ومحافظات شمال وجنوب القطاع، وسط تحذيرات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية. وتعبيرا عن التضامن مع غزة وللضغط باتجاه وقف المجزرة الصهيونية، شاركت أمس عديد الدول بينها لبنان والأردن ومصر وموريتانيا في الإضراب الشامل التي دعت اليه منظمات وهيئات حقوقية ونشطاء حول العالم. واللافت اليوم ان هناك رأي عام غربي جديد يتشكل وينعكس في المظاهرات والمسيرات التي تعمّ عديد عواصم العالم بشكل شبه اسبوعي في لندن وغيرها للتعبير عن الاحتجاج على سياسات الحكومات الغربية المتواطئة مع إسرائيل من خلال صمتها على الإبادة غير المسبوقة في التاريخ الحديث . فالهولوكست الصهيوني بلغ أوجهه في فلسطين وأمام انظار حكومات الدول الغربية وخاصة بدعم امريكي غير مسبوق تمثل بتدفق مليارات الدولارات إضافة الى العتاد العسكري المتطور للاحتلال . فغزة اليوم بفصائلها المقاومة وبشعبها الأعزل تواجه حربا كونية يستهدف وجودها تماما كما استهدفت هذه الحرب الوجود الفلسطيني ابان نكبة 48 بدعم بريطاني .
ويبدو اليوم خيار الضغط الشعبي على الحكومات المتواطئة هو الأكثر فاعلية لايقاف هذه الحرب الهمجية .
حراك عالمي
وأصدرت حركة "حماس" ليل الأحد بيانا بشأن الدعوات للإضراب العالمي. وقالت: "نشيد بالحراك العالمي الداعي للإضراب الشامل، وندعو كل الأحرار في العالم إلى المشاركة الواسعة فيه، رفضا لحرب الإبادة الجماعية والمجازر الصهيونية بحقّ المدنيين العزَّل من أبناء شعبنا في قطاع غزَّة على مدار 65 يوما".وعمّ الإضراب الشامل الأراضي الفلسطينية، وذلك تنديدا بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والاعتداءات المتواصلة على الضفة الغربية لليوم الـ66 على التوالي.ويأتي هذا الإضراب الذي شل جميع مناحي الحياة من مؤسسات حكومية وخاصة وحركة المواصلات والمدارس والجامعات والمتاجر، للمطالبة بوقف القصف الإسرائيلي على منازل المدنيين في قطاع غزة.
ويسعى الفلسطينيون للتمسك بحقهم المسلوب خاصة وأن ''اسرائيل'' ماضية في سرقتها للأرض الفلسطينية والتاريخ الفلسطيني، تارة بالهدم والتهجير وسلب الأراضي، وتارة أخرى بالاستيطان. ويتمسك أصحاب الأرض بعروبة الأرض الفلسطينية، وأحقية الشعب الفلسطيني بأرضه مهما طال الزمن ومهما أقرت إسرائيل من قوانين ومهما أصدرت من قرارات.
وأطلق نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم "إضراب من أجل غزة ، دعوات إلى إضراب شامل حول العالم للتضامن مع أهالي قطاع غزة في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.وقال النشطاء إنهم أطلقوا حملة من أجل الضغط باتجاه الإضراب الشامل على مستوى العالم بهدف الضغط على الحكومات، وإجبارها على التحرك بشكل جاد لوقف المجازر الإسرائيلية وجرائم الإبادة المتواصلة منذ أكثر من شهرين.
ودعا نشطاء اجتماعيون وحقوقيون وإعلاميون حول العالم، إلى إضراب شامل في جميع الدول تضامنا مع قطاع غزة، ورفضا للحرب الإسرائيلية والموقف الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار.وطالبت الدعوات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي بإغلاق المتاجر والجامعات والمدارس، وتوقف المشاركين في الإضراب عن استخدام مركباتهم، والتسوق، وحتى عن استخدام البطاقات المصرفية في دفع المشتريات.
وبحسب النشطاء الذين دعوا للإضراب، تهدف الحملة إلى الضغط على الدول الداعمة لإسرائيل في سبيل وقف الحرب على قطاع غزة، والتي خلفت نحو 18 ألف قتيل وأكثر من 48 ألف جريح.
وتراوحت المشاركة في الإضراب بين الرسمي الذي تمّ الإعلان عنه مثلا في لبنان عبر قرار حكومي صادر عن مجلس الوزراء ، وبين الشعبي الصادر عن منظمات وجمعيات سواء في الأردن مصر وتونس أيضا .
وأعلن مجلس الوزراء اللبناني، إقفال كافة الإدارات والمؤسسات في البلاد يوم أمس الاثنين ضمن حراك عالمي يدعو إلى إضراب حول العالم تضامنا مع غزة والشعب الفلسطيني، كما أعلنت كذلك القوى الوطنية والإسلامية في رام الله والبيرة في الأراضي الفلسطينية الإضراب الشامل اليوم.
وقال الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية في بيان، إن "رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، أعلن بموجب مذكرة حكومية، إقفال كل الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات، يوم غد الاثنين".وأضاف أن ذلك جاء "تجاوبا مع الدعوة العالمية من أجل غزة، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني ومع أهلنا في غزة، وفي القرى الحدودية اللبنانية".
في السياق، أعلنت نقابة المهندسين في بيروت، إقفال أبوابها، أمس الاثنين، في المركز الرئيسي في العاصمة اللبنانية بيروت، ومراكزها الفرعية في المناطق الأخرى.وأعلنت النقابة في بيان "تضامنها مع الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة وقطاع غزة الصامد بوجه العدوان الصهيوني الوحشي".
كما نددت "بالاعتداءات الهمجية الإسرائيلية على الصحفيين، وعلى الأهالي في الجنوب (لبنان)"، مؤكدة أن "فلسطين ستنتصر، وستبقى عربية حرّة، والاحتلال إلى زوال"، وفق البيان ذاته.
كما شهدت الدعوة لإضراب عالمي، أمس الإثنين، للضغط من أجل وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مشاركة وتفاعلا واسعا لدى العديد من القطاعات الخاصة بالأردن.
وبحسب تقارير إعلامية فان هناك استجابة واضحة مع الإضراب في العاصمة عمّان، ومحافظة إربد (شمال)، حيث أغلقت أعداد كبيرة من المحال التجارية أبوابها، وعلقت لافتات تشير إلى إضرابها من أجل قطاع غزة.
وأظهر التراجع الملحوظ في حركة السير وأعداد الطلبة المتوجهين إلى المدارس، مستوى التجاوب مع الإضراب، فيما تصدر وسم "الإضراب الشامل" قائمة الوسوم الأكثر تداولا على منصة "إكس" بالأردن.كما تفاعل الشعب المصري بقوة مع الإضراب الشامل تضامنا مع غزة والشعب الفلسطيني، وانتشرت صور عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي تظهر المتاجر المغلقة والشوارع الخالية من السيارات والمواطنين.
وشارك الاتحاد العام لطلبة تونس في الاضراب وكان قد دعا في بيان إلى إقرار يوم أمس الإثنين يوم إضراب عالمي من قبل المنظمات و الشعوب المناهضة للإمبريالية و للحركة الصهيونية لرفع صوت شعوب العالم الداعم لحق الشعب الفلسطيني و المعادي لنظام الفصل العنصري الصهيوني و للمجازر و الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد هذا الكيان الغاصب. كما دعا الإتحاد العام لطلبة تونس عموم الطلبة إلى إسناد هذا الحراك العالمي و القيام بالإضراب العام يوم الغد بكل الكليّات و المعاهد.وفي نفس البيان دعا '' الشعب التونسي إلى القيام بالإضراب العام غدا نصرة للقضية الفلسطينية، إسنادا للمقاومة و إدانة للحركة الصهيونية، والتظاهر أمام السفارات الداعمة للعدوان و المطالبة بطرد السفراء".
كما قام متظاهرون في العاصمة الموريتانية نواكشوط، أمس الاثنين، خلال وقفة للتضامن في يوم الإضراب من أجل غزة، بمطالبة السلطات الموريتانية بطرد سفراء الدول الغربية الداعمة للعدوان على غزة، وسموا السفيرة الأمريكية والسفيرة الالمانية والسفير البريطاني وسفير فرنسا.
وردد المتظاهرون في وقفتهم أمام السفارة الأمريكية بنواكشوط، شعارات تدين "عجز مجلس الأمن الدولي عن وقف العدوان وحرب الإبادة ضد أهالي غزة".
وخلال هذا اليوم، شن التجار في أكبر أسواق المواد الغذائية والهواتف المحمولة والكمبيوتر، اضرابا عن العمل وأغلقوا محالهم التجارية، تلبية لنداء يوم الإضراب من أجل غزة، فيما قررت وزارة التعليم العالي تعليق الدراسة في مؤسسات التعليم العالي والجامعة.
معارضة داخل أمريكا وخارجها
وجاء الإضراب بعد أيام من فشل مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض، بينما أيده 13 عضوا من أعضاء المجلس الـ15 المشروع، مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت.
ويرى مراقبون أنّ استخدام أمريكا حقّ النّقض (الفيتو) لعرقلة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي تقدّمت به الإمارات وبدعم أممي يطالب بوقف فوري لإطلاق النّار في قطاع غزة، أسقط روايتها الداعمة لحقوق الإنسان في العالم وكرس سياستها المساندة للإبادة والمجازر والتطهير العرقي التي مارسها الإحتلال الإسرائيلي ضدّ المدنيين الأبرياء في قطاع غزة من نساء أطفال ورجال.
ويفتح هذا الفيتو الباب أمام آلة الحرب الإسرائيلية للإستمرار في ارتكاب مجازرها المستمرة منذ الـ7 من أكتوبر المنقضي في ظلّ عجز دولي عن إيقافها ، ووفق متابعين يدين الفيتو الأمريكي أيضا الإدارة البيضاوية برئاسة جو بايدن الذي يواجه ضغوطا داخلية ضدّ دعم الكيان الإسرائيلي ممّا يهدّد مستقبله السياسي .
وادعت الولايات المتحدة على لسان نائب المندوبة الأمريكية لدى مجلس الأمن، روبرت وود، أنها استخدمت حق ''الفيتو'' ضد مشروع القرار '' لأنه لا يدين حركة ''حماس'' ولا يؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها''، فيما أعلن مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون، أن بلاده تشعر بخيبة أمل شديدة من استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار فورًا في غزّة. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن استخدام حق النقض جعل الولايات المتحدة شريكة في جرائم الحرب الإسرائيلية.
ومن جهة أخرى أظهر استطلاع جديد للرأي أن غالبية الأمريكيين لا يوافقون على سياسة الرئيس جو بايدن بشأن حرب غزة وفق ''الشرق الأوسط''.
وأُجري الاستطلاع بواسطة شبكة ''سي بي إس نيوز'' ، وقال 61 في المائة من البالغين، الذين شملهم الاستطلاع، إنهم لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب، بينما قال 39 في المائة من المشاركين إنهم يوافقون على ذلك.
وفي استطلاع مماثل أُجري في أكتوبر الماضي، قال 56 في المائة من المشاركين إنهم يعارضون سياسة بايدن في هذا الشأن، في حين قال 44 في المائة إنهم متفقون معها.
كما انخفضت نسبة الموافقة على موقف بايدن من الصراع بشكل طفيف بين الأحزاب السياسية منذ أكتوبر، وقال نحو 63 في المائة من الديمقراطيين، في الاستطلاع الأخير، إنهم يوافقون على طريقة تعامله مع الصراع، في انخفاض بنسبة 3 في المائة عن أكتوبر.أما بالنسبة للجمهوريين، فقد اتفق 22 في المائة منهم مع بايدن، في الاستطلاع الأخير، في انخفاض بنسبة 6 في المائة عن أكتوبر.وقال نحو 35 في المائة من المستقلّين إنهم يوافقون على تعامل الرئيس الأمريكي مع الصراع، في الاستطلاع الأخير، مقارنة بـ39 في المائة قالوا الشيء نفسه في الاستطلاع السابق.