وتتعدد أشكال العنف من مادي وجسدي ومعنوي . وتطرقت دراسة أخيرة صادرة عن الموقع الشبكي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة الى مخاطر العنف ضد المرأة في العالم . اذ تتعرض 70% من النساء في الصراعات والحروب والأزمات الإنسانية للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
العنف الالكتروني ضد النساء
وبحسب آخر الأرقام والاحصائيات فإن ما يقدر بنحو 736 مليون امرأة للعنف الجسدي أو الجنسي في العالم . وأكدت الدراسة الأممية بأن الفتيات معرضات بشكل خاص لخطر العنف. وتُظهِر الدراسة بأن نسبة انتشار العنف ضد النساء والفتيات الذي تيسره التكنولوجيا تراوح بين 16 و 58 في المائة، وأن النساء الأصغر سنًا يتأثرن به بشكل خاص، حيث إن الجيل المولود بين عامي 1997 و 2012 وجيل الألفية المولود بين عامي 1981 و 1996هما الأكثر تضررًا.
ويُعد العنف ضد المرأة والفتاة واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستمرارًا في المجتمعات بسبب ظواهر الإفلات من العقاب والصمت والوصم بالعار. ويظهر العنف في أشكال جسدية وجنسية ونفسية وتشمل: التحرش والاتجار بالبشر وغيرها من الظواهر.
مواجهة التحرش
وفي تونس أكدت الناشطة في المجتمع المدني والطالبة في علم الاجتماع اكرام عضاضي لـ" المغرب " بأن التحرش يعتبر احدى أشكال ومظاهر العنف ضد المرأة وهو يشكل حاجزا في سبيل تحقيق المساواة والتنمية والسلام، وكذلك استيفاء الحقوق الإنسانية للمرأة والفتاة. وقالت بأنه، لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة دون وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات". وقد عرضت الناشطة اكرام عضاضي نتائج دراستها الأخيرة التي اشتغلت عليها بإشراف منظمة ADO+ -والتي تعنى بقضايا اليافعين واليافعات في تونس- الى تصاعد ظاهرة العنف الجنسي والتحرش في المجتمع . وقالت ان الفئة المعنية بالتحرش والأكثر عرضة هي الفئة الضعيفة خاصة الفتيات والتلميذات اللواتي يستخدمن وسائل النقل الجماعية .
وتمّ عرض الدراسة في سياق يوم دراسي حول الصحة الإنجابية والجنسية بدعم وتنظيم من منظمة صحفيون من أجل حقوق الانسان مكتب تونس . وخلصت عضاضي الى ان أهم التحديات والنقائض هي الخوف من الكلام لأن الضحية تخشى من نظرة المجتمع ولوم العائلة ، إضافة الى غياب التثقيف وقلة التعاون في القانون ونقص فضاءات الدعم التي تنظم حملات توعية وتتضمن مراكز نفسية بمشاركة أخصائيين وذلك في مختلف الأحياء السكنية لتوعية الشباب من اليافعين واليافعات من مخاطر التحرش وتداعياته النفسية ". وأكدت عضاضي ان الحلول الممكنة تبدأ بالتوعية في الجامعة إضافة الى تعزيز الورشات النقاشية وحملات التوعية التي تركز على أن التحرش والعنف ليس مشكلة فردية بل ظاهرة اجتماعية يجب مواجهتها وعلاجها بالتوعية وبالتشجيع وبخلق مسافات آمنة.
حماية ضحايا العنف
من جهته أكد الخبير الدولي في مجال الصحة الإنجابية والسكان د. عبد الدائم الخليفي أنه من الضروري توفير خدمات مثل رعاية الأمهات والمواليد الجدد، ودعم الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال ان هذه الخدمات ــ مثل رعاية الدعم السريري والنفسي الاجتماعي لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، ضرورية لدعم الحقوق الفردية.
وأضاف أن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري يضمّ مركزا خاصا للرعاية النفسية لفائدة النساء ضحايا العنف في تونس ويعتبر أول مركز عمومي نموذجي حول العنف المبني على النوع الاجتماعي تمّ احداثه سنة 2012 . ويقدم المركز خدمات تشمل بالأساس مجالات الاصغاء والإرشاد والتوعية والاحاطة النفسية للنساء ضحايا العنف والأطفال المعرضين له . وقال ان الديوان الوطني يولي أهمية خاصة للشراكة مع المجتمع المدني في تنفيذ برامج وأنشطة متعلقة بمكونات الصحة الإنجابية .
سونيا فجي قابلة قانونية في الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري مركز منوبة قالت لـ" المغرب ": بالنسبة للنساء المعفنات أو اللواتي تعرضن للتحرش أو العنف يتم تحويلهن الى مختصين في الهيئة من خبراء نفسيين لمواكبة الحالة بالطرق العلمية والطبية" . وأكدت أن الديوان الوطني يقوم بحملات وحصص توعوية بصفة دائمة مع تقديم الخدمات الصحة الجنسية والانجابية للمرأة . وقالت :"بحكم تجربتي وعملي مع الديوان لأكثر من 25 عاما ، نحن نقوم دوما بالحملات والتي تعود بالنفع على الجميع وتقرّب الخدمات للمرأة . أما عن الوجهات المستهدفة أكثر فهي المناطق الشعبية والريفية التي فيها صعوبة التنقل بالنسبة للنساء . وقالت انها لمست تطورا في الوعي لدى عديد المناطق على الحقوق الصحية الشاملة".
وأضافت ان جميع أعضاء الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري يتلقون دورات تدريبية تكوينية في أحدث الاختصاصات الطبية ، لكي تكون لهم المعرفة والدراية العلمية والطبية الكافية من خلال الاطلاع على كل الاختصاصات المتداخلة فيما يتعلق بالخدمات الصحية والطبية للأطفال والنساء والشباب" .
.وفي السياق نفسه كشفت جمعية النساء الديمقراطيات أن 38 بالمئة من النساء في تونس تعرضن الى هذا النوع من العنف وأن 84.7 بالمئة من النساء أفدن أنهن يعانين من شكل واحد من أشكال العنف على الأقل منذ سنّ الخامسة عشر . وان 14.4 بالمئة من أشكال العنف ترتكب في الفضاء الافتراضي . ويعد التحرش والابتزاز احد أخطر أنواع العنف الالكتروني.
ويعاقب القانون التونسي بالسجن بموجب الفصل 226 ثالثا من المجلة الجزائية مرتكب التحرش الجنسي. ويعرف القانون "التحرش بانه كل امعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال أو اشارت من شأنها ان تنال من كرامة او تخدش حياءه" .
يشار الى أن منظمة صحفيون من أجل حقوق الانسان مكتب تونس أطلقت برنامجا لدعم التوعية حول الصحة الجنسية والإنجابية. وتعمل مع الشركاء من المنظمات غير الحكومية لتحسين جودة التغطية الصحفية للحقوق الصحية الجنسية والإنجابية من خلال انجاز دراسات تعطي مقاربات للوضع الراهن وأهم التحديات فيما يتعلق بهذا المجال الحساس والمهم .