Print this page

مهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية الثقافة سلاح للتغيير وتعزيز الوعي الجمعي بالتغيرات المناخية

تتسع رقعة الاحلام وتكبر معها الامنيات بواقع افضل،

يكتب الامال وتفتك الحقوق رغم كل المصاعب والمعيقات، تصنع اجيال واعية وتعزز فكرة الانتصار للجهة واعتماد الثقافة والفنون سلاحا للحرية، يحاولون الانتصار لحقهم في الحياة، يحاولون ان يكونوا صوت الجهة والتعبيرة الصادقة عن مشاغل ابنائها، ولان الفلاحة هي الهاجس الاول والمشترك لسكان منطقة وادي الزرقاء من ولاية باجة فقد اتجه فضاء ارسطوفانيس لتوظيف الفنون لخدمة هذا المجال من خلال الدورة الاولى لمهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية.خرج المهرجان من فضاءات العروض الكلاسيكية وكانت ضفاف سد سيدي سالم مساحة للقاء بين فلاحين وخبراء مختصين واساتذة وفنانين، جميعهم اجتمعوا للنقاش والتفكير وتقديم توصيات تهمّ مشاغل اجتماعية تمسّ بلدان تونس ولبنان والاردن.

سد سيدي سالم يتحول الى فضاء للعروض الثقافية

تزينت الطبيعة بأزهار الربيع، وادي الزرقاء سجادة طبيعية موشاة باجمل الزهور، شقائق النعمان مشرئبة تعانق الشموخ وتعلن ان هنا يزهر الامل والحب وللربيع الوانه الخاصة، زهرة الاقحوان تعاند شموخ السنابل وتتحداها متجهة لاشعة الشمس تمتصها لتزيد من جمال صفرتها، سد سيدي سالم بمياهه شارك بدوره في سنفونية الربيع للترحيب بزوار وادي الزرقاء ورواد الدورة الاولى لمهرجان الفلاحة والمتجددة والثقافة الايكولوجية.
على ضفاف سد سيدي سالم كان اللقاء طيلة ثلاثة ايام بين الفلاحين ومتساكني المنطقة ودكاترة واساتذة باحثين وصحفيين ومسؤولين اقتصاديين وسياسيين وضيوف من انقلترا والاردن ولبنان للتعرف على قيمة الفلاحة المتجددة واهمية الثقافة الايكولوجية جمعهم فضاء ارسطوفانيس وجمعية حومتنا، واحتفى بهم الربيع الذي نثر ازهاره والوانه على المكان لينتشي الزائر بسحر المكان وحميمية اللقاء والفضاء.
مهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية، تظاهرة ثقافية وبيئية وفلاحية واجتماعية الهدف منها تعزيز الوعي المجتمعي بالقضايا الراهنة خاصة التغيرات المناخية وتاثيرها، اذ هناك غياب تام للتوعية والتحسيس بالثقافة الايكولوجية رغم كونها من الحقوق الكونية لكل الناس باعتبار الحق في العيش في بيئة سليمة حسب تعبير خبيب العياري مدير ارسطوفانيس.
وبما انّ الفلاحة في ولاية باجة تمثّل الشريان الرئيسي منذ الاف السنين لذلك قررنا هذه الدورة التأسيسية لمهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية ليكون فضاء يضم مختصين في القطاع ويساهمون في التعريف بأهمية الفلاحة المتجددة والتحسيس باهمية الثقافة الايكولوجية وفرصة لأبناء الجهة من الفلاحين ليعبروا عن قضاياهم واخترنا انشطة فنية وثقافية خرجت عن الفضاء الكلاسيكي، فالجميع يشترك في نشر ثقافة الوعي وجميعنا مسؤولين امام ضمائرنا ووطننا لنكون صوت المكان وندافع عن قضاياه كما يقول العياري.
مهرجان الثقافة الايكولوجية يكشف ان المثقف ابن بيئته وصوت مجتمعه، المثقف ليس بمعزل عن معاناة ابناء مجتمعه وواقعه المحيط، المثقف كائن يحلل المشاغل ويفكر في ايجاد الحلول وعبر الابداع بمختلف تجلياته يحاول ايصال اصوات الناس والتعبير عن الهموم المشتركة لذلك فضاء ارسطوفانيس منفتح على واقعه، في الفضاء يتعلم ابناءه ان يكونوا فاعلين في مجتمعهم وقادرين على التاثيير والتغيير، ووادي الزرقاء منطقة فلاحية والتغيرات المناخية هي الهاجس الجماعي المشترك الذي تحدث فيه الاساتذة المحاضرين واغلبهم دعى الى العودة للممارسات الفلاحية التقليدية وشجعوا على مبدأ الاقتصاد التضامني والابتكار.

 

 

المسرح وسيلة للتعريف بهواجس ابناء المنطقة

نحن ابناء هذا المكان ونعرف جيدا مشاغل سكانه، ممارستنا للمسرح والفنون لا تولد القطيعة مع الشواغل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للجهة، مسرحنا وسيلتنا لنعبّر عن همومهم وقضاياهم ونمرّر الوعي المواطني لابناء ارسطوفانيس، فالفنون سلاح للتغيير وهذا السلاح نحسن استعماله علّنا نساهم في نشر الوعي لدى متساكني المنطقة هكذا صرح نضال الحناشي المسرحي وكاتب نصوص الاعمال التي شاركت في مهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية.
"عربة التنمية" بعجلاتها المربعة الشكل، لا يمكنها الحركة فقط الشعارات تتقدم بينما التنمية واقفة ومتعطلة في المجال الفلاحي منذ عقود، هكذا هي رسالة مسرحية "دليل الخيرات" التي قدمها نادي مسرح الشباب للفضاء ارسطوفانيس.
على الركح تجتمع شخصيات تاريخية لم تعش في نفس الفترة التاريخية، فالجمهور شاهد "ماغون" اب الفلاحة و"ابن الشباط" باسلوبه الفريد في الريّ و"حسن الشتيوي" حارس البذور الاصلية وشخصيات مسرحية جميعهم على الخشبة ليتحدثوا عن كيفية التنمية في المجال الفلاحي وتقديم الحلول بسبب مشكل الشح المائي واضطرار الناس للرحيل من مكانهم، المسرحية توعوية وتشبه احداثها وقائع عديدة عاشها التونسيين في اكثر من منطقة بسبب الجفاف فهجروا الارض ونزلوا الى المدن بحثا عن موارد رزق.
وللأطفال نصيبهم من خلال مسرحية "اصدقاء الطبيعة" التي قدمها نادي مسرح الطفل بارسطوفانيس، المسرحية توعوية تقدم للطفل مجموعة من الرسائل للحفاظ على محيطها، ابطال العمل شخصيات حيوانية تجد كومة نفايات فتبدأ في البحث عن سبل لإبعادها من المكان، فترفض الشجرة الحرق لانه يسبب الغازات، وترفض النحلة رميها في النهر حتى لا تموت الاسماك وتقدم العديد من الحلول ليكون الحل الافضل هو الرسكلة لتصبح تلك النفايات مصدر للطاقة.
وعن العملين يقول الكاتب نضال المسرحي نضال الحناشي "حاولنا توظيف المسرح لنشر الوعي، المسرحيتين كتبتا وانجزتا خصيصا للمهرجان في اطار ورشات داخل الفضاء، تشاركنا الافكار وطريقة كتابتها وانجازها، فالوعي الجماعي هدف نبيل نعمل عليه من خلال اب الفنون المسرح".
احتفى المهرجان بالموروث الثقافي للجهة، فحضرت النسوة باهازيجهنّ ولباسهنّ التقليدي الموشى بالوان الربيع، اجتمعن ليصنعن بعض المنتجات التقليدية رافعات الحناجر تتغنّى بالمكان والحياة، حضرت عروض الفروسية والايقاعات الشعبية وجميعها كانت على ضفاف السد الذي تحوّل الى مسرح مفتوح احتضن الاف الجماهير طيلة ايام المهرجان، حتى اغنام الرعاة كانت جزء من مشهدية بصرية انتصرت للطبيعة.

المهرجان فريد والتجربة ستنجز في الاردن

شارك الناشط الاردني زيد النقرش مدير عام مؤسسة بلا حدود للتدريب والموارد البشرية في فعاليات الدورة الاولى لمهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية بمنطقة وادي الزرقاء من ولاية باجة.
و تعنى مؤسسة بلا حدود بالمجتمع المدني بالإضافة للاعمال التطوعية ولها مسؤولية اجتماعية في الاردن، نقوم بورشات عمل في اتجاه السياسات وكسب التأييد لتغيير بعض القوانين والمجتمع لدينا برامج في التغير المناخي نعمل عليها حديثا حسب تعبير مديرها زيد النقرش، مضيفا "هذه اول مشاركة لنا بمشروع التغير المناخي بالشراكة مع تونس ولبنان مع dialogue action حضورنا اليوم يمثل الجهة الاردنية".
ويؤكد النقرش المهرجان تحدث بشكل مباشر عن التغير المناخي والمشاكل التي يعاني منها تونس وهي مشابهة لمشاكلنا خاصة مشكل شحّ المياه كانت المواضيع المطروحة في الجلسات الحوارية مشتركة، والحلول التي ستوصل اليها هنا سننجزها في الاردن، في الاردن نعاني من مشكل شح المياه في الزراعة والتصحّر والمهرجان حدث نتطلّع ان نقوم بمثله في الاردن في مناطق قروية لان الفكرة ملهمة فمن الجيد ان نشرك المزارعين في التوعية باهمية التغير واعطاء اهمية للاعمال التي يقومون بها.
في الماضي بلداننا كانت توفر اكتفائها الذاتي الغذائي على غرار القمح، فجاة ذهبت كل خيراتنا وأصبحت بلداننا في تبعية غذائية وأصبحنا نستورد غذاءنا، لكن اليوم مع مشاكل التغير المناخي نحن امام فرص ذهبية لبلداننا يجب ان نعيد الزراعة ونحافظ على الثورة الحيوانية باليات حديثة، هناك طريق جديدة علينا استعمالها للحفاظ على المنتوجات في ظل الصقيع او الفيضانات او التصحّر.
هناك اليات يجب استعمالها لنعيد الصورة التي كنا نتغنى بها في الماضي فاجدادنا كانوا يزرعون ويفلحون بينما نحن ذهبنا الى المدن والوظائف والاستقرار في المدينة وتركنا الاراضي، اليوم الصورة عكسية فالعالم يواجه مشكلات يجب ان نستغلها، فالذين كانوا يحتلوننا غذائيا اليوم هم من يريدوننا ان نعود للزراعة وهي فرصة ذهبية يجب استغلالها، هي فرصة وليست تهديد.
عن مهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية يقول النقرش "التجربة فريدة جدا، في العادة الورشات والمؤتمرات تقام في الفنادق امّا ان تكون في الطبيعة المؤتمرات وبجانب السد ومع الفلاحين لمعرفة تراثهم الغذائي والغنائي فالامر يفوق الخيال، لذلك نريد اعادة نفس التجربة في الاردن لانها ناجحة وخارجة عن المالوف، نشكر منظمي المهرجان لأنهم اشركوا المحاضرين والدكاترة وأصحاب القلم مع الارض والفلاحين، حينها تكون الصورة حقيقية والانصات للمعاناة ومعايشتها صادق وتلقائي".

المشاكل الاقتصادية متشابهة بين تونس ولبنان

شاركت الناشطة اللبنانية لينا العلم وهي اصيلة منطقة صيدا جنوب لبنان في فعاليات الدورة الاولى لمهرجان الفلاحة المتجددة والثقافة الايكولوجية بمنطقة وادي الزرقاء من ولاية باجة، ولينا العلم ناشطة اجتماعية "اشتغل على موضوع عديدة منها تمكين المرأة اقتصاديا ودعم المزارعين حتى نساعد على تحقيق الامن الغذائي، سبق وان شاركت بمؤتمر في الاردن بدعوة من جمعية action البريطانية وبوجود جمعية "حومتنا" التونسية ومن هناك جاءت الدعوة لأحضر فعاليات الدورة الاولى من هذا المهرجان" كما صرّحت العلم للمغرب.
وتضيف محدثتنا توجد مشاكل مشتركة بين تونس ولبنان والأردن في موضوع الفلاحة المتجددة، نحن هنا لنكون صوت المزارع وننقل توصيات لبلدي لبنان حتى يعتمد المزارعين اساليب جديدة بالزراعة على غرار الذكاء الاصطناعي مثلا.
وتشير الناشطة الاجتماعية والنسوية ان في لبنان الفجوة الاقتصادية بين الرجل والمراة موجودة وبنفس الوقت ليس للمرأة حظوظ كثيرة خاصة بعد سنّ الخامسة والاربعين لا يمكنها ايجاد عمل، لذلك الاتجاه الان للزراعة ولتصنيع المونة البيتية، لكن نواجه مشاكل التصريف اذ لا وجود لسياسات تدعم، فالتمويل الفردي صعب جد.
وتضيف لينا العلم في الجنوب اللبناني هناك اضرار كبيرة فآلاف الهكتارات من الاشجار المعمرة احترقت بالقنابل الفسفورية، ونحن بحاجة ماسة لدعم من منظمات المجتمع المدني لإعادة التشجير وشراء معدات للمونة للسيدات، فالهموم مشتركة ولكننا نبحث دائما عن ايجاد حلول.
وعن اجواء المهرجان، تقول ضيفة وادي الزرقاء "ممتعة جدا، عادة المؤتمرات تكون بالفنادق لكن الامر هنا مختلف عشنا على الارض، جلسنا مع الفلاحين وأنصتنا لشواغلهم تشاركنا نفس الغذاء والفكرة، عشنا ايضا التغيرات المناخية، من البرد الى الحرارة الى الطقس المعتدل وهو ما ناقشناه في الجلسات العلمية، هنا اجواء ساحرة على ضفاف السد، تعرفنا على الفلاحين، جالست النساء وهنّ يصنعن الكسكسي، شعرنا بجمال المكان وطيبة الناس هنا".

 

المشاركة في هذا المقال