جدل بعد التعديلات في المناهج الدراسية السورية خطوة نحو التغيير أم محاولة لطمس الهوية ؟

يحمل معه عام 2025 تغييرا كبيرا في المشهد السوري مع الإطاحة بنظام الأسد

وما أعقبه من تحولات كبرى خلال أقل من أسبوعين. اليوم تنطلق سوريا الجديدة التي يكتنفها الغموض مع سيطرة هيئة تحرير الشام او جبهة النصرة سابقا بقيادة احمد الشرع على القرار في دمشق. أولى التعديلات التي أثارت جدلا واسعا تلك التي أقرتها وزارة التربية في حكومة تصريف الأعمال السورية حيث تركزت الانتقادات على حذف نصوص وفقرات وإعادة صياغة عبارات في المناهج الدراسية. وقد أظهرت الوثائق التي نشرتها الوزارة عبر صفحتها على "فيسبوك" التفاصيل المتعلقة بهذه التعديلات، التي شملت إزالة أو تعديل صور ورسوم في عدة كتب مدرسية. وتستمر التعديلات في إثارة الجدل حول تأثيرها على هوية التعليم السوري ومستقبل الأجيال القادمة، حيث يرى البعض فيها خطوة نحو تجديد المناهج بما يتناسب مع التحولات السياسية في البلاد، بينما يعتبر آخرون أن هذه التعديلات تمثل محاولة لتغييب أجزاء من تاريخ سوريا لصالح توجهات سياسية معينة وهو ما تسبب بموجة من الغضب الواسع في الأوساط الشعبية والإعلامية.

من أبرز التعديلات، التي أثارت ردود فعل واسعة، هو حذف أي محتوى يتعلق بنظام الأسد، بما في ذلك النصوص التي تذكر رئيس النظام السابق بشار الأسد أو حتى زوجته أسماء. كما تم حذف فقرات متعلقة بالآلهة في كتب التاريخ والفلسفة، وهو ما اعتبره البعض خطوة نحو تغييب جزء من التاريخ الثقافي والديني السوري.إضافة إلى ذلك، تم إعادة صياغة العديد من العبارات في المناهج، بما في ذلك تعديل مفاهيم تتعلق بالهوية الوطنية والتاريخ السوري، وهو ما أثار تساؤلات حول دوافع هذه التعديلات في ظلّ الوضع السياسي الحالي.
من جانبه قال وزير التربية والتعليم بالإدارة السورية الجديدة نذير القادري، أمس الخميس، إن المناهج الدراسية في جميع المدارس السورية لا تزال على وضعها وإن الوزارة وجهت فقط بتغيير بعض المعلومات "المغلوطة" في منهج مادة التربية الإسلامية.
جاء ذلك في تصريحات للقادري نشرتها وكالة الأنباء السورية "سانا" على موقعها بمنصة إكس.وأشار الوزير السوري، وفق "سانا"، إلى أن المناهج الدراسية ما زالت على وضعها "حتى تُشَكل لجان اختصاصية لمراجعة المناهج وتدقيقها".وأضاف: "ما تم الإعلان عنه هو تعديل لبعض المعلومات المغلوطة التي اعتمدها نظام الأسد البائد في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القرآنية بطريقة مغلوطة، فاعتمدنا شرحها الصحيح كما ورد في كتب التفسير للمراحل الدراسية كافة".وأوضح أن الوزارة وجهت بحذف "ما يتعلق بما يمجد نظام الأسد البائد واعتمدنا صور علم الثورة السورية بدلا من علم النظام البائد في جميع الكتب المدرسية".
أبعاد القرارات وتأثيراتها

وأعلنت وزارة التربية والتعليم في الحكومة الانتقالية السورية الجديدة، أمس الأول الأربعاء، عن إدخال تعديلات جذرية على المناهج الدراسية التي أثارت جدلا واسع النطاق. هذه التعديلات شملت مواد دراسية من الصف الأول حتى الصف الثالث الثانوي، مما فجر موجة من الانتقادات والقلق حول تأثير هذه التغييرات على الهوية الوطنية السورية.
ونشرت وزارة التربية والتعليم عبر صفحة فيسبوك الخاصة بها، ووكالة الأنباء السورية (سانا) نسخة من التعديلات التي تم إقرارها بموجب تعميم وقع عليه وزير التربية والتعليم نذير القادري. وتركزت أبرز هذه التعديلات على حذف العديد من الدروس والعبارات التي تمجد النظام السابق، في خطوة تعتبرها الحكومة الانتقالية جزءا من مساعيها لتحديث المناهج بما يتناسب مع التحولات السياسية والاجتماعية في البلاد.
من أبرز التعديلات، قرار استبدال علم الثورة بالعلم السوري القديم في جميع المواد الدراسية، بالإضافة إلى تعديل بعض العبارات التاريخية مثل استبدال مصطلح "الاحتلال العثماني" بـ "الحكم العثماني"، وهو ما أثار جدلا واسعا في الأوساط الثقافية والسياسية. كما تم حذف مادة "التربية الوطنية" بالكامل من المناهج، وهو ما تبرره الحكومة بأن هذه المادة تحتوي على "معلومات مغلوطة تهدف إلى تعزيز دعاية النظام السابق".
وكان حذف "نظرية التطور" من كتاب العلوم في الصف الثالث الثانوي واحدة من أكثر التعديلات المثيرة للجدل ، ما اعتبره كثيرون خطوة نحو العودة إلى الوراء في مجال التعليم. هذه الخطوة أثارت تساؤلات عن مدى التزام الحكومة الانتقالية بالمعايير العلمية الحديثة، كما فتحت الباب أمام تساؤلات حول تأثير هذا الحذف على التفكير النقدي للطلاب.
كذلك، شملت التعديلات حذف عدة فقرات من كتاب التاريخ التي تتعلق بالأحداث التاريخية الهامة في سوريا، بما في ذلك حذف جملة "إعدام قادة الحركة الوطنية في السادس من ماي 1916" من المناهج، وهو حدث يشير إلى إعدام قادة الثورة السورية ضد الاحتلال العثماني في دمشق. وأثارت هذه التعديلات تساؤلات حول وجود رغبة في طمس تاريخ الثورة السورية لصالح تحولات سياسية قد تهدف إلى تحسين العلاقات مع دول أخرى، وخاصة تركيا.
ومن التعديلات التي اعتبرها مراقبون مثيرة للجدل أيضا كانت التغييرات التي طالبت باستبدال مصطلح "الشهادة" في كتب التربية الإسلامية من "في سبيل الوطن" إلى "في سبيل الله"، وهو ما يعكس تحولا واضحا نحو تعزيز البعد الديني في التعليم. كما تم استبدال عبارة "يحكمه قانون العدل" بـ "يحكمه شرع الله"، مع تعديل بعض المفاهيم الاجتماعية والسياسية مثل استبدال "مبدأ الأخوة الإنسانية" بـ "مبدأ الأخوة الإيمانية".
ويرى محللون أنّ هذه التعديلات ليست فقط إيديولوجية بل تشمل كذلك جوانب أخرى مثل حذف الفلسفة الصينية من كتب الفلسفة في الصف الأول الثانوي، وحذف صور المنحوتات والتماثيل من كتب اللغة الإنقليزية. وهو ما يمكن تفسيره في سياق محاولات إلغاء بعض الأفكار التي قد تُعتبر غير متوافقة مع الأيديولوجيات السائدة في الحكومة الحالية.
ردود أفعال متباينة
وتباينت ردود الأفعال حول هذه التعديلات. حيث يرى البعض فيها خطوة إيجابية نحو تغيير مناهج التعليم التي كانت مليئة بالتحيز السياسي والنظامي في عهد بشار الأسد. في حين يرى آخرون أن هذه التعديلات ما هي إلا محاولة لإعادة تشكيل الهوية الوطنية السورية وفق أيديولوجيات جديدة لا تعكس التنوع الثقافي والتاريخي لسوريا.
وقد اعتبر البعض أن الحكومة الانتقالية لا تملك الشرعية أو الصلاحية القانونية لتعديل المناهج، كونها "حكومة تصريف أعمال" وفق ما تقتضيه المرحلة الانتقالية. وأشاروا إلى أن هذه التعديلات قد تساهم في تعزيز الانقسامات الداخلية في المجتمع السوري بدلاً من توحيده حول قيم وطنية مشتركة.
وفي خطوة أخرى شملت التعديلات إلغاء مادة "التربية الوطنية" من المناهج هذا العام، تم الإعلان عن استبدال هذه المادة بمادة "التربية الدينية"، سواء كانت إسلامية أو مسيحية. كما تقرر أن تدخل درجات مادة التربية الدينية في المجموع العام للطلاب في الشهادة الثانوية، بدلا من أن تكون غير مضافة كما كان الحال سابقا. هذه الخطوة أثارت قلقا لدى البعض من تحويل التعليم في سوريا إلى أيديولوجيا دينية قد تؤثر سلبا على تنمية التفكير النقدي لدى الطلاب.
ووفق مراقبين تعد هذه التعديلات في المناهج الدراسية خطوة مثيرة للجدل في تاريخ التعليم السوري الحديث. في الوقت الذي يراها البعض بداية لتحولات جذرية في النظام التعليمي السوري تتناسب مع التغيرات السياسية والاجتماعية، فإن آخرين يرون فيها محاولة لتفصيل المناهج وفق أيديولوجيات ضيقة قد تعزل الأجيال القادمة عن تاريخهم المتنوع.
وفي ظل الانقسامات الحالية في البلاد، تبقى الأسئلة قائمة حول تأثير هذه التعديلات على هوية سوريا المستقبلية، وهل ستكون خطوة نحو التغيير المنشود أم محاولة لطمس معالم التاريخ الوطني في محاولة لتشكيل واقع جديد.
محادثات مع ""قسد"
على صعيد متصل كشفت ''القدس العربي" عن تفاصيل محادثات بين قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع ووفد من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد). هذه المحادثات أظهرت جهودا مستمرة من جانب الحكومة الانتقالية للبحث عن تحالفات سياسية جديدة وتقديم رؤية جديدة للنظام التعليمي في البلاد.
ونقل “المرصد السوري لحقوق الإنسان” عن مصادر خاصة، قولها إن قيادات من “قسد” توجهوا عبر طائرة مروحية أمريكية إلى مطار الضمير العسكري لعقد اجتماع مع أحمد الشرع وقيادات الإدارة العامة.وأفاد مدير المرصد، رامي عبد الرحمن ومقره لندن، أن مظلوم عبدي وأحمد الشرع التقيا في مطار عسكري برعاية أمريكية.
وحسب نفس المصدر “طرحت قسد في اجتماع الضمير إعادة هيكلة قواتها تحت مسمى فيلق معين ضمن الجيش الجديد، وتحديد نسبة لها من الموارد التي تسيطر عليها خاصة النفط”.وبينت أن “الأمر لم يتم حسمه أو البت فيه، ولم تبرز في الاجتماع أي ملامح للموافقة عليه من عدمه”.
محاولة اغتيال لبشار الأسد في موسكو
على صعيد آخر كشفت صحيفة “ذا صن” البريطانية أن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تعرّض لمحاولة اغتيال في روسيا عبر التسميم، يوم الأحد الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن الأسد طلب المساعدة الطبية العاجلة، بعد شعوره بأعراض الاختناق والسعال المستمر، حيث أظهرت التحاليل وجود مادة سامة في جسده.وأشارت الصحيفة إلى أن الأسد تلقى العلاج في شقّته، وأن حالته استقرت يوم الإثنين.
15 مليون شخص بحاجة ماسة لرعاية صحية بسوريا
في الأثناء قالت متحدثة منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس أمس الخميس، إن هناك حاليا أكثر من 15 مليون شخص بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية في سوريا.
وذكرت هاريس أن المنظمة دعمت السوريين منذ بداية الحرب عام 2011، وما زالت تواصل تقديم المساعدات الإنسانية وفق ''الأناضول''. وأضافت: "هناك أكثر من 15 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية، ومن بينهم ملايين السوريين النازحين داخليا".وأردفت: "تعرضت معظم المرافق الصحية لأضرار، وتجاوزت قدرتها على استقبال المرضى، أو ببساطة تعاني من نقص التمويل".
وشددت على أن المنظمة العالمية وسعت قدرة المستشفيات العاملة بسبب العدد الكبير من المصابين الذين يحتاجون إلى الرعاية.وتابعت: "نحاول توفير الرعاية الصحية في الأماكن التي يرتفع فيها عدد النازحين، ونرسل فرقا طبية إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها".
ولفتت إلى وجود فجوة كبيرة في التمويل، والحاجة إلى شراء كميات كبيرة من المعدات والمواد الطبية.وذكّرت بأن نظام الرعاية الصحية بسوريا تدهور منذ مدة طويلة، وأن العديد من مرافق الرعاية الصحية تعمل دون المستوى.وذكرت متحدثة المنظمة أنه لا توجد حلول سريعة في سوريا، وأن العديد من السوريين سيعودون إلى بلادهم بخبرات.
وشددت على أن عودة النظام الصحي إلى حالته السابقة تعتمد على حسن النية والتصميم.وأكملت: "سرعة تعافي النظام الصحي تعتمد على الأشخاص الذين يقدمون الخدمات الصحية ورغبتهم في تحقيق ذلك. فالخدمات الصحية ليست قائمة على المباني بل على الإنسان".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115