النظر في ما بات يعرف بملف "انستالينغو" الذي شمل عشرات المتهمين من بينهم سياسيين وصحفيين وامنيين .
تواصل الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الثلاثاء الموافق لـ28 جانفي 2025 النظر في ملف "انستالينغو"، في انتظار أن تخصص جلسة اليوم لاستنطاق المتهمين.
علما وان هيئة المحكمة كانت قد تمسكت خلال جلستها الفارطة بمباشرة الاستنطاقات ، الا ان لسان الدفاع طلب التأخير حتى يتمكن من الاطلاع على ملف القضية واعداد وسائل الدفاع. وبعد أخذ ورد قرر لسان الدفاع الانسحاب من قاعة الجلسة. اثر ذلك قررت هيئة المحكمة الاستجابة إلى طلب لسان الدفاع وتأخير القضية إلى جلسة اليوم 28 جانفي الجاري.
قضية "انستالينغو" انطلقت الأبحاث فيها منذ شهر جوان من سنة 2022 وذلك بناء على نتائج تدقيق مالي تضمن وجود شبهة بشأن معاملات مالية بين عدد من المشتبه بهم، وقد أثبتت الأبحاث وجود علاقة مباشرة أو غير مباشرة تربط بين المظنون فيهم. وقد شملت الأبحاث عددا من الصحفيين والمدوّنين وأصحاب أعمال حرّة وسياسيين من بينهم رئيس مجلس نواب الشعب المنحل راشد الغنوشي الخريجي وابنته وصهره رفيق عبد السلام والناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي وعادل الدعداع...
باشرت النيابة العمومية بالمحكمة المحكمة الابتدائية بسوسة في جوان 2022 الأبحاث، وأذنت في مرحلة أولى لباحث البداية بالاحتفاظ بـ 9 أشخاص من بين 28 شخصا شملتهم الأبحاث آنذاك.
وبإحالة المحضر والمحتفظ بهم في 21 جوان 2022 على انظار النيابة، تقرر فتح بحث تحقيقي ضدّ كافة المشمولين بالبحث من أجل ارتكاب جملة من جرائم، وأحالت الملف على انظار قاضي التحقيق.
تعهد قاضي التحقيق بالملف، وبعد استنطاق المظنون فيهم الـ9 المحالين بحالة احتفاظ أصدر في شأن 6 منهم بطاقات إيداع بالسجن، فيما قرّر إبقاء 3 آخرين بحالة سراح.
من جهتها قرّرت النيابة العمومية الطعن في قرار إبقاء بعض المتهمين بحالة سراح، لتتولى دائرة الاتهام اثر ذلك نقض قرار قاضي التحقيق وإصدار بطاقات إيداع بالسجن في شأنهم الّا انّه لم يتم تنفيذ بطاقات الإيداع كما أحيل المعنيون بالأمر بحالة فرار.
تواصلت الأبحاث في الملف لتشمل أشخاصا آخرين ليصبح بذلك عدد المحالين في الملف 51 مظنون فيه أحيل من بينهم 12 بحالة إيقاف، وأحيل عدد أخر بحالة سراح وقد تمّ إصدار بطاقات جلب في حق عدد آخر من المظنون فيهم المحالين بحالة فرار.
وفي جوان 2023 اصدر قاضي التحقيق قرار ختم البحث في ملف الحال حيث قرر إحالة 37 مشتبه به على أنظار دائرة الاتهام لاتخاذ الإجراءات التي سترى أنها صالحة في شأنهم، وحفظ التتبع في حق 14 آخرين ورفع تحجير السفر عنهم. كما قرر رفع تجميد التعامل على الحسابات البنكية وتجميد التعامل على الرسوم العقارية المتخذة في شأن 22 شخص.
وبإحالة الملف على أنظار دائرة الاتهام بمحكمة الإستئناف بسوسة قررت بتاريخ 20 جويلية 2023 رفض استئناف النيابة العمومية لقرار حفظ التهم ضد 9 متهمين، وقررت إحالة الملف على الدائرة الجنائية بمحكمة سوسة 1 وتولت إصدار بطاقات إيداع ضد 14 متهما أخر. كما قررت توجيه جملة من التهم للمشمولين بالبحث التحقيقي في القضية منها الاعتداء على أمن الدولة الخارجي وتبديل هيئة الدولة وحمل السكّان على مهاجمة بعضهم البعض وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة لـ41 متهما من بين الموقوفين والمحالين بحالة سراح والمتحصنين بالفرار.
كما انفرد 27 متهما بتهمة غسيل الأموال وثلاثة متهمين آخرين بتهمة الإثراء غير المشروع.
هذا وقد وجهت الدائرة تهمة تكوين مكاسب بالخارج دون ترخيص من البنك المركزي لمتهمين اثنين وتهمة التقاصص بين الديون والتعامل بين مقيم وغير مقيم دون ترخيص من البنك المركزي لثلاثة متهمين آخرون.
وشملت تهمة تصدير وتوريد دون إعلام وترخيص من البنك المركزي لأدوات دفع بالدينار التونسي متهمين إثنين فيما انفرد متهم بتهمة التوريد دون إعلام لبضاعة محجّرة ناتجة على التفريط في بضاعة تحت القيد الديواني.
اثر ذلك قرر لسان الدفاع في حق المتهمين الطعن بالتعقيب في قرار دائرة الاتهام، وبعد سلسلة من التأجيلات قررت المحكمة رفض الطعن "أصلا" وإحالة الملف على الدائرة الجنائية لمباشرة جلسات المحاكمة.
وكانت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بسوسة قد باشرت ، في بداية الأمر، النظر في قضية الحال، الا انه تقرر اثر ذلك استجلاب الملف الى المحكمة الابتدائية بتونس.
**
إعلاميين وصحفيين أمام المحاكم بمختلف درجاتها...
نقابة الصحفيين تستنكر « تمسك القضاء التونسي بتفعيل المرسوم 54"
قالت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أنّ المحاكم التونسية بمختلف درجاتها قد انطلقت منذ أمس الاثنين في النظر، في 3 ملفات متعلقة بصحفيين وإعلاميين. ونددت « بالأحكام السالبة للحرية وتواتر المحاكمات والإحالات على قوانين كالمرسوم 54 وقانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال وخارج إطار القانون المنظم لحرية الصحافة والطباعة والنشر ».
وأكدت النقابة في بيان لها أمس الاثنين 27 جانفي 2025 أن محكمة الاستئناف بتونس، قرّرت تأجيل النظر في ملف الصّحفي خليفة القاسمي إلى يوم 24 فيفري القادم والذي كان أحيل على معنى قانون الإرهاب إثر نشره خبرا صحفيا استقاه من مصدر أمني رسمي، كما انّ محكمة التعقيب قد نقضت حكما استئنافيا بالسجن 5 سنوات في حق القاسمي صدر في 15 ماي 2023.
وقالت النقابة ان قاضي التحقيق قد استمع امس الاثنين وغدا الأربعاء الى كل من الصحفي مراد الزغيدي والإعلامي برهان بسيس في مواصلة للتحقيق معهما في قضايا مالية.
كما اشارت الى « تواصل تدهور الوضع الصحي » للصّحفي محمد بوغلاب في ظلّ غياب الرّعاية الصحية الضرورية ، الى جانب مثول الصحفية شذى الحاج مبارك اليوم الثلاثاء أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الابتدائية بتونس في حالة إيداع مذكّرة بوضعها الصّحي الحرج في السّجن.
وذكرت النقابة بأنّ محكمة الاستئناف بتونس قد أصدرت يوم 22 جانفي 2025 حكما بالسجن 18 شهرا في حق المحامية والإعلامية سنية الدهماني على معنى المرسوم 54 الخاص بجرائم أنظمة المعلومات والاتصال منددة في هذا الصدد بالحكم الصادر في حق الدهماني، واستنكارها « تمسك القضاء التونسي بتفعيل المرسوم 54 « رغم « الاتفاق المجتمعي على أضراره على حرية الصحافة والتعبير »، ورغم تقديم عدد من النّواب بالبرلمان مشروعا لتنقيحه، قالت انه مازال معطلا داخل مكتب المجلس دون أي تفسيرات.
وجدّدت النقابة في بيانها ، دعوتها الدّولة والمحاكم لإيقاف، ما وصفته بـ "التتبعات غير الدّستورية" خارج إطار القانون المنظم لقطاع الصحافة لكل الصحفيين والإعلاميين المحالين على معنى مضامين صحفية واعلامية، وإطلاق سراحهم في أفق فتح صفحة جديدة في التعاطي مع قضايا الرأي تعوض تجريم الصحفيين بنقاش عام ومفتوح وناجع وتشاركي حول كل القضايا التي تعني التونسيات والتونسيين في إطار التنوع والتعدد والرأي والرأي الآخر.
ودعت النقابة وزارة العدل إلى « تحمل المسؤولية القانونية والانسانية في حماية سلامة الصحفيين، والعمل على إيقاف نزيف التدهور الخطير لصحتهم وخاصّة محمد بوغلاّب وشذى الحاج مبارك »، مطالبة إيّاها « باتخاذ الاجراءات الضرورية لتوفير الرعاية الصحية اللاّزمة لهما ».
ونبّهت في هذا الصّدد، الرّأي العام إلى «خطورة الإحالات العدلية المسجلة وتأثيراتها الخطيرة على العمل الصحفي وتحجيم دوره في معالجة قضايا الرأي العام، ومسؤوليته الرّقابية على السياسات العمومية بما يعكس المسؤولية المجتمعية للصحافة التونسية ».