هذا المثال الأخير يطرح العديد من الأسئلة التي لها علاقة بنسبة الفعلة و الفاعل الى داعش الارهابي. سارعت هذه الأخيرة إلي الإعلام بتبنيها الجريمة وان الفاعل هو من عناصرها. هذا «التبني» كان مفاجئا حقا و أربك نسبيا كل المتابعين و المهتمين بكل ما له علاقة بهذه المجموعة الإرهابية. هذه المفاجاة تتركز علي شخصية الفاعل ومظاهر السلوك المعروفة لديه من لدن المقربين إليه. لذلك جاء الإعلام بـ«التبني مرتبكا نسبيا و ذلك قصد إيجاد تفسير شبه منطقي لعدم تطابق الـ«مواصفات» و ما هو معروف عن المجرم للنمطية» المعروفة لعناصرها الذين تولوا في المرات السابقة تنفيذ عمليات إرهابية في شتي بقاع العالم. الفاعل هذه المرة له سلوكيات و «مواصفات» بعيدة كل البعد عن هذه النمطية.
«التململ» و الارتياب بخصوص من دبر جريمة نيس و من يقف وراءها نجد لهما اثرا واضحا في العديد من مواقف المسؤولين الفرنسيين و نذكر من بينها ما جاء علي لسان وزير الداخلية نفسه- ....- الذي اعتبر أن ما يقال من انتماء المجرم الي هذه المنظمة يقترب –
إن وقع فعلا- أكثر إلى عملية التماهي بمعنى ان تطرف المجرم جاء بسرعة بما ينفي معه اي فرضية قناعة و تدريب ايديولوجي» .. نحن نجد أنفسنا أمام اعتداء من نوع جديد. الرجل الذي ارتكب هذه الفظاعة لم يكن معروفا لدى الاستخبارات لأنه لم يرتكب في السابق ما من شانه ان يوحي بانتمائه لإيديولوجية إسلامية متطرفة..». هنالك فكر في الأوساط الفرنسية يقوم على اعتبار ان العلاقة بين الفاعل و المنظمة الإرهابية موجودة و ان كانت ليست بالشكل المعروف والكلاسيكي من حيث اعتناق التطرف و الانتماء المباشر للمنظمة الإجرامية المذكورة و هذا «الجديد» و الملفت للانتباه بالنسبة لما وقع في مدينة نيس. هذا الفكر يعتبر ان الجريمة لم تتولى داعش الارهابي التخطيط لها و الأمر بها وإنما كانت هي الملهمة لها. بعبارة أخرى أنها بماضيها المرعب وواقعها الرهيب أصبحت «دافعة» إما الى محاكاتها أو القيام بمثل أفعالها « وان لم تأمر به»...
ما نحن بصدده الآن من الممكن أن يفرض علينا واقعا جديدا يبرز ظاهرة سلطة النموذج و الهيمنة النمطية في مجال الإرهاب.