مع الأزمة الصامتة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" التوتر المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله.. بين الردع والمخاطر الإقليمية

تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الصهيوني أزمة صامتة منذ أشهر

على خلفية الرفض الأمريكي للسياسات الإسرائيلية في حرب غزة ومضي نتنياهو قدما في تنفيذ مخططاته التدميرية . تجلت هذه الأزمة في وقف تسريع الصادرات العسكرية الدفاعية الأمريكية إلى دولة الاحتلال منذ أربع أشهر في سياق ضغط أمريكي على قادة الاحتلال للقبول بإنهاء الحرب .ويسعى وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت خلال زيارته لواشنطن –ولقاءاته بمنظمات اللوبي الصهيوني هناك إلى الضغط على إدارة بادين من اجل فض ازمة التسليح . فالهدف معلن بحسب مكتب وزير الحرب هو رفع مجلات التعاون والحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في المنطقة ". وذكر خلال زيارته بان الولايات المتحدة هي أهم حليف لإسرائيل وأكثر أهمية من أي وقت مضى". في محاولة لردم الهوة بين الطرفين.

وشدد على موقف دولة الاحتلال فيما يتعلق بتوسيع الحرب الى لبنان قائلا "مستعدون لأي عمل قد يكون مطلوبا في غزة ولبنان وفي أي مناطق إضافية"، وذلك مع تصاعد الهجمات المتبادلة عبر الحدود .
في المقابل أشار رئيس وزراء الاحتلال إلى أنّ أزمة إمدادات الذخائر الأمريكية ستشهد نهاية وشيكة .ولكن لا يبدو أنّ هذه الأزمة ستنتهي سريعا لان ذلك مرتبط بموافقة نتنياهو على إنهاء الحرب في غزة وهو يعني تسريع مصيره بوقوفه أمام القضاء الاحتلال وأسقط حكومته . في حين بايدن يتعرض لضغوطات داخلية ليست في صالحه على خلفية حرب الإبادة في غزة وهو على أبواب انتخابات رئاسيّة جديدة الخريف المقبل . ولعل استقالة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية أندرو ميللر تعكس تخبط إدارة بادين وسياساته حيال حرب غزة . ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت في واشنطن " إسرائيل" إلى تجنّب مزيد من التصعيد في لبنان.
منذ أربعة أشهر قامت الولايات المتحدة بتجميد عمليات التسليح الدفاعي الموجهة لإسرائيل كجزء من ضغوط قوية لإنهاء العنف في غزة. ويسعى وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، من خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن ولقاءاته مع منظمات اللوبي الصهيوني، إلى إعادة فتح قنوات التعاون العسكري مع الولايات المتحدة والحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل في المنطقة.
ورغم تأكيدات غالانت على أهمية الولايات المتحدة كحليف رئيسي لإسرائيل، فإن الأزمة تتعقد بشكل كبير بسبب عدم موافقة نتنياهو على شروط الولايات المتحدة لإنهاء العنف في غزة، مما يعرض حكومته للخطر ويجعل من الصعب على إدارة بايدن تقديم الدعم الكامل لإسرائيل في هذا السياق.إضافة إلى ذلك، تتزايد الضغوطات الداخلية على بايدن في ظل التوترات العنيفة في غزة وقرب موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، مما يجعل الحل السياسي لهذه الأزمة أكثر تعقيدا .
وفي محاولة لتجنب تصعيد المواجهة، دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت في واشنطن إلى تفادي مزيد من التصعيد في لبنان، مما يوضح حجم التحديات الدولية التي تواجه الجانبين في هذه اللحظة الدقيقة.بالمجمل، تظل أزمة التسليح والسياسات المتضاربة بين الولايات المتحدة وإسرائيل محورا للتوترات الراهنة، حيث تبحث كلا الجهتين عن توازن بين الدعم الاستراتيجي والمطالب بالسياسات المستدامة للسلام في الشرق الأوسط.

تحذيرات جادة
وأطلق مسؤولون غربيون تحذيرات جادة نحو لبنان، محذرين من احتمال تنفيذ إسرائيل لعملية عسكرية في حال عدم تحقيق تسوية سياسية في أقرب الآجال. ووفقًا لإعلان نقلته هيئة البث العبرية الرسمية يوم الثلاثاء، فإن المسؤولين الغربيين رفيعي المستوى، من دول أوروبية والولايات المتحدة ، نقلوا هذا التحذير إلى نظرائهم في لبنان، مشيرين إلى أن إسرائيل قد تتخذ إجراءات عسكرية جادة إذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية في إيجاد حل سياسي للتوترات الحالية.
التحذيرات الغربية جاءت في سياق المخاوف من اندلاع حرب إقليمية، والتي قد تشمل إيران كطرف رئيسي فيها، مما يجعل الأوضاع أكثر تعقيدا وخطورة على المستوى الإقليمي. وأشارت المصادر إلى أنّ المسؤولين الغربيين يحثون لبنان على ضرورة مواجهة التحديات المتمثلة في حزب الله، في حين أن إسرائيل تعبر عن جدية كاملة في تهديدها بالتحرك العسكري.
ويأتي هذا في وقت يشهد فيه التوتر تصاعدا ملحوظا، بما في ذلك إعلان الجيش الإسرائيلي عن موافقته على خطط عسكرية لهجوم واسع النطاق على لبنان.من جانبها، تستمر الاشتباكات بين الفصائل اللبنانية والفلسطينية مع الجيش الإسرائيلي عبر "الخط الأزرق" الفاصل، مما يزيد من حدة التوترات ويضعف فرص التهدئة في المنطقة.
ومؤخرا اندلعت معارك عنيفة في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، حيث تصاعدت هجمات الحوثيين على السفن التجارية والقوات العسكرية الغربية، مما دفع إلى ردود فعل عسكرية من الولايات المتحدة وبريطانيا. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت فصائل عراقية عن استعدادها للمشاركة إلى جانب حزب الله في حال تعرضت إسرائيل لأي اعتداء في لبنان. ووفق مراقبين تمثل هذه التطوّرات رسائل ردع إيرانية، تهدف إلى تفادي نشوب حرب واسعة النطاق من خلال إظهار التكاليف البشرية والاقتصادية الكبيرة التي ستترتب على أي تصعيد في المنطقة. وتزداد الضغوط على حكومة نتنياهو في إسرائيل، التي تواجه انتقادات داخلية بسبب الأوضاع الأمنية على الحدود وتهجير أكثر من 100 ألف إسرائيلي من منازلهم.ومع اقتراب توقف العمليات العسكرية في غزة، تتصاعد التكهّنات حول إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإدخال مساعدات إنسانية لسكان القطاع المنكوب. ومع ذلك، يستبق نتنياهو وحلفاؤه المتشددين احتمالات التصعيد العسكري، مما يبرز الصراع السياسي والحسابات الانتخابية كخلفية محتملة لهذه الخطوات.

وتحاول حكومة نتنياهو استغلال التوترات مع حزب الله كوسيلة لتعزيز الدعم الدولي لسياساتها الأمنية والتأكيد على أهمية حماية إسرائيل من التهديدات الإيرانية. كما تركز الحكومة على إشاعة رواية الدفاع عن الأمن القومي لإسرائيل، في محاولة للتأثير على سياسات الدول الغربية وتحقيق التأييد لسياستها الدامية .
ويبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كانت حكومة إسرائيل ستتخلى عن خيار التصعيد لصالح حل سلمي، أم ستستمر في التصعيد العسكري كسبيل للبقاء في السلطة والحفاظ على الأغلبية الشعبية. ووفق مراقبين تبقى التقديرات العسكرية والتكلفة البشرية لأي تصعيد مقياسا أساسيا لاختيار المسار المستقبلي لإسرائيل في هذا الصراع المعقد.
خطة مؤجلة ؟
وكان بادين قد عرض في 31 ماي خطة لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جزء من الرهائن، قبل المحادثات بشأن إنهاء الحرب وردّاً على المقترح، حدّدت حركة حماس مطالبها. وتقول واشنطن إنها تعمل على ردم الفجوات بين الطرفين.
وتسبّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بحلقة جديدة من التوتر في الأيام الأخيرة مع إدارة بايدن التي اتّهمها بتأخير تسليم شحنات الأسلحة والذخيرة.واتّخذ غالانت مسارا مختلفا، قائلاً إنّ "التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة والذي تقوده واشنطن منذ سنوات عديدة، مهمّ للغاية".وقال إنه إلى جانب الجيش الإسرائيلي، فإنّ "علاقاتنا مع الولايات المتحدة هي العنصر الأكثر أهمية لمستقبلنا من منظور أمني".أمّا بايدن الذي واجه انتقادات من جزء من قاعدته الانتخابية بسبب دعمه لإسرائيل، فقد أوقف شحنة تضمنت قنابل ثقيلة تزن 2000 رطل (أكثر من 900 كلغ).وقال نتانياهو الذي تربطه علاقات وثيقة بخصوم بايدن الجمهوريين، في اجتماع لمجلس الوزراء الأحد إن هناك "انخفاضا كبيرا في إمدادات" الأسلحة الأميركية منذ نحو أربعة أشهر.
وردّاً على سؤال حول التعليق الأخير لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر "لا أفهم ما يعنيه هذا التعليق على الإطلاق".وأضاف في تصريح لصحافيين "لقد أوقفنا مؤقتا شحنة واحدة من الذخيرة الثقيلة. هذه الشحنة لا تزال معلّقة".
وقال ميلر إنّ الولايات المتحدة ستضغط على إسرائيل للعمل على ترتيبات طويلة الأجل بعد انتهاء القتال . وأضاف "لا نريد أن نشهد في رفح ما شهدناه في مدينة غزة وما شهدناه في خان يونس، وهو نهاية العمليات القتالية الكبرى ثم بداية إعادة ترسيخ حماس لسيطرتها".

لبنان يفتح مطاره أمام دبلوماسيين وصحافيين
من جهة أخرى فتحت السلطات اللبنانية مستودعات الشحن في مطار بيروت الدولي أمام دبلوماسيين وصحافيين، مكررة نفيها ما أوردته صحيفة بريطانية لناحية تخزين حزب الله داخل حرم المرفق الجوي الوحيد في البلاد أسلحة وصلته من إيران.
ونشرت صحيفة التلغراف البريطانية تقريرا نقلت فيه عن "مبلّغين من المطار" إنهم يشعرون بالقلق إزاء زيادة إمدادات السلاح على متن رحلات مباشرة من إيران. وقالوا إنهم لاحظوا وصول "صناديق كبيرة غير اعتيادية" وحضور متزايد لقادة رفيعي المستوى من حزب الله في المطار. ونفت السلطات اللبنانية بشدّة الاتهامات التي جاءت على وقع مخاوف جدية من انزلاق التصعيد المستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر بين حزب الله واسرائيل الى حرب واسعة في ظلّ تهديدات متبادلة.

وشدّد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية للصحافيين من مطار رفيق الحريري الدولي، بحضور عدد من زملائه ودبلوماسيين من دول عدة، على أنّ "مطارنا يستوفي كلّ المعايير الدولية".واعتبر أنّ نشر التقرير يهدف الى "تشويه سمعة" المطار ويلحق "ضرراً معنوياً" باللبنانيين، مندداً بما وصفه بـ"حرب نفسية مكتوبة" . ولم يصدر أيّ تعليق رسمي من حزب الله حول مضمون التقرير.
وجال الدبلوماسيون وعشرات الصحافيين داخل مركزين تابعين للشركتين المشغلتين للخدمات الأرضية. وأكّد مسؤول إداري في المطار للصحافيين أمام المركز المعني بتقديم الخدمات للطائرات الإيرانية أنّ "حمولة الطائرات كافة تخضع للتفتيش بما فيها الطائرات الإيرانية" وفق فرانس براس. وشدّد المدير العام للطيران المدني فادي الحسن في تصريحات لوكالة فرانس برس على هامش الجولة على أنّ "كلّ الطائرات الوافدة الى المطار تخضع للاجراءات الجمركية ذاتها"، موضحاً أنه "يمكن لأيّ كان الاطلاع على حمولة كل طائرة وصلت الى المطار، سواء الإيرانية أم سواها".
بعد مشاركته في الجولة، قال السفير المصري علاء موسى في مؤتمر صحافي "نحن لسنا مسؤولين عن التفتيش في مطار بيروت ولا البحث عن أشياء ممنوعة فيه، انما الهدف من وجودنا اليوم في المطار هو رسالة أيضاً إلى كل الأطراف بأن ما نحتاجه في المستقبل هو التهدئة وليس البحث عن منغّصات تزيد من حدة التوتر".وقالت الولايات المتّحدة، أكبر حليف لإسرائيل، إنّ سفيرها لم يشارك في الجولة في مطار بيروت لكنّ واشنطن على تواصل مع السلطات اللبنانية بشأن المعلومات الواردة في تقرير صحيفة التلغراف.

الانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب
في الاثناء أجرى وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت والمبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين ، مباحثات بشأن الانتقال إلى "المرحلة الثالثة" من الحرب على قطاع غزة. ويجري غالانت زيارة إلى واشنطن غير معلنة المدة، بدأها الأحد.
وذكرت وزارة الحرب الإسرائيلية في بيان وفق الأناضول: "التقى وزير الدفاع غالانت مع عاموس هوكشتاين كبير مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن" .وقال الوزير غالانت لهوكشتاين إن "الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب في غزة سيكون له تأثير على جميع القطاعات، وإسرائيل تستعد لكل الاحتمالات العسكرية والسياسية"، وفق البيان. ولم يحدد غالانت موعد الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب أو القطاعات التي يقصدها ونوعية التأثير المتوقع. وتعني المرحلة الثالثة، وفق تصريحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين، الانتقال من القصف المكثف (العشوائي) إلى القصف المستهدف، فيما تتضمن المرحلة الحالية معارك برية بدأت في 27 أكتوبر الماضي.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115