نائب رئيس الحركة السياسية لحركة حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي عقر معقل حزب الله ، مفترقا للصراع الدائر منذ ثلاثة أشهر . وقد هدّد حزب الله بالرد على هذا الاختراق الأمني والعسكري في وقت أثارت فيه العملية مواقف عديدة إقليميا ودوليا . وتسيطر حالة الاستنفار العام داخل كيان الإحتلال وأيضا على الصعيد الإقليمي والدولي وسط توجّس لسيناريوهات ما بعد هذا الإغتيال الغادر الذي اعتدى على السيادة اللبنانية . فاسرائيل تنتهك مرة جديدة كل القوانين الدولية وتجدد تنفيذ سيناريوهات اغتيالات قادة المقاومة خارج فلسطين سواء على الأراضي اللبنانية او غيرها ، بكل ما سينجّر عن هذه الجريمة من رد لمحور المقاومة في المنطقة وتوسع رقعة الحرب . وتحمل هذه العملية دلالات عديدة أولها أهمية الرجل بصفته قيادي من الصف الأول في الحركة وثانيا مكان التنفيذ الذي يمثل رسالة واضحة لحزب الله بأن إسرائيل مستعدة لكل السيناريوهات . واغتالت "إسرائيل" العاروري مع ستة آخرين، بينهم قياديان في الجناح العسكري لحماس، وفق ما أعلنت الأخيرة، في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مكتبا للحركة في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الأول الثلاثاء. وأكدت "حماس" اغتيال نائب رئيس مكتبها السياسي صالح العاروري واثنين من قادة كتائب القسام الجناح المسلح للحركة.
واكد "حزب الله"، في بيان إن عملية اغتيال العاروري بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية "هي اعتداء خطير على لبنان ولن تمر من دون رد وعقاب".واعتبر أن "جريمة اغتيال العاروري ورفاقه في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته، وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات".
وتابع البيان "(اغتيال العاروري) تطور خطير في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة".ورأى أنّ "العدو المجرم الذي عجز بعد تسعين يوما من الإجرام والقتل والدمار من إخضاع غزة وخانيونس ومخيم جباليا وسائر المدن والمخيمات والقرى الأبية، يعمد إلى سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية".وأشار إلى أن "هذه الجريمة النكراء لن تزيد المقاومين في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وإيران والعراق إلا إيمانا بقضيتهم العادلة والتزاما وتصميما أكيدا وثابتا على مواصلة طريق المقاومة والجهاد حتى النصر والتحرير".
ووفق تقارير إعلامية رفعت ''إسرائيل'' حالة التأهب على طول الحدود مع لبنان بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري في بيروت، فيما تنبّهت شرطة الاحتلال عناصرها للتحضير لحالات إطلاق صواريخ وعمليات تسلل محتملة نحو المستوطنات والبلدات.واستنفرت سلطات الاحتلال على طول المناطق الحدودية مع لبنان، واتخذت قراراً بإغلاق طرق "غير ضرورية"، حيث لن يسمح للمزارعين بالاقتراب من الحقول القريبة من الحدود.
بدورها، عمّمت شرطة الاحتلال رسالة إلى عناصرها في جميع المناطق، حثتهم فيها على الاستعداد لحالات إطلاق صواريخ نحو إسرائيل وعمليات تسلل محتملة إلى المستوطنات والبلدات. كذلك صدرت تعليمات للشرطة بتوجيه فرق الحراسة المسلّحة في المستوطنات، وتوجيه قواتها في مختلف المناطق بأن "تكون على استعداد لأي تطورات".
وقال الناطق بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي، في مؤتمر صحافي عقب اغتيال العاروري: "نحن على استعداد لأي سيناريو".وعلى المستوى السياسي، أوعز مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى الوزراء بعدم إجراء مقابلات وعدم التطرق بشكل واضح لاغتيال صالح العاروري.
وتشهد الحدود مع لبنان تبادلا شبه يومي للقصف بين جيش الإحتلال الإسرائيلي وحزب الله الداعم لحركة حماس تزايدت وتيرته منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة، ما يثير مخاوف من توسع الحرب واتخاذها مجرى آخر أكثر شمولية وخطورة .
تداعيات مؤكدة
و قال خضر رسلان المحلل السياسي اللبناني لـ''المغرب'' أن "عملية اغتيال القائد صالح العاروري لا يمكن أن تقوم بها قوات الإحتلال الإسرائيلي دون ضوء أخضر أمريكي كامل ، نظرا للتداعيات المؤكدة التي من المرجح أن تنتج عن هذا الإغتيال الذي يبدو أن الكيان الصهيوني الذي وقف ولا يزال يقف عاجزا عن تحقيق أي انجاز أو أي تقدم في عملية غزة يسعى من خلاله إلى ترميم صورته التي هشمت نتيجة لعملية طوفان الأقصى ''.
وأضاف "يبدو أنّ الإحتلال توهم أن استهداف القائد العاروري سيمكنه من إعادة نوع من التوازن لصورته المهزوزة باعتبار أنّ رمزية الشهيد القائد العاروري كبيرة سواء على صعيد دوره في قيادة القسام أو عن دوره في قيادة ساحة الضفة الغربية ، لذلك فالكيان يعتبر أنه باعتدائه الوحشي هذا يرسل رسالة مشفرة إلى هاتين الساحتين. إلا أنه من خلال إرادة المقاومة في الصمود ومقارعة الاحتلال وكما ورد على لسان قيادات محور المقاومة هذا الإغتيال سيدفع لمزيد تفجر الوضع وأن دماء الشهداء ستزيد من إرادة المقاومة وأنّ زمان المغادرة سيبقى بيد المقاومة سواء كان ذلك في قطاع غزة أو الضفة الغربية وسائر جبهات محور المقاومة ، ولا شك أنه لن يمر وقت طويل إلاّ ويشهد الكيان الإسرائيلي بخطأ ما أقدم عليه وأن رد المقاومة المتوقع سيصعب عليه هدف إعادة ترميم صورته بل سيكتشف سريعا أنّ هذا الهدف بات مستحيلا ''.
مواقف دولية مندّدة ومخاوف من التصعيد
وأثار اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في بيروت ردود أفعال دولية وعربية متزايدة حيث أدان لبنان ومنظّمات وحركات عربية، مساء الثلاثاء، عملية الاغتيال وذلك في بيانات ومواقف أغلبها غير رسمية، بعدما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، بأن إسرائيل اغتالت العاروري في هجوم بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
وأدان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية "الجريمة التي تحمل هوية مرتكبيها" ومحذرا "من المخاطر والتداعيات التي قد تترتب على تلك الجريمة". واعتبرها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي محاولة "لتوريط" لبنان في حرب غزة.
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل إلى "تجنّب أيّ سلوك تصعيدي وبخاصة في لبنان".
وقال قصر الإليزيه إنّ ماكرون شدّد على وجوب "تجنّب أيّ سلوك تصعيدي، بخاصة في لبنان، وأنّ فرنسا ستستمرّ في إيصال هذه الرسائل إلى كلّ الجهات الفاعلة المعنيّة بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة".من جهته قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي،في بيان، إنّ "الانفجار جريمة إسرائيلية جديدة تهدف إلى إدخال لبنان في مرحلة جديدة من المواجهات، بعد الاعتداءات اليومية المستمرة في الجنوب، والتي تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى".وأضاف: "لبنان ملتزم بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لا سيما القرار 1701، ولكن الذي يسأل عن خرقه وتجاوزه هي إسرائيل التي لم تشبع بعد قتلا وتدميرا والمطلوب ردعها ووقف عدوانها".
من جانبه، قال إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في بيان، إن اغتيال إسرائيل للعاروري في بيروت، "جريمة متوقعة لن توقف المقاومة".
واعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في بيان، أن استهداف العاروري "يأتي في سياق المحاولات الصهيونية لتحقيق أي إنجاز ميداني تقدمه حكومة الاحتلال (الإسرائيلي) لجمهورها".وأشارت الجبهة الشعبية إلى الدور "القيادي المحوري للعاروري، في تعزيز وتطوير قدرات المقاومة في مختلف المجالات والميادين والساحات".بدوره، قال متحدث جماعة الحوثي اليمينية محمد عبد السلام، في منشور بمنصة إكس: "نعزي حركة المقاومة الإسلامية حماس باستشهاد نائب رئيس المكتب السياسي للحركة الشيخ المجاهد صالح العاروري".
وأضاف: "ندين بشدة جريمة الاغتيال التي تشكل عدوانا غادرا على لبنان"، مؤكدا "وقوف جماعة الحوثي إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان".
من تونس، أدانت حركة الشعب (قومية) في بيان، اغتيال العاروري ووصفت العملية "بالجبانة وأنها علامة جديدة على عجز العدو الإسرائيلي عن تحقيق إنجاز فعلي في ميدان المعركة التي كبدته فيها المقاومة خسائر لم يكن يتصورها في غزة".من جهته، أدان حزب التيار الشعبي (قومي) في بيان، اغتيال صالح العاروري محملا "الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأول لإسرائيل المسؤولية الكاملة لتداعيات الجرائم النكراء على قطاع غزة".فيما أدان حزب العمال التونسي (يساري) اغتيال العاروري واصفا إياها "بالجريمة الجبانة" التي تضاف إلى "سجل جرائم الاحتلال الإسرائيلي المدعوم مباشرة من الإمبريالية الأمريكية المجرمة والمتوحشة".
وفي الأردن، أدانت جماعة الإخوان المسلمين اغتيال العاروري ورفاقه، مؤكدة في بيان أنه سيذكي "جذوة الجهاد والمقاومة وتكون نوراً على درب التحرير القادم وناراً على العدو الصهيوني وأذنابه وعملائه".
فيما اعتبر حزب "جبهة العمل الإسلامي"، وهو الذراع السياسي للجماعة، خلال بيان له، أن "استشهاد العاروري وإخوانه لن يثني هذا الشعب عن طريق المقاومة حتى تحقيق النصر والتحرير".وأعلن الحزب بأنّه سيستقبل التهاني "بعرس الشهيد" في مقر أمانته بالعاصمة عمان، مساء الأربعاء، يعقبها مسيرة باتجاه المسجد الكالوتي بمنطقة الرابية، القريب من سفارة إسرائيل لدى المملكة.كما قدمت جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست في مصر عام 1928، في بيانين منفصلين، التعازي لحماس في العاروري، واعتبرت اغتياله "محاولة غادرة من الاحتلال الصهيوني لانتهاك سيادة الدول، بعد حالة الفشل العسكري التي مُني بها في قطاع غزة الصامد".