وذلك على الرغم من تواتر الحديث خلال السنوات الأخيرة عن تطوير التبادل التجاري مع البلدان الإفريقية والحد من الاعتماد على الدول الأوروبية وتعول تونس على انضمامها الى أهم التكتلات الاقتصادية لرفع من مستوى التبادل التجاري الذي لايزال دون المأمول ،ففي حال تم إستنثاء المعاملات التجارية مع البلدان مع الدول العربية من مجموعة إفريقيا و تحديدا الجزائر وليبيا والمغرب و مصر ،فإن قيمة المبادلات بين الواردات والصادرات لتونس مع أكثر من 40 دولة إفريقية لاتصل إلى 3 مليار دينار .
وتعتبر قيمة المبادلات التجارية مع هذه الدول دون 3% من إجمالي المبادلات المسجلة لكامل 2023 وفقا لمعطيات المعهد الوطني للإحصاء التي تؤكد تواصل هيمنة الاتحاد الأوربي كأهم الدول الشريكة ،حيث يستقبل الاتحاد الأوروبي 70,3% من جملة الصادرات وقد سجلت تطورا إيجابيا بنسبة 12.3% مقارنة بسنة 2022 وذلك أمام نمو الصادرات مع العديد من الشركاء الأوروبيين منها فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا التي زادت بنحو 27 في المائة .
وفي المقابل لم تعرف المبادلات التجارية مع مجموعة إفريقيا أي نمو بما يؤكد إستمرار تصدر الشريك التجاري التقليدي،عدم جني ثمار التجمعات الإفريقية التي انضمت إليها تونس منذ 2018 وأخرها دخول اتفاقية إقامة المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر»زليكاف» حيز التطبيق في أفريل المنقضي والتي تضم الاتفاقية حاليا 44 بلدا عضوا مصادقين عليها من بين 54 بلدا الموقعين عليها من جملة الخمسة والخمسين بلدا عضوا في الاتحاد الإفريقي .
وتبين المعطيات الرسمية ضعف المبادلات التجارية مع القارة السمراء ،حيث تمثل الجزائر وليبيا المحرك الأساسي للمبادلات التجارية بين تونس ومجموعة الدول الإفريقية وفي حال تم إستثناء الدول المغاربية فإن مساهمة هذه الدول لا تتجاوز 2.2 في المائة ،كما يلاحظ من معطيات المعهد الوطني للإحصاء ضمن نشرية التجارة الخاريجية أن التبادل التجاري لم يشهد نموا بل غلب عليه التراجع سواء على مستوى الصادرات أوالواردات.
ويعود ضعف التبادلات التجارية الإفريقية وذلك على الرغم من التسهيلات التي فرضتها التكتلات الاقتصادية التي إنضمت إليها تونس إلى عدد من الإشكالات ،حيث يؤكد خبراء إقتصاد و فاعلين على أن أهمية التكتل الاقتصادي وجني ثمار الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية تعوقه بعض الإشكاليات على غرار ضعف التمثيليات الدبلوماسية بين الدول الأعضاء ، إضافة إلى الإشكالات اللوجستية سواء على الصعيد الجوي أوالبحري، وغياب شبكات بنكية مشتركة قارة بإمكانها ان تجذب رجال الأعمال الى إنجاز استثمارات بينية .
جدير بالذكر إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال اجتماعه يوم الاثنين المنقضي بقصر قرطاج، برئيس الحكومة أحمد الحشاني قد تم إستعراض" نتائج مشاركة بلادنا في القمة الأفريقية بأديس أبابا التي كانت مناسبة لإبراز الموقف التونسي الرسمي من عديد القضايا على غرار إيجاد سبل جديدة للتعاون بين الدول الإفريقية واستخلاص الأسباب التي أدت إلى غياب هذا التعاون أو في أحسن الأحوال إلى تعثره في الوقت الذي تزخر فيه أفريقيا، التي تعتز تونس بالانتماء إليها، بكل أنواع الثروات الطبيعية التي تجعلها قادرة على أن تضع حدا لمظاهر الفقر التي لازالت تشكو منها وتدفع ثمنها باهظا عديد شعوب القارة".