Print this page

مآل خطة التهجير وأدوات المقاومة العربية: الضغوطات الاقتصادية والسياسية ... خطوة ترامب القادمة لفرض أجندته

"رفض مخطط ترامب للتهجير " هو العنوان الأهم للمواقف العربية المعلنة ردا على تصريحات ترامب

التي أثارت عاصفة من ردود الفعل والغضب الشعبي والاستياء الرسمي العربي . ولئن كان موقف عديد الدول العربية في العهدة الأولى لترامب متذبذبا واتسم بالرضوخ لصفقة القرن التطبيعية، فاللافت بأن هناك اليوم إرادة رسمية عربية برفض المشروع الترامبي ومخطط التهجير القسري . فالحق الفلسطيني لا يباع ولا يشتى وترامب وعهدته ليست الا مرحلة مؤقتة من مسار تاريخي طويل لن يستطيع ان يمسح بمخططاته اسم فلسطين والفلسطينيين بجرة قلم لاستكمال مشروع التصفية والإبادة الصهيونية الدموية التي بدأها نتنياهو وقبله كل مرتزقة الاحتلال منذ النكبة.

رفض مصري وأردني
ولوح الرئيس عبد الفتاح السيسي برفض لقاء ترامب في البيت الأبيض إذا كان جدول الأعمال يشمل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وناقش ترامب خطته خلال اجتماع مع عاهل الأردن الملك عبد الله في البيت الأبيض ملوحا بضغوطات على مصر والأردن .

وأعلنت حماس تثمينها لموقفي الأردن ومصر الرافض للتهجير وأكدت الحركة ان هناك خطة عربية لإعمار غزة دون تهجير أهلها" .
وقالت الحركة في بيان "إننا في حركة حماس نعتبر الموقف الأردني امتدادًا لموقفه في رفض مشاريع التهجير والتوطين والوطن البديل، والتي تسعى إلى طمس هوية شعبنا الفلسطيني وإنهاء قضيته العادلة". وأضافت "ونثمن مواقف الأشقاء في الدول العربية وكل دول العالم التي عبرت عن رفضها لأي مخططات تهدف إلى تهجير شعبنا أو تصفية حقوقه الوطنية". وشددت حماس أن الشعب الفلسطيني "سيظل متمسكا بأرضه ووطنه، ولن يقبل بأي حلول تنتقص من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال".
وتعهّدت مصر بـ"طرح تصوّر متكامل" لإعادة إعمار غزة يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم، وذلك ردا على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع المساعدات عن مصر والأردن إذا ما رفضا استقبال سكان القطاع الذي يريد أن تسيطر بلاده عليه لتطويره عقاريا.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إنّ مصر "تجدّد التزامها بطرح تصوّر متكامل لإعادة إعمار القطاع، وبصورة واضحة وحاسمة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وبما يتّسق مع الحقوق الشرعية والقانونية لهذا الشعب". شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ضرورة أن تتمّ إعادة إعمار قطاع غزة "دون تهجير سكانه الفلسطينيين".
وجدّد العاهل الأردني عبدالله الثاني التأكيد على "معارضته الشديدة لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية" وذلك بعد لقائه في البيت الأبيض الرئيس الأمريكي.

وفي الوقت نفسه جدد الرئيس اللبناني جوزاف عون، امس الأربعاء موقف بلاده الثابت من القضية الفلسطينية الداعم لحل الدولتين، مؤكدا رفضه الطروحات التي تقضي بتهجير الفلسطينيين من أرضهم أو المساس بحقوقهم. وفي خضم كل هذه المستجدات يطرح السؤال الأهم ما هي أدوات المقاومة التي تملكها الدول العربية ضد مقترح ترامب غير القانوني والأخلاقي .
خطة مصرية
وقد أعلنت مصر عن نيتها طرح تصور شامل لإعادة إعمار قطاع غزة، مؤكدة حرصها على ضمان بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه.وأكدت وزارة الخارجية المصرية التزامها بإيجاد حلّ طويل الأمد للقضية الفلسطينية، يشمل إعادة إعمار القطاع دون المساس بحقوق الفلسطينيين أو تهجيرهم من أراضيهم.وجاء ردّ الفعل المصري حاسما بعد تصريحات الرئيس الأمريكي، التي طرح خلالها فكرة تخصيص أراض في الأردن ومصر لتهجير الفلسطينيين قسرا. في هذا الإطار، شددت القاهرة على رفضها التام لأي مقترح يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من غزة أو توطينهم في أراض أخرى، وهو ما يعد تصديا لمحاولات ترامب التي تكرر خلال السنوات الأخيرة لتغيير معالم القضية الفلسطينية بشكل أحادي.
ووفق مراقبين يعكس التحرك المصري رغبة القاهرة في تحقيق مزيد دعم الحق الفلسطيني. وفي هذا السياق، شدّد البيان المصري على أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أنّ يتجنب المساس بمكتسبات السلام في المنطقة، ويشمل بالضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتنفيذ حلّ الدولتين كحلّ وحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك.
وجاء الرفض المصري ليؤكد موقف القاهرة الثابت من مسألة التوطين، وهو الموقف الذي يلقى دعما من العديد من الأطراف الدولية والعربية، التي ترى أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم هو تهديد للسلام في المنطقة.
من جانب آخر، مثلت تصريحات ترامب الأخيرة بشأن وقف المساعدات الاقتصادية عن مصر والأردن إذا تمسكت بمواقفها الرافضة لهذه المشاريع، لتكشف عن استمرار الضغوط الأمريكية على دول المنطقة. ولكن، ورغم هذه الضغوط، تبقى مصر والأردن مصممتين على موقفهما، معتبرين أن الحفاظ على حقوق الفلسطينيين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام مستدام في المنطقة.
ويؤكد متابعون أن تحركات مصر الأخيرة تأتي في وقت حساس على الساحة الفلسطينية، خصوصا في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر.
وفي تغريدة نشرها عبر منصة "إكس" (تويتر)، أكد الملك عبد الله الثاني على أهمية التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، يقوم على أساس حل الدولتين، ويضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. كما أشار إلى أنّ الأردن سيواصل دعم حقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية، وأنه لن يقبل بأي مقترحات تقوض هذه الحقوق أو تساهم في تغيير معالم القضية الفلسطينية.تصريحات الملك عبد الله جاءت في وقت حسّاس، حيث تزامنت مع الضغوط الأمريكية لتمرير خطط تهدف إلى إعادة ترتيب الوضع في غزة والمنطقة بشكل عام.
خطة تهجير قسري
وفي الرابع من فيفري أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلا واسعا في العالم العربي ودهشة في مختلف أنحاء العالم بعد أن اقترح خطة مفاجئة ومثيرة للجدل خلال استقباله رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في واشنطن، تقضي بتهجير جميع سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر، إثر حرب الإبادة الطويلة التي استمرت خمسة عشر شهرا ، والتي أسفرت عن دمار شبه كامل للقطاع.
بحسب خطة ترامب، على مصر والأردن استقبال الفلسطينيين المهجرين من غزة، إلا أن كلا البلدين رفضا هذا الاقتراح بشكل قاطع. وعندما سئل ترامب في عن كيفية إقناع القاهرة وعمان بقبول الفلسطينيين، أجاب بثقة: "سوف يفعلون ذلك، أليس كذلك؟ نحن نفعل الكثير من أجلهم، وسوف يفعلون ذلك". وكان ترامب يشير إلى المساعدات الأمريكية المقدمة لهذين البلدين بموجب اتفاقيات التعاون التي تم توقيعها بعد معاهدتي السلام بين إسرائيل من جهة ومصر في 1979 والأردن في 1994 من جهة أخرى.
ورغم أن اقتراح ترامب يعد بمثابة تهجير قسري للسكان، وهو ما يعد جريمة حرب محظورة بموجب العديد من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية جنيف، فإن الحكومة الإسرائيلية أبدت اهتماما جادا بهذه الفكرة. وقد أصدر وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تعليمات للجيش للعمل على تسهيل "المغادرة الطوعية" لسكان غزة. من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في تغريدة له هذا الاقتراح بـ"الفكرة الرائعة التي يجب دراستها بعناية".
هذه التصريحات تمثل تحولا كبيرا في الموقف الأمريكي تجاه النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. فبينما كانت الولايات المتحدة على مدار عقود ملتزمة بحل الدولتين وتضمين قطاع غزة كجزء من الدولة الفلسطينية المنشودة، كان رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لهذا المقترح معلوما. وقد أبدت الإدارة الأمريكية في فترات سابقة معارضتها لأي عملية تهجير قسري للفلسطينيين، حيث أكد وزير الخارجية في إدارة بايدن، أنتوني بلينكن، في العام الماضي أنه "لا يمكن ولا يجب إجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة". لكن يبدو أن هذا الموقف الأمريكي في طريقه للتغيير بشكل يثير قلق الفلسطينيين والدول المجاورة.
وتستضيف الأردن اليوم أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني وفقا للأمم المتحدة، وقد تمكن عدد كبير منهم من الحصول على الجنسية الأردنية. كما لجأ العديد من الفلسطينيين إلى مصر مع بداية الحرب مع "إسرائيل". في هذا السياق، كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أكد في أكتوبر 2023 رفضه القاطع لأي عملية تهجير قسري للفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، مشددا على أنّ الحل الوحيد يكمن في إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
المساعدات الاقتصادية ... ورقة ضغط
ورغم عدم وجود جدول زمني واضح للخطة التي طرحها ترامب، صرح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الذي يستعد لأول زيارة له للشرق الأوسط بعد توليه منصبه، أنّ الفلسطينيين سيتعين عليهم "العيش في مكان آخر بشكل مؤقت" أثناء إعادة إعمار غزة.
ورغم الرفض القوي من جانب القاهرة وعمان لمقترح ترامب، يرى مراقبون أن الجانب الأمريكي سيمارس سياسة ضغط اقتصادي كبرى في ظل اعتماد مصر والأردن الكبير على المعونات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية. إذ تعد الأردن من بين الدول الأربع الأكثر استفادة من المساعدات الأمريكية، حيث تحصل على 1.4 مليار دولار سنويا كمساعدات ثنائية من واشنطن. أما مصر، فتتلقى 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية بموجب اتفاقيات كامب ديفيد.

وسبق أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بقطع المساعدات عن مصر والأردن في حال رفضا استقبال نحو مليوني فلسطيني يعتزم وفق خطة مثيرة للجدل طرحها تهجيرهم من قطاع غزة. وجاء هذا التهديد قبيل لقاء جمع أمس الأول بين ترامب والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض ، والذي سبق وأن أعلن رفضه القاطع لفكرة تهجير الفلسطينيين إلى الأردن.
كما قوبل التهديد الأمريكي بتصريح مصري حاسم، أكّد رفض مصر التام لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك "حق تقرير المصير" و"البقاء على الأرض" و"الاستقلال". في هذا السياق يرى مراقبون أنّ السؤال الّذي يجب طرحه الآن هو إلى أيّ مدى يستطيع كل من الأردن ومصر مقاومة ضغوطات الرئيس الأمريكي؟
تحذيرات عربية
في الأثناء قال مسؤولون عرب كبار أمس الأربعاء إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على غزة وإعادة توطين سكانها، والتي قوبلت بتنديد دولي، من شأنها أن تهدد وقف إطلاق النار الهش في القطاع وتفاقم حالة عدم الاستقرار بالمنطقة.
وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي، من أن ضغط ترامب للمضي في تنفيذ خطته سيقود الشرق الأوسط إلى جولة جديدة من الأزمات وأن تداعيات هذه المواجهة ستكون وخيمة على السلام والاستقرار.
وأثار ترامب غضب العالم العربي بإعلانه بشكل غير متوقع أن الولايات المتحدة ستسيطر على غزة، وتعيد توطين أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون بالقطاع وتطوره إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وقال أبو الغيط "إذا مضى الرئيس ترامب بهذا الأسلوب في الضغط على الغزاويين وعلى العالم العربي وعلى المصريين والأردنيين والسعوديين وكل هذه القوى ذات التأثير في هذه المنطقة أتصور إنه وبدلا من حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يقوم على أساس حل الدولتين أتصور إنه يقود الشرق الأوسط إلى دورة جديدة من الخلاف الشديد بين العرب وإسرائيل".
ودعا جاسم البديوي أمين عام مجلس التعاون الخليجي ترامب إلى تذكر العلاقات القوية بين المنطقة وواشنطن.وأضاف البديوي "هناك ثوابت واضحة فيما يخص القضية الفلسطينية... والكلام أخذ وعطا... هو يقول رأيه والعالم العربي يقول رأيه .. عندك صفقة لن يقبلها العالم العربي...".
من جهتها أشادت حركة "حماس" أمس الأربعاء، بموقف الأردن ومصر الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني والتأكيد على وجود خطة عربية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير أهله.
وقالت "حماس" في بيان، إن الحركة "تثمن مواقف الأشقاء في الأردن ومصر الرافض لتهجير شعبنا، والتأكيد أن هناك خطة عربية لإعمار غزة دون تهجير أهلها".واعتبرت أنّ موقف الأردن يمثل "امتدادا لموقفه في رفض مشاريع التهجير والتوطين والوطن البديل، والتي تسعى إلى طمس هوية شعبنا الفلسطيني وإنهاء قضيته العادلة".
ومنذ 25 جانفي الماضي، يروج ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، مثل الأردن ومصر، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.وتابعت حماس: "ونثمن مواقف الأشقاء في الدول العربية وكل دول العالم التي عبرت عن رفضها لأي مخططات تهدف إلى تهجير شعبنا أو تصفية حقوقه الوطنية".وأردفت: "نؤكد أن شعبنا سيظل متمسكا بأرضه ووطنه، ولن يقبل بأي حلول تنتقص من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال".
وجددت الصين معارضتها لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتوطين الفلسطينيين في دول مجاورة مثل مصر والأردن.وأكد متحدث وزارة الخارجية الصينية غو جياكون بمؤتمر صحفي،أمس الأربعاء، أن الصين تدعم الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة.
وقال: "غزة ملك للفلسطينيين وجزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، ونحن نعارض التهجير القسري للشعب الفلسطيني".وأعرب عن اعتقاده أن مبدأ "فلسطين يحكمها الفلسطينيون" يجب أن يشكل أساس إعادة الإعمار في غزة بعد الحرب.وشدد على ضرورة أن يلعب المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى دورًا بناءً في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل، وتشجيع المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار بقطاع غزة، وذلك في ظل الظروف الراهنة.
وأكد نائب الوزير أن كافة الترتيبات المتعلقة بمستقبل غزة يجب أن تحترم إرادة الشعب الفلسطيني، وأن تتوافق كافة خطط الحكم في غزة بعد الحرب مع مبدأ "فلسطين يحكمها الفلسطينيون".

المشاركة في هذا المقال