اكد الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل حفيّظ حفيّظ في حوار مع «المغرب» ان الإنسحاب من وثيقة قرطاج غير مطروح البتة، كما شدّد على ان المنظمة لا تزال على مطلبها بالتسريع بسنّ قانون مالية تكميلي لتجاوز إشكال الترفيع في الأسعار خاصة وحاليا يعكف قسم الدراسات على إعداد مقترحات الإتحاد لتقديمها للحكومة. كما تحدّث حفيّظ عن إستعدادات الإتحاد للدخول في المفاوضات الإجتماعية في القطاعين العام والخاص.
اين وصل الإعداد للمفاوضات الإجتماعية؟
لدينا إتفاق 22 سبتمبر 2015 الممضى بين الإتحاد العام التونسي للشغل والحكومة والذي ذُيّل بالتنصيص على الدخول في جولة مفاوضات في أفريل 2018 وفي جلسة نوفمبر بين الحكومة وأعضاء المكتب التنفيذي تم التأكيد على ذلك وبالتالي سندخل في جولة تفاوضية ربما تكون حتى في أواخر فيفري أو بداية مارس وفي هذا الإطار هناك عمل مشترك بين 4 أقسام وهي قسم الدراسات والوظيفة العمومية والقطاع العام والشؤون القانونية بمعدل ثلاث جلسات في الأسبوع على مستوى داخلي بحضور خبراء الإتحاد.
هل ستتجه الحكومة لزيادة فعلية في الأجر الأساسي أو إعتماد ذات صيغة الخصم الضريبي الأخيرة لتجنب إرتفاع كتلة الأجور؟
قطعا لا، وما حصل وقع تصحيحه في القسط الذي صرف في شهر ديسمبر والقسط الذي سيُصرف في نهاية جانفي الجاري وخلال المفاوضات المقبلة سنعود الى الصيغة العادية وزيادات عامة تُحسب على كتلة الأجور وخاضعة للخصم بعنوان التقاعد وقد إتفقنا على ذلك مع الحكومة.
الن يخلق إشكاليات للحكومة مع صندوق النقد الدولي ؟
الحكومة لديها وجهة نظر ولديها إلتزامات مع الجهات المقرضة ونحن لدينا وجهة نظر أخرى بين إكراهات الحكومة وإستحقاقات الشغالين التي يعبّر عنها الإتحاد وسنجد صيغة توافقية، كما أن حججنا كانت مقنعة حتى بالنسبة للجهات المانحة خلال جلسات عقدناها مع وفود صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وهم مقتنعون ان إرتفاع كتلة الأجور مقارنة بالناتج الداخلي الخام ليست ناتجة عن إرتفاع الأجور في حدّ ذاتها بل نتيجة عدد الموظفين الكبير، فالاجور في الوظيفة العمومية في تونس مصنفة في المرتبة 102 من جملة 115 بلد.
وبالتالي هذا ليس له علاقة بمضمون التفاوض ومخرجاته، خاصة ان الحكومة مقتنعة ان المقدرة الشرائية للمواطن تدهورت ونسبة التضخم إرتفعت بشكل جنوني وغيره والذي يجب ان يتبعه تحسين المقدرة الشرائية للشغالين وأتمنى ان تكون الزيادة في حجم الإنتظارات.
ماهي نسبة الزيادة العامة التي ستقترحونها ؟
الى حدّ الساعة لم نتوصّل الى تحديد النسبة التي سنطالب بها كزيادة عامة في الأجور، وكما قلت لا نزال في طور الإعداد بطرق علمية وخلال الأسبوعين المقبلين سنحدّد مطلبنا على مستوى داخلي بطبيعة الحال وخلال التفاوض سنطرح النسبة ولكن في كل الحالات لن تكون أقلّ من زيادات سنة 2015.
قطاعا الأساتذة الباحثين والأطباء الإستشفائيين يطالبون بمفاوضات خاصّة، ما رأيكم كقيادة الإتحاد ؟
نعم الحقيقة هي وضعية مقلقة داخل الإتحاد، ويجب ان تقلق الحكومة أيضا نظرا لهجرة الإطارات النوعية خاصة في مجالي الأساتذة الباحثين والأطباء الإستشفائيين نظرا للإغراءات الكثيرة في السوق الأوروبية والخليجية وهو ما إنعكس سلبيا على مرفقي البحث العلمي والصحة العمومية ونحن لا يمكن ان نطلب منهم مواصلة العمل في القطاع العام دون تحفيزات وبالتالي قررنا إفرادهم بمفاوضات خاصة وحتى الحكومة مقتنعة بذلك.
وبالنسبة لمفاوضات القطاع الخاص ؟
الإتفاق الإطاري الممضى مع إتحاد الصناعة تحت إشراف رئيس الحكومة نصّ على الدخول في مفاوضات جديدة في إفريل 2018 وستكون مفاوضات قطاعية وليست ممركزة، حيث ستتناول بالإضافة الى الجانب المالي الجانب الترتيبي الذي غاب عن المفاوضات بعد الثورة وآخر جولة وقع خلالها التطرّق للجوانب الترتيبية كانت سنة 2008 والإتفاقية الإطارية المشتركة لم تقع مراجعتها منذ ذلك التاريخ.
وبالتالي في القطاع الخاص سنركّز على الجانب الترتيبي أكثر من الجانب المالي من خلال مراجعة الإتفاقية الإطارية المشتركة والإتفاقيات القطاعية المشتركة وأيضا وإتفاقيات المؤسسات، فصحيح ان هناك لجنة مركزية للتفاوض تضم أعضاء من المكتبين التنفيذيين لإتحادي الشغل والأعراف ولكن دورهم تحديد الإتفاق الإطاري للمفاوضات ولكن التفاصيل ستكون للقطاعات بمعنى 52 إتفاقية مشتركة سيقع التفاوض بخصوصها من طرف 52 قطاع.
وفي هذا الإطار عقدنا مجمع القطاع الخاص وحددنا خلاله رؤيتنا وتوجهنا للمفاوضات المقبلة في القطاع الخاصّ، وسنكون وفودا تفاوضية وعددهم حوالي 300 نقابي وسنجمّعهم يوم 6 فيفري المقبل على الأرجح لتحسيسهم ودراسة مشاريع القطاعات بإعتبار ان الإتفاقية الإطارية المشتركة تنصّ على انه خلال المفاوضات القطاعية يجب على الطرفيين الإجتماعيين إيداع مشاريع الإتفاقيات المشتركة القطاعية لدى وزارة الشؤون الإجتماعية قبل 30 سبتمبر ونحن في الإتحاد أودعنا مشاريعنا قبل ذلك التاريخ وأرسلنا نسخا لإتحاد الصناعة كذلك ولكن إتحاد الصناعة لم يمدّنا بمشاريعه الى الساعة وهو ربّما خلل إجرائي سنعالجه مع الطرف التحكيمي المتمثل في وزارة الشؤون الإجتماعية.
ونحن نعتبر ان الظرف لم يعد يحتمل السكوت على المسائل الترتيبية بإعتبار انها لم تتعد تتلاءم مع ما ورد في دستور 14 جانفي والمعايير الدولية ولما ورد في العقد الإجتماعي والبرنامج الوطني للعمل اللائق، وبالتالي ما توصلنا إليه في التشريعات العليا يجب ان يُترجم في التشريعات الدنيا.
المتوقع ان المفاوضات في القطاع الخاصّ لن تكون سهلة، نظرا لوضعية المؤسسات الإقتصادية ؟
نحن نتفاعل مع كل الأوضاع ونعرف ان الوضع الإقتصادي صعب مما يجعل المفاوضات ليست بالسهولة التي يتصوّرها اي كان، ولكن نعلم ايضا ان المطلوب من الشريك الإجتماعي هو الإلتزام بالإتفاقيات الممضاة على مستوى مركزي فهناك عديد الغرف التابعة لإتحاد الأعراف لا تلتزم بالإتفاقيات الممضاة كالحراسة والتنظيف وهو أمر مقلق ولكن نحن متأكدون اننا سنجد حلولا خلال المفاوضات المقبلة وسنسعى للحوار والتوافق وفي نهاية المطاف بالنسبة لنا سندافع عن منظورينا ولنا سلاح النضال.
هناك قطاعات لا تزال غير مشمولة بإتفاقيات مشتركة ؟
نعم، ونحن بادرنا بمشروع إتفاقية إطارية مشتركة لقطاع مراكز النداء لحجمهم الكبير وطاقتهم التشغيلية وكذلك قطاع البنوك والمؤسسات المالية وهو الجانب الذي يجب ان نركز عليه بإعتبار اننا في تونس لم نواكب التطورات التي حصلت في سوق العمل وفي المجمل نحن بادرنا بـ5 أو 6 إتفاقيات مشتركة قطاعية جديدة ونتمنى ان يتفاعل إتحاد الصناعة إيجابيا.
نعود للحكومة، هل تعتقد ان الإجراءات التي أعلنتها الحكومة كافية وهل تزالون على مطلبكم بقانون مالية تكميلي؟
هناك إجراءات وقع الإعلان عنها كانت ضرورية، وهي بالأساس مطالب الإتحاد العام التونسي للشغل ولكنها تبقى غير كافية ونحن لدينا إتفاق ممضى مع الحكومة ينصّ على عدم الزيادة في أسعار المواد الأساسية ومتمسّكون به وبالتالي لا خلاص من هذا الإشكال إلا بإعداد ميزانية تكميلية لسنة 2018 تأخذ بعين الإعتبار المعطيات الجديدة لسدّ الثغرات الموجودة في القانون وتساهم في التخفيض الأسعار.
ونحن كإتحاد لدينا تصوّر للميزانية التكميلية وقسم الدراسات يعكف حاليا على إعداد مقترح مفصّل بالخصوص وسنقدّمه للحكومة فور الإنتهاء منه وسنطالب بالتسريع بعرض مشروع ميزانية تكميلية على البرلمان.
إتحاد الشغل لا يزال على إلتزامه بوثيقة قرطاج ؟
بطبيعة الحال، والإنسحاب من وثيقة قرطاج غير مطروح البتة بالنسبة لنا ونحن لا نرى أي مبرّر للخروج منها وحتى في حال وجود مستجدّات فالمسألة تطرح على الهيئة الإدارية ولكن الى الساعة ما زلنا نعتقد ان مضامين وثيقة قرطاج يمكن ان تكون تجميعا للقوى المدافعة عن تونس.
سياسيا وثيقة قرطاج لم تؤد وظيفة الدعم للحكومة وقد إنسحبت منها 4 أحزاب؟
الإشكالية ان التحالفات والتوقيع على وثيقة قرطاج لم يكن مبنيا على مضامين مبدئية بل كان على أساس تموقعات.
يُقال ان الإتحاد هو سند الشاهد الوحيد منذ صياغة وثيقة قرطاج ؟
نحن لا ندعم الأشخاص ولا ندعم الحكومات وهي مسألة ثابتة ولكن في نفس الوقت نرى ان تونس في حاجة الى إستقرار سياسي وليس الى إرباك جديد وإهدار وقت لتشكيل حكومة أخرى، ونحن نرفض شعارات إسقاط الحكومة لمصلحة تونس وتفادي عدم الإستقرار.