التي تعمل منذ فترة منقوصة العدد بعد قرار الرئيس إعفاء عدد من الوزراء، ففي خطوة جديدة وبعد حوالي الشهر من إقالة وزير التربية محمد علي البوغديري وتعيين سلوى العبّاسي خلفا له وبعد شهرين ونصف من إقالة وزير النقل ربيع المجيدي ووزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي، قرر رئيس الجمهورية مساء يوم السبت في خطوة جديدة وربما "مفاجئة" وغير متوقعة إجراء تحوير جزئي على الحكومة عين بمقتضاه خالد النوري، وزيرا للداخلية خلفا لكمال الفقي وكمال المدوري، وزيرا للشؤون الاجتماعية، خلفا لمالك الزاهي، مع تعيين سفيان بن الصادق كاتب دولة لدى وزير الداخلية مكلفا بالأمن الوطني.
أدّى أعضاء الحكومة الجدد اليمين أمام رئيس الجمهورية بحضور أحمد الحشاني رئيس الحكومة وعلى غير العادة كلا من كمال الفقي ومالك الزاهي، وقد شغل خالد النوري وزير الداخلية الجديد واليا على أريانة (منذ 8 جوان 2022 ) ، وقبل ذلك تولى منصب مدير عام إدارة مركزية بجهاز المكلف بنزاعات الدولة. أما كمال المدوري، وزير الشؤون الاجتماعية الجديد فقد شغل سابقا منصب مدير عام للصندوق الوطني للتأمين على المرض. وبالنسبة إلى سفيان بن الصادق، الذي تمّ تعيينه كاتب دولة لدى وزير الداخلية مكلفا بالأمن الوطني، فهو قاض من الرتبة الثانية وعضو في لجنة المتابعة في الوكالة الفنية للاتصالات بوزارة تكنولوجيا الاتصال.
بلاغات لم تكشف الأسباب
تتالت الإقالات والإعفاءات في الحكومة التي كان قد عينها رئيس الجمهورية، إقالات يتم الإعلان عنها فقط عبر بلاغات رسمية دون توضيح الأسباب، فعلى امتداد الأشهر الثلاثة الأخيرة، أقال الرئيس 5 وزراء وهم وزيري النقل والشؤون الثقافية بتاريخ 12 مارس 2024 وتكليف سارة الزنزري الزعفراني، وزيرة التجهيز والإسكان، بتسيير وزارة النقل بصفة وقتية، ومنصف بوكثير، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بتسيير وزارة الشؤون الثقافية بصفة وقتية، كما قرر بتاريخ 1 أفريل 2024 إعفاء محمد علي البوغديري من مهامه وزيرا للتربية وتعيين سلوى العبّاسي خلفا له إلى جانب وزيري الداخلية كمال الفقي والشؤون الاجتماعية مال الزاهي بتاريخ السبت 25 ماي الجاري، إقالات تأتي في وضع يتسم بالتوتر على جميع المستويات قضائية وسياسية واجتماعية وزادت توترا مع تتالي الإيقافات والمحاكمات لعدد من المحامين والصحفيين وأيضا أزمة الهاجرين غير النظامين لاسيما من إفريقيا جنوب الصحراء، إقالات تدخل في إطار مراجعة عمل الحكومة بعد تقييم عملها وإدخال نفس جديد عليها خاصة وأننا نقترب من محطة انتخابية بارزة وهي الانتخابات الرئاسية.
"هل أطاح ملف الأفارقة بوزير الداخلية؟"
بلاغ الرئاسة الذي اكتفى بالكشف عن الإقالات دون ذكر الأسباب أثار العديد من التأويلات حول دواعي الإقالة وتوقيتها وقد ربط البعض إقالة كمال الفقي بملف المهاجرين الأفارقة وقد تساءلت النائبة في البرلمان فاطمة المسدي في تدوينة على صفحتها الرسمية "هل أطاح ملف الأفارقة بوزير الداخلية؟"، في إشارة إلى الأرقام الرسمية التي قدمها خلال جلسة الاستماع له في البرلمان حول أعداد المهاجرين غير النظاميين بتونس، أرقام أثارت جدلا واسعا في البلاد، أما بالنسبة إلى وزير الشؤون الاجتماعية المقال مالك الزاهي والذي يعد من بين أبرز المنسقين في الحملة الانتخابية السابقة لقيس سعيد فيبدو أن الملف الاجتماعي كان وراء الإقالة، وقد سبق بأيام قليلة وأن التقى الرئيس مع الزاهي، لقاء أكد فيه سعيد أن هذه المرحلة التي تعيشها بلادنا تقتضي تصورات مختلفة وأفكارا جديدة ومفاهيم بدورها متناغمة مع فكر سياسي جديد. لقاء شدّد فيه رئيس الدولة على ضرورة الإسراع بوضع تشريعات جديدة التي كان أذن بمراجعتها كتلك المتعلقة بالمناولة وبالعقود المحدودة في الزمن التي لا تحقق الاستقرار الاجتماعي الذي ينشده كل عامل. كما أن وصف العمل بالهشّ يجب أن يزول عن الاستعمال. كما تطرّق رئيس الجمهورية إلى ضرورة الإسراع إلى تسوية أوضاع عمال الحضائر وتسوية أوضاع المتقاعدين.
موجة من الإقالات والإعفاءات
سبق وأن أجرى الرئيس تحويرا وزاريا جزئيا في جانفي 2024 شمل 3 وزارات مهمة وهي الاقتصاد والصناعة والطاقة والتشغيل، كما أجرى قبلها عدة إقالات وإعفاءات شملت وزارة الخارجية ووزارة التربية ووزارة الفلاحة والتجارة وكذلك رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن دون نسيان الإعفاءات التي طالت عدد من الولاة وعدد من مسؤولي مؤسسات عمومية كبرى، ويبدو أن القائمة مرشحة للارتفاع في الأيام والأشهر القادمة علما وأن التعديل على شمل أغلبية الحكومة التي كان قد عينها الرئيس.