وهي الأزمة التي كانت قد تعقدت في الأيام الأخيرة بسبب إرجاء إسرائيل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين في إطار التفاهمات السابقة. هذا الاتفاق يتضمن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في وقت متزامن مع تسليم جثامين رهائن إسرائيليين اليوم الخميس.
وأعلنت حركة حماس عن التوصل إلى حل وسط بخصوص التأخير في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، الذين كان من المفترض إطلاقهم في الدفعة الأخيرة قبل أن تقوم "إسرائيل" بتأجيل ذلك. وأكّد الناطق العسكري باسم ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري لحركة حماس، أن قيادة الألوية قرّرت تسليم جثة أحد الأسرى الإسرائيليين، وهو أوهاد يهلومي أمنون يعلوني (50 عاما)، وذلك اليوم الخميس. كما أشار البيان إلى أنّ إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين سيتم بشكل متزامن مع جثامين الرهائن الإسرائيليين الذين تم الاتفاق على تسليمهم خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، مع إشراك النساء والأطفال الفلسطينيين في هذه العملية.ومع أن البيان لم يحدد توقيتا دقيقا لإطلاق الأسرى الفلسطينيين، فإن فرضية الإفراج المتزامن عن الرهائن والجثامين تُمثل خطوة إستراتيجية للضغط على الجانب الصهيوني لضمان عدم تراجعه عن التزاماته.
وقالت حماس '' الخميس سيطلق سراح الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين بالتزامن مع تسليم المقاومة للجثامين الإسرائيلية وبآلية جديدة تضمن التزام الاحتلال بالتنفيذ ''. وأضافت الحركة '' لم يعرض على الحركة أي مقترح بشأن المرحلة الثانية رغم جاهزيتنا لها وحرصنا على المضي قدماً فيها لإتمام كل مراحل الاتفاق''.
وفي السياق ذاته، يبدو أن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف الذي أرجأ زيارته إلى المنطقة لبضعة أيام، قد يكون إشارة إلى رغبة الولايات المتحدة في تقييم التفاهمات الأخيرة عن كثب ومحاولة تسهيل التقدم في مسار التفاوض.
قطاع غزة والضفة الغربية
ومع وصول اتفاق وقف إطلاق النار إلى يومه الـ40 في قطاع غزة، تتزايد التكهنات حول مصير المرحلة التالية من الاتفاق، وسط تصريحات متضاربة من مختلف الأطراف المعنية. فقد أوردت مصادر إسرائيلية أن رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرغب في توسيع المرحلة الأولى من الاتفاق الحالي، مما يعني تجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية التي قد تشمل بنودا أكثر تعقيدا، خاصة فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين ما زالوا قيد الاحتجاز في السجون الإسرائيلية.
من جهتها أعلنت حركة حماس،أن وفدها قد اختتم زيارة إلى القاهرة، حيث جرى التوصل إلى اتفاق لحل مشكلة تأخير إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين كان من المقرر الإفراج عنهم السبت الماضي.
وفي الوقت الذي تتجدد فيه الآمال بتمديد وقف إطلاق النار، قالت تقارير إعلامية أن المبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف قد يتوجه إلى الشرق الأوسط يوم الأحد المقبل إذا ما سارت المفاوضات بشأن المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار على نحو إيجابي. وقد أبدت الولايات المتحدة رغبتها في استمرار هذا الاتفاق، مؤكدة على ضرورة تمديد فترة التهدئة التي من المقرر أن تنتهي مع بداية مارس المقبل.
في السياق نفسه، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مصادر إسرائيلية مطلعة أن حكومة الإحتلال الإسرائيلية تسعى إلى تمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة بدلا من الانتقال إلى المرحلة الثانية. هذه الخطوة تشير إلى رغبة "إسرائيل" في تجنب تصعيد جديد قد يتسبب في تعقيد الوضع على الأرض في الوقت الراهن.
لكن، في ظل هذه المحاولات لتحقيق التهدئة في غزة، لا تزال الأوضاع في الضفة الغربية تشهد تصعيدا متزايدا. إذ تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها في الضفة، حيث أسفرت عملياتها في مدينة نابلس عن استشهاد فلسطيني وإصابة العشرات، فيما منعت قوات الاحتلال الفلسطينيين النازحين من العودة إلى منازلهم داخل مخيم جنين للاجئين. كما توغلت الدبابات الإسرائيلية في المنطقة لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والسياسي في الضفة الغربية. ومن جانب آخر، بدأت قوات الاحتلال هجوما على بلدة قباطية جنوب نابلس، حيث فرضت حظر تجول على المدينة، في خطوة تعكس تشديد الحصار الإسرائيلي على المدن الفلسطينية في الضفة الغربية.
يبدو أن المشهد الفلسطيني في غاية التعقيد، مع استمرار الانقسامات وتعدد المبادرات الدولية لوقف العنف وتحقيق التهدئة. في هذا السياق، تبقى مسألة تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار وحل مشكلة الأسرى على رأس أولويات المفاوضات المستقبلية، وسط توقعات بضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل أكبر لضمان استدامة السلام والهدوء في المنطقة.
وميدانيا أنذر جيش الإحتلال الإسرائيلي، في ساعة متأخرة أمس الأول، بهدم 11 منزلا في مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، بالتزامن مع عدوانه المتواصل على المنطقة لليوم الـ 37.وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" أن "قوات الاحتلال تعتزم هدم 11 منزلا في مخيم نور شمس بذريعة شق طريق يبدأ من ساحة المخيم باتجاه حارة المنشية".
وأضافت الوكالة نقلا عن مصادر محلية أن الجيش الإسرائيلي أنذر أصحاب المنازل المستهدفة بالتوجه إلى المخيم لإخلائها من المستلزمات الأساسية.وسبق للسلطات الإسرائيلية أن شقت طرقا مماثلة في مخيمي طولكرم وجنين على حساب المباني والمنازل الفلسطينية.ونفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة اقتحامات في مدن وبلدات بالضفة الغربية، تركزت في مخيم عقبة جبر غربي مدينة أريحا، شرقي الضفة، ومدينة قلقيلية (شمال)، ومخيم قلنديا شمالي القدس.واقتحمت دبابات إسرائيلية مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، في تصعيد عسكري هو الأول من نوعه منذ عام 2002.
قضايا إنسانية وقانونية
في الأثناء ناقش المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة،أمس الأربعاء، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر قضايا إنسانية وقانونية وصفها بـ"الحساسة" تتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة.
جاء ذلك خلال لقاء جمع المدير العام للمكتب الحكومي إسماعيل الثوابتة مع وفد من الصليب الأحمر بمدينة غزة، بحسب بيان صدر عن المكتب.وخلال اللقاء، طرح الثوابتة على وفد الصليب الأحمر مجموعة من التساؤلات أبرزها "آلية وكيفية استلام جثامين أسرى إسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بطرق إنسانية ولائقة، في حين تُسلّم جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة لدى الاحتلال بأساليب غير آدمية ووحشية"، وفق البيان.
وتابع: "كما تم الاستفسار عن موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر من عدم استلام جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين أقدم الاحتلال على إذابتهم وتسليمهم بطرق مُهينة في أكياس بلاستيكية تتناقض مع المعايير الدولية".
وتتهم تقارير إعلامية اللجنة الدولية للصليب الأحمر بـ "ازدواجية معايير" خلال تسلم وتسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين قبل نحو أسبوعين.فيما سبق وقال الثوابتة في منشور على إكس: "بينما يُجري الصليب الأحمر مراسم رسمية مهيبة عند تسلُّم جثث الأسرى الإسرائيليين، يُسلِّم جثامين الشهداء الفلسطينيين في أكياس زرقاء تُلقى داخل شاحنات تفتقر لأبسط مقومات الكرامة الإنسانية".
وردا على ذلك، نفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المشاركة في نقل جثامين من إسرائيل إلى قطاع غزة.كما ناقش الطرفان، بحسب البيان، مسألة "التنسيق لموظفين ومهندسين يعملون في مؤسسات مدنية" للعمل في الميدان بغزة خلال أشهر الإبادة، ومن ثم يتعرضوا لقصف إسرائيلي يسفر عن مقتلهم.
وطلب الثوابتة من الصليب الأحمر توضيحات حول "آليات الحماية المتبعة" في مثل تلك المواقف.إلى جانب ذلك، طالب الثوابتة الصليب الأحمر بتفسير حول عدم قيام اللجنة الدولية "بمهامها كاملة (بغزة)، لا سيما في حماية المستشفيات والطواقم الطبية والإنسانية، وتقديم المساعدات الإنسانية بشكل منتظم وواسع"، كما تساءل عن موقفها تجاه تنصّل الاحتلال من مسؤولياته في الكشف عن مصير المعتقلين الفلسطينيين الذين تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري كجريمة ضد الإنسانية.
وبحسب البيان، فإن المكتب الحكومي أبدى ملاحظاته بشأن ضعف الوجود الميداني للجنة الصليب الأحمر في المناطق التي تشهد انتهاكات إسرائيلية بالمقارنة مع مؤسسات دولية أخرى تعمل في مجالات مشابهة.كما ناقش الطرفان آلية استلام الأسرى الفلسطينيين المحررين من نقاط معينة في معبر "كرم أبو سالم" جنوبي القطاع، بدلا من استلامهم من مقرات السجون نفسها، إلى جانب بحث ما يتعرض له الأسرى بسجون "إسرائيل" من تعذيب شديد خلال طريق نقلهم إلى نقاط الاستلام المذكورة.
وسبق وقال أسرى فلسطينيون أفرج عنهم في دفعات تبادل سابقة ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، في مقابلات، إن إسرائيل ألقتهم عند معبر "كرم أبو سالم" بعد ساعات من التعذيب خلال عملية النقل، فيما أجبرتهم على المشي لعدة كيلو مترات وصولا إلى نقطة ينتظرهم فيها الصليب الأحمر، فيما لم يصدر بيان من لجنة الصليب تعقيبا على ذلك.
بدوره، نقل بيان المكتب الحكومي بغزة عن وفد لجنة الصليب الأحمر الدولية قولهم إنهم "لم يكونوا مسؤولين عن كثير من عمليات التنسيق المُعلن عنها في وسائل الإعلام، وأن مؤسسات دولية أخرى تمارس هذه المهمة أيضاً، وأنهم ملتزمين بمعايير العمل وفق المبادئ الدولية".
وأكد وفد الصليب الأحمر التزامهم "بمواصلة العمل الإنساني وفق المبادئ الدولية"، مُعبّرين عن استعدادهم "لتعزيز التعاون مع الجهات الفلسطينية المعنية"، وفق ما جاء في البيان.
وشدد الوفد على حرص لجنتهم "على الالتزام بمبادئ الحياد والاستقلالية والإنسانية في جميع أنشطتهم، مشيرين إلى أن المنظمة تعمل جاهدة على تحسين سبل تقديم المساعدات الإنسانية وضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني"، بحسب البيان.وأشار الوفد، وفق البيان، إلى أن الصليب الأحمر يبذل جهودا مستمرة للتواصل مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الاحتلال الإسرائيلي لحثه على احترام التزاماته القانونية والإنسانية.
الانسحاب من محور "فيلادلفيا''
على صعيد آخر لم يقرر الإحتلال الإسرائيلي بعد الانسحاب من محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل أسرى ينص على انسحابها السبت المقبل.
وفي ماي 2024، احتلت "إسرائيل" محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح البري بين غزة ومصر، وهو ما ترفضه الفصائل والسلطة الفلسطينية والقاهرة.وقالت هيئة البث العبرية الرسمية، الأربعاء: "في إطار صفقة الرهائن الحالية، تعهدت إسرائيل بالانسحاب من محور فيلادلفيا في اليوم الثاني والأربعين من الاتفاق، أي السبت المقبل".لكنها نقلت عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه: "لم يتقرر بعد ما إذا كانت إسرائيل ستبدأ الانسحاب من محور فيلادلفيا، كما تعهدت، في اليوم الأخير من الاتفاق".
وأضاف أن "ذلك يعتمد على ما إذا كان سيتم تمديد وقف إطلاق النار، وفقا لما تريده إسرائيل والولايات المتحدة"، دون إيضاحات.ويعارض وزير المالية التابع للاحتلال الإسرائيلي، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش الانسحاب من محور فيلادلفيا.ويخشى رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انسحاب الحزب من الائتلاف الحكومي ومن ثم إسقاطه، ويعد هذا أحد العوامل التي قد تحدد مصير اتفاق غزة.
ويريد نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق والتهرب من المرحلة الثانية، لأسباب أبرزها أنها تنصّ على إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من القطاع.
عدوان متواصل..
ميدانيا اعتقل الجيش الإسرائيلي 50 فلسطينيا بينهم أطفال ومعتقلون سابقون خلال عمليات اقتحام نفذها بمناطق مختلفة بالضفة الغربية المحتلة ، في ظل تواصل عدوانه على المنطقة منذ أكثر من شهر.
جاء ذلك في بيان مشترك صدر، عن نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، وهيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير (رسمية).وقال البيان إن الاعتقالات توزعت في كافة محافظات الضفة الغربية المحتلة.
وأوضح أن الإحتلال يواصل تنفيذ هجومها العسكري على محافظتي جنين وطولكرم منذ أسابيع، حيث تخلله عمليات "اعتقال وتحقيق ميداني ممنهج طال عشرات العائلات، إضافة إلى اعتقال مواطنين رهائنا، وتحويل منازل إلى ثكنات عسكرية".