سياسة الهجرة في الولايات المتحدة … احتجاجات واستقطابات محلية وفيدرالية

اندلعت احتجاجات واسعة في مدينة لوس أنجلوس منذ نهاية الأسبوع الماضي

عقِب سلسلة مداهمات نفّذتها سُلطات الهجرة الفيدرالية ضد المهاجرين غير الشرعيين، وأسفرت عن اعتقال العشرات منهم، وتركّزت الاحتجاجات في أحياء ذات أغلبية لاتينية، وتحوّلت في بعض المناطق إلى مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، مما دفع دونالد ترامب إلى إصدار توجيهات بنشر 2000 جندي من الحرس الوطني في المدينة، مع وضع قوات مشاة البحرية في حالة تأهب، الأمر الذي اعتبرهُ عمدة «لوس أنجلوس» وحاكم «كاليفورنيا» تصعيدًا «غير مبرر»، خاصةً وأن لوس أنجلوس تحتضن واحدة من أكبر الجاليات اللاتينية والمهاجرة في الولايات المتحدة .

تأتي عمليات الاعتقال والتصعيد ضمن توجُّهات إدارة ترامب لتشديد سياسات الهجرة واستهداف ما يُعرف بـ«مدن الملاذ» التي ترفض التعاون مع السُّلطات الفيدرالية، وتعهَّد ترامب بترحيل أعداد قياسية من الأشخاص الموجودين في البلاد بشكلٍ غير قانوني وإغلاق الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث حدّد البيت الأبيض هدفًا لسُلطات الهجرة لاعتقال 3000 مهاجر يوميًا على الأقل ، الأمر الذي يجعل ولاية كاليفورنيا ومدينة لوس أنجلوس مركزًا دائمًا للتوتُّر بين السُّلطات الفيدرالية والمحلية حول قضايا الهجرة. كما تُعد "كاليفورنيا" معقلًا للحزب الديمقراطي، وقد وجّه ترامب انتقادات متكررة لسياساتها؛ إذ تتبنى الولاية سياسات ليبرالية في قضايا الهجرة، البيئة، والحقوق المدنية، بينما يُروّج الرئيس الأمريكي لسياسات محافظة ومتشدّدة، خاصةً في ملف الهجرة.

هذا، وتعكس الاحتجاجات والغضب الشعبي حجم الانقسام المجتمعي والسياسي في الولايات المتحدة حول سياسات الهجرة، وتُسلّط كذلك الضوء على المواجهة بين الحكومة الفيدرالية وسلطات الولايات والمدن الكبرى، وبينما يترقب الجميع التداعيات على العلاقات بين «واشنطن» وسُلطات كاليفورنيا، ومستقبل سياسات الهجرة ،امتدت رقعة الإحتجاجات من "لوس أنجلوس" إلى مدن أخرى في ولاية كاليفورنيا مثل "سان فرانسيسكو"، حيث اعتقلت الشرطة 60 متظاهرًا خلال مواجهات عنيفة. كما شَهِدت مدن "هيوستن" و"سان أنطونيو" في ولاية "تكساس" مظاهرات حاشدة طالبت بوقف الترحيلات القسرية. كما انتقد "غافين نيوسوم"، حاكم كاليفورنيا، قرار الرئيس ترامب بنشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس، ودعا لإلغائه، في حين وصفت "تريشيا ماكلولين"، المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، موقف كل من حاكم الولاية وعمدة المدينة بأنه "مثير للاشمئزاز"، وزعمت كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي، أن الاحتجاجات "مُدبّرة باحترافية"، وأن المتظاهرين "يتقاضون أموالًا"، وأضافت أن عُمدة المدينة وفّر الحماية للمجرمين على مدى سنوات، وأسفر السجال الإعلامي عن استقطاب حزبي حاد، إنعكس في حديث السيناتور الديمقراطي "بيرني ساندرز"، الذي صرح بأن " ترامب" يسعي إلى تحويل أمريكا إلى "دولة استبدادية تُسكت المعارضة". في المقابل، أشاد "توني غونزاليس"، نائب جمهوري، بنشر الحرس الوطني، مُعتبرًا أن ما يحدث في " لوس أنجلوس" "مجرد قمة جبل الجليد"، ويلاحظ في هذا الإطار ما ذكره المرشح ترامب في نوفمبر 2024 وانتقاده للإدارة السابقة بقوله أن الإدارة الحالية- بايدن- تعطل بناء جدار حدودي مع المكسيك .
نشرت ' The Guardian’ تقريراً صحفياً يحمل عنوان " ترامب يستخدم الإحتجاجات الشعبية لصرف النظر عن الأخطاء السياسية ، ويركز على استخدام ترامب احتجاجات لوس أنجلوس كأداة لتوجيه الغضب الشعبي بعيدًا نحو «عدو داخلي» يتمثل في خصومه من اليسار الراديكالي ، إذ تُعد المرة الأولي منذ ستة عقود، التي تشهد تفعيل رئيس أمريكي الحرس الوطني دون طلب من حاكم الولاية، وهو ما تنظر له الدوائر السياسية على أنه بمثابة توجه استبدادي، وتصعيد خطير لتقويض الأعراف الديمقراطية، وسط تهديدات باستخدام الجيش وقانون التمرد ضد المحتجين، وتلقي ترامب انتقادات بإعادة كتابة تاريخ العنف السياسي وتحريض قاعدته عبر وسائل إعلام يمينية، مع غياب أصوات رافضة داخل الإدارة الجديدة ، وهو أمر يختلف عن الولاية الأولى لترامب فالطاقم الحالي لا يقدم على مراجعته في القرارات والتوجهات . تجدر الإشارة إلى استطلاع رأى أجرته رويترز في أفريل الفارط ، والذي أظهر تراجع شعبية دونالد ترامب، إلى أدنى مستوى لها منذ عودته إلى البيت الأبيض، وجاءت نتائج الاستطلاع الذي تم على مدار 6 أيام كالتالي : تراجع نسبة الرضا عن أداء ترامب إلى 42%، مقارنة بـ43% قبل 3 أسابيع، و47% بعد تنصيبه؛
رغم التراجع، لا تزال شعبية ترامب أعلى من معظم فترات رئاسة جو بايدن؛ أكد 83% من المشاركين على ضرورة امتثال الرئيس لأحكام المحاكم الاتحادية، حتى لو لم يرغب بذلك.
57%، من ضمنهم ثلث الجمهوريين، رفضوا مقولة: "من المقبول أن يحجب الرئيس التمويل عن الجامعات إذا لم يتفق مع إدارتها".
66% قالوا إنه لا ينبغي للرئيس إدارة المؤسسات الثقافية المرموقة كالمتاحف والمسارح.فيما يتعلق بقضايا مثل التضخم، الهجرة، الضرائب، وسيادة القانون، فاق عدد الرافضين لأداء ترامب عدد المؤيدين؛أما عن ملف الهجرة، أيد أداءه 45%، بينما رفضه 46%.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115