خاصة على المستويين الاجتماعي والسياسي، وقد اختار كل من الاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون الاجتماعية الممثلة في الحكومة الاحتفال بهذا العيد بصفة منفصلة وهو ما يشير إلى تواصل القطيعة والخلاف بين الطرفين، وما حملته كلمة الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي من انتقادات ورسائل خلال تدشين "دار الاتحاد" والتجمع العمالي والمسيرة الوطنية التي انطلقت من بطحاء محمد علي مرورا بشارع الحبيب بورقيبة وصولا إلى ساحة 14 جانفي بمشاركة العديد من المنظمات الوطنية منها اتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين واتحاد المرأة مع حضور عدد من أعضاء المكاتب التنفيذية السابقة للاتحاد وحسين العباسي.
بعد 3 سنوات من التهيئة وأشغال الترميم، دشن اتحاد الشغل أمس المقر الرمزي والتاريخي للمركزية النقابية بعد أشغال تجديد وصيانة أتت على أكثر من 90 % من البناية في بطحاء محمد علي بكلفة أولية في حدود 29 مليون دينار مع الحرص على الحفاظ على الواجهة التي وفق ما جاء على لسان الأمين العام المساعد سامي الطاهري مصنفة ضمن التراث التونسي ، كما تولى الطبوبي إلقاء كلمة بالمناسبة وجهها فيها عدة رسائل إلى السلطة، كلمة تحدث فيها الأمين العام عن عدة ملفات عالقة وعن الوضع الاجتماعي والسياسي غير المسبوق وفي جزء كبير منها عن حرب الإبادة التي تمارسها قوات الاحتلال الصهيونية، ليشدد على أن عيد العمال هذه السنة جاء مضرجا بدماء آلاف أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها ومعبدا بجراح الآلاف من الذين أمطرتهم آلة الحرب الصهيونية بالقنابل.
"نصيب السلطة القائمة في تعمق الأزمة هو الأكبر"
شدد الطبوبي في كلمته على أن الاتحاد وكافة قيادته وقواعده متجندون لفرض الحوار الاجتماعي كسبيل لفضّ النزاعات الشغلية وهم مستعدون للنضال في صورة تواصل تجاهل مطالبهم المشروعة، قائلا "اتحادنا قوة لا يمكن لمتعنت أن يتجاهلها مهما بلغ به الحمق والتنطع وفي صورة عدم إرضاء رغبات العمال الشرعية فلا بدّ أن تتحرك تلك القوة لأخذ حقوقها بنفسها"، مؤكدا أن الاتحاد سيتصدى لكل من يستغل الحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد ليمعن بالتنكيل بالشعب والعمال عبر إجراءات لا شعبية ألهبت الأسعار وأفرغت السوق من المواد وأثقلت كاهل الأجراء مباشرين ومتقاعدين بالضرائب وبشتى أنواع الخصم . وأضاف الطبوبي أن "تدهور الأوضاع الاجتماعية للعمّال ولعموم الشعب بلغ حدّا غير مسبوق ولم يعُد أحدٌ قادرا على تحمّله أو تبريره وقد آن الأوان لكلّ القطاعات والهياكل النقابية للنهوض للدفاع عن منظوريهم بكلّ ما أوتوا من عزم وقوّة وتصميم.. لأن تفقير الشعب وتجويعه هو أمر موحش ليس له مثيل ولا يمكن الصمت عليه ولا تبريره بدعاوي التركة القديمة أو بالأزمات الإقليمية والدولية، لأن نصيب السلطة القائمة في تعمق الأزمة هو الأكبر وعليها أن تتحمل مسؤوليتها خاصة وأنها مصرة على مواصلة عدم الإنصات لكل مقترح وعلى تجريم كل نقد وعلى مواصلة التفرد بالرأي والقرار."
فرض حق التفاوض
كما شدد الطبوبي على مواصلة المنظمة الشغيلة المطالبة بالحوار الاجتماعي، مؤكدا أن الاتحاد سيعمل على إعادة الأمور إلى نصابها وفرض حقّ التفاوض وحقّ تقديم المطالب الاجتماعية وحقّ تحسين أوضاع الأجراء إلى جانب سعيه إلى تنفيذ كل الاتفاقيات الممضاة والعهود المقطوعة والالتزامات البيِّنة والمدوّنة. وتوجه أمين عام اتحاد الشغل إلى السلطة بالقول " إن لنا مصالح عمالية ثابتة واتفاقيات ممضاة وعهودا مقطوعة والتزامات بينة ومدونة قد وجب تنفيذها ولم يعد مقبولا الاستمرار في تجاهلها فضلا عن إنكارها وجحدها... إن الحقّ النقابي، علاوة على أنّه مضمون دستوريا وعلى أنّه مدوّن في التشريعات الدولية المصادق عليها من الدولة التونسية، فهو مكسب حقّقه النقابيون جيلا بعد جيل منذ عهد الاستعمار وفي كلّ عقود الاستبداد ولن يتخلوا عنه اليوم تحت أيّ ذريعة بما فيها التهديدات والتشويهات ونشر الإشاعات وفبركة القضايا والاعتقالات والطرد والتضييقات والمحاصرة والنقل التعسّفية ".
الاتحاد معني بالتنقيح...
هذا وأوضح الطبوبي أن قوانين الشغل ومنظومة الضمان الاجتماعي والأنظمة الأساسية للوظيفة العمومية والمنشآت والدواوين العمومية والأنظمة الأساسية الخصوصية قد جاءت وليدة نضال وكانت دوما نتاجَ حوار وتفاوض وظلّت في كلّ الحقب مسألة تشاركية في صياغتها وتنقيحها وتعديلها وتطويرها بين الأطراف الاجتماعية ولا يمكن أن تكون عملا فرديا وقرارا أحاديا، مشددا على أن الاتحاد معني بتنقيحها ويعتبر أن أي تفرد في ذلك هو إمعان في ضرب الحوار الاجتماعي وإصرار على ضرب حق المفاوضة الجماعية.
مفاجآت غير محمودة العواقب
بحسب الطبوبي فإن الاتحاد لن يقف متفرجا ولا مكتوف الأيدي إزاء ما عاشته وتعيشه البلاد من أزمات وهزات، معربا عن عدم ارتياح الاتحاد للمناخ السياسي السّائد في البلاد لما طغى عليه من تفرّد وتعنّت وإقصاء وتصفية حسابات وانتهاكات وضغوط ، مشددا على أن المواصلة في نهج المرور بقوّة في جميع المجالات بما فيها السياسي لن يفضيَ إلاّ إلى الانسداد والمآزق فضلا عما يمكن أن يخفيه من مفاجآت غير محمودة العواقب. هذا وشدد الطبوبي على أن الاتحاد متمسك بطي ملف النقابي أنيس الكعبي وسحب القضايا ضده وإطلاق سراج الصنكي أسودي ووقف كل التتبعات ضده.
الزاهي: الترفيع في أجور القطاع الخاص بنسبة 6.75 % تحتسب من جانفي
في الجهة المقابلة، أشرف وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي بمقر المركز الدولي للنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة بقمرت على موكب تم خلاله تكريم العاملين بالفكر والساعد بجائزة العامل المثالي بالقطاعين العام والخاص وبجوائز التقدم الاجتماعي واللّجان الاستشارية للمؤسسات ونيابات العملة والصّحة والسّلامة المهنية والذين تم اختيارهم في من قبل الجنة الوطنية المكلفة بالنظر في ملفات الترشّح، وقد أكد الوزير في كلمته أنه في إطار دعم المفاوضة الجماعية وتحسين شروط وظروف العمل والنهوض بالقدرة الشرائية للعمّال، تم الترفيع في أجور العاملين بالقطاع الخاص والخاضعين لاتفاقيات مشتركة قطاعية بنسبة %6,75 في الأجور الأساسية وفي المنح الشهرية ذات الصبغة القارة والعامة وذلك ابتداء من أول جانفي 2024 وذلك طبقا للاتفاق الإطاري العام حول الزيادات في الأجور والمنح العامة والقارة، كما انتفع أعوان وإطارات القطاع العام والوظيفة العمومية بالزيادات في الأجور بعنوان سنوات 2022-2023-2024، إضافة إلى إصدار الملاحق التعديلية للاتفاقيات المشتركة القطاعية بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، حيث بلغ عددها إلى حد الآن 42 ملحقا تعديليا من جملة 54 ملحق لاتفاقيات مشتركة قطاعية.
مشروع إستراتيجية وطنية
واستعرض الوزير العناية الخاصة التي توليها تونس لقطاع الصحة والسلامة المهنية باعتبار أن العمل اللائق هو حق لكل عامل وعاملة وأن السعي المتواصل لتحسين ظروف العمل ينعكس إيجابا على النمو المستدام للمؤسسات والسلم الاجتماعية والازدهار الاقتصادي ويهيئ الأرضية المناسبة لجلب الاستثمار، معلنا عن إعداد مشروع إستراتيجية وطنية في المجال تحت شعار "الصحة والسلامة المهنية للجميع"، تهدف إلى ضمان تغطية عامة وشاملة مع مراجعة التشريعات الوطنية في هذا المجال، وإعطاء الأولوية للوقاية من خلال تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية وقواعد الممارسات الجيدة وتقييم المخاطر، وتعزيز ثقافة الصحة والسلامة المهنية على جميع المستويات.
تمديد سن العمل في القطاع الخاص
كما استعرض الوزير مختلف محاور إستراتيجية الوزارة في علاقة بقطاع الضمان الاجتماعي المتمثلة في استكمال مراجعة سن الإحالة على التقاعد في القطاع الخاص نحو السماح في تمديد سن العمل بعد بلوغ السن القانونية للإحالة على التقاعد بطلب من الأجير وبعد موافقة المؤجر و إقرار عفو اجتماعي لفائدة مديني الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و مراجعة السقف السنوي لمبالغ الخدمات الصحية الخارجية المتكفل بها في إطار النظام القاعدي للتأمين على المرض و الترفيع في مبالغ التكفل بالنظارات الطبية فضلا عن توسيع شبكة المكاتب والمراكز الجهوية والمحلية لصناديق الضمان الاجتماعي بهدف مزيد تقريب الخدمات مع تعميم إحداث مصحات للأدوية الخصوصية بكل من مصحات الضمان الاجتماعي بالخضراء وبنزرت مع العمل على استكمال إحداث مصحة للأدوية الخصوصية بكل من ولاية قابس وولاية جندوبة وولاية القصرين وإحداث الإقليم الطبي الفرعي للصندوق الوطني للتأمين على المرض للجنوب الغربي بولاية القصرين إلى جانب تطوير النظم المعلوماتية والتطبيقات الموجهة لمنظوري الصناديق الضمان الاجتماعي حيث تم الشروع الفعلي في استغلال منظومة الحسابات الفردية بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية وتطوير التطبيقات الإعلامية الموجهة لمنظوري الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .