وأن يتطلّعوا إلى الكاميرا بفرح ممزوج بكبرياء، وهم تحت دائرة الأضواء لنيل اللقب... في هذه المرّة، كان الأمر مختلفا تماما، فالفائز تعذّر عليه الحضور... ببساطة لأنّه مسجون في سجون الاحتلال الإسرائيلي. لقد كانت رواية " قناع بلون السماء" كفيلة بأن تحّرر اسم صاحبها الفلسطيني باسم خندقجي وأن تخرجه من عتمة السجون إلى عتبة الشهرة !
بعد التنافس بين 6 روايات ضمن قائمتها القصيرة، أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية يوم 28 أفريل 2024 عن فوز رواية "قناع بلون السماء" للكاتب باسم خندقجي في الدورة 17 من الجائزة لعام 2024. وتسلمت ناشرة الرواية رنا إدريس، صاحبة دار الآداب الجائزة بالإنابة عن الكاتب السجين باسم خندقجي.
رواية تعلن الحب هوية للإنسان
تتحدث رواية "قناع بلون السماء" عن البطل "نور عالم آثار مقيم في مخيم في رام الله. ذات يوم، يجد هوية زرقاء في جيب معطف قديم، صاحبها الإسرائيلي أور، فيرتدي نور قناع المحتلّ في محاولة لفهم مفردات العقل الصهيوني. في تحوّل نور إلى أور، وفي انضمامه إلى بعثة تنقيب إحدى المستوطنات، تتجلى فلسطين المطمورة تحت التراب بكل تاريخها. وفي المسافة الفاصلة بين نور وأور، وبين الهوية الإسرائيلية الزرقاء والتصريح الفلسطيني، وبين السردية الأصلية المهمشة والسردية المختلفة السائدة، هل سينجح نور في إلقاء القناع والقضاء على أور، علّه يصل إلى النور؟"
وفي شرح لدواعي اختيارها من طرف لجنة الجائزة العالمية للرواية العربية، قال نبيل سليمان، رئيس لجنة التحكيم: "يندغم في قناع بلون السماء الشخصي بالسياسي في أساليب مبتكرة. روايةٌ تغامر في تجريب صيغ سردية جديدة للثلاثية الكبرى: وعي الذات، وعي الآخر، وعي العالم، حيث يرمح التخييل مفككاً الواقع المعقد المرير، والتشظي الأسري والتهجير والإبادة والعنصرية. كما اشتبكت فيها، وازدهت، جدائل التاريخ والأسطورة والحاضر والعصر، وتوقّد فيها النبض الإنساني الحار ضد التحوين، كما توقدت فيها صبوات الحرية والتحرر من كل ما يشوه البشر، أفراداً ومجتمعات. إنها رواية تعلن الحب والصداقة هويةً للإنسان فوق كل الانتماءات".
20 عاما في سجون الاحتلال
يقبع الروائي الفلسطيني باسم خندقجي في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ سنة 2004 حيث كان يبلغ من العمر 21 عاماً ، وهو من مواليد مدينة نابلس في عام 1983. درس الصحافة والإعلام في جامعة النجاح الوطنية في نابلس. أكمل تعليمه الجامعي من داخل السجن عن طريق الانتساب بجامعة القدس حيث كانت رسالته عن الدراسات الإسرائيلية في العلوم السياسية. وأيضاً أكمل كتاباته داخل السجون. كتب العديد من المقالات الأدبية والسياسية وعن المرأة الفلسطينية التي ناضلت وضحت في سبيل قضيتها، وعن حركة الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، وكتب أيضاً العديد من الدواوين الشعرية والروايات، أهمها: ديوان "طقوس المرة الأولى" (2010)؛ ديوان "أنفاس قصيدة ليلية" (2013)؛ رواية "نرجس العزلة" (2017)؛ رواية "خسوف بدر الدين" (2019)؛ رواية "أنفاس امرأة مخذولة" (2020)؛ ورواية "قناع بلون السماء" (2023).
وتجدر الإشارة إلى أن تونس قد نجحت في الوصول إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية هذا العام، بروايتين هما: "قارئة نهج الدباغين" لسفيان رجب و"أخفي الهوى " لدّرة الفازع. ولكن إلى حد دورة 2024 يحافظ الروائي شكري المبخوت على لقب التونسي الوحيد الذي نال الجائزة العالمية للرواية العربية بفضل «الطلياني» سنة 2015.