الأكثر صارمة فيما يتعلق بالملفات العالمية الكبرى مثل اتفاقية باريس للمناخ او منظمة الصحة العالمية والعلاقة مع الصين فقد وقع ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية التي أثارت جدلا واسعا، وجاءت كاستجابة للوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية. شملت هذه الأوامر عدة مجالات حساسة تتراوح بين الهجرة والاقتصاد والمساواة الاجتماعية، بالإضافة إلى إلغاء العديد من القرارات التنفيذية التي أصدرها سلفه، الرئيس السابق جو بايدن، في آخر أيامه في المنصب. وكان من بين القرارات التي ألغيت تلك التي تم اتخاذها دعما للمساواة العرقية، فضلا عن رفع العقوبات عن المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
ويرى مراقبون أن قرارات ترامب التنفيذية تمثل بداية لمرحلة جديدة من السياسات الأمريكية التي تعكس تحولا جذريا عن سياسات سلفه جو بايدن. هذه القرارات تبين رؤية ترامب لمستقبل السياسة الداخلية والخارجية، والتي ترتكز على مواقف أكثر تشددًا في قضايا الهجرة، الطاقة، والتعامل مع المنظمات الدولية. وبالرغم من الدعم الذي تلقاه من أنصاره، إلا أن العديد من هذه القرارات قد تثير نزاعا قانونيا، وتواجه معارضة من الجهات السياسية والقضائية المختلفة.
توجهات سياسية حادة
وفي اليوم الأول من ولايته الثانية، بدأ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سلسلة من القرارات التنفيذية التي كانت بمثابة إعلان قوي عن توجهاته السياسية الجديدة. وفي خطوة سريعة، بدأ ترامب في محو الإرث الذي خلفه سلفه، الرئيس السابق جو بايدن، مؤكدا عزمه على إعادة تشكيل العديد من المؤسسات الأمريكية بما يتوافق مع رؤيته. هذه القرارات شملت ملفات عدة، منها العفو عن أنصاره المتورطين في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 جانفي 2021، وتعديل السياسات المتعلقة بالهجرة والأمن القومي.
وفي خطوة جريئة، وقع ترامب مجموعة من الأوامر التنفيذية التي تعكس رغبته في إعادة تشكيل المؤسسات الأمريكية بما يتماشى مع أولوياته. فقد قرر زيادة تأمين الحدود، وتصنيف عصابات تهريب المخدرات على أنها منظمات إرهابية أجنبية، بالإضافة إلى فرض قيود جديدة على منح الجنسية الأمريكية بالولادة. كما أعلن عن تجميد اللوائح التنظيمية الجديدة، وتأسيس مجموعة عمل تهدف إلى تقليص حجم الحكومة الفيدرالية، وهو قرار يعكس توجهاته المحافظة بشأن تقليل تدخل الحكومة في شؤون المواطنين.
وأحدى القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها ترامب كان العفو عن حوالي 1500 شخص كانوا قد تورطوا في هجوم الكابيتول، بما في ذلك عدد من القادة البارزين لجماعات يمينية متطرفة مثل "براود بويز" و"حراس القسم". هذه الخطوة اعتبرها مراقبون بمثابة ''تصحيح سياسي يعكس دعم ترامب لأنصاره الذين شاركوا في محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020''. هذا العفو لاقى ترحيبا من مؤيدي ترامب الذين يعتبرون هؤلاء الأشخاص أبطًالا للدفاع عن ما يعتقدون أنه حقهم في تغيير نتائج الانتخابات.ولكن في المقابل، أثار هذا القرار موجة من الانتقادات على الصعيدين السياسي والقانوني. فقد اعتبره المعارضون غطاء للإفلات من العقاب لأولئك الذين شاركوا في هجوم على الديمقراطية الأمريكية. حيث حاول أنصار ترامب تعطيل العملية الانتخابية بطريقة عنيفة، وهو ما مثل آنذاك سابقة وتحديا للانتقال السلمي للسلطة في الولايات المتحدة.
العودة إلى البيت الأبيض
بعد أربع سنوات من مغادرته للبيت الأبيض، وصف ترامب شعوره بالعودة إلى المكتب البيضاوي بأنه "أحد أفضل اللحظات في حياته". وعلى عكس ولايته الأولى، حيث كان يعاني من منافسات داخل فريقه الرئاسي، بدا ترامب هذه المرة أكثر حسمًا في تحركاته. فقد قرر فورا تنفيذ مجموعة من الإجراءات التي تتماشى مع أجندته السياسية، ما يعكس إصراره على تحقيق "العصر الذهبي لأمريكا" الذي كان قد وعد به خلال حملته الانتخابية.
وفي تحرك آخر، أبطل ترامب العديد من القرارات التي كان قد أصدرها سلفه بايدن، والتي شملت قضايا تغير المناخ والمساواة العرقية، وكذلك المبادرات التي تدعو إلى التنوع والشمول. وبذلك، عكس ترامب مواقف سابقة قد تتناقض مع رؤيته للأولويات الوطنية. في الوقت ذاته، شملت قراراته وضع استراتيجيات جديدة في مجالات متعددة من بينها الأمن الداخلي والطاقة، في محاولة لإعادة هيكلة السياسات التي اعتبرها سلفه ضرورة لمواكبة التحديات المستقبلية.
ورغم الدعم الكبير الذي يلقاه ترامب من مؤيديه، إلا أن قراراته التنفيذية تواجه انتقادات حادة من خصومه السياسيين. هؤلاء يرون أن العودة السريعة والقوية لترامب إلى الساحة السياسية تهدد استقرار النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة، وأنه يستخدم سلطاته الرئاسية بطريقة قد تؤدي إلى تقويض القيم الأساسية التي بنيت عليها الدولة الأمريكية.
بصمة قوية
من الواضح أن ترامب عازم على ترك بصمة قوية خلال ولايته الثانية، وهو ما تجلى في القرارات التي اتخذها في اليوم الأول من حكمه. مع التركيز على قضايا الهجرة والأمن والسياسة الداخلية، ورفضه لما يعتبره سياسات بايدن، يسعى ترامب إلى إعادة تشكيل الولايات المتحدة وفقًا لرؤيته الخاصة. وفي حين أن هذه التحركات قد تثير جدلاً واسعًا، فإنها بالتأكيد ستكون محط اهتمام ومراقبة على الصعيدين المحلي والدولي في الأيام المقبلة.
من بين القرارات الأكثر إثارة للجدل كان توقيع ترامب على أمر تنفيذي يهدف إلى إنهاء حق الحصول على الجنسية الأمريكية بالولادة للمولودين من مهاجرين غير قانونيين، وهو الحق الذي كفله دستور الولايات المتحدة والذي أكدته المحكمة العليا الأمريكية لأكثر من 125 عاما. من المتوقع أن يواجه هذا القرار معارضة قانونية قد تمتد إلى المحكمة العليا.
قرارات وأوامر
وفي خطوة مثيرة للجدل، وقع ترامب أمرا تنفيذيا يقضي بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية، معتبرا أن المنظمة قد أخفقت في التعامل مع جائحة كوفيد-19.هذه الخطوة تعكس الموقف الذي اتخذته إدارة ترامب تجاه المنظمات الدولية خلال ولايته.
ووفق تصريحاته ومن أجل وقف تدفق المهاجرين غير النظاميين، أعلن ترامب حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. ووقع أمرا تنفيذيا يسعى إلى تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود.وأصدر ترامب أمرا تنفيذيا يعلن حالة طوارئ في قطاع الطاقة لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين الأمريكيين وفق تصريحاته ،والهدف من هذا القرار هو خفض التكاليف وزيادة الإنتاج، مما يساعد في تقليص معدلات التضخم.
كما ألغى ترامب العقوبات التي فرضها بايدن على مستوطنين إسرائيليين ارتكبوا أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، مما يعكس تغييرا في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية.وأصدر ترامب أمرا تنفيذيا يوجه وزير الأمن الداخلي بتغيير تسمية "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا"، وهو وعد أطلقه خلال حملته الانتخابية.
وفي خطوة أخرى مثيرة للجدل، قرر ترامب سحب الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاقية باريس للمناخ. هذه الخطوة تحدّ من الالتزامات الدولية الأمريكية في محاربة الاحترار العالمي.كما أصدر ترامب عفوا عن 1500 شخص كانوا قد ارتكبوا مخالفات متعلقة باقتحام مبنى الكابيتول في جانفي 2021، في قرار لاقى ترحيبا من بعض الأنصار وانتقادات حادة من المعارضين.
وألغى ترامب قرار سلفه بايدن برفع كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما كان قد تم بالتزامن مع خطوات لتحسين العلاقات بين البلدين.كما قرر ترامب منح تطبيق تيك توك مهلة 75 يوما للبقاء مفتوحا في الولايات المتحدة، على أن يتم البحث عن مشتر أمريكي للتطبيق. كما طالب أن تكون الولايات المتحدة مالكة لنسبة 50% من التطبيق.
وألغى ترامب عدة أوامر تنفيذية كانت قد عززت حقوق المثليين والمتحولين جنسياً، بما يتماشى مع تعهده بأن الحكومة الأمريكية ستعترف فقط بجنسين محددين هما "الذكر والأنثى". وفي خطوة غير تقليدية، وقّع ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى التحقيق في أنشطة الحكومة الاتحادية السابقة، لاسيما فيما يتعلق بتسليح أجهزة إنفاذ القانون والمخابرات ضد المعارضين السياسيين.
وألغى ترامب أوامر تنفيذية كانت تهدف إلى مساعدة الأقليات العرقية مثل السود واللاتينيين والأمريكيين الأصليين، مشيرا إلى أنه سيوقف سياسة الحكومة في "الهندسة الاجتماعية" التي تشمل العرق والجنس في مجالات الحياة العامة والخاصة. وأصدر ترامب أوامر للوكالات التنفيذية بتقديم إغاثة طارئة للأمريكيين في ظل ارتفاع الأسعار، مع التركيز على خفض تكاليف الإسكان وتحسين العرض السكني.
كما ترامب قرارا بتعليق برنامج إعادة توطين اللاجئين لمدة 4 أشهر، كجزء من سياسة أكثر تشددًا بشأن الهجرة.وأوقف ترامب المساعدات الإنمائية الخارجية لمدة 90 يوما، لحين تقييم مدى فعاليتها وتأثيرها على الأمن القومي.
وأعلن ترامب عن تشكيل مجموعة استشارية تهدف إلى تقليص حجم الحكومة الاتحادية وإلغاء العديد من الوكالات الحكومية، ما أثار ردود فعل قضائية من قبل منظمات تدافع عن حقوق الموظفين الحكوميين.
ووقع ترامب أوامر بتجميد التوظيف في الحكومة الاتحادية، بالإضافة إلى فرض التزام على الموظفين بالعودة للعمل بنظام الحضور الشخصي، ما أثر بشكل كبير على نظام العمل في الحكومة الفيدرالية.
وألغى ترامب مذكرة صادرة عن بايدن تحظر التنقيب عن النفط في القطب الشمالي، مشيرا إلى ضرورة تشجيع استكشاف الطاقة وإنتاجها في الأراضي والمياه الفيدرالية.كما وقع ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى "استعادة حرية التعبير وإنهاء الرقابة الاتحادية"، مدعيا أن الحكومة انتهكت حقوق الأمريكيين في التعبير تحت ستار مكافحة التضليل الإعلامي.