لقد دخلنا عالم الأدغال، وبتنا نتوغّل في وحله ونغوص في دَماره. سقطت قيم حقوق الإنسان، والعدالة، والمعاملة بالمثل، وساد منطق القوة والجبروت، فعُدنا إلى أشكال بدائية من الاستعمار، تقوم على الفرض بالقوة، والقتل، والتدمير، وتركيع الشعوب، والاستيلاء المتعجرف على ثرواتها.
لقد انتقلت القضية الفلسطينية من صراع عربي-إسرائيلي إلى صراع دولي، بين حراك جماهيري إنساني-حقوقي-عدالتي آخذ في التوسع، من جهة، وآلة تدمير إجرامية بقيادة «ترمبنياهو»، من جهة أخرى، في مشروع تورّطت فيه حتى دول غربية عُرفت تاريخيًا برعايتها لقيم الحرية وحقوق الإنسان.
I- حرب الابادة في غزة تقع ضمن مخطط تدميري يهدف المنطقة ككل
غزة، أوشفيتز القرن الحادي والعشرين
- منذ نوفمبر 2023، يشنّ الاحتلال الإسرائيلي هجومًا إجراميًا على الشعب الفلسطيني في غزة، مستخدمًا فيه جميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك الأكثر فتكًا وتدميرًا، مستهدفًا كافة أحياء ومدن القطاع، وكل فئات المجتمع، بمن فيهم الأطفال، الشيوخ، النساء العزّل، إضافة إلى المؤسسات المدنية من مستشفيات ومدارس وعمارات ومساكن.
- وقد ذهبت حكومة نتنياهو اليمينية الفاشية إلى حدّ الدعوة الصريحة إلى «القضاء على سكان غزة»، باستثناء من يتمكن من الفرار خارج فلسطين. ولتنفيذ ذلك، اعتمدت ما سُمّي بـ»القتل في الظلام» عبر منع دخول الصحفيين كليًا، وقطع الإنترنت ووسائل الاتصال بشكل شبه تام، ومنع دخول قوافل الإغاثة، واستهداف السكان في «المناطق الآمنة» التي حددها الاحتلال بنفسه. بل إنها أطلقت الرصاص على من اقترب من قوافل التموين، حتى بعد وضعها تحت إشراف ما يسمى «مؤسسة غزة الإسرائيلية» 2.
- منذ أكتوبر 2023 مارست اسرائيل «هولوكست باسم ضحايا الهولوكوست»، الى أن نقلتها كما يصفها العديد من «سجن مفتوح الى مقبرة مفتوحة». حيث تصف الجهات الدولية بعض مظاهر الدمار الذي ألحقه جيش الاحتلال في غزة على النحو التالي3 :
* الضحايا: قتل أكثر من 56.5 ألف فلسطيني منهم أكثر من 15 ألف طفل حسب اليونيسف، بالاضافة الى ما يزيد عن 133 ألف جريح منهم 35 ألف طفل، و11 ألف فقيد. كما أجبر أكثر من 2 مليون فلسطيني على النزوح والتنقل من مكان الى آخرعدة مرات.
* الدمار العمراني: تم تدمير، كليا أو جزئيا، 170.000 مبنى أي ما يزيد عن 70 % من المباني في غزة وتدمير 90 % من المدارس (496 من مجموع 564 مدرسة) حتى أواخر عام 2024. كما تم تدمير ما يزيد عن نصف المستشفيات، فيما البقية تعمل جزئيا فقط.
* البنية التحتية والأمن الغذائي: تم القضاء على 68 % من المساحات الزراعية و68 % من شبكة الطرقات مما يستوجب ما لا يقل عن 15 سنة لاصلاحها حسب تقرير للأمم المتحدة، كما حُرمت غزة من أغلب موارد المياه الصالحة للشرب، ما فاقم أزمة بيئية حادة..
حرب ابادة جماعية فريدة من نوعها، في حجم اجرامها وصلافتها، حيث لم يشهد العالم مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية، خصوصًا وأنها تنفَّذ من قِبل دولة معترف بها دوليًا. وقد شبّهها العديد من المراقبين، بمن فيهم شخصيات يهودية بارزة، بما فعله هتلر من إبادة بحق الشعب اليهودي.
حرب الابادة في غزة مثال لنيوفاشية يفرضها التحالف مع أقصى اليمين
- يخطئ من يعتقد أن نتنياهو قد يتراجع أويرضخ لمقررات الأمم المتحدة أو يعترف بوجوب قيام دولة فلسطينة، ليس فقط لأن نتتنياهو متورط في اغتيال اسحاق رابين 4، رئيس وزراء إسرائيل سنة 1995، الذي صافح ياسر عرفات واعترف بالسلطة الفلسطينية واتخذ خطوات فعلية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل لأن ظاهرة نتنياهو وحكوماته النيوفاشية تندرج ضمن مشروع منظومة دولية تعزّزت خلال السنوات الأخيرة، وتجمع بين فصائل وحكومات من أقصى اليمين وأخرى نيوفاشية.
- حرب الإبادة في غزة تُقدّم مثالًا مرعبًا لسياسات هذا التحالف الدولي الذي نشأ عن عن تفاقم الأزمة الهيكلية للرأسمالية والعجزعن مواجهتها، وبغرض انقاذ النيوليبرالية المتوحشة .
تتجلّى أزمة الرأسمالية النيوليبرالية في تراكم مفرط للثروة في أيدي قِلّة6 يتناقص عددها باستمرار، وفي ركود اقتصادي مزمن، وما نتج عنهما من أزمة شرعية للدولة، وتفكك اجتماعي متسارع، إلى جانب التحديات البيئية المتفاقمة. وقد حذّر تقرير المخاطر العالمية لعام 2023، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، من أن العالم يواجه «أزمة متعددة ومتفاقمة» ذات أبعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية ومناخية، مرجّحًا أن يشهد العقد المقبل اضطرابًا غير مسبوق، وغموضًا في الملامح، وانعدامًا في الاستقرار.
في ظل البحث عن مخرج يقي النظام النيوليبرالي العالمي من الانهيار، ولمواجهة الفوضى السياسية وعدم الاستقرار المالي، تلجأ العديد من الحكومات والجهات الفاعلة إلى سياسات أكثر توحشًا من الرأسمالية نفسها، معتمدة على العنف كأداة للاستثمار والتخلص من الفوائض المتراكمة 6.
- تحالف «ترمبنياهو»، انقلاب على القيم الإنسانية: في عصر التحالف «الترمبنياهو»، المدعوم من بعض الدول الأوروبية، لا سيما أحزاب وحكومات أقصى اليمين، تراجعت القيم الإنسانية والحقوقية بشكل مروّع. لقد أغرت مقترحات نتنياهو شريحة واسعة من الرأسمالية العالمية، التي رأت في الاستخدام المفرط للعنف والقوة فرصة مزدوجة: الاستثمار من جهة، والتخلّص من الفوائض الإنتاجية والبشرية من جهة أخرى.
وليس أدلّ على ذلك من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي عبّر مبتهجًا عن رغبته في «تحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط» بعد طرد 2.5 مليون فلسطيني إلى الدول المجاورة، ما يعني عمليًا مباركته لحرب الإبادة التي تنفذها حكومة نتنياهو.
- وتتجلى هذه السياسات في قرارات وإجراءات إجرامية منها:
• منح إسرائيل تراخيص لشركات متعددة الجنسيات للتنقيب واستغلال الغاز والنفط في مياه غزة، حيث تشير بعض المصادر إلى أن غزة قد تحتل المرتبة الثانية عالميًا في احتياطي الغاز.
• الشروع في مشاريع عقارية كبرى لبناء مبانٍ فخمة في الأحياء التي دمّرتها الحرب.
• إعادة طرح مشروع «قناة بن غوريون « كبديل استراتيجي لقناة السويس.
وهو ما يفسّر انخراط العديد من دول المنطقة، خاصة الخليجية منها، في دعم هذا الحلف وحتى تمويل بعض من مشاريعه 7 . حرب الابادة في غزة «هجوم استعماري وإمبريالي متعدد الأهداف، باستخدام القمع العنيف وتشجيع المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية، وامحاء الفلسطينيين من الوجود أو دفعهم لنزوح جماعي» 8.
- لا يمكن فصل هذه الأحداث عن مشروع «غزة 2035 – صفحة بيضاء»، الذي أُعِد مسبقًا من قبل إسرائيل، ويهدف إلى:
• تحويل غزة إلى منطقة تجارة حرة ومركز صناعي وتكنولوجي استراتيجي بديل للصين، من خلال ربط الهند بأوروبا.
• دعم خطة أمريكية لإنشاء ممر تجاري وخطوط أنابيب للهيدروجين تمتد من الهند إلى ميناء بيرايوس في اليونان، لتمنح أوروبا أداة مواجهة للصين وروسيا على حد سواء.
• تحرير الهند من التبعية للصين، وتعزيز مكانة أوروبا كمحور تجاري بديل للطريق الصيني...» 9.
عملية طوفان الأقصى تحظى بدعم غالبية الشعب الفلسطيني
- حين يُجبر شعب بأكمله على الخضوع للاحتلال الغاشم، والقتل والتدمير الممنهج، والإذلال اليومي طيلة عقود متتالية، فإن من أبسط حقوقه أن يصمد ويدافع عن نفسه وأرضه بكل ما أوتي من إمكانيات. ومن هنا، يجب وضع عملية طوفان الأقصى ضمن هذا السياق: أي باعتبارها معركة تحرير ودفاعًا مشروعًا عن النفس. وبخلاف ما رُوّج له في العديد من وسائل الإعلام الغربية، من المهم التذكير بسياقات تاريخية وراهنة لفهم هذه العملية:
• منذ نكبة عام 1948، يتعرض الشعب الفلسطيني، طوال 75 سنة، لكافة أشكال القهر والتنكيل والتشريد وهدم المنازل والاستيلاء عليها، مع إفشال جميع المبادرات السلمية العربية والدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، رغم أن الفلسطينيين لم يتوقفوا عن مد أيديهم بـ»غصن الزيتون» تعبيرًا عن استعدادهم للحوار والسلام وبناء دولتهم المستقلة.
• كما تُمثّل العملية دفاعًا عن النفس ضد موجة التطبيع العربية المخزية، التي تسارعت في السنوات الأخيرة تحت ضغط التحالف الأمريكي-الإسرائيلي-الصهيوني، ما يهدد بتصفية القضية الفلسطينية أو تجميدها لعقود قادمة. وقد نجحت العملية في كشف أبعاد التطبيع وخطورته وعرقلة مساره.
• وقد أشار عديد من الملاحظين والمحللين إلى أن تمكّن نحو 3000 مقاتل فلسطيني من اختراق «حدود» الاحتلال والوصول إلى نحو 20 مدينة إسرائيلية، رغم الترسانة الأمنية والعسكرية المتقدمة، أثبت من جديد قدرة الشعب الفلسطيني المتجددة على الصمود والتضحية ، وكشف في المقابل هشاشة الكيان الصهيوني، وهو ما أكّدته نتائج اعتدائها على ايران، كما قيمتها مصادر عديدة 11 .
تعزيز الوحدة الفلسطينية حول خيار المقاومة
نجحت عملية طوفان الأقصى في توحيد مختلف أطياف الشعب الفلسطيني حول خيار النضال، كمكمل ضروري لخيار السلام، بل وعزّزت التقارب بين فصائل فلسطينية مختلفة:
• فقد عبّر 80 % من الفلسطينيين في غزة والضفة عن اعتقادهم بأن «حماس تضع القضية الفلسطينية في صدارة أولوياتها». كما عبر 60 % من سكان غزة عن ثقتهم بحماس حتى بعد مرور أكثر من 20 شهرًا على العملية، و90 % لا يعتقدون أن طوفان الأقصى ارتكبت جرائم أو استهدفت مدنيين أبرياء، بينما تتراوح نسبة من يساندون العملية بين 67 % و72 % حسب الفترات 12.
• من المهم أيضًا التذكير بأن العملية لم تكن محصورة في فصيل بعينه، بل تمت بمشاركة فصائل يسارية مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى جانب حماس وفصائل مسلحة أخرى، كما حظيت بدعم ومساندة قواعد وقيادات من حركة فتح.
المخطط الصهيوني للدمار يستهدف كامل المنطقة
- سرّع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة من تنفيذ المخطط الصهيوني التوسعي، الهادف إلى فرض السيطرة الكاملة على أوسع نطاق من المنطقة، وذلك عبر استراتيجية متعددة الوسائط:
• تأجيج الفتن الطائفية والعرقية لضرب مؤسسات الدول وتفكيك الكيانات الكبرى تمهيدًا للسيطرة على ثرواتها، إلى جانب التدمير العسكري الشامل كما حصل في الحرب الفاشلة ضد إيران.
• فرض اتفاقيات التطبيع على الدول العربية، كما في «اتفاقيات أبراهام» المشينة، أو التدخل العسكري المباشر للاستيلاء على الأراضي كما في سوريا، حيث وصلت دبابات الاحتلال إلى مشارف دمشق، وأقامت معسكرات على بعد 25 كم من العاصمة، بعد مشاركتها في إسقاط نظام الأسد ضمن تحالف إقليمي مخزٍ.
• ولا يُستبعد أن تستهدف المرحلة القادمة دولًا رئيسية وفاعلة في المنطقة مثل مصر، الجزائر، المغرب، إيران، وحتى تركيا إذا اقتضى الأمر، إلى جانب الدول التي انهارت مؤسساتها بفعل الحروب مثل العراق وسوريا وليبيا.
- «الشرق الأوسط الجديد»: مشروع إمبريالي قديم بأدوات جديدة: يقع هذا المخطط ضمن استراتيجية ما يُسمّى «الشرق الأوسط الجديد»، وهو مشروع يعود إلى بدايات القرن الحالي، هدفه الأساسي إعادة تشكيل المنطقة بما يخدم إسرائيل والدول الغربية. وقد عبّر عنه نتنياهو بشكل واضح في كلمته الموجهة إلى ترامب وصديقه إيلون ماسك حين قال:
«إسرائيل تسعى لإعادة تشكيل المنطقة بما يتماشى مع مشروع اسرائيل الكبرى» 13.
إنه مشروع مغرٍ لكثير من دوائر الرأسمالية الدولية التي تُعاني من ركود متواصل، ولذلك لا يُتوقع صدور أي موقف غربي جاد ضد سياسات إسرائيل، مهما بلغت من الإجرام، ما لم تفرض قوى السلم داخل هذه الدول ضغطًا شعبيًا واسعًا.
II- صمود غزة يطلق حركة عالمية للحرية والعدالة والكرامة
الصمود الرائع للشعب الفلسطيني يحقق مكاسبا مهمة
- مبادرة غزة وبطولة الشعب الفلسطيني تحدث شرخا في التحالف وتفتح آفاقا جديدة: رغم الطابع الكارثي للمشهد على الشعب الفلسطيني عمومًا، وعلى سكان غزة خصوصًا، وعلى الإنسانية جمعاء، فإن هذا الوضع يحمل أملًا متعاظمًا ومتعدد الأبعاد، يعود أساسًا إلى بطولة الشعب الفلسطيني وقدرته الاستثنائية على الصمود. وتتمثل أبرز هذه الأبعاد في المكاسب الرئيسية التالية:
• مطالبة العديد من الدول بممارسة الضغط على إسرائيل عبر مقاطعة الشركات والجهات الداعمة لها، مثل شركتي ماكدونالدز وكارفور. كما قررت إيرلندا –رغم علاقاتها التجارية الواسعة مع إسرائيل– حظر استيراد أي منتجات من دولة الاحتلال 14. وقد شهد اجتماع مجموعة البريكس بتاريخ 7 جويلية 2025، إجماعًا من جميع أعضائها على إدانة إسرائيل ..
• انهيار صورة إسرائيل على الساحة الدولية بشكل متسارع وملحوظ، خصوصًا بين فئة الشباب. فبحسب استطلاع أجراه مركز بحوث أمريكي في 24 دولة سنة 2025، تراوحت نسبة من يحملون آراءً «غير إيجابية» تجاه إسرائيل بين 61 % و75 % في الدول الأوروبية، بما في ذلك تلك التي يحكمها اليمين المتطرف مثل المجر وإيطاليا. وفي أمريكا الشمالية، بلغت النسبة 53 %، بينما وصلت في كندا إلى 60 %، وفي اليابان إلى 79 %. وقد ارتفعت هذه النسبة بشكل مطّرد في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال، في إنجلترا ارتفعت من 44 % سنة 2013 إلى 61 % حاليًا. بل إن 58 % من الإسرائيليين أنفسهم يقرّون بتدهور صورة إسرائيل على المستوى الدولي، حسب نفس الاستطلاع . كما تراجعت ثقة الإسرائيليين في بنيامين نتنياهو، حيث أعرب 70 % في مارس 2025 عن عدم ثقتهم في قيادته، بينما طالب 73 % باستقالته .
• والشباب الأكثر نقدا وتنديدا: أظهرت نتائج استطلاع مؤسسة «بيو» أن الفئة الشبابية تعبر بنسبة أكبر عن مواقف سلبية تجاه إسرائيل، وخاصة في أمريكا الشمالية، حيث بلغت نسبة من يحملون مواقف سلبية تجاه إسرائيل 59 % بين من تقل أعمارهم عن الثلاثين، مقارنة بـ31 % فقط بين من تفوق أعمارهم 65 سنة.
• وتُظهر بيانات مجموعة الدراسات الافتراضية «YouGov» تراجع تأييد الرأي العام الأوروبي لإسرائيل بين عامَي 2016 و2025، بنسب بلغت: 44 % في ألمانيا، 48 % في فرنسا، 54 % في الدنمارك، 52 % في إيطاليا، و55 % في إسبانيا. وتشير أحدث البيانات إلى أن نسب المعارضة لإسرائيل تتراوح حاليًا بين 63 % و70 % في أوروبا . وقد وصف البعض ارتفاع الموقف السلبي في الولايات المتحدة (من 44 % إلى 53 % بين 2022 و2025) بأنه يعكس تغيرًا في «براديغم» الأمريكية-الاسرائيلية .
• في سابقة هامة، عقد «المؤتمر الأول لليهود المناهضين للصهيونية» في فيينا خلال الفترة من 13 إلى 15 جوان 2025، بمشاركة أكثر من 800 شخصية ومناضل. وقد أصدر المؤتمر «إعلان فيينا» الذي هاجم فيه الصهيونية، داعيًا يهود العالم إلى رفضها، وإلى رفض احتلال فلسطين، والاعتراف بالدولة الفلسطينية .
• تزايد عدد الدول التي تعترف رسميًا بدولة فلسطين: ففي عام 2024 فقط، انضمت 9 دول جديدة إلى قائمة المعترفين (وهي: بربادوس، جامايكا، ترينيداد وتوباغو، جزر الباهاماس، النرويج، إيرلندا، إسبانيا، سلوفينيا، وأرمينيا)، ليرتفع بذلك عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تعترف بدولة فلسطين إلى 147 من أصل 193 دولة.
رغم ذلك، لم تنضم فرنسا –رغم احتضانها لأكبر جالية عربية وإسلامية في أوروبا– إلى هذه الدول الأوروبية الداعمة، مكتفية بتصريح الرئيس الفرنسي مؤخرًا أن بلاده «قد تفكر في الاعتراف بالدولة الفلسطينية»، دون اتخاذ أي خطوة فعلية حتى الآن ..
غزة تطلق حركة دعم دولية غير مسبوقة، تُقارَن فقط بالتحركات المناهضة لحرب فيتنام أو لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا
- تحرك احتجاجي عالمي بدأ منذ الأيام الأولى ويتوسع باستمرار شعبيًا وجغرافيًا. فيما يلي ملخص لأبرز هذه التحركات، بناءً على البيانات التي وفرها الذكاء الاصطناعي، استنادًا إلى معطيات مشروع ACLED::
• شهدت أكثر من 100 دولة مظاهرة واحدة على الأقل مؤيدة للفلسطينيين منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث تم تسجيل نحو 7300 مظاهرة خلال الأسابيع الستة الأولى فقط (من 7 أكتوبر إلى 24 نوفمبر 2023.).
• اندلعت هذه التظاهرات في آلاف المدن، بما في ذلك عواصم كبرى مثل واشنطن، ولندن، وجاكرتا، إضافة إلى معظم العواصم والمدن العربية، وعدد كبير من المدن الثانوية. وقد شارك في هذه التظاهرات باستمرار عشرات الآلاف من المحتجين. ومن الدول التي شهدت تعبئة جماهيرية واسعة نذكر:
الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، بنغلادش، البرازيل، جنوب إفريقيا، السنغال، كندا، إيران، أستراليا وغيرها.
• يُلاحظ تصاعد وتيرة هذه التحركات منذ نوفمبر 2023، مع تزايد شعبيتها واتساع رقعتها الجغرافية. ومن أبرز الأمثلة:
o مسيرة واشنطن في يناير 2024 التي جمعت نحو 400 ألف مشارك وفقًا للجهات المنظمة.
o مسيرة دكا (بنغلادش) في أبريل 2025 التي شارك فيها نحو مليون شخص، وتُعد أكبر مظاهرة مؤيدة لفلسطين في تاريخ البلاد.
o مظاهرات «الخط الأحمر» في لاهاي بين 18 ماي و15 جوان 2025، بمشاركة تُقدّر بين 100 و150 ألف متظاهر، وهي الأضخم في هولندا خلال العشرين عامًا الأخيرة.
o وفي المملكة المتحدة، تم تسجيل أكثر من 300 ألف مشارك في مسيرة واحدة، مع نجاح في تنظيم مظاهرات أسبوعية بشكل منتظم، كما هو الحال في فرنسا أيضًا.
• تميّزت هذه التحركات بتنوع أشكال الاحتجاج:
شملت المظاهرات والاعتصامات، السلاسل البشرية، المقاطعات الرمزية، إلغاء أو تعطيل فعاليات رسمية (كما حصل في العرض العسكري بأثينا)، وحملات احتجاجية جامعية خاصة في الولايات المتحدة. كما استخدمت أدوات مبتكرة مثل: احتلال الفضاءات العامة، إنشاء مخيمات دائمة، تنظيم مقاطعات اقتصادية، الجمع بين النضال الميداني والنشاط الرقمي. وقد سُجّل ارتفاع ملحوظ في مشاركة الشباب، والنقابات، والفنانين، والمنظمات غير الحكومية.
• تُظهر بيانات Google Trends ارتفاعات متكررة في البحث عن «فلسطين» و»غزة» بعد كل حادث دراماتيكي أو مظاهرة كبرى. كما حصدت وسوم (هاشتاغات) مثل:
#FreePalestine، #CeasefireNow، #StopGazaGenocide
مئات الملايين من التفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي.
• هذا الضغط الشعبي المتنامي دفع بعديد الحكومات إلى تعديل مواقفها أو سياساتها:
o اضطرت المملكة المتحدة إلى مراجعة جزئية لسياسة تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
o سرعت كل من إيرلندا، إسبانيا، والنرويج من إجراءات الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين سنة 2024.
o في فرنسا، صوّتت عدة بلديات على إجراءات توأمة مع مدن فلسطينية أو مخيمات لاجئين، ورفعت أعلام فلسطين في فضاءاتها العامة.
• في بوغوتا ، أقرّ مؤتمر «مجموعة لاهاي» المنعقد بمشاركة ممثلين عن 32 دولة من خمس قارات، ستة إجراءات ملموسة لإدانة إسرائيل والعمل على وقف الإبادة في غزة، من بينها:
o اعتماد آليات لمنع إرسال الأسلحة إلى إسرائيل
o فتح مسارات قانونية دولية لمحاكمة إسرائيل بتهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
خالد الوحيشي: دبلوماسي سابق ومستشار في مجال السياسات الشبابية
----------
1 - Le Club de Mediapart 2025, « Naissance d'un nouvel universalisme: message du people palestinien au monde».
2 - والتي تتهمها منظمة أطباء بلا حدود بكونها تتسبب في مجازر ودعت الى وقف نشاطها فورا
3 - https://tunigate.net/categories/international/page/4/
UNICEF « https://www.unicef.fr/article/israel-palestine-les-enfants-paient-le-prix-de-la-guerre/
Geoconfluence https://geoconfluences.ens-lyon.fr/actualites/veille/breves/destruction-de-gaza-la-catastrophe-est-aussi-environnementale
4 - https://www.i24news.tv/fr/actu/israel/politique/1554020187-gantz-accuse-netanyahou-d-avoir-ete-implique-dans-l-incitation-a-la-haine-qui-mena-a-l-assassinat-de-rabin
5 - « وأشارت منظمة أوكسفام في أحدث تقرير لها إلى أن 1 % من السكان يمتلكون أكثر من ضعف ثروة 90% من سكان العالم. وعلى صعيد الأرقام، تشير المنظمة غير الحكومية إلى أن أغنى 22 رجلاً يمتلكون ثروة تعادل ما تمتلكه جميع النساء الأفريقيات.» Oxfam https://managers.tn/2020/01/20/oxfam-cette-poignee-de-milliardaires-plus-riche-que-60-de-la-population-mondiale/
6 - William I. Robinson & Hoai-An Nguyen: 2024, «Gaza: A Ghastly Window into the Crisis of Global Capitalism»
7 - Israel’s war on Palestine: An imperialist attack on the entire Middle East
https://links.org.au/israels-war-palestine-imperialist-attack-entire-middle-east
8- Michel Santi Mai 2024, « Gaza 2035 » : table rase
9 - https://www.latribune.fr/opinions/tribunes/gaza-2035-table-rase-998426.html
10 - يقول كريم بن سماعيل: «يوم 7 أكتوبر، اجابت حركة المقاومة الفلسطينية «نحن موجودون». بعد 100 سنة من العنف أجاب (الشعب) بالعنف، اللغة الوحيدة التي يعرفها الاستعمار والطريق الوحيد للشعوب المقهورة، كما عرفنا ذلك منذ فانون، منذ جبهة التحرير الجزائرية، منذ حركة الايرا الارلندية...»
https://www.facebook.com/share/p/19Twh7t8mM/11-
- https://www.facebook.com/watch/?v=2152651935160231&rdid=Gbe7K8ZbKOm2SFNA
-Don’t: https://www.lorientlejour.com/article/1466772/israel-a-subi-12-milliards-de-dollars-de-pertes-dans-sa-guerre-contre-liran-indiquent-des-rapports.html
ويستنتج مركز البحوث بالقول:»تظل إسرائيل قوية، لكنها محاصرة سياسيا وفي مهب الريح استراتيجيا».
https://www.mena-researchcenter.org/fr/liran-et-israel-apres-la-tempete-une-victoire-fragile-pour-tous-une-perte-strategique-pour-certains/
12 - NPR Juil 2024 «A pollster sheds light on Palestinian attitudes toward the U.S., Israel and Hamas» https://www.npr.org/2024/07/26/g-s1-12949/khalil-shikaki-palestinian-polling-israel-gaza-hamas
13- https://www.dailynewsegypt.com/2024/12/23/new-middle-east-plan-underway-israels-incursion-divides-region/
14 - https://www.facebook.com/photo?fbid=1051572447122548&set=a.414683644144768