يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه افريقيا تنافسا بين عدة دول على بسط النفوذ مثل تركيا وايران وكذلك دولة الاحتلال الاسرائيلي .
وما يثير الانتباه هو تنامي النشاط الدبلوماسي والسياسي لهذه الدول في ربوع الدول الافريقية في وقت يغيب فيه الدور العربي ، رغم ان افريقيا تعتبر العمق الاستراتيجي الطبيعي للعالم العربي وكانت سندا دبلوماسيا ونصيرا لأبرز القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية .
وعدا الاسباب الدبلوماسية والسياسية فهناك اسباب سياسية تدفع هذه الدول للتسابق واقامة افضل العلاقات مع افريقيا منها ان القارة الافريقــية تتضمن حـــوالي 12 % من احتياطي النفط العالمي، ونحو 10 % من إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي العالمي.
وتمكنت الصين خلال السنوات الماضية من ان تصبح اكبر شريك اقتصادي لافريقيا واكبر مستثمر خارجي مزاحمة بذلك الولايات المتحدة .. وقد بلغ حجم الاستثمارات الصينية المباشرة والمعلنة في دول القارة أكثر من 21 مليار دولار.
ويبقى الخوف الاكبر من «اسرائيل» التي تقود حملة قوية لتعزيز علاقتها بافريقيا ، بعد ان قطعت أغلب الدول في تلك القارّة علاقتها بتل أبيب في حرب أكتوبر من عام 1973 تضامنا مع مصر والدول العربية.
في هذا السياق تتكالب تل ابيب لعقد قمة اسرائيلية – افريقية في أكتوبر المقبل في جمهورية الطوغو. ولئن ندّدت بعض الدول الإفريقية المسلمة بانعقاد هذه القمة مستندة إلى مواقفها التاريخية من القضية الفلسطينية ، الا ان «اسرائيل» تمكنت خلال الاعوام الماضية من تطبيع علاقاتها مع عديد الدول الافريقية التي كانت -حتى وقت ليس ببعيد- لا تقيم أية علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال ..
وتعد جمهورية الطوغو ثاني شريك اقتصادي لإسرائيل في القارة السمراء بعد جنوب إفريقيا ، لذلك ليس مستغربا ان تقود المحاولات والحراك لكسب التأييد الافريقي لانعقاد هذه القمة .
هذا التغلغل الاسرائيلي يعد تتويجا لمسار بدأه افيغدور ليبرمان الذي قاد عام 2009 جولة الى القارة السمراء ضمت إثيوبيا وكينيا وأوغندا ونيجيريا وغانا. ولا يخفى ان لإسرائيل عدة مصالح استراتيجية وعسكرية وأمنية تتوق لتحقيقها من خلال ربط شبكة علاقات اقوى مع المجال الافريقي ، منها الحصول على تأييد الدول الافريقية في أي تصويت قد يحصل في الامم المتحدة ..
في مقابل هذا الاختراق ، يكاد العالم العربي يكون مغيبا عن هذه القارة ..سوى بعض العلاقات الفردية بين المهاجرين من اصول عربية والذين نجحوا في اقامة امبراطوريات كبرى اقتصادية في تلك الربوع ..ساهمت في انفتاح بلدانهم على القارة الافريقية ..