والمساهمة في التحولات التي عرفتها في مختلف المحطّات التاريخية . لذلك كان الرأي العام والخاص يولي أهمية خاصّة لفعاليات هذه الإنتخابات و تقع متابعتها من كل الأوساط للتعرف على التوجهات العامة للنخبة المسيّسة.
وما زاد في اعتبار هذه المهنة هو انخراطها في الدفاع عن الحريات العامّة والخاصّة، ومساهمتها الدائمة في الدّفاع عن استقلال القضاء، وهو ما جعلها تتميّز عن بقية المهن الحرّة و تكون قريبة من مختلف الفئات ومؤثرة فيها، ومشاركة في التحركات و الاحتجاجات أو في قيادتها ضد مختلف الحكومات. هذا الدور نكاد لا نجد مثيلا له حتى في الديمقراطيات التقليدية التي ينحصر دورها في شؤون المهنة ومؤازرة ومساندة النضالات الإنسانية بصورة غير مباشرة عبر هياكلها والمنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية.
كما زاد في تقدير المهنة أن انتخابات المحامين ديمقراطية وشفّافة لا تخضع إلاّ لأحكام الصندوق، ولها قاعدة متوازنة في اختياراتها ومتحكّمة فيها، إذ قلّما تُقصي، ولكنّها لا تخضع للإملاءات السياسية، لذلك لم تشهد المحاماة في الثلاثين سنة الأخيرة قيادة تنظيم سياسي معيّن حتّى في أوج سيطرة الحزب الواحد، وفي فترة المدّ القومي أو اليساري أو في فترة «تغذية» الإسلام السياسي.
لذلك كانت الأحزاب السياسية تلجأ إلى ترشيح من ترى فيه أكثر قدرة على الحفاظ على التوازنات والأقل ضررا على المهنة، فعرفت المهنة تبعا لذلك عمداء يلقون التأييد من هذا الحزب أو ذاك أو من هذا التوجّه الفكري أو العقائدي أو ذاك، ولكن لا تجد عميدا ينطق باسم حزبه أو توجهه الفكري أو العقائدي. وإذا أراد طرف تغليب توجّه ما، أو تسلطت عليه ضغوطات لكسب ولائه، فإنه يكون أمام خيار أن يتزعمّ «العصيان» أو تتخلّى عنه القاعدة وتضعه في «مكانه» وهو ما حصل مع أكثر من عميد.
ما يستدعي التعرّض له، أن المحاماة يسيّرها مجلس الهيئة الوطنية للمحامين المتشكل من الأعضاء المنتخبين على الصعيد الوطني ومن...