استهدافهم، وفي المقابل، يتم إعادة سيطرة الجيش السوري على مناطق النفط والمعابر الحدودية.
تغييرات داخلية
داخليا تتزامن زيارة الشيباني مع إقالة أو نقل عدد من كبار الدبلوماسيين الأمريكيين المعنيين بالملف السوري، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يعكس تبدلًا في الرؤية الإستراتيجية الأمريكية، أو تحضيرا لمرحلة جديدة من التفاوض المباشر مع دمشق بعيدا عن الأدوات القديمة. فالبعض يرى أن هذه الخطوة قد تكون جزءا من سياسة جديدة مع النظام السوري الجديد.
وفي هذا السياق يبدو أن ما يجري هو محاولة أمريكية لإعادة رسم التوازنات في سوريا والمنطقة بشكل عام، فهل تكون زيارة الشيباني إلى واشنطن مفتاح عودة سوريا إلى الساحة الدولية؟ وهل يمكن أن تتحول من بلد معزول خاضع للعقوبات إلى شريك إقليمي ؟ يؤكد متابعون أن الرسالة التي تحملها زيارة الشيباني واضحة، وهي أن سوريا تعود إلى الساحة الدولية بشروط جديدة، مدفوعة بتحولات إقليمية، ورغبة في الخروج من العزلة وتوظيف التحولات العالمية لصالحها.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115