يسهّل الحصول على الخدمات المالية أمور الحياة اليومية، ويساعد الأسر والشركات على التخطيط لكل شيء من الأهداف طويلة الأجل إلى حالات الطوارئ غير المتوقعة. وبوصفهم أصحاب حسابات، من المرجح أن يستخدم الناس خدمات مالية أخرى، مثل الائتمان والتأمين، لبدء وتوسيع النشاط التجاري والاستثمار في التعليم أو الصحة وإدارة المخاطر والتغلب على الصدمات المالية، وهو ما يمكن أن يحسن نوعية حياتهم بشكل عام. إلا أن التقرير الأخير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول القطاع البنكي في تونس يكشف الضعف في الشمول المالي في تونس.
تؤكد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن وضع السوق البنكي في تونس يتميز بضعف المنافسة فقد ارتفعت العمولات على الحسابات الجارية في السنوات العشر الماضية ب 67% كما أن ثلثي السكان ليس لديهم حساب مصرفي.
ويعرف البنك الدولي الشمول المالي أن الأفراد والشركات لديهم إمكانية الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم – معاملات ومدفوعات ومنتجات ادخار وتسهيلات ائتمانية وقروض وخدمات تأمين)، ويتم تقديمها على نحو مسؤول ومستدام.
وتقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن البريد يلعب دورا مهما لأنه يقدم خدمات مصرفية أرخص ويعزز الشمول المالي. ومع ذلك، نظرًا لأنه ليس بنكا ، فإنه لا يمكنه تقديم مجموعة كاملة من المنتجات المصرفية مبينا انه في عديد البلدان يساهم البريد مساهمة كبيرة في تحقيق الشمول المالي باعتبارها الأكثر قربا لتقديم خدمات للأشخاص ذوي القدرات المالية المحدودة نظرا لضعف عمولاتها مقارنة بالبنوك واختيار الشباب له. إلا أن عدم حصوله على ترخيص بنك بريدي يضعف احتمالية منافسته للبنوك. يمكن للبريد ان يلعب دور مهم في التنافسية مع البنوك التقليدية حيث ترتفع حصة الحسابات للشباب فيها باعتبار اتساع شبكتها ورسومها الاقل من البنوك الا انه يتم تقويض هذه الامكانية بسبب عدم قدرتها على تقديم قروض.
ويضيف التقرير ان التعاون بين البنك المركزي ومجلس المنافسة محدود مما يحد من قدرة المجلس من وضع حد للممارسات التي يحتمل ان تكون مخلة بالمنافسة .
مؤكدا على ان الوصول السريع والآمن وغير المكلف إلى خدمات التمويل والدفع يعزز الشمول المالي. لكن يستدرك التقرير ليؤكد ان كل الدراسات الاستقصائية التي أجريت مؤخرا في تونس تظهر أن حوالي ثلثي السكان ليس لديهم حساب مصرفي وأن هذا الضعف يمثل عقبة امام الصعوبات الحصول على التمويل خاصة بالنسبة الى الشركات.
وبحسب المسح فإن حوالي 10٪ من التونسيين لديهم حساب جاري في البريد و 29% فتحوا حساباً في أحد البنوك، و64% ليس لديهم حساب جاري
وتطورت الشكايات من 217 شكوى في 2018 إلى 301 في 2022 واغلب المستجوبون يرون أن الإجراء مرهق ولا يتوقعون فائدة من هذه الخطوة.
من جهة اخرى كشف مؤشر الشمول المالي الصادر عن البنك الدولي لعام 2021، أن نسبة البالغين أي من هم أعمارهم أكثر من 15 سنة الذين لديهم حسابات بنكية في تونس يصل إلى 36.85%. وبهذا يمكن القول ان الشمول المالي في تونس مازال ضعيفا ويستوجب وضع خطط تعتمد على التكنولوجيا الحديثة للوصول الى اكبر عدد ممكن وتمكين نسب عالية من التونسيين من الخدمات المالية بجودة وتكاليف تنافسية والأخذ بعين الاعتبار القرب من الجميع مع توفير الامكانيات للالمام بهذه الخدمات.