Print this page

بسبب إجراءات إدارية جديدة: شلل في تصوير الأفلام وعدسة السينما معلّقة!

في وقت كانت فيه عدسات الكاميرا تستعد لالتقاط مشاهد جديدة من الحلم التونسي على شاشة السينما، جاءت قرارات إدارية لتُطفئ الأضواء فجأة،

وتُدخل مشاريع سينمائية في عتمة غير متوقعة. فبعد حصولها على منح دعم، كان من المفترض أن تنطلق عجلة التصوير لعدة أفلام، إلاّ أنّ إجراءات إدارية مستحدثة قلبت المشهد رأسا على عقب.

وقد تم تأجيل إنجاز عدة مشاريع أفلام متحصلة على منح للتشجيع على الإنتاج السينمائي بسبب إجراءات جديدة، "معقدة وغير منسجمة" - كما وصفها أهل القطاع - مع خصوصية العمل السينمائي، اعتمدتها مؤخرا سلطة الإشراف بالتنسيق مع المركز الوطني للسينما والصورة.

من مرسوم التأسيس إلى تغييب التنفيذ

يكمن جوهر الأزمة في تغيير طريقة فتح الاعتمادات المالية - ما يُعرف بـ"نفقات العنوان الثاني" - وهي الآلية التي يُصرف عبرها الدعم العمومي للأفلام. إلا أن هذه المقاربة الجديدة، عوض أن تُيسر، قادت إلى شلل كامل في صرف المنح، وجمّدت حركة التصوير في أكثر من مشروع سينمائي . وقد توجه محمد علي بن حمراء، منسق فريق صياغة مقترح قانون الصناعة السينمائية و الرئيس المؤسس للاتحاد المهني للصناعة السينمائية والسمعية البصرية محمد علي ابن الحمراء برسالة إلى وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي، قال فيها: " إنذ المرسوم عدد 86 لسنة 2011 لم يترك مجالا للّبس: جميع المهام المتعلقة بتنظيم قطاع السينما أصبحت من صلاحيات المركز، شريطة تحيين النصوص القانونية السابقة بما لا يتعارض مع أحكام المرسوم. ورغم إعلان الوزارة منذ عام 2017 عن شروعها في هذا التحسين بالتعاون مع المركز، فإنّ شيئا من ذلك لم يتحقق فعليا حتى اليوم.نتيجة لذلك، وُضع المركز في وضعية تجميد غير معلنة، حيث استمرت الإدارة العامة للفنون الركحية والسمعية البصرية بالوزارة في مزاولة المهام التي يفترض أنها نُقلت إلى المركز، وهو ما يُعدّ مخالفة صريحة للمرسوم التأسيسي، بل وانقلاباغ مؤسساتيا على مبدأ استقلالية الهيئات العامة ذات الصبغة غير الإدارية."

هيمنة بيروقراطية وتغييب مقصود
تُشير الرسالة المفتوحة التي وجهها المنتج السينمائي محمد علي بن حمراء إلى وزيرة الشؤون الثقافية إلى "أنّ مجلس التوجهات الإستراتيجية والاستشراف، أحد أبرز آليات الحوكمة داخل المركز، قد تعرّض بدوره للتهميش، في ظل سياسات ثقافية مرتجلة، يتحكم فيها موظفون كبار سبق إعفاؤهم من مهام تسيير المركز. الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل امتد إلى تعطيل شبه كلي لصرف أقساط منح التشجيع على الإنتاج السينمائي، مما تسبب في شلل تام لعمليات التصوير والإنتاج في البلاد.وقد جاء تغيير طريقة فتح الاعتمادات المالية للعنوان الثاني الخاصة بالمنح، دون مراعاة لخصوصية القطاع، ليزيد الطين بلّة، ويُدخل مشاريع الإنتاج في متاهات إدارية غامضة"، وفق ما تؤكده الرسالة.

صرخة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
الرسالة تختم بنداء واضح: "إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ أغيثونا!"، في إشارة إلى استنفاد كافة سبل الحوار والتواصل مع الوزارة دون جدوى. وفي ظل الصمت الرسمي، يُطرح تساؤل جوهري: هل أصبح إصلاح السينما في تونس مرهونا بإرادات إدارية تقليدية، تتعامل مع الثقافة بمنطق الوزارة لا بمنطق السياسات العمومية؟اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يبدو أن إنقاذ المركز الوطني للسينما والصورة لم يعد مسألة تنظيمية أو قانونية فقط، بل قضية تتعلق بإرادة سياسية حقيقية: إما الاعتراف بالمؤسسات وإعادة الاعتبار لها، وإما المضي في سياسة النفي والتهميش حتى النهاية.

 

 

المشاركة في هذا المقال