في بطولة الموسم الحالي التي لم يطرأ أي جديد بشأنها بعد أن رفع الترجي الرياضي تاجها للموسم الثامن على التوالي وحافظ على تتويج العادة، الفريقان كرّسا العقدة مجدّدا وأكّدا التراجع الهرم الذي يعيشانه والعجز المتفاقم على كل المستويات من موسم إلى آخر فالنجم لم يعتل منصة التتويج منذ 2017 بينما غاب "السي اس اس" عنها منذ 2013 في حصيلة تعكس عمق الإشكال في الفريقين الذي لا بد من حلول جذرية عاجلة له للخروج من دائرة اللا شيء والعودة إلى الإنتصارات أمام الترجي بما أن ذلك يظل السبيل الوحيد لإستعادة الأمجاد وطي سلسلة المواسم العجاف.
اكتفى النجم الساحلي في بطولة الموسم الحالي أيضا بمجاراة النسق الذي فرضه الترجي الرياضي في مرحلتي التتويج و"السوبر بلاي أوف" في الوقت الذي علقت فيه آمال كبيرة على المجموعة في معانقة اللقب مجددا بالنظر إلى المردود الممتاز الذي ظهرت به العام الماضي خاصة في نهائي الكأس، لكن الآمال خابت مجددا والحصيلة كانت مرتبة وصافة لا غير ستمنحها فرصة خوض نهائي "سوبر" الموسم المقبل والأولوية في المشاركة في بطولتي الأندية العربية والإفريقية إن كانت لها الجرأة لتجديد الظهور فالمؤشرات الحاصلة تفيد أن النجم بعيدا كل البعد عن مجاراة التطور الذي تعرفه الفرق العربية والإفريقية خاصة منها المصرية والليبية على حد السواء.
اقتصرت انتصارات النجم على منافسي العادة بينما وقف عاجزا أمام الترجي بسبب غياب الإستقرار الإداري والفني على حد السواء وعجزه عن القيام بانتدابات قيمة تقدم الإضافة اللازمة، فالموارد المالية لم تكن متوفرة بالكيفية المطلوبة وحالت مجددا بين الفريق وبين تحقيق أهدافه وإن ظل الأمر على حاله فان الحصيلة ذاتها ستكون في انتظاره خلال الموسم المقبل أيضا.
بان البون شاسعا بين النجم والترجي على أكثر من مستوى وأبرز انجاز له اقتصر على الفوز في كلاسيكو النادي الصفاقسي، لكن ذلك يظل غير كاف لفريق في عراقته لفك العقدة والعودة لمنصة التتويج التي تأجلت إلى موعد قد يكون بالبعيد مادام فريق باب سويقة محافظا على استقراره الفني والإداري والأهم على العناصر التي صنعت الفارق بالنسبة له وجلعته يظل دون منافس محليا فانتداباته كانت ناجحة أكثر مما كان متوقعا وهذا ما ميزه عن بقية الفرق دون استثناء.
استطاع النجم تكوين مجموعة شابة ممتازة مازال ينتظرها الكثير للحاق بركب الترجي كما هو الحال في "السي اس اس"، فالأمر يتطلب وقتا إضافيا من العمل لفك العقدة واقتحام الصدارة محليا لكخطوة أولى تبدو صعبة المنال أيضا في الوقت الراهن لأكثر من سبب.
النادي الصفاقسي والتراجع المخيف
فرط النادي الصفاقسي خلال بطولة الموسم الحالي في مركز الوصافة وتدحرج إلى المرتبة الثالثة وعاد خطوة أخرى إلى الوراء في الوقت الذي كان لا بد أن يحقق فيه الإستفاقة وينهض حيث سقط كما هو الحال مع النجم، فهو منذ 2013 الموسم الذي حقق فيه رباعية تاريخية وخاض خلاله مونديال الأندية وترك أفضل انطباع وكان من المفروض أن يكون بداية أخرى في تاريخه، ظل هناك عاجزا ومكبلا بسبب غياب سياسة واضحة في الفرع وتغييرات عبثية فنيا وإداريا أدت إلى خسارة خدمات أبرز الركائز استقطبتها فرق منافسة في مقدمتها الترجي.
يعرف "السي اس اس" تراجعا مخيفا من موسم لآخر لم يعد معروفا إن كان سيتجاوزه أم أنه سيجره إلى حافة الهاوية ويضعه أمام مصير مجهول مستقبلا، فالفريق بات ينهزم أمام فرق كان في وقت غير بعيد ينتصر أمامها دون عناء ويمر بما في ذلك خلال الموسم الحالي الذي استسلم فيه ورمى المنديل مبكرا وأكد أن الإشكال الموجود فيه أعمق بكثير من تغيير مدربه أو رئيس فرعه في كل مرة.
يمكن لأي فريق أن يمرّ بفترة فراغ لكن الأمر يبدو مغايرا في "السي اس اس" فهو لم يستطع الإقلاع وظل هناك منذ أن اضطر إلى تشبيب المجموعة بعد مغادرة جيل سمير السلامي، ومازاد الطين بلة هو الصعوبات المالية التي عصفت بأحلام أكثر من جيل كما هو الحال في النجم.
أثرت التغييرات الحاصلة بخصوص الإطار الفني على مردود "السي اس اس" وجعلته ما إن يلتقط الأنفاس حتى يعود إلى نقطة البداية خاصة في الموسم الحالي، والمطلوب اعادة هيكلة للفرع وغربلة للرصيد البشري إن أراد مسؤولوه النهوض بالفريق وتجنبيه الدخول في منعرج قد لا يقدر على العودة منه لاحقا فالبقاء دون تتويج منذ 2013 سابقة في حد ذاتها لناد في عراقة الصفاقسي.
التبعية لفرع كرة القدم من الأسباب المباشرة
يعرف الترجي سلسلة نتائج استثنائية وهذا لم يأت من فراغ وإنما بفضل "الرفاهية" المادية التي يعيشها الفرع بحكم الإستقرار الإداري الموجود في النادي ككل وهيئته المديرة الحريصة على توفير ظروف ملائمة للتألق على عكس النجم الساحلي والنادي الصفاقسي اللذان دفعا الثمن باهضا بسبب تبعيتهما لفرع كرة القدم، فالطرفان يعيشان تذبذبا بالنسبة للأمور المادية.
كان بالإمكان اليوم الحديث عن نتائج أفضل للنجم والصفاقسي لو كانت الظروف ممتازة في الناديين ككل ولو كانا يملكان موارد مالية مستقلة عن فريقي "القدم"، وهذا ما يجب إدراكه من المحيطين بهما من خلال تخصيص ميزانية خاصة وجلب أكثر من مستشهر يكون قادرا على قيادة كل طرف نحو تحقيق مبتغاه والعودة إلى منصة التتويج فجهة الساحل أو صفاقس تزخر برجال الأعمال الذين بإمكانهم مد يد العون والنهوض بالنجم والنادي الصفاقسي اللذان يستحقان هذه الخطوة رغم العجز المتفاقم الذي يعيشانه من موسم إلى آخر والتراجع المريب المسجل فيهما بخصوص النتائج.
هل يكون الكأس الملاذ الأخير لإنقاذ الموسم؟
خسر النجم الساحلي والنادي الصفاقسي الرهان في البطولة وفريق واحد منهما فقط ستتاح له فرصة إنقاذ الموسم من بوابة الكأس بما أنه تنتظرهما مواجهة مباشرة في المربع الذهبي لهذه المسابقة في ماي المقبل، والفائز سيبقي على حظوظه في التطلع إلى منصة التتويج مجددا.
ستكون الكأس الملاذ الأخير للفريقين لفك العقدة وطي صفحة الفشل الذريع الذي يعرفانه وذلك سيمر حتما عبر تجاوز الترجي لا غير، النجم حاول في الموسم الماضي وإن بلغ النهائي مجددا يوم 10 ماي المقبل فإنه سيدافع بشدة عن حظوظه بقيادة نور الدين حفيظ الذي يود بدوره بشدة فك العقدة كمدرب بعد أن خسر الرهان في تجربته مع "السي اس اس" وفريقه الحالي على حد السواء.
تنتظر الفائز من المربع الذهبي مهمة صعبة في نهائي الكأس المنتظر فالترجي سيكون جاهزا من اجل لقب تاسع على التوالي يكرس من خلاله هيمنته وعقدة الفريقين على حد السواء.