جاء إعلان حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" انطلاقا من لبنان، ليثير ردود أفعال متزايدة خاصة حول تأثيرات هذه الخطوة وتداعياتها على لبنان والمنطقة بشكل عام . فالحركة دعت أبناء الشعب الفلسطيني هناك للانضمام إليها في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، بكل ما يحمله ذلك من تأثيرات من تفجّر الأوضاع وتوسع رقعة الحرب . فهل يتكرر سيناريو منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وما تداعيات هذه الخطوة محليا وإقليميا ؟.
ويمثل تشكيل هذا الفصيل في لبنان تحولا في مجريات الأمور على الصعيدين العسكري والسياسي. فعسكريا سيصبح الجنوب منطقة مفتوحة لفصائل متعددة ومنطقة عمليات عسكرية. أما سياسيا لا شك أن الخطوة ستحدث ردود فعل كثيرة في الداخل والخارج. فلبنان يحتضن أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني وليس صدفة ان تختاره حركة حماس لإعلان تأسيس فصيلها الجديد في بلد الأرز لاعتبارات عديدة جيوسياسية وغيرها.
وقالت حركة حماس في لبنان عبر بيان، الاثنين: "نعلن تأسيس طلائع طوفان الأقصى". ودعت الحركة "الشعب الفلسطيني والشباب والرّجال الأبطال إلى الانضمام إلى طلائع المقاومين وأن يشاركوا في صناعة مستقبل شعبهم، في تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك''.وشددت "على دور الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكلّ الوسائل المُتاحة والمشروعة".وأشارت إلى أن "تأسيس طلائع طوفان الأقصى بلبنان" يأتي سعيا نحو "مشاركة رجالها وشبابها في مشروع مقاومة الاحتلال والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم العلمية والفنية".
وشددت على أن "تأسيس طلائع طوفان الأقصى يأتي استكمالاً لما حققته عملية طوفان الأقصى، وانتصاراً لصمود الشعب الفلسطيني الصابر ومقاومته الباسـلة، وما قدمه من صمود وتضحيات''.
وقد أثارت الخطوة اعتراض بعض القوى السياسية اللبنانية، مؤكدين رفضهم لاستخدام الأراضي اللبنانية في أي عمل مسلح ضدّ إسرائيل.ومنذ اندلاع الحرب في أكتوبر المنقضي ، لطالما حذّر المجتمع الدولي من مخاطر وسيناريو اشتعال جبهة صراع ثانية خارج قطاع غزة خاصة في لبنان الذي يقف على حافة الهاوية في ظلّ استمرار التصعيد الإسرائيلي الذي طال جنوب لبنان علما وأنّ هذا التصعيد هو الأسوأ منذ حرب لبنان عام 2006 .
ووفق مراقبين يعد الإعلان عن تأسيس ''طلائع طوفان الأقصى في لبنان '' تطورا مفاجئا يفتح الباب أمام عدة فصائل للقيام بعمليات عسكرية ضدّ إسرائيل مايضع لبنان في مواجهة مباشرة ضدّ الكيان الصهيوني .
ومنذ يوم 7 أكتوبر شنت إسرائيل حربا مدمرة على غزة، خلفت 15 ألفا و899 قتيلا فلسطينيا، و42 ألف جريح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية. وتخشى المنظمات الدولية أن تتسع رقعة الحرب لا فقط خارج قطاع غزة بل أيضا إلى دول الإقليم وأهمّهم لبنان .
مخاوف داخل لبنان
ومنذ بدء الحرب في غزة يترقب اللبنانيون بقلق احتمالية نشوب حرب مفتوحة تستهدف بلادهم ، خاصة مع مشاركة أو انخراط ''حزب الله'' في المواجهة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان ، وذلك كمساندة ودعم لفصائل المقاومة الفلسطينية التي تقاتل في قطاع غزة .
ومع انطلاق حرب غزة شهدت جبهة جنوب لبنان مواجهة وقصف متبادل بين حزب الله وجيش الاحتلال طالت معظم القرى الجنوبية التي نزح سكانها مع اشتدادا القصف وتكرّره .
وعلى صعيد الداخل اللبناني خاصة في ظل الانقسام السياسي الحاد في البلاد وأيضا التضارب في السياسات بين حزب الله وأغلب مكونات المشهد السياسي اللبناني ،إذ تتزايد مخاوف اللبنانيين من امتداد شرارة الحرب من غزة إلى جنوب لبنان، والبعض الآخر يساند ويرى أن مساندة الفلسطينيين أمام هذا الظلم الواقع على أهل غزة واجب على فصائل المقاومة في الدول الأخرى.
وتعود آخر مواجهة بين ''حزب الله'' وإسرائيل إلى صيف عام 2006، واستمرت أكثر من شهر، بعد أن أسر الحزب جنديين إسرائيليين في عملية عبر الحدود.
محاولة لطمأنة اللبنانيين
وبعد الإعلان عن "طلائع طوفان الأقصى" قالت حركة حماس- في خطوة يبدو أنها لطمأنة اللبنانيين-على لسان ممثل الحركة في لبنان أحمد عبد الهادي، إن "طلائع طوفان الأقصى" التي أعلنت الحركة تأسيسها، ليس تشكيلا عسكريا من أجل استيعاب مقاتلين وتدريبهم للانخراط في صفوف المقاومة المسلحة، وإنما هي إطار شعبي تعبوي فقط من أجل استيعاب الشباب الفلسطيني".
وأضاف عبد الهادي في تصريح اعلامي، أن طلائع طوفان الأقصى، فكرة نشأت من بعد معركة طوفان الأقصى، وقد لاحظنا أن الشباب الفلسطيني أقبل على حركة حماس متأثرا ببطولات المقاومة وكتائب الشهيد عز الدين القسام في غزة، وبناء عليه ارتأينا أن نستوعب الشباب لبناء شخصياتهم وطنيا ودينيا وقيميا وبدنيا.
ولم يخف عبد الهادي، أن أهداف "طلائع طوفان الأقصى" تتمثل في استقطاب الشباب والعمل على إدماجهم في برامج لخدمة المجتمع والمساهمة في أعمال الخير الوطني.وتوقع أن يفهم الجانب اللبناني هذه الخطوة خطأ، خصوصا إذا ربطوها بالتجارب السابقة للثورة الفلسطينية، ولكننا نقول لهم لن تتخذ حماس قرارا بالرجوع إلى الوراء لأنها تحترم سيادة وقانون لبنان، ولا يمكن أن تقوم بشيء يضر بأمنه وسلامته وتاريخنا يشهد على ذلك.
ووجه عبد الهادي رسالة مشتركة إلى الشعبين اللبناني والفلسطيني، قائلا "لا داعي للقلق من هذا الإطار، لأنه لن يضر لبنان ولن يأتي بأي أثر سلبي على الشعب الفلسطيني، وسيكون مفيدا لخدمة الشعب الفلسطيني وتفريغ طاقات الشباب ومواهبهم وزرع حب فلسطين في نفوسهم".
غارات وقصف على مناطق جنوب لبنان
ميدانيا تعرضت عدة مناطق من جنوب لبنان، أمس الثلاثاء، لغارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي، مع تحليق مكثف لطائرات استطلاع، دون تسجيل إصابات في الأرواح.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية أن "الطيران الحربي الإسرائيلي أغار على محيط بلدة عيتا الشعب، وأطلق قنابل حارقة على أحراش بلدتي علما الشعب ومروَحين".وأشارت الوكالة إلى أن "عدة مناطق في قضاء صور، على غرار وادي شيحين وأطراف بلدة الجبين، تعرضت لقصف مدفعي إسرائيلي مركّز".
وحلقت طائرات استطلاع إسرائيلية "طيلة الليل وحتى صباح اليوم، فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط (من الجنوب اللبناني)، وصولا حتى نهر الليطاني صعودا إلى بلدتي الغندورية وفرون"، وفق المصدر ذاته.من جانب آخر، أعلن "حزب الله" الثلاثاء، استهدافه موقعا عسكريا وتجمعا لجنود إسرائيليين في مزارع شبعا وشمال إسرائيل.وقال الحزب في سلسلة بيانات على منصة تلغرام إن مقاتليه "استهدفوا عند الساعة 9:50 من صباح الثلاثاء تجمعًا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في مثلث الطيحات بالأسلحة المناسبة وحققوا فيه إصابات مباشرة".
وفي بيان ثانٍ قال إنه استهدف في الوقت نفسه تجمعاً لجنود إسرائيليين "في مثلث الطيحات بالأسلحة المناسبة وحققوا فيه إصابات مباشرة".وفي بيان ثالث، قال الحزب إن مقاتليه "استهدفوا موقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالصواريخ، وتم إصابته إصابة مباشرة".
كما استهدف مقاتلو الحزب، وفق بيان رابع " موقع بياض بليدا بالأسلحة المناسبة، وتم إصابته إصابة مباشرة".وتشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ 8 أكتوبر الماضي، تبادلا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي من جهة، و"حزب الله" اللبناني وفصائل فلسطينية من جهة أخرى، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى على طرفي الحدود.
تطورات في غزة
قد تنظر إسرائيل في وقف آخر لإطلاق النار لفترة قصيرة إذا أمكن التوصل إلى اتفاق مع حماس لاستعادة المزيد من الرهائن الـ 137 الذين ما زالوا لديها وفق ''د ب ا''.
وقال إيلون ليفي وهو متحدث باسم حكومة الإحتلال الإسرائيلية أمس، إن تأمين إطلاق سراح جميع من احتجزتهم حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الأخرى في السابع من أكتوبر الماضي لا يزال هدفا للحرب إلى جانب القضاء على حماس، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء.وأضاف ليفي، لنادي الصحافة في القدس، أنه سيتم النظر في "هدنة مؤقتة لاستعادتهم".
و كثّف الإحتلال الإسرائيلي أمس الثلاثاء عملياته ضد حركة حماس الفلسطينية في جنوب قطاع غزة حيث أشار شهود إلى حدوث معارك عنيفة، ما يثير مخاوف من "سيناريو أكثر رعبا" للمدنيين.
ووسع جيش الإحتلال الإسرائيلي الذي يشنّ منذ أكتوبر هجوما بريا في شمال القطاع المحاصر، نطاق عملياته البرية لتشمل قطاع غزة برمّته مع نشر دبابات قرب خانيونس التي أصبحت بؤرة التوترات الجديدة، وذلك بعد قرابة شهرين من بدء الحرب.ومنذ استئناف القتال في 1 ديسمبر بعد هدنة استمرت سبعة أيام، يقصف الإحتلال الإسرائيلي جنوب القطاع ما تسبب في سقوط العديد من الشهداء والجرحى في هذه المنطقة التي لجأ إليها مئات الآلاف من المدنيين منذ بداية الحرب حيث يعيشون في ملاجئ مؤقتة.