إضاءة معالم على درب البناء الأخضر

تنعقد لآر شهر فيفري الجاري دورة جديدة من صالون البناء الأيكولوجي

حاملة معها آمالا ومطامح متجددة في انخراط الجميع مؤسسات الدولية ومهنيين ومواطنين لتوسيع دائرة الإقبال واعتماد هذا النمط من البناء الأخضر المستدام..
قطاع البناء الإيكولوجي يحقق تقدما من سنة إلى أخرى ولكن بخطى ليست كبيرة لتُمكّن من التحول من البناء الكلاسيكي إلى البناء الإيكولوجي.
وأشار فوزي العيادي منظم صالون البناء الإيكولوجي في الدورة قبل السابقة وهي النسخة 14 من صالون البناء الإيكولوجي، إلى أن البناء الإيكولوجي هو البناء الصديق للبيئة، ولكن نصيبه مازال بسيطا من قطاع البناء في تونس ويقتصر على توجه القطاع الخاص نحو هذا النوع من البناء.
واعتبر العيادي أن الدولة لم تنخرط فعليا وعمليا في البناء الإيكولوجي وهو ما يشكل عائقا ويغذي تخوفات عموم المواطنين من الإقبال على هذا النوع من البناء.
وقال العيادي إن الإعلان عن بناء حوالي 70 مقار بلديا باعتماد نمط البناء الإيكولوجي لم يُترجم فعليا على أرض الواقع، وأشار في المقابل إلى أن عديد البناءات الخاصة في الأماكن الريفية أو السياحية تعتمد البناء الإيكولوجي، وذلك على غرار بيوت الضيافة.
وأفاد بأن النصوص القانونية والترتيبية في تونس لم تعترف فعليا حتى الآن بالبناء الإيكولوجي كما يجب، والدليل على ذلك هو أن المؤسسات العمومية التي تريد الانخراط في البناء الإيكولوجي لم يجدوا نصوصا قانونية تشجعهم على ذلك، وتواجه عوضا عن ذلك العديد من العوائق.
وأضاف أن عديد النصوص في طور التعديل حاليا لإزالة العوائق التي تقف أمام قطاع البناء الإيكولوجي، مشيرا إلى كراسات الشروط وطلبات العروض مازالت تتحدث عن البناء التقليدي ومواد البناء الكلاسيكية ولا تواكب ما حققه قطاع البناء الإيكولوجي من تطورات حول العالم، وهي بالتالي شروط لا تشجع حتى على التجديد واعتماد الطرق الحديثة للبناء.
وأكد أن معظم الأنماط المجددة والمبتكرة في قطاع البناء تتجه نحو اعتماد نمط البناء الإيكولوجي، وتحدث العيادي عن مؤسسة استشفائية تم إحداثها في ولاية جندوبة على مساحة 6 آلاف متر مربع، في ظرف 75 يوما دون المرور عبر الصفقات وطلبات العروض العمومية واعتمدت نمط البناء الإيكولوجي
.
قبل ستة أشهرعقد لقاء حول المباني الخضراء والبناء المستدام في تونس أو المعروف باسم " GREEN BULDING ، وقال الطيب بن ميلاد العضو المؤسس للمجمع البيئي للتنمية المستدامة سيدي عمر، في تصريح لموزاييك أن تونس تمتلك تراثا معماريا تونسيا في البناء البيئي (بالحجارة والتبن) والذي لا يفرض استهلاكا للطاقة خلال فترتي البناء أو الاستخدام، مضيفا أن لتونس موارد طبيعية يمكن استغلالها لإرساء هذا الصنف من البناءات خاصة مع التغيرات المناخية الجديدة والأزمة الطاقية العالمية، حسب تصريحه على هامش يوم حول "المباني الخضراء والبناء المستدام في تونس " بالتعاون بين المجمع البيئي للتنمية المستدامة سيدي عمر وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) .

وشدد الطيب بن ميلاد على أن تونس تعاني من بطء في الانتقال من مرحلة البناءات المستحدثة بالاسمنت وغيرها من المواد المصنعة إلى البناء الايكولوجي والبيئي، معتبرا أن هذا البطء يفرض تحركا مجتمعيا تتضافر فيه مجهودات كل الأطراف من مؤسسات وجميعات المجتمع المدني وعدم التعويل فقط على الهياكل الرسمية لان الرهان اجتماعي واقتصادي مشترك .
وأكد أن تجربة المجمع البيئي للتنمية المستدامة سيدي عمر، تعتبر نموذجا لعمل مؤسسات المجتمع المدني التي تسعى إلى توعية وتكوين الجيل الصاعد بأهمية البناء الايكولوجي والبيئي المستدام ومعرفة مكوناتها المتوفرة في الطبيعة التونسية مشيرا إلى انه خلال شهر جويلية الحالي يتم تكوين نحو 250 شابا وشابة من طلبة وتلاميذ وعناصر من الكشافة التونسية أعمارهم تتراوح بين 6 إلى 21 سنة وذلك بإشراف خبراء ومختصين تونسيين وأجانب لتمكينهم من تشييد بناءات بيئية بالمواد المحلية المتاحة ومنها خاصة التربة الطينية والمقاطع الحجرية التي تعطيها بعض الدول أهمية كبرى على غرار وجود مركز عالمي متخصص في البناء بالطين بجامعة Grenoble.
وأضاف أن المجمع بفضل توفيره لهذا التكوين مكّن الطلبة من القيام بأطروحات تخرج على هذا الموضوع ومنهم من توجه الى إنشاء شركات ناشئة للمقاولات وأخرى لإنتاج ما يمسى بالطوب الصناعي والبيئي 100 %
على مدار السنوات الماضية في الحفاظ على الموارد الطبيعية، والحد من النفايات والمخلفات الناتجة عن مشاريع البناء والتشييد، بالإضافة إلى ترشيد استخدام الطاقة.
يتجه قطاع البناء إلى التوسع في تطبيق أساليب البناء المستدام في ظل الزيادة المستمرة لتكاليف مواد البناء التقليدية بالإضافة إلى الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز.
ما هو البناء الأخضر؟
يشير مصطلح “بناء مستدام” إلى طرق البناء التي تعطي الأولوية للاعتبارات البيئية طويلة الأجل، مع تعزيز كفاءة البناء، وخفض التكاليف. يتطلب ذلك توازنًا بين الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتقليل إنتاج النفايات، والحد من البصمة الكربونية
البناء الأخضر أو البناء المستدام هو استخدام أساليب وتقنيات تُساهم في الحد من الأثر السلبي للمباني على البيئة وخفض بصمتها الكربونية، والمساهمة في حسين كفاءة استخدام المياه والطاقة، بالإضافة إلى المساهمة في تحسين جودة المعيشة والبيئة الداخلية، وذلك من خلال تطبيق تلك التقنيات في كافة مراحل مشروع البناء بدءًا من مرحلة التخطيط واختيار الموقع، إلى التصميم، والتشييد، وتشغيل وصيانة المباني.
وقد بدأ الاهتمام بالبناء المستدام في الإمارات العربية المتحدة يزداد خلال السنوات الماضية، وذلك بفضل إدراك وحرص الإمارات على أهمية الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، لذا فقد وضعت أهدافا طموحة لتحقيق الحياد المناخي خلال السنوات المقبلة من خلال تشريع وتنفيذ سياسات مستدامة للعمل المناخي بهدف الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
فوائد البناء الأخضر
يُساهم تطبيق أساليب البناء المستدام في توفير استهلاك الطاقة مما يساهم في خفض فواتير المياه والكهرباء لأصحاب المنازل بالإضافة إلى تخفيف العبء على شبكات الكهرباء، بالإضافة إلى توفير نفقات وتكاليف أعمال الصيانة لاعتمادها على مواد طبيعية لها عمر افتراضي أطول وتتطلب صيانة أقل، وتساهم مواد البناء الصديقة للبيئة في الحفاظ على البيئة لأنها تتحلل طبيعيًا دون إنتاج مواد مضرة مقارنة بمواد البناء التقليدية.
يتم تشييد المباني الخضراء مع التركيز على الاستدامة البيئية حيث إنها تقلل من التأثير السلبي للبناء على البيئة من خلال استخدام الموارد المتجددة، واستخدام المواد المعاد تدويرها، والحد من النفايات وإعادة تدويرها بالإضافة إلى ترشيد استهلاك الطاقة مما يساعد في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المعروفة باسم غازات الاحتباس الحراري، وتحسين جودة المعيشة في الأماكن المغلقة للبشر. وتشمل مزايا البناء المستدام:
تحسين جودة الهواء في المنازل
يتم تصميم البيوت الخضراء للاستفادة القصوى من الضوء الطبيعي والتهوية، وخفض تركيز غازات ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين والمواد الكيميائية الضارة الأخرى الموجودة المباني.
فمن خلال تحسين تدوير الهواء وزيادة كمية الهواء النقي داخل البيوت الخضراء، يمكن الحد من التعرض للسموم والمواد المسببة للحساسية، تحسين صحة المقيمين في المبنى وتعزيز الشعور بالراحة بشكلٍ أكثر مما يشعرون به في المباني التقليدية مما له تأثيرًا إيجابيًا على تحسين جودة الحياة.
الحفاظ على الموارد الطبيعية
تُساعد المباني الخضراء في الحفاظ على الموارد الطبيعية بعدة طرق مثل انخفاض الحاجة إلى مواد بناء جديدة فعلى سبيل المثال، عندما يتم استخدام الأسقف الخضراء، فإن أصحاب المنازل يحفظون الموارد اللازمة لعزل الحرارة والصوت، أو مكونات البناء الأخرى مثل الحوائط الجافة، بالإضافة إلى قدرتها على تعزيز العمر الافتراضي للمبنى.
تساهم المباني المستدامة الصديقة للبيئة -بالإضافة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية- في الحد من احتياجات تطوير الأراضي لأن المبنى الأخضر يتطلب خرسانة أقل ومساحة أقل بشكل عام مما تتطلبه طرق البناء التقليدية.
الحد من البصمة الكربونية
يشير مصطلح البصمة الكربونية إلى حجم انبعاثات الغازات الدفيئة التي يتم انتاجها بسبب الأنشطة الشخصية أو الصناعية، ويتم حساب البصمة الكربونية للشخص عن طريق قياس كمية ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى التي ينتجها بمرور الوقت.
يُعد بناء البيوت الخضراء أحد أكثر الطرق تأثيرًا لتقليل البصمة الكربونية للفرد، فوفقًا لوكالة حماية البيئة، فإن بناء منزل معتمد من نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة والمعروف اختصارًا باسم ليد LEED، يُمكنه توفر ما بين 30% إلى 50% من الطاقة مقارنة بالمباني التقليدية. فعلى سبيل المثال، ستولد الألواح الشمسية الموجودة على أسطح المباني الخضراء كهرباء مجانية لسنوات، مما يوفر لمالكي المنازل فواتير المرافق الشهرية، وتخفيف الأحمال على شبكة الكهرباء، بالإضافة إلى تقليل انبعاثات الكربون بنسبة تقدر بنحو 20%.
يُمكن للمباني الخضراء المساهمة في تقليل البصمة الكربونية، والمساعدة الحد من التغير المناخي من خلال استخدام مواد بناء صديقة للبيئة. فيمكن اختيار أرضيات البامبو لأنها أفضل للبيئة حيث تتطلب طاقة أقل للإنتاج والتصنيع عن الأرضيات الخشبية.
توفير نفقات وتكاليف البناء والتشغيل
تساهم أساليب البناء المستدام في ترشيد استخدام الطاقة بشكل كبير وذلك بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح وبالتالي خفض تكاليف التدفئة والتبريد الإجمالية حيث تستطيع المباني الخضراء خفض تكاليف الطاقة بنسبة 30% مقارنة بالمباني التقليدية بسبب اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة. هذا لا يساعد فقط في توفير النفقات، ولكنه يُقلل أيضًا من التأثير البيئي للمبنى.
يُساعد استخدام أساليب البناء المستدام في خفض تكاليف البناء من خلال استخدام مواد البناء الموفرة للطاقة وتقنيات البناء الذكية، كما يمكن أن تساهم المباني الخضراء في خفض تكاليف البناء من خلال تحسين عزل وتغليف المبنى، واستخدام تقنيات التبريد والتدفئة السلبية، وتقليل النفايات الناتجة عن عمليات البناء، وزيادة إنتاجية البناء. بالإضافة إلى ذلك، تساهم طرق البناء المستدامة في تقليل تكاليف تشغيل وصيانة المبنى وإطالة عمر مواد البناء.
تعزيز الكفاءة في كافة مراحل دورة حياة المبنى
تحتاج المباني الخضراء إلى عمليات صيانة وإصلاح أقل من المباني التقليدية، كما انها أكثر متانة، وعمرها الافتراضي أطول مما يعني أن أصحاب المنازل الخضراء سيوفرون المال على المدى الطويل عندما يختارون طريقة بناء صديقة للبيئة
تعتبر تكلفة أعمال الصيانة والإصلاح للمباني الخضراء أقل من المباني التقليدية، كما أنها أكثر مقاومة للتلف مما يعني أنها لن تحتاج إلى الكثير من الصيانة.
المباني الخضراء لديها معدل إهلاك أقل لمواد البناء من المباني التقليدية الأخرى مما يعني أن قيمتها ستنخفض بمعدل أبطأ من تلك غير الخضراء بعد بنائها أو تجديدها بالطرق التقليدية مثل الهياكل الفولاذية أو الحوائط الجافة.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115