في ظلّ تعثر الجهود الدولية والإقليمية لإرساء هدنة . وفي أحدث تقرير نشره مكتب الإعلام الحكومي في غزة حول حصيلة العدوان منذ السابع من أكتوبر المنقضي ، أظهرت الأرقام والإحصائيات المفزعة مجدّدا الوجه الحقيقي لكيان الإحتلال الإسرائيلي والمجازر التي ارتكبها ضدّ الفلسطينيين دون رادع أو رقيب. وتسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر المنقضي، في استشهاد 26 ألف و700 شهيد ومفقود، حسب ما أعلن مكتب الإعلام الحكومي في القطاع في تقرير حديث صدر أمس ، فيما تستمرّ الاجتماعات والمفاوضات بخصوص عقد اتفاق جديد لتبادل الأسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية برعاية مصرية قطرية .
وزاد التعنت الإسرائيلي واستمرار الاحتلال في سياسته العنيفة والمدمرة في الأراضي الفلسطينية من تذبذب المواقف الدولية الداعمة لسلطات الإحتلال نتيجة ضغوط من الأوساط السياسية أو على الصعيد الشعبي الرافض للمجازر الصهيونية .
وطبقا لتقرير نشره الإعلام الحكومي في غزة، فإن "76 يوما مرت وقد ارتكب خلالها جيش الاحتلال 1700 مجزرة، راح ضحيتها 26 ألفا و700 شهيد ومفقود بينهم 20 ألف شهيد ممن وصلوا المستشفيات، من ضمنهم 8000 طفل و6200 امرأة و310 من الطواقم الطبية و35 من الدفاع المدني و97 من الصحافيين".بينما قالت وزارة الصحة في القطاع، إن حصيلة "الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، ارتفعت إلى 19 ألفا و667''.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن "مجموع إجمالي الوحدات (السكنية) التي دمرها الاحتلال في القطاع بين الدمار الكلي والجزئي يبلغ حوالي 308 آلاف وحدة".وأضاف البيان أن إسرائيل دمرت "114 مسجدا بشكل كلي، و200 مسجد بشكل جزئي، إضافة إلى استهداف 3 كنائس".وتابع: "كما دمر الاحتلال خلال حربه الوحشية 126 مقرا حكوميا، و90 مدرسة وجامعة خرجت عن الخدمة بشكل تام، فيما تضررت بشكل جزئي نحو 283 مدرسة وجامعة".
مفاوضات صعبة
هذا وتحتضن مصر اجتماعات لبحث وقف لإطلاق النار وصفقة جديدة لتبادل الأسرى ، خاصة وأن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يؤدي منذ يوم أمس زيارة إلى القاهرة . ورغم أن الأنباء الواردة من هناك لم تحسم وجود هدنة جديدة أم لا إلاّ أن متابعين للمشهد الراهن يرون أن أي اتفاق قادم سيكون بشروط المقاومة وبتنازلات من جانب كيان الإحتلال الإسرائيلي .
من جهتها أضافت مصادر بارزة في فصائل المقاومة الفلسطينية وفق "العربي الجديد"، أنّ أي عرض لا يتضمن وقفاً كاملاً لإطلاق النار "لا قيمة له"، معتبرة أنّ "ما تروج له وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية، حول اتفاق قادم، هدفه تخفيف الضغط على حكومة الاحتلال والقيادة الأمريكية، بإظهار أنهم يقومون بمفاوضات لإخلاء طرفهم أمام الشارع".
بالإضافة لذلك يمثل الضغط الداخلي في إسرائيل من وزراء حكومته المتطرفة على نتنياهو عنصرا معرقلا أمام التوصل لهدنة جديدة ، إذ زاد الفشل الإستخباراتي والأمني الإسرائيلي في حرب غزّة في تضييق الخناق على نتنياهو وقلّل من خياراته في الحرب الدائرة .
ويأمل المجتمع الدولي البناء على الهدنة السابقة التي امتدت 7 أيام لإطلاق سراح المزيد من الرهائن لدى حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. ويوم 24 نوفمبر المنقضي سرت هدنة دامت 7 أيام بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، تم خلالها الإفراج عن عدد متفق عليه من الأسرى بين الجانبين.
مئات الجرحى يفارقون الحياة
ودقّت منظمات دولية إنسانية من الظروف قاسية التي يعيشها سكان قطاع غزة وما يمكن أن ينجر عن تمدّد الحرب نحو جنوب القطاع بعد عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على حسم الحرب في الشمال في ظلّ صمود المقاومة .
على صعيد ميداني أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أمس الخميس، أن مئات الجرحى يفارقون الحياة نتيجة عدم توفر الخدمات الصحية في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة.وقال المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، في بيان مقتضب، إن "مئات الجرحى يفارقون الحياة نتيجة عدم توفر الخدمات الصحية في مجمع الشفاء الطبي".
وأشار القدرة إلى "خروج مستشفيات مدينة غزة ومناطق شمالي القطاع عن الخدمة".وعادت القوات الإسرائيلية واستهدفت مجمع الشفاء الطبي وسيارة مدنية أمام بوابته كانت تنقل أحد الجرحى، ما أدى إلى "استشهاد 28 شخصا وإصابة العشرات خلال 6 ساعات"، بحسب بيان سابق للوزارة الفلسطينية.وإلى جانب اقتحام وتدمير مستشفيات شمالي قطاع غزة، تستهدف المدفعية والطائرات الإسرائيلية مستشفيات في جنوبي القطاع، كان آخرها مجمع ناصر الطبي في خان يونس، ما أدى لإنهاك المنظومة الصحية بالقطاع. كما قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه تلقى تقارير تفيد بأن القوات الإسرائيلية "قتلت بعد إجراءات موجزة" ما لا يقل عن 11 فلسطينيا أعزل في ما يمكن تصنيفه جريمة حرب في قطاع غز وفق ''ا ف ب ''.
وقال مكتب حقوق الإنسان إن عمليات القتل نفذت في حي الرمال في مدينة غزة هذا الأسبوع.وأضاف المكتب في تقرير إنه تلقى "معلومات مثيرة للقلق تفيد بأن قوات الدفاع الإسرائيلية قتلت ما لا يقل عن 11 رجلا فلسطينيا أعزل بعد إجراءات موجزة" أو تعسفا.واعتبر المكتب أن الحادثة "تدق ناقوس الخطر بشأن ارتكاب جريمة حرب" مشيرًا إلى أن الرجال قتلوا أمام أفراد عائلاتهم.
وبحسب التقرير فإن القوات الإسرائيلية أمرت النساء والأطفال بالدخول إلى غرفة "وإما أنها أطلقت النار عليهم أو ألقوا قنبلة يدوية داخل الغرفة ما أدى إلى إصابة بعضهم بجروح خطيرة بينهم رضيع وطفل".وكان مكتب حقوق الإنسان قد اتهم في وقت سابق إسرائيل باستهداف وقتل مدنيين عمدا.
وضع كارثي
دعت عدة منظمات دولية منذ بدء الحرب في غزة إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة معتبرة أنه بات ضرورة عاجلة في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 76 يوما . وتواجه المنظمات التي تقدم خدمات إنسانية وعاجلة للقطاع صعوبات لوجيستية وميدانية في ظل التضييقات التي يمارسها كيان الإحتلال في القطاع ، وأيضا مع صعوبة التوصل لاتفاق هدنة جديد يسمح بإدخال المساعدات والأدوية والغذاء إلى داخل القطاع .
ويتكدس عشرات الآلاف من النازحين في ظروف مأسوية في مخيمات تابعة للأمم المتحدة ، في حين يموت الجرحى داخل المستشفيات وتحت الأنقاض نظرا لتردي الخدمات الصحيّة وقرب انهيار المنظومة الصحية في غزة ، وأيضا نظرا لعدم توفّر الإمكانيات والآليات لإخراج الجرحى من تحت أنقاض الوحدات السكنية المنهارة .
وفي ظلّ عدم تمكن المجتمع الدولي من استصدار قرار بوقف الحرب العدوانية يستمر الاحتلال الإسرائيلي في ممارسة كل أنواع الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولي والإنساني أمام أنظار العالم وسط تحذيرات من الانعكاسات الكارثية للحرب على القطاع المنكوب.ويتحمل اليوم المجتمع الدولي مسؤولية تواصل هذه الكارثة مع فشله إلى حد اللحظة في إرساء هدنة إنسانية أو وقف لإطلاق النار في غزة ، رغم المطالب والدعوات لضرورة وقف المجازر والمذابح التي تمارسها سلطات الإحتلال ضد الفلسطينيين.