بين البلدين والتي تعود الى جانفي من عام 1964 ، هذا التاريخ الذي كان مفصليا في فتح فصل جديد من الصداقة التونسية الصينية على طريق الحرير التاريخي. فقد حلّ آنذاك رئيس الوزراء الصيني تشو إن لاي ضيفا بتونس وحظي باستقبال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة . وتخليدا لذكرى هذه العلاقات تمّ اصدار طابع بريدي تذكاري يتضمن رسم لشجرة الزيتون -رمز تونس والباندا الصيني- بتصميم دو شياو شياو وإصدار شركة فيلاتيلي الصينية واشراف وزارة الخارجية الصينية .
وبهذه المناسبة أشاد منير بن رجيبة، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج بالإنجازات النوعيّة التي تم تحقيقها في إطار التعاون الثنائي المثمر بينهما على مرّ السنين، وعزمهما الراسخ على مزيد تطويره والمضيّ به قدما لأرقى المراتب، بتوجيهات من قيادتي البلدين.
وفيما يتعلق بالعدوان الصهيوني المتواصل على فلسطين، دعا الى ضرورة السعي الجادّ من قبل المجتمع الدولي من أجل الوقف الفوري لهذه الإبادة والعمل على ضمان حلّ دائم للقضية الفلسطينية العادلة واسترجاع الشعب الفلسطيني الشقيق لحقوقه المشروعة والكاملة على كل شبر من أراضيه. مشيدا بتقارب وجهات النظر مع بيكين في هذا المجال .
نحو تعاون أرحب
من جهته أعرب سفير الصين بتونس عن استعداد بلاده لتعزيز التعاون في كافة المجالات مع الجانب التونسي في إطار منتدى التعاون الصيني الأفريقي، ومنتدى التعاون الصيني العربي، والبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق. وقال ان الهدف المشترك هو التوصل إلى أوسع توافق ممكن في الآراء والاشتراك في حماية الشاغل الرئيسي لعصرنا، وهو السلام والتنمية.
وقال في كلمة له في حفل نظمته سفارة الصين ان الصداقة الصينية التونسية لها تاريخ طويل. وقبل أكثر من 2000 عام، كان طريق الحرير القديم يربط بين الشعبين. وتشهد فسيفساء يين يانغ الموجودة في مجموعة متحف سوسة على تاريخ الأجداد الثمين. كما أن الذاكرة المشتركة للنضال من أجل التحرير الوطني مكنت من إقامة صداقة قوية وعميقة. في 9 جانفي 1964، زار رئيس الوزراء تشو إن لاي تونس حيث استقبله الرئيس بورقيبة بحرارة. وفي 10 جانفي، أصدر البلدان بيانا مشتركا بشأن إقامة العلاقات الدبلوماسية".
وأضاف :"على مدى السنوات الستين الماضية، ظلت العلاقات بين بلدينا قوية. وعلى الرغم من التغيرات التي طرأت على الساحة الدولية، ظل الجانبان مخلصين للروح الأصلية المتمثلة في الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة والتبادلات والتفاهم المتبادل. وقد دعم البلدان بعضهما البعض في أوقات الأزمات ووحدا جهودهما من أجل التنمية في أوقات السلام. وما زالوا متحدين بشأن القضايا الأساسية وملتزمين بقوة بالحفاظ على المصالح المشتركة للدول النامية. على هامش القمة الصينية العربية، عقد الرئيس شي جين بينغ والرئيس قيس سعيد اجتماعهما الأول وتوصلا إلى سلسلة من التوافقات المهمة، التي رسمت طريق التنمية الاستراتيجية للعلاقات بين بلدينا في العصر الجديد".
واستعرض السفير الصيني محطات التعاون بين البلدين في سياق عديد المشاريع التي تمت في قناة مجردة و مركز الشباب الرياضي والثقافي المنزه إلى مركز الشباب الرياضي والثقافي بن عروس، الى الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس، معتبرا انها كلها ثمار تعاون مستمرة في الظهور. وتابع :"ومن المهم بشكل خاص أن نشير إلى أننا احتفلنا معًا في العام الماضي بالذكرى الخمسين لوجود أول فريق طبي صيني في تونس. وقد كتب 1153 طبيبًا صينيًا من 27 فريقًا قصة صداقة جميلة، مستخدمين مهارات طبية رفيعة المستوى مع احترام القيم الأخلاقية الطبية النبيلة. "
وقال ان الصداقة بين الشعبين واصلت تعزيزها. من خلال فعاليات عديدة مثل” ومهرجان قرطاج الدولي وغيرها. وهي تشكل أماكن للتبادل والتفاهم المتبادل بين الحضارتين. وقال ان الثقافة الصينية التقليدية، مثل الطب الصيني والتاي تشي وفنون الدفاع عن النفس، شعبية في تونس. وأوضح ان التبادلات بين الشعبين أصبحت وثيقة بشكل متزايد. ومع تطبيق سياسة الإعفاء من التأشيرة للسياح الصينيين، سيأتي المزيد منهم إلى تونس لاكتشاف جمال وأناقة "لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط". وفق قوله .
مصير مشترك للبشرية
واكد ان العالم يمّر اليوم بتغيرات كبيرة لم نشهدها منذ قرن من الزمان. في مواجهة الوضع الجديد والتحديات الجديدة، موضحا ان الرئيس الصيني شي جين بينغ طرح مفهوم بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية للإجابة على سؤال ما هو العالم الذي يجب بناءه وكيفية بنائه. وأضاف ان إن الصين مستعدة للعمل مع تونس لاتباع الاتجاه الصحيح للمجتمع الإنساني، أي التنمية المشتركة والسلام والأمن الدائمين والإلهام المتبادل بين الحضارات، والهدف منه هو بناء عالم معا منفتح وشامل وجميل ونظيف يتسم بالديمومة. السلام والأمن العالمي والرخاء المشترك" وقال :" .فلنلتزم معًا بالقضية المشتركة للسلام والتنمية. في مواجهة تآكل مكاسب السلام والأمن العالميين، والانتعاش البطيء للاقتصاد العالمي واتساع فجوات التنمية، قدم الرئيس شي جين بينغ على التوالي مبادرة التنمية (IDM) ومبادرة الأمن العالمي (ISM). الهدف من هذه المبادرات الكبرى هو القضاء على الأسباب الجذرية للصراعات الدولية، وتحسين إدارة الأمن العالمي، وحماية الحق في التنمية لجميع البلدان وتحقيق التنمية المشتركة والمستدامة."
وقال ان لقد الصراعات الإسرائيلية الفلسطينية الجديدة عززت دعوة العالم إلى العدالة والإنصاف. وقال ان الصين تدعو إلى عالم متعدد الأقطاب متساو ومنظم وعولمة اقتصادية شاملة ومربحة
اما فيما يتعلق بعدم التوازن بين البلدان فقال :" ان هذا نتيجة للتخصيص العالمي للموارد. إن الصين مستعدة للعمل مع الجانب التونسي لدعم الأسس الأخلاقية للعلاقات الدولية، والسعي إلى التعددية الحقيقية، ومواصلة القضاء على الفقر والعمل معا من أجل مستقبل أفضل."
وقال انه من المؤسف ان تعمل أن بعض الدول تعمل على تأجيج الخلافات والتناقضات بين الحضارات، وتمزيق الإجماع العالمي تحت ستار الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وتحاول احتكار تعريف الديمقراطية وفرض قيمها. وفي هذا الصدد، فإن الصين مستعدة للتعاون مع تونس لتعزيز تقدم الحضارة الإنسانية من خلال اتخاذ مبادرة الحضارة العالمية كقائد، والالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتمسك باتجاه الأوقات."
وقال ان حلول الذكرى الستين علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين وأشار الى ان العلاقات الصينية التونسية تبدأ من نقطة انطلاق جديدة بعد 60 عاما. والتعاون في كل المجالات لن ينضب وسيمضي قدما مثل نهر مجردة. وقال :"قبل أيام قليلة، قام عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية وانغ يي، بزيارة مثمرة إلى تونس، تبادل خلالها وجهات النظر بشكل متعمق. وتطرق اللقاء مع القادة التونسيين إلى تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في مختلف المجالات".
وأشار السفير الصيني الى ان بلاده مستعدة للعمل مع الجانب التونسي للاستفادة من الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية. وذلك لتنفيذ التوافق المهم الذي تم التوصل إليه خلال اجتماع رئيسي البلدين، لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى من أي وقت مضى وبذل جهود دؤوبة للدخول في الذكرى الستين الثانية لعلاقات صينية تونسية أكثر متانة من أي وقت مضى.