ومسافة فاصلة بين الدمعة والابتسامة. لا يغيب المهرّج عن مختلف المجتمعات والثقافات بما هو شخصية طريفة وقريبة من الصغار والكبار على حد سواء. ولكن ما وراء المساحيق والألوان الزاهية قد تختفي كومة من الأحزان، وما وراء الأنف الأحمر الكبير قد تختبىء خيبات وجراحات... وحده المهرج يستطيع أن يقف في الحد الفاصل بين التراجيديا والكوميديا.
في اختيار مدروس لمواضيع ورشاته وتربصاته، اعتاد مركز الفنون الدرامية والركحية ببن عروس على ضبط أجندا برمجته على مستجدات السياق الراهن. وفي هذا السياق ينظم مركز الفنون الدرامية والركحية بن عروس، بالتعاون مع المركب الثقافي حمام الأنف ورشة فنية حول "كلون زمن الحرب" في تأطير للمخرج المسرحي يوسف مارس من 18 إلى 23 نوفمبر 2023 بالمركب الثقافي حمام الأنف.
المهرّج فنان شامل يجمع بين التراجيديا والكوميديا
وهو الذي يهتم بفنّ المهرّج في محاولة لإنصافه وتجريده من كل استسهال أو تحريف، يشرف الفنان يوسف مارس على ورشة "كلون زمن الحرب: بين التراجيديا والكوميديا". وفي توضيح لأهداف هذه الورشة وتقنياتها قال يوسف مارس في تصريح لـ"المغرب" : "كثيرا ما تجذبني شخصية المهرج وتغريني بالبحث في وظيفتها ورمزيتها حتى أنّي اهتممت في مجال بحوثي المعمّقة في مجال الماجستير والدكتوراه بفنّ المهرج. وعلى إثر الحديث مع مدير مركز الفنون الدرامية والركحية ببن عروس معز العاشوري وجدنا أنّ أفضل موضوع يمكن أن نتناوله الآن في المسرح التونسي هو "كلون زمن الحرب" .. لا شك أن الحروب هي قرينة المآسي والأحزان والدموع التي يمكن أن يعبر عنها المهرج بمنتهى الفن والتأثير وبكثير من السخرية السوداء. وقد كانت رجل شيخ في حرب غزة في أحداث طوفان الأقصى منطلقا لهذه الفكرة انطلاقا من تصميم معلقة الورشة وصولا إلى المضمون. ثم إنّ المهرج هو فنان شامل يمكن أن تستوعب كل اللحظات وكل الحالات وتعبر عنها كأحسن ما يكون".
في تأطير ورشة "كلون زمن الحرب" يقول يوسف مارس: "اعتمدنا على المراجع الكبرى بداية من العهد الفرعوني مرورا بشخصيات "الحمق" عند ابن الجوزي وصولا إلى المسرح الشكسبيري ... تجمع الورشة بين ماهو نظري وماهو تطبيقي لأن من يتجرأ على لعب دور المهرج دون معرفة عميقة بتاريخه وبتقنياته وبدلاله أزيائه وألوانه لا يمكن له أن ينجح في مساره... إن المهرج شخصية تتواصل مدى الحياة، فمتى عثرنا علينا تعيش معنا للأبد.
دون شرط، تفتح ورشة "كلون زمن الحرب" أبوابها لكل الفئات دون استثناء فتجمع بين الفنان والطالب والطبيب والعامل... ويشترك هؤلاء المتربصون في الرغبة العارمة في اكتشاف عالم المهرج السحري والجرىء في مواقفه وفي طرحه..
وسبق للمخرج المسرحي يوسف مارس أن قدم عرض "كلو... نات" الذي يسرد قصة ثلاثة مهرّجين وجدوا أنفسهم مهددين بالطرد من عملهم والحرمان من ممارسة فنهم بعد أن قرّر صاحب الفرقة تغيير نشاط القاعة من مسرح إلى محل تجاري. يرفض المهرّجون هذا القرار الجائر وينتفضون ضد محاولة نسف أحلامهم وفنّهم ... وينطلقون في سرد حكاياتهم الموجعة التي تخفيها مساحيق التجميل ويحجبها الأنف الأحمر الكبير.